رسائل نصرالله تستبق قدوم الحريري بساعات

روزانا رمّال

أجواء تبادل الرسائل باحتمال اندلاع حرب قريبة على لبنان وسورية لا تزال تتوالى إقليمياً بين العسكريين والأروقة السياسية مع متابعة دقيقة من الكيان «الإسرائيلي» والقيادات الأمنية العسكرية ولبنان وسورية والمعنيين في المنطقة، خصوصاً الجهات الروسية التي لجأ اليها مسؤولون «إسرائيليون» في أكثر من زيارة مطالبين بموقف روسي داعم في ما يتعلق بضرورة إخراج حزب الله من الجنوب السوري وإيران. كذلك الامر، وهو الموضوع غير القابل للتغطية، وفق مصدر دبلوماسي روسي رفيع لـ «البناء» يجزم بعدم نية روسيا تخطي مصالح حلفائها، فصار على «إسرائيل» التصرّف من منطلق الصديق لروسيا بدون أن تتفوق العلاقة بها على العلاقة بالشركاء ايران وسورية أي بدون ان تصبح علاقة استراتيجية. وبالتالي فإن لروسيا التي لن تشارك بضغط من هذا النوع خيار لعب دور الوسيط أو رابط النزاع، بحال وقعت أي معركة تتعلق بهذا الهاجس «الإسرائيلي».

على مشارف نهاية الحرب السورية وإعلان تطهير البوكمال من رواسب «دولة داعش»، أطلّ أمين عام حزب الله في خطاب تفنيدي يعلن فيه الانتصار في البوكمال ومعه خروج حزب الله من العراق لانتفاء الحاجة بعد هذا الانتصار الذي لن يكون الأخير. إعلان الخروج من العراق ما هو الا مقدّمة أو رسالة يضعها حزب الله بين يدي المعنيين، خصوصاً المجتمع العربي الذي يراهن على تعقيد التسويات بخصوص سورية واليمن تحت شرط او بند اخراج حزب الله من سورية واليمن واعادته الى داخل الحدود، أي لبنان. وعلى أن حزب الله يبدو مفاوضاً بارعاً في هذه الأثناء فهو رمى بورقة الخروج من العراق على طاولة التباحث المتسارع غامزاً لاعتباره واقعة ضمن «منهجية» تفكير حزب الله، اي انه صار بإمكان من يرغب التوقع بماهية وشكل سلوك حزب الله تجاه وضعه في سورية فإنه صار ممكنا توقع خروجه منها عند نهاية العمليات وإعلان ذلك علناً مثل إعلانه عن الخروج من العراق.

الكلام الذي يضعه نصرالله بين أيدي الذين يرغبون فعلاً في إيجاد حلول مستقرة محلياً وإقليمياً يقلل من مفاعيل التصعيد الذي من المفترض أنه مخطط سعودي محبوك باتجاه لبنان لا تزال إشاراته توحي باعتماد ما على تدخل «إسرائيلي» او حرب يتعرّض لها لبنان وبديهياً حزب الله. وبهذا الإطار اوضح نصرالله انه ووفق رؤية حزبه فإن مؤشرات التقارب «الإسرائيلي» السعودي صارت واضحة عنده. وهو بالتالي لا يستبعد استمرار التحريض على تدخل عسكري «إسرائيلي»، اذا كان ذلك يخدم في استهداف ايران.

اعلان نصرالله الجريء حول الخروج من العراق بعد انتهاء المهمة قابله إعلان مماثل هو الأكبر والاكثر أهمية عسكرياًَ يحمل إعلاناً آخر لـ «إسرائيل» أن «حزب الله في غزة». فهو يعلن ان الحزب ينقل صواريخ كورنيت «الروسية» ليؤكد على أذرع حزب الله داخل غزة. وهو ما يؤكد أن الخرق الذي يستطيع حزب الله إحرازه داخل الاراضي المحتلة صار كبيراً جداً ويهدّد الأمن «الإسرائيلي» بحال اندلاع أي حرب ويهدّد أيضاً بإمكانية تصدي الحزب باطر مختلفة من قلب لبنان ومن قلب الاراضي المحتلة أيضاً واذا كانت صواريخ كورنيت مخصصة لصد هجمات برية، فإن هذا الأمر هو أكثر ما يهدّد الوجود «الإسرائيلي» في فلسطين المحتلة.

لا يرغب أمين عام حزب الله حرف البوصلة عن المعركة الأساسية والحقيقية التي يخوضها حزبه والتي يعلنها عنواناً عريضاً لكل ما يأخذه الى التدخل بالقتال في دول أخرى. وهي المعركة في فلسطين والتي تخاض من أجلها، بحسب حزب الله معارك التفتيت والتقسيم، لكنه أيضاً أراد كما بدا وبشكل صريح القول لـ «الإسرائيليين» «نحن أقرب اليكم من حبل الوريد».

اعلن نصرالله بصراحة أن حزب الله لا يرسل سلاحاً لأي من اليمن ودول الخليج لكي يمرّر هذه الرسالة التي تشكل بحد ذاتها «ردعاً» وكشفاً لشكل الحرب المقبلة، وتأكيد المؤكد عن حزب الله بما يتعلق بالهجوم من الجليل وإليه. وهو كلام قديم صار بالإمكان اليوم بعد فتح الجبهات وتدخّل حزب الله في كل ما هو يحمل لبساً «شرعياً» للقتال فيه عند البعض أن يتدخل بشكل مريح جداً ويقاتل داخل الارض المحتلة، اذا وقع أي اعتداء او حرب شاملة.

رسالة الداخل اللبناني الهادئة النبرة والتي تبدو مؤشراً على انفتاح واضح من حزب الله على التشاور مع الرئيس سعد الحريري تقول إنه ينتظر عودة الحريري وتقول أيضاً إنه سارع الى تحديد موعد الخطاب قبل عودته وإعلان استقالته من قصر بعبدا ليحمل بين يديه مسألة خروج الحزب من العراق كورقة قادرة على تمديد التفاوض مع من يدين لهم الحريري بارتباط فتصبح إمكانية العودة عن الاستقالة ممكنة او بأسوأ الأحوال تتحول الى حكومة تصريف أعمال حتى تضع الحروب أوزارها في المنطقة وتنجح التسويات التي تقترب، من دون أن يعني ذلك أنها لن تكون متوازية مع مواعيد تصعيد سياسية وعسكرية في المنطقة كاحتمالات واردة بين الأطراف. فهل يتلقف الحريري الرسالة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى