«يوم الثقافة… لوعي الحياة»… احتفاليّةً في دمشق

دمشق ـ لورا محمود

أن تكون قادراً على العمل الثقافي والفنّي في زمن الحرب، هو فعل مقاومة. وأن تكون قادراً على أن تنتج وتبدع في غالبية الصنوف الثقافية في زمن الحرب هو المعنى الحقيقي لفعل المقاومة. فعبر التاريخ معظم التيارات الفنية والأدبية الجديدة ولدت في الحروب والأزمات، وربما هذا قدر الشعوب أن يكتشفوا أجمل ما لديهم في اللحظات الصعبة والقاسية. والشعب السوري هو النموذج الأقرب لتلك الشعوب، خصوصاً أنّ سورية معروفة بتاريخها الثقافي العريق وبالحضارات التي تعاقبت عليها وتركت إرثاً ثقافياً غنياً في كافة المجالات.

لذا، أخذت وزارة الثقافة السورية على عاتقها إعادة هذا الإرث الثقافي الحضاري خلال مؤتمر صحافي عُقد في مبنى وزارة الثقافة، أعلن فيه وزير الثقافة محمد الأحمد عن احتفالية «يوم الثقافة… لوعي الحياة»، حيث ستبدأ فعالياته في الثالث والعشرين من تشرين الثاني الحالي، وتستمرّ لمدة أسبوع.

بدأ الأحمد المؤتمر بكلمة قال فيها: نحن في وزارة الثقافة نسعى، سواء في الفترة الماضية أو الفترة المقبلة، إلى تشييد مشروع وطني ثقافي. فمن واجب وزارة الثقافة أن تنتج الفيلم والمسرحية واللوحة التشكيلية وما شابه، وهذا عمل الوزارة اليومي ويجب أن يكون بمشاركة الوزارات الأخرى كوزارات الأعلام والتعليم العالي والتربية والشؤون الاجتماعية والعمل.

وأضاف الأحمد: ستتضمن الاحتفالية معرضاً يضمّ مجموعة من اللِّقى الأثرية المكتشفة في ريف دمشق، ومعرضاً آخر للكتاب والوثائق والمخطوطات تقدّم للمرّة الأولى في مكتبة الأسد الوطنية، ومعرضَ صوَرٍ وبوسترات من نتاج الوزارة لعام 2017، ومعرضاً توثيقياً مسرحياً في حلب.

كما ستضمّ الاحتفالية معرضَ لوحات تتناول سنوات الحرب على سورية، ومعرضَ الخريف السنوي، ومعرضاً كبيراً للهيئة العامة السورية للكتاب وآخر فنّياً لأعمال الأطفال واليافعين.

أما بالنسبة إلى الندوات التي ستتضمّنها الاحتفالية، فأشارالأحمد إلى أنّ هناك ندوة مركزية بعنوان «دور الثقافة في تحقيق النصر» على مدى يومين، إضافة إلى ندوة ثقافية بعنوان «المسرح في حلب اليوم وغداً»، وندوة تكريمية للباحث الآثاري الراحل الدكتورعفيف بهنسي، إضافة إلى احتفالية «عطر الخالدين» وهي عبارة عن تكريم للفائزين من أبناء الشهداء وبناتهم بمسابقة وزارة الثقافة لهذه السنة.

ولفت الأحمد إلى أنّ الاحتفالية ستضمّ فعالية للأطفال بعنوان «أطفالنا يُبدعون»، وهي عرض لنتاج عمل الأطفال ضمن برنامج مهارات الشباب. إضافة إلى إعلان نتائج جوائز وزارة الثقافة في ثلاث مسابقات هي «جائزة حنا مينة للرواية»، «جائزة سامي الدروبي للترجمة»، و«جائزة عمر أبو ريشة للشعر». كما ستضمّ مهرجاناً شعرياً بمشاركة نخبة من الشعراء، إضافة إلى عدّة فعاليات في دار الأسد للثقافة والفنون، منها حفل فنّي تحييه الفنانة ميادة بسيليس، وفعالية «إلى المسرح» بالتعاون مع تجمّع «أوتار الفني»، وحفل لفرقة «قصيد» بعنوان «تحية إلى بدوي الجبل» بقيادة المايسترو كمال سكيكر، وآخر للفرقة السمفونية الوطنية بقيادة أندريه معلولي.

ونوه الأحمد إلى أن فعاليات السينما في الاحتفالية لهذه السنة مختلفة قليلاً عن السنوات الأخرى، حيث سيتم عرض جميع الأفلام التي أنتجت ضمن برنامج دعم سينما الشباب في المواسم الأربعة الماضية ما بين عامَي 2012 و2016.

وأضاف الأحمد: المؤسسة العامة للسينما هذه السنة أنتجت خمسة أفلام روائية طويلة، والفيلم الأخير الذي ستنتجه من إخراج مجموعة من الشباب إضافة إلى عرض أحدث الأفلام الأجنبية. لافتاً إلى رغبة جمهور المحافظات بحضور الأنشطة الثقافية ما يتطلّب تواصلاً ثقافياً أكثر مما هو موجود حالياً، لأنّ أيّ نشاط ثقافيّ لا يمكن أن يصل للناس من دون الإعلام.

أما عن افتتاح المعهد العالي للسينما فأوضح الأحمد: كان من المقرّر أن يفتتح المعهد هذه السنة، لكن الوزارة ارتأت أنّ مزيداً من التحضير سيجعل القاعدة التقنية واللوجستية للمعهد أكثر ضمانةً. مبيّناً أن هناك أموراً هيكلية في النظام الداخلي للمعهد تمّ تجهيزها لتلافي كلّ الأخطاء التي يمكن أن تظهر في المستقبل.

وردّاً على سؤال طرحته «البناء» حول عمل الوزارة في ما يخصّ الآثار السورية واستعادة ما سُرق منها وإعادة ترميم الآثار المخرّبة أجاب الأحمد: إن المديرية العامة للآثار والمتاحف لم تألُ جهداً خلال السنوات الفائتة إلا وبذلته. ونحن في وزارة الثقافة ندرك أنّ هناك دماراً في الآثار السورية، لكن الصورة ليست سوداوية كما يُنشَر. وقد بدأنا فعلياً بالتحرّك في وزارة الثقافة في ما يخصّ هذا الموضوع. لدينا مذكّرة تفاهم مع الجانب التشيكي، ومذكرة تفاهم مع الجانب الإيطالي، ومذكرة تفاهم سنوقّعها قريباً مع ألمانيا، وأيضاً مؤسّسة «آغا خان للثقافة» تقوم الآن بترميم مدينة حلب بعد تحريرها، وبدأت بترميم الأسواق القديمة كـ«سوق السقاطين»، وقلعة حلب وأيضاً الجامع الأموي وهو لم يتضرّر كثيراً، هناك فقط أضرار في مئذنة الجامع.

وأضاف الأحمد، هذه المسألة تحتاج إلى الكثير من الوقت فهي ليست مسألة طابق سكنيّ هُدّم ونريد تعميره من جديد، بل نريد أن نعيد تعميره وترميمه بالأحجار نفسها، وهذا يحتاج إلى ترقيم الأحجار وإلى جلب أحجار مشابهة من أسواق أخرى. لذا هي ليست مسألة سهلة. إضافة إلى جلب الآثار التي سُرِقَت. فهناك مجموعة من الآثار موجودة في تركيا وفي الغرب يجب استعادتها من خلال عمل الإنتربول و«يونيسكو»، لكنّنا نسعى جاهدين في ما يخصّ هذا الموضوع.

وفي تصريح أدلى به إلى الصحافيين، قال الوزيرالأحمد إنّ الحرب الإرهابية الشرسة التي تتعرّض لها سورية تلفظ أنفاسها الأخيرة بفضل أبطال الجيش السوري وصمود الشعب السوري والمثقفين السوريين. مبيّناً أنّ احتفالية يوم الثقافة فرصة لشكر كلّ رجال الثقافة والأدب والفكر الذين حموا سورية مستمدّين من تاريخها وإرثها العريق سرّ صمودهم. ولافتاً إلى أنّ سورية استُهدِفت لأنها تنام على آلاف السنوات من الحضارة والتاريخ.

وأشار الوزير الأحمد إلى أنّ احتفالية يوم الثقافة لهذه السنة تعبّر عن وعي الحياة وتجلّياتها وفهم التفصيلات التي تتكوّن منها كلمة «ثقافة»، حيث جاءت فعاليات الاحتفالية بعد أشهر من التحضير والترتيب.

وتابع الأحمد أنّ الاحتفالية ستتضمّن أنشطة ثقافية كبيرة ومتنوّعة تشمل السينما والفنّ التشكيلي والموسيقى والمسرح وحفلات فنّية ومعارض للكتاب والآثار وغيرها، ووعد كلّ أهل الثقافة أنّهم سيقدّمون وجبة دسمة من جميع صنوف الثقافة، فهذا المهرجان مستنبط من عمل وزارة الثقافة الحالي على تشييد المشروع الثقافي الوطني الذي تعمل الوزارة على خروجه في أقرب وقت ممكن، وهذا يعود إلى الدعم المقدّم من الرئيس بشار الأسد الذي يقدّم للعمل الثقافي كلّ المؤازرة بغية خروجه بالصورة الملائمة التي نشتهيها جميعاً.

وتحتفل وزارة الثقافة في 23 تشرين الثاني من كلّ سنة بيوم الثقافة السورية والذي يصادف ذكرى تأسيس وزارة الثقافة عام 1958.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى