عاد: العدالة لا يمكن أن تتحقّق في ظلّ الاستنسابية في فتح الملفات والتغاضي عن أخرى

أقامت دائرة المحامين في عمدة القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل عشائها السنوي في منتجع «مارينا» ـ الضبية، بحضور رئيس الحزب حنا الناشف، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، عميد الخارجية حسان صقر، عميد القضاء ريشار رياشي، العميد قيصر عبيد، عضو المجلس الأعلى توفيق مهنا، الوزير السابق الياس حنا، عصام الأشقر ممثّلاً وزير العدل سليم جريصاتي، النقيب أنطونيو الهاشم، نقيب المحامين المنتخب مؤخراً أندريه شدياق، وأعضاء مجلس النقابة: ندى تلحوق، جميل قمبريس، وجيه مسعد، عبده لحود، فادي حداد، زاهر عازوري، اسكندر إلياس، عزيز طربيه، فادي بركات، وأسعد سعيد، النقيبة السابقة أمل حداد، الأمينان المساعدان في اتحاد المحامين العرب سميح خريس وتوفيق النويري. كما حضر مسؤولو مكاتب المحامين في حزب الله، التيار الوطني الحر، حركة أمل، حزب الوعد، حزب البعث، وجمع من المحامين.

مهدي

افتتح الحفل بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، تلتهما كلمة تعريف ألقاها عضو المجلس الأعلى المحامي سماح مهدي جاء فيها:

في مثل هذا اليوم، السابع عشر من تشرين الثاني من العام 1943 رسم شهيد معركة استقلال لبنان الوحيد الرفيق سعيد فخر الدين بدمه الخط الأحمر الأول من العلم اللبناني، وبعد ذلك بأشهر قليلة، وتحديداً في السابع والعشرين من نيسان من العام 1944، رسم الشهيد الرفيق حسن عبد الساتر بدمه الخط الأحمر الثاني من العلم اللبناني عندما تصدّى لمحاولة زبانية الاحتلال الفرنسي رفع علم الاحتلال فوق مجلس النواب اللبناني، وبذلك بات الدم القومي الاجتماعي حامياً لأرزة لبنان التي تتوسّط علم البلاد. ذلك العلم الذي حرصنا أن يتوسّط علمين من أعلام الحزب السوري القومي الاجتماعي في دلالة رمزية على أن دماء السوريين القوميين الاجتماعيين، الذين تشكّلت منهم هذه الزوبعة الحمراء تحمي لبنان كما تحمي الشام وفلسطين والأردن والعراق.

وأعاد مهدي التذكير بجريمة اغتيال مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي الزعيم أنطون سعاده، في الثامن من تموز عام 1949 والذي سُمّي زوراً بالـ«محاكمة».

وقال: نحن اليوم أكثر عدداً منّا بالأمس، إننا ننمو كلما ولدت نساء من بلادنا أطفالاً، وكلما زاد تفهم مواطنينا مبادءنا، إننا ننمو كلما استطال نخيل في بغداد، وكلما أمرع العشب في الغوطة الدمشقية، وكلما أثمرت زيتونة في نابلس، وكلما نضجت لؤلؤة في جون الكويت، وكلما تزنرت جذوع الأرز بحلقة جديدة.

بهذا الإيمان نحن ما نحن، و بهذا الإيمان نحن ما سنكون.

كلمة دائرة المحامين في «القومي»

وألقى مدير دائرة المحامين في «القومي» ميشال عاد كلمة جاء فيها:

يطيب لنا كما في كلّ سنة أن نلتقي بكم زميلات وزملاء أحبة لنتوج في هذا اللقاء الذي نحرص على إقامته سنوياً، تواصلنا المستمر معكم في قصور العدل والندوات والمحاضرات والنشاطات النقابية.

إن نقابة المحامين هي نقابة الحق، وهي الأساس في الدفاع عن الحرّيات العامة وحقوق الإنسان في مواجهة شتى أنواع الظلم وأشكاله، وفي التصدّي للقمع والتسلّط، كما يجب أن يكون للنقابة دور أساس وفعال في مقاربة المسائل الوطنية التي تحفظ شأن وكرامة الوطن والمواطن لا سيما في مجال الحريات العامة. فالحرّية هي الحقّ في التعبير واتخاذ الموقف، وهي كما وصفها أنطون سعاده أنها حمل ثقيل، لكنه حمل لا يضطلع به إلا ذوو النفوس الكبيرة، أما النفوس العاجزة فتنوء وتسقط.

وأضاف: لأن المحاماة هي خدمة عامة عنوانها نشر العدالة التي لا تحلق إلا بجناحين، القاضي المتمتع بالعلم والاستقلالية، والمحامي المتحصن بالقانون والرفعة، فهما لا يخدمان العدالة بعلمهم فقط بل بترفعهم وأخلاقهم بحيث أن فقدان واحدة يودي بالثانية.

لبنان ما زال عرضة للاهتزازات وعدم الاستقرار الاقتصادي والتشريعي والقضائي أحياناً، فالعدالة لا يمكن لها أن تتحقق في ظل الاستنسابية في فتح الملفات والسير بها من جهة، والتغاضي عن ملفات أخرى وإهمالها بطريقة تضيع حقوق المتقاضين من جهة ثانية.

وسأل عاد: عن أيّ عدالة نتحدّث في ظلّ ملفات تنكأ فيها جراح الحرب الأليمة التي عصفت بلبنان، وإصدار أحكام تُجتزأ فيها الوقائع وتشوه، وتتعارض مع وثيقة الوفاق الوطني، ومع نهج لبنان المقاوم، وتشكل إدانة لفعل المقاومة وكأنها خدمة مجانية لأعداء لبنان، فيما يتم التعاطي مع ملف مجزرة حلبا الوحشية بقلة اهتمام؟

وأضاف: إننا في معرض الكلام عن الحرّيات العامة، مع التأكيد على أن حرّية الأفراد تبقى الأساس في نشأة لبنان ودستوره سواء في السياسة أو في المعتقد، فلبنان كان وسيبقى نطاق ضمان للفكر الحرّ كما قال زعيمنا الخالد أنطون سعاده، وإن أي اختلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضية، بل يجب أن يكون حافزاً لحوار مستمرّ لتجنيب البلاد أزمات وصراعات خارجية نحن بغنى عنها.

ومن هذا المنطلق فإننا نستنكر أشد الاستنكار مسألة احتجاز رئيس حكومة لبنان من قبل السلطات السعودية والطريقة غير اللائقة التي تم التعاطي بها معه، ما يشكل اعتداء على لبنان وعلى شعبه وعلى سيادته وعلى قوانينه.

وبغضّ النظر عن أيّ اختلاف سياسي فإن الشخص المعني هو رئيس حكومة كل لبنان ويمثل كل اللبنانيين، لذلك طالبنا بعودته مع عائلته ليعبّر عن كل ما يريده بحرية، وإننا نحييّ فخامة الرئيس العماد ميشال عون على موقفه الشجاع الذي صان كرامة لبنان واللبنانيين، وسيادة بلدنا وجنبه الفتنة التي كانت تحاك له بتأليب اللبنانيين بعضهم على بعض ولضرب اقتصاده واستقراره، الذي بدأ يتحقق على الساحة اللبنانية منذ انتخابه رئيساً.

والتحية موصولة أيضاً إلى دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أيّد موقف فخامة الرئيس، ونُحيّي موقف اللبنانيين وكل من ساند موقف رئيس الجمهورية، فتجلى هذا الأمر وحدة وطنية قل نظيرها في مواجهة انتهاك سيادة لبنان ورموزه، متمنين أن تبقى تجليات هذه الوحدة في المسائل الأساسية عنواناً لكل اللبنانيين فيبقى لبنان وشعبه عزيزين ومصانين.

كما لفت عاد إلى أن شؤون المحامين وشجونهم ليست خافية على أحد، وما يعانيه المحامون من صعوبات لا تنحصر في ممارسة المهنة، بل تتخطاها لتلامس صحته عنيت بذلك ملف التأمين الصحي وما يدور حوله من ملابسات، شكلت قلقاً غير مسبوق للمحامي وعائلته بدلاً من أن يكون الصندوق التعاوني مصدر اطمئنان وعامل أمان واستقرار، هذا فضلاً عن أن الراتب التقاعدي للمحامي لا يزال حتى اليوم في حدوده الدنيا، ما يرتب على عاتق المحامي عبئاً جديداً لا يعلم بنتائجه إلا في حينها، فهذا الوضع يستوجب منا جميعاً أن نسعى جاهدين إلى تأمين مصادر دخل جديدة لصندوق النقابة، بعيداً عن المساس بجيوب الزملاء التي ما عادت تحتمل ضغوطاً إضافية.

كما لا ننسى دور نقابتنا في التشريع الذي يجب أن يعتمد على الاختصاص والمصلحة العامة العليا وليس على مصالح الطوائف. ومثال على ذلك ما حصل من تجاذب حول قانون الانتخاب ما أدّى إلى تفريغ النسبية من مضمونها إضافة إلى ما اعترى هذا القانون من شوائب وهفوات.

ولذلك نرى أننا وإن كنا قد حققنا إنجازاً جزئياً تمثل في الانتقال إلى قانون يعتمد النسبية بصورة غير تامة، إلا أننا ما زلنا نؤكد على الهدف الأمثل الرامي إلى اعتماد قانون انتخابي يجعل من لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي، ومن باب استكمال هذا النهج، نؤمن أن الأحوال المدنية والحقوق كافة لا يمكن أن تستقيم حيث القضاء متعدد، إذ لا بد للدولة المدنية من قضاء مدني موحد.

وعليه نشجع ونثمن موقف النقابة من قانون الزواج المدني والأحوال الشخصية، موجهين تحية للجنة الزواج المدني في نقابة المحامين، التي أنجزت نص اقتراح قانون اختياري للزواج المدني حصل على موافقة مجلس نقابة المحامين في بيروت وأطلق رسمياً من بيت المحامي في 2/11/2017.

في الختام، أؤكد على قاعدة أساسية أرساها المؤسس أنطون سعاده بقوله إن: «أي قانون سيّئ، مهما بلغ من السوء هو أفضل من عدم القانون، ومن ظنون رجال السلطة وأهوائهم، فالمرء يقف أمام القانون عزيزاً ولكنه يقف صاغراً أمام صاحب السلطة المتحكم، فالقانون هو دائماً رمز سيادة الشعب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى