رئيس الجمهورية: لبنان ليس مسؤولاً عن الصراعات العربية أو الإقليمية

أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن لبنان «ليس مسؤولاً عن الصراعات العربية أو الإقليمية التي تشهدها بعض الدول العربية، وهو لم يعتد على أحد، ولا يجوز بالتالي أن يدفع ثمن هذه الصراعات من استقراره الأمني والسياسي، لا سيما أنه دعا دائماً إلى التضامن العربي ونبذ الخلافات وتوحيد الصف».

وأكد أن لبنان واجه الاعتداءات «الإسرائيلية» التي تعرّض لها منذ العام 1978 وحتى العام 2006 واستطاع تحرير أرضه، فيما الاستهداف «الإسرائيلي» لا يزال مستمراً ومن حق اللبنانيين أن يقاوموه ويحبطوا مخططاته بالوسائل المتاحة كافة. واعتبر أن لبنان لا يمكن أن يقبل الإيحاء بأن الحكومة اللبنانية شريكة في أعمال إرهابية، وأن الموقف الذي اتخذه مندوب لبنان الدائم لدى جامعة الدول العربية في القاهرة، يعبّر عن إرادة وطنية جامعة.

وكان أبو الغيط زار قصر بعبدا والتقى رئيس الجمهورية ونقل إليه المداولات التي تمّت في الاجتماع الذي عقده وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، والمواقف التي صدرت، مؤكداً حرص الدول العربية على سيادة لبنان واستقلاله ودوره وعلى التركيبة اللبنانية الفريدة، ورفض إلحاق الضرر به.

وبعد اللقاء، أدلى الأمين العام للجامعة العربية بالتصريح التالي: «لقد حضرت إلى لبنان للمشاركة في اجتماعات الجامعة العربية مع اللجنة الاقتصادية – الاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة. ولكن لا يمكن المجيء إلى لبنان من دون التشرّف بلقاء الرئيس عون والرئيس نبيه بري. وقد استغلّيت المناسبة لكي أشرح لفخامته الظروف التي أحاطت باجتماع الجامعة العربية وبالقرار الصادر عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، حيث كانت هناك شكوى صادرة من البحرين والمملكة العربية السعودية، بطلب من المملكة، للنظر في التدخلات والتصرفات الإيرانية في الشأن السعودي الخليجي البحريني – الإماراتي. والقرار الذي صدر بالأمس، قُدِّم وتبّنته اللجنة الرباعية المعنية بالشأن الإيراني والمؤلّفة من قبل الجامعة العربية منذ أكثر من عامين، وهي تضم: مصر والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات، بمشاركة الأمين العام للجامعة».

وقال: «إن هذا القرار صادر أساساً لإحاطة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخّلات والتوجّهات الإيرانية والأداء الإيراني ونهجه، ضمن الإقليم العربي بكامله. وما أريد قوله في إطار ما شهدناه بالأمس، هو أنني رصدت لدى الجميع اهتماماً بالتعبير عن تفهّم التركيبة اللبنانية، وما من أحد يبغي أو يمكن أن يقبل أو يرغب في إلحاق الضرر بلبنان. إن للبنان طبيعة خاصة وتركيبة خاصة وخصوصية معيّنة، والجميع يعترف بذلك. وإذا ما كان القرار يتضمّن بعض المواقف في ما يتعلق بطرف لبناني، فليس ذلك بالأمر الجديد، بل هو أمر موجود منذ أكثر من سنتين أيضاً. وحتى الإشارة إلى الحكومة اللبنانية فقد أتت ضمن الإشارة إلى المشاركة وليس المقصود بها لبنان ككل. هذه هي الرسالة التي رغبت بنقلها إلى فخامة الرئيس، وخلاصتها أن لا أحد يبغي الإضرار بلبنان ولا يمكن القبول بأن يكون لبنان مجالاً لمثل هذا الوضع».

ورداً على سؤال حول موقفه من الذين اعتبروا الجزء المتعلق بـ «حزب الله» في القرار بمثابة «صاروخ بالستي» يستهدف الاستقرار في لبنان ومضاعفة صعوبة تأليف حكومة جديدة، أجاب: «إنّ تشكيل حكومة لبنانية جديدة أو استمرار أي وضع خاص بلبنان هما شأن لبناني لا أتدخّل فيه، ولا يمكن أن أعلّق عليه، والرئيس الحريري سيحضر إلى لبنان غداً. هذه أمور تتعلّق بالتركيبة اللبنانية ووضع القيادات والرئاسات اللبنانية. أما عن «الصاروخ البالستي»، فهذا ليس بـ «صاروخ بالستي» موجّه للبنان، لكن الأطراف العربية تلّقت هذه الصواريخ البالستية وبالتحديد المملكة العربية السعودية. وهذا هو سبب الغضب السعودي. ومَن يرصد هذا القرار يلاحظ على سبيل المثال أن هناك إشارة للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على حق الدفاع الشرعي، وبالتالي عن حق التفاعل والتعامل مع هذه الضربات الصاروخية البالستية في التوقيت والشكل الذي يختارونه. ومثلما يكشف القرار، فقد اختاروا اللجوء إلى العمل الدبلوماسي الشرعي والقانوني في إطار الأمم المتحدة، واللجوء إلى مجلس الأمن».

ومن ثم انتقل أبو الغيط إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وتمّ عرض التطورات وأجواء اجتماع الجامعة العربية والقرار الذي صدر عنها.

بعد اللقاء قال بري: رغم التوضيح من الأمين العام للجامعة العربية، ذكرته بمقدمة القرار «العتيد» اذ يؤكد أهمية أن تكون العلاقات بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية في إيران قائمة على مبدأ حسن الجوار… أو اكتفينا بهذا وتذكّرنا أن المصالحة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران هي أوفر بكثير مما حصل ويحصل. كما ذكّرته بعشرات القرارات التي صدرت عن الجامعة العربية على مستوى قمم أو وزراء والتي تؤكد حق المقاومة في التحرير وتدعم لبنان في مقاومته ضد «إسرائيل» أو أي اعتداء عليه. كما أن القرار بعنوان الحكومة اللبنانية غير موفق على الإطلاق إن لم أقل أنه مسيء في ظرف التموّج الحكومي الحاضر.

وقال أبو الغيط بدوره: لبنان لم يكن معنياً على الإطلاق بقرار اجتماع وزراء الخارجية العرب إلا بشكل خاص في وضع محدد عبرت الجامعة العربية ممثلة بالمجلس الوزاري عن رؤية محددة، والتعبير عن شكوى وليست شكوى وإنما إخطار من الجامعة العربية إلى مجلس الأمن بالأداء الإيراني في الإقليم. وشرحت لدولة الرئيس بري كل هذه المسائل. وأود من جانبي التأكيد على انطباعات لمداولات مجلس الجامعة، هذه الانطباعات تتركز أساساً على أن الجميع يعترف بخصوصية الوضع اللبناني وبالتركيبة اللبنانية ولا أحد على الإطلاق يبغي أي ضرر ولا يمكن أن تكون الأرض اللبنانية مسرحاً لأي صدام عربي إيراني. هذا أمر مؤكد ولم أرصده على الإطلاق.

ولفت إلى أن مسألة الإشارة إلى حزب الله ليست بجديدة وهي موجودة في قرارات القمة العربية في عمان وفي قرارات المجلس الوزاري منذ أكثر من عامين. لا أحد يتهم الحكومة اللبنانية بالإرهاب ولا يمكن ان يتهمها بالارهاب. هي إشارة تأتي في سياق أن أحد شركاء الحكم متهم بهذا، وبالتالي أتصوّر أننا نحن في الجامعة العربية مجرد انعكاس للإرادة العربية أو للاجتماع الوزاري. نحن نتصوّر في الجامعة هي وسيلة ملتوية بشكل غير مباشر لمطالبة الدولة اللبنانية أو الحكومة اللبنانية بالتحدث الى هذا الشريك وإقناعه بضبط أدائه وإيقاعه على الارض العربية وبما لا يؤدي الى تحالف مع قوى غير عربية، هذا هو المقصود.

وتعليقاً على قول الرئيس بري على قرار الجامعة «شكراً لله وعذراً لاننا قاتلنا اسرائيل»، قال أبو الغيط أنا آتٍ من بلد حارب «إسرائيل» لعقود وعقود. مَن يحارب «اسرائيل» ويتصدّى لها ومَن يرفض الظلم والعدوان «الاسرائيلي» أقف معه وأشاركه. لا أستطيع أن أضيف أكثر من هذا، لأن من قرأ كتابي «شاهد على الحرب والسلام «هناك وضوح لا غبار عليه للتصدي لـ «إسرائيل».

وكان أبو الغيط، وصل صباحاً مطار بيروت الدولي على رأس وفد من الجامعة ضم السفير حسام زكي، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في الدولة. وللمشاركة في المؤتمر الذي دعت إليه منظمة «الاسكوا» للجان الإقليمية الاقتصادية في الدول العربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى