بن سلمان يفتقد كوشنر… و«إسرائيل» و«داعش» حليفان… والأمن العام يفضح الخطة اجتماع للحكومة بعد عودة عون… والحريري يريد تغيير الجرّاح والمرعبي

كتب المحرّر السياسي

لا يعني وصول الوفد السوري المفاوض برئاسة الدكتور بشار الجعفري إلى جنيف اليوم انطلاق المحادثات، كما أكدت مصادر متابعة لـ «البناء»، والمفاوضات المباشرة ليست على جدول الأعمال، والتوضيحات التي تلقتها دمشق غير كافية للانخراط في المحادثات، واللقاء الوحيد المقرّر هو مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، لشرح موقف دمشق وتحفظاتها. والباقي يتقرّر هناك على ضوء ما سيتلقاه الوفد السوري من أجوبة وردود أفعال.

إنقاذ المحادثات من الفشل الشكلي لا يعني نجاحها، فالسعي لحلّ سياسي لا يحتمل التذاكي ولا تشجيع أصحابه، واعتبار الأمور الجوهرية في الحلّ السياسي شكليات يمكن التغاضي عنها، كما قالت المصادر نفسها، فاعتماد القرار الأممي 2254 أساساً للحلّ والمحادثات الهادفة لبلوغه، يستوجبان قدراً من النزاهة يبدأ بالإقرار بأنّ عنوان القرار هو الانخراط في تسوية سقفها الدستور السوري الحالي وتغيير بنوده من ضمن الآليات الدستورية المعمول بها، عبر حكومة موحّدة تمهّد لانتخابات تشارك الأمم المتحدة بضمان أوسع مشاركة فيها ترشيحاً واقتراعاً، ليقرّر الشعب السوري ما يريده عبرها، وكلّ وضع لسقوف أخرى تتصل بحصول الموهومين على مكاسب فشلوا بنيلها في ميادين الحرب هو تخريب للعملية السياسية، والنظر للحديث عن الرئاسة السورية وموقعها في العملية السياسية، يجب أن ينطلق من هذه الزاوية، باعتباره تذاكياً وتعمية على الحقائق، وخروجاً عن القرار الأممي وشروط عملية سياسية نزيهة. فالقرار الأممي يتيح لمن يرغب بالسلطة أن ينالها عن طريق صناديق الاقتراع، وليس بجعل تسليمه الحكم شرطاً للتسوية، فهذا ما فشلت أعتى الحروب بتحقيقه، لا يمكن تخيّل التسامح مع تمرير عناوينه تحت عناوين سياسية توصف بالسخافة على أقلّ تقدير، وبتفاهة أصحابها وانعدام شعورهم بالمسؤولية في أحسن الأحوال، إنْ لم يكن هدفهم هو تخريب العملية السياسية وإطالة أمدها بلا طائل لتصير مفاوضات للمفاوضات، ودمشق لديها بدائل في حال إفلاس صيغة جنيف عجز المبعوث الأممي عن وضعها على السكة الصحيحة.

التآكل الذي يُصيب معسكر خصوم سورية، يمتدّ إلى الرياض حيث تلقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صفعة إقصاء شريكه جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قام بتغطية خطة إقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، بعدما تثبّت إخراجه رسمياً من البيت الأبيض، ومنعه من التدخل في شؤون عمل المؤسّسات، خصوصاً وزارة الخارجية التي سجلت بشخص الوزير ريكس تيلرسون دهشتها مما جرى مع الحريري من دون امتلاكها أدنى معلومات قبل أن تكتشف أنّ كوشنر هو مَن نسّق العملية، كما نشرت «نيويورك تايمز»، وإبعاد كوشنر يصيب التحالف السعودي «الإسرائيلي» بخسارة القدرة على إعاقة التفاهمات الروسية الأميركية حول سورية من جهة، وتصعيد الخطاب الأميركي بوجه إيران، ليكون أوّل نتاج التغيير البيان الصادر عن المستشار الخاص للرئيس الأميركي كريستوف فورد في أوّل تصريح رسمي مشابه منذ أزمة المواقف الأميركية التصعيدية بوجه إيران، أنّ التدقيق بمواقف إيران وأدائها يفيدان بأنها تلتزم كامل موجباتها المنصوص عليها في التفاهم على ملفها النووي، بينما كشف تيلرسون عن تعاون متواصل بين موسكو وواشنطن لتذليل العقبات أمام التعاون في ترتيبات العملية السياسية في سورية.

«إسرائيل» التي لم تكن بعيدة عن كلّ تفاصيل المشهد من واشنطن إلى الرياض ولبنان مروراً بالقاهرة، كشفت في تقارير استخبارية نشر بعضها موقع «مائير عميت» التابع لوزارة الخارجية، نية تعزيز التحالف مع «داعش»، في مواجهة العدو المشترك، إيران وحزب الله، بينما كان الأمن العام اللبناني يفضح خطة التخريب «الإسرائيلية» التي كانت موضع إعداد بالتزامن مع الاستقالة المصنّعة للرئيس الحريري، عبر محاولة اغتيال النائبة بهية الحريري، بعدما أحال إلى القضاء المكلف بعملية الاغتيال مع تفاصيل اعترافاته والخطط التخريبية التي رافقت العملية.

بصورة معاكسة للرغبات «الإسرائيلية»، كما نجح لبنان بتخطّي خطط التخريب في مرحلة الاستقالة المصنّعة، يتقدّم بثبات للخروج من تداعياتها، حيث يتوقع دعوة الحكومة للانعقاد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد عودته من زيارة روما، حيث يتمحور المخرج من استقالة الحريري بإعلان الإجماع على الثقة بتولي رئيس الجمهورية مهمة السهر على مضمون النأي بالنفس، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري، فيما تحدثت مصادر مطلعة عن استعجال الحريري بعد عودة الحكومة لممارسة عملها، وإنهاء موازنة 2018، إجراء تعديل وزاري يستبدل بموجبه الوزيرين جمال الجراح ومعين المرعبي، ليحلّ مكانهما، نادر الحريري وسمير الجسر، وذلك في ضوء تقييمات مرحلة الاستقالة وما رافقها وما سبقها، وتقييم الأداء الوزاري والقدرة على الإنجاز في الملفات، وقطع الطريق على أزمات يتسبّب الوزيران المعنيّان بها.

الأمن العام أحبط مخططاً لاغتيال بهية الحريري

بالتزامن مع فكفكة لغز المؤامرة على الرئيس سعد الحريري في ليلة سعودية ظلماء، تتكشّف فصول أمنية متتالية كانت معدّة للتنفيذ لاستكمال عناصر تفجير الساحة الداخلية، وكما أن التضامن السياسي والوحدة الوطنية أجهضا المخطط السياسي الخبيث، حالت جهوزية وكفاءة الأجهزة الأمنية والتنسيق بينها دون تحقيق أعداء لبنان أهدافهم المبيتة.

فقد كشفت معلومات أمنية عن مخطط لاغتيال النائبة بهية الحريري في صيدا في اليوم التالي لإعلان إقالة الرئيس سعد الحريري، وقد تمكّن جهاز الأمن العام، من إحباط العملية وإلقاء القبض على العميل «الإسرائيلي» محمد الضابط الذي اعترف بتكليفه بعملية اغتيال النائبة بهية الحريري.

والضابط من صيدا، كان يراقب تحركات النائبة الحريري تمهيداً لتنفيذ عملية الاغتيال بتكليف من عميل «إسرائيلي» من آل الناكوزي.

وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» صحة المعلومات الأمنية المتداولة، ولفتت الى أن «توقيت التنفيذ كان سيتزامن مع إعلان الحريري استقالته من الرياض لاتهام حزب الله وإشعال فتنة مذهبية تنطلق من الجنوب بالتوازي مع إشعال المخيمات الفلسطينية».

كما يهدف الاغتيال، بحسب المصادر، الى «تأكيد ما ورد في بيان استقالة الحريري بأنه تعرّض لمحاولة اغتيال في بيروت وأن المرحلة الحالية تشبه العام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري الأمر الذي يشكل مانعاً لعودة الحريري الى لبنان ومبرراً للسعودية لاحتجازه في الرياض بحجة الحرص على أمنه، ما سيفرض على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذه الحالة قبول الاستقالة والدعوة الى استشارات نيابية لتكليف رئيس جديد والدخول في أزمة تأليف طويلة».

وأمن الدولة اختتم التحقيق في ملف عيتاني

في موازاة ذلك، اختتم جهاز أمن الدولة تحقيقاته في ملف زياد عيتاني بجرم التخابر والتواصل والتعامل مع أجهزة المخابرات «الإسرائيليّة» وأحال الملف الى القضاء المختصّ لإجراء المقتضى القانوني بحقّه وأودعت معه المستندات والأدلّة المضبوطة، بعد أن كان اعترف بما نُسب إليه.

وأوضحت المديرية العامة لأمن الدولة قسم الإعلام والتّوجيه والعلاقات العامّة في بيان أنه تمّ توقيف عيتاني في منطقة عين الرمّانة، و«قامت مجموعة ثانية بمداهمة منزله الكائن في محلّة فرن الشبّاك بإشراف وحضور مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة، حيث ضبطت في غرفة نومه كميّة من المخدّرات، بالإضافة إلى أربعة حواسيب إلكترونيّة، وخمسة أجهزة خلويّة، تبيّن في التحقيقات أنّه يخزّن فيها الداتا السرّية وبعد التدقيق بالاتصالات الواردة الى أجهزته الخلويّة، تبيّن أنّه كان يتلقى رسائل نصّية ومشفّرة عبر الواتساب من أرقام تبدأ بمفتاح 004 ، و 972 ».

جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل

وفيما شكّل الاتفاق الرئاسي في بعبدا بُعيد المشاورات خارطة طريق للمرحلة المقبلة، من المنتظر أن تتظهر الصيغة التوافقية حول النقاط الخلافية للخروج من الأزمة القائمة بعد عودة الرئيس عون من زيارته الى ايطاليا الجمعة المقبل.

وقد حافظ بيت الوسط أمس، على تفاؤله وأبدى ارتياحه للمسار الذي سلكته الأمور منذ عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت. ونقلت مصادر نيابية في تيار المستقبل عن الحريري ارتياحه للأجواء الإيجابية وتقديره لجهود وحكمة الرئيس ميشال عون في إدارته للأزمة المستجدّة. ونقلت المصادر لـ «البناء» قول الحريري إنه «يريد الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في البلد»، مشيرة الى أن «المشهد الرئاسي في بعبدا خلال المشاورات ترك ارتياحاً على كافة المستويات في البلاد»، ولفتت الى أن «ما تمّ الاتفاق عليه في مشاورات بعبدا بين الرؤساء الثلاثة تجري دراسته وتمحيصه أكثر لا سيما في النقاط موضع الخلاف والتي كانت سبب استقالته في الرياض»، مرجّحة الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل في بعبدا لترجمة الاتفاق وإعادة المجلس الى عمله المعتاد»، متحدّثة عن تعاون ومرونة يبديها حزب الله تجاه حل الأزمة.

ونفت المصادر «أي تعديل على التسوية الرئاسية، بل توضيح بعض جوانبها، كما نفت أي تعديل على البيان الوزاري أو التركيبة الوزارية المستقبلية في الحكومة».

مرونة لدى حزب الله لا تنازلات

غير أن إعلام ما تبقّى من 14 آذار سوّق أمس لتنازلات قدّمها حزب الله تحت ضغط الصدمة التي أحدثتها استقالة الحريري، الأمر الذي نفته مصادر في فريق المقاومة، وأشارت لـ «البناء» الى أن «الحزب لم يقدّم أي تنازلات. وهو في الأصل لم يخرق الثوابت الذي التزم بها في البيان الوزاري ولم يخرق خطاب القَسَم، بل عمل انطلاقاً منه في مكافحة الإرهاب استباقياً وردعياً الى جانب الجيش اللبناني في تحرير الجرود من داعش والنصرة، كما أن سلاحه لا يزال يشكّل قوة ردع لمواجهة أي عدوان «إسرائيلي» محتمل».

أما عن وجوده في سورية، تضيف المصادر: «فيندرج في مواجهة الإرهاب الذي يعلن العالم بأسره أنه أرسل جيوشه الى سورية والعراق لمواجهته، فلماذا يُنكر على حزب الله ذلك؟ فضلاً عن أن عمل الحزب في سورية ساهم ويساهم الى حدٍ كبير في إبعاد خطر الإرهاب عن لبنان ولو لم يحسم جبهات عدة على الحدود وفي الداخل السوري لما تمكّن الجيش والمقاومة من تطهير الجرود في الصيف المنصرم».

ونفت المصادر نفياً قاطعاً أي وعود قدّمها الحزب بالانسحاب من سورية، مشيرة إلى أن «وجود الحزب في سورية مرتبط بتحقيق السيادة السورية على جميع أراضيها ما يعني أنه مرتبط بالقضاء على آخر إرهابي وبانسحاب آخر جندي أميركي من الجغرافيا السورية».

ولفتت المصادر الى أن «الحزب يحاول قدر الإمكان التعاون للحفاظ على الاستقرار وعمل المؤسسات»، لكنها أوضحت أن «أي التزام من الحزب لجهة مواقفه السياسية والإعلامية من القضية اليمنية يجب أن يقابله التزام مقابل من الفريق الآخر لجهة احترام العلاقات مع سورية وعدم التعرّض الى القيادة السورية ولا التدخل في الشأن السوري، وكما حيال إيران وبالتالي لا يمكن تفسير النأي بالنفس في إطار المعايير المزدوجة».

الحريري: الأسبوع المقبل بداية الفرج

وشدّد الحريري، بعد لقائه قوى الإنتاج في لبنان على أنّ «الحوار القائم حاليّاً يرتكز على مبدأ النأي بالنفس فعلاً وليس فقط قولاً، فهذه هي مصلحة لبنان»، مركّزاً على أنّه «إن لم نعرف مصلحة لبنان العليا ونوجّه سياستنا على هذا الأساس، فستكون لدى لبنان مشكلة»، منوّهاً إلى أنّ «مصالح اللبنانيين تقتضي أن يكون لدينا نأي حقيقي بالنفس لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين الذين يعيشون في الخليج أو في كل أنحاء العالم».

ورأى أنّ «كل الحوار الجاري اليوم هو على هذا الأساس، وكل الأجواء التي نسمعها هي أجواء إيجابية من كل القوى السياسية، ربما نحتاج إلى مزيد من الحوار، والأسبوع المقبل يكون بداية الفرج بإذن الله لكل اللبنانيين»، مؤكّداً أنّه «إذا كانت الأمور إيجابية فسنواصل دراسة موازنة العام 2018 وأن ننهيها قبل نهاية العام الحالي في حد أقصى، إذا تمّت كل الأمور في موضوع النأي بالنفس على ما يُرام»، مركّزاً على أنّ «ما يهمني هو مصلحة اللبنانيين، لا مصلحتي السياسية ولا مصلحة تياري السياسية. ما يهمنا هو مصلحة البلد والاقتصاد الوطني والاستقرار المحلي».

عون إلى روما

من جهته، أعرب الرئيس عون عن أمله في أن يحمل الاسبوع المقبل المزيد من الايجابيات على صعيد معالجة التطورات السياسية، التي نشأت عن إعلان الرئيس الحريري استقالته وتريثه في تقديمها بناء على رغبة منه. وأكد الرئيس عون على ثبات الاستقرار والأمن في البلاد، وعلى متانة العلاقات التي تربط لبنان مع الدول العربية والأجنبية كافة، والتي يعمل على تعزيزها وتطويرها. وخلال استقباله سفير بريطانيا هيوغو شورتر يرافقه الجنرال جون لوريمر المستشار الأول للدفاع لمنطقة الشرق الأوسط مع عدد من الضباط، أكد عون «جهوزية القوى الأمنية اللبنانية في ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، عبر تنفيذ عمليات استباقية أثبتت جدواها وأحبطت مخططات للقيام بأعمال إرهابية تسيء إلى الاستقرار والأمن في البلاد».

في سياق ذلك، يغادر رئيس الجمهورية بيروت اليوم متوجّهاً إلى روما في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، تلبية لدعوة تلقّاها من نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الذي سيجري معه محادثات في قصر الرئاسة الإيطالية تتناول العلاقات اللبنانية الإيطالية وسبل تطويرها في المجالات كافة، كما سيتطرّق البحث الى التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة. ومن المقرر أن يفتتح الرئيس عون غداً الخميس مؤتمر الحوار الأوروبي – المتوسطي الذي يعقد في العاصمة الإيطالية، ويلقي كلمة باسم لبنان.

بري دعا إلى جلسات للجان

وفي مؤشر إضافي الى وصول الأزمة خواتيمها السعيدة، وعودة الحياة الى المؤسسات الدستورية، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجان النيابية الى جلسة مشتركة تعقد في العاشرة والنصف من قبل ظهر الثلثاء في 5 كانون الاول المقبل، لدرس مشاريع اقتراحات تتعلّق كلّها بثروة لبنان النفطية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى