المقداد: مبادرة «الطريق والحزام» تنسجم مع توجيهات الرئيس الأسد بالتوجه شرقاً ومشروع «البحار الخمسة» الذي طرحه عام 2004

ركز المشاركون في الملتقى السوري ـ الصيني، في فندق الشيراتون بدمشق، لتطوير التعاون الثنائي بين البلدين على آفاق ومجالات تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين سورية والصين ومدى الاستفادة من التنمية الاقتصادية الصينية.

وفي كلمة له خلال الملتقى الذي نظمته السفارة الصينية، أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أنّ الملتقى يعبر عن رغبة حقيقية من البلدين الصديقين لدفع العلاقات الثنائية قدما في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأعرب المقداد عن تقدير سورية لجمهورية الصين الشعبية، شعباً وقيادة، لدعمها المستمر لسورية في أصعب الظروف وعن أمله بازدهار العلاقات السورية الصينية لتصل إلى المستوى الذي يتطلع إليه الجانبان في مختلف المجالات.

وأشار المقداد إلى أهمية الملتقى في مناقشة ومعالجة بعض القضايا التي تتعلق بوصول الجانبين إلى الأسواق إضافة إلى انسياب الصادرات ومنتجات الصناعيين السوريين إلى الأسواق الصينية، لافتاً إلى أن العلاقات المتجذرة بين البلدين تستند إلى تاريخ عريق من الصداقة والتعاون والتبادل التجاري بدءا من طريق الحرير القديم الذي كان ممراً للحضارة الصينية إلى أوروبا والعالم عبر نقطة التلاقي في سورية التي شكلت إحدى نقاط عبوره الاستراتيجية.

وأكد المقداد أن البعد الجغرافي بين البلدين «لم يقف حائلاً أمام التواصل بينهما فكانت الصين دائماً في قلب سورية والسوريين الذين يحملون لها ولحضارتها وثقافتها كل الاحترام والتقدير»، مؤكداً أنّ للصين دوراً بناء في بناء المجتمعات كونها تؤمن «بالتنمية بدل تدميرها وبحرية الشعوب بدل استعبادها كما يفعل الغرب اليوم.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى مد الجسور بين الشعوب عبر المبادرة الصينية «الطريق والحزام» تعمل دول أخرى على وضع العقبات لمنع امتداد هذا الطريق، وفق المقداد، الذي أوضح أنّ هذه الدول لا تكتفي بوضع العراقيل بل «تحاول نشر القتل والدمار في الدول التي يشملها هذا الطريق سواء في أفغانستان أو سورية أو العراق أو اليمن أو غيرها».

وأكد المقداد أن مبادرة الصين «الطريق والحزام» تنسجم مع توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد بالتوجه شرقاً ومع مشروع «البحار الخمسة» الذي طرحه الرئيس الأسد عام 2004 والهادف إلى تحويل سورية إلى عقدة للمواصلات ومنطقة تجارة حرة تصل بين الغرب والشرق وجعلها مثالاً للتعاون من أجل السلام واستبعاد الحروب.

الدبلوماسية الاقتصادية

وحول التحرك السوري الاقتصادي الحالي لتطوير التعاون بين سورية والدول الأخرى، أوضح المقداد أنّ الحكومة تعمل وفق استراتيجية «الدبلوماسية الاقتصادية» والتي تم ضمنها توجيه سفارات سورية في الخارج للتركيز على جانب التبادل التجاري ضمن عملها في البلدان الموجودة فيها وسيتم تقديم مؤشرات حقيقية من قبلهم للجهات المعنية بالوضع الاقتصادي في سورية لتطوير هذا المجال بكل الإمكانيات المتوافرة.

وأكد المقداد أن سورية لا تنسى الدعم الذي قدمته الحكومة الصينية باستعمالها حق النقض الفيتو ست مرات أمام مجلس الأمن ضد القرارات التي تهدف إلى تسويغ التدخل الخارجي بالقضايا السورية ودعم الإرهاب في سورية، خاصة في ظلّ العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية والتي كان المتضرر الأساسي منها الشعب السوري.

وقال المقداد: «نتوجه شرقاً لأنّ الشرق دائماً كان متسامحاً ومعطاءً وإنسانيا ولا يفرض شروطه على الدول الأخرى بينما الدول التي كنا نقيم معها أفضل العلاقات الاقتصادية هي من قتلت الشعب السوري وعلى رجال الأعمال السوريين إدراك ذلك».

المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الصيني انطلاقة مهمة لتحديد الأولويات

وهنأ المقداد قيادة الحزب الشيوعي الصيني بنجاح مؤتمرهم الأخير الذي شكل انطلاقة مهمة لتحديد أولويات التنمية والسياسة، بالإضافة إلى طريق قيادة الصين نحو مرحلة مهمة من التحولات التي تخدم الشعب الصيني بالدرجة الأولى وتعكس الطبيعة النبيلة للشعب الصيني تجاه الشعوب الأخرى.

وفي تصريح للصحافيين، أكد المقداد أنّ السوق السورية مفتوحة للأصدقاء الصينيين و»العلاقات التجارية لا حدود لها بين البلدين» معلناً أنّ الحكومة السورية ستقوم بتسهيل دخول الاقتصاديين الصينيين إلى سورية ومعاملاتهم التجارية والاقتصادية.

سياسة الإصلاح والانفتاح دفعت عجلة التنمية الاقتصادية

بدوره، أكد السفير الصيني بدمشق تشي تشيانجين مواصلة بلاده دعمها الثابت لسورية بما يسهم في التوصل إلى حل سياسي للأزمة فيها، مشيراً إلى عمق العلاقات والتعاون الودي بين البلدين واستعداد بلاده للمشاركة الفعالة في مرحلة إعادة الإعمار .

ودعا تشيانجين إلى المشاركة في المعرض الصيني الدولي للواردات الذي سيقام في مدينة شانغهاي الصينية العام المقبل الأمر الذي من شأنه المساهمة في توسيع آفاق التعاون والتبادل التجاري بين البلدين.

وأشار تشيانجين إلى أن المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، الذي انعقد في بكين مؤخراً، رسم الملامح المستقبلية والسياسات الداخلية والخارجية وآفاق التنمية للصين حتى عام 2050، موضحاً أنّ سياسة الإصلاح والانفتاح التي انتهجتها بلاده دفعت عجلة التنمية الاقتصادية.

وأوضح المستشار الاقتصادي والتجاري في السفارة الصينية تسوي بين أن الصين تعد من أكثر الدول اجتذاباً للاستثمارات لدى الدول النامية، مشيراً إلى اعتماد بلاده مفهوم التنمية والابتكار والتنسيق والانفتاح والتشاركية والاصلاح البنيوي وتمسكها بمبدأ الجودة والكفاءة.

ولفت بين إلى تركيز العديد من الشركات الصينية على السوق السورية مؤخراً وإجرائها مفاوضات مع الجانب السوري في مجالات الطاقة والكهرباء ومواد البناء والسيارات ما يدل على زيادة ثقة الصينيين بالسوق السورية.

وفي سبيل تحقيق الاستفادة من المزايا الاقتصادية المتوافرة لدى البلدين، اقترح بين مواصلة تحسين تسهيلات التجارة ورفع حجم التبادل التجاري عبر تشجيع الصين على استيراد المزيد من المنتجات السورية وتعزيز التعاون في مجال البنية التحتية ومشاركة بلاده في مشاريع إعادة الإعمار في سورية بموجب مبدأ ضمان «الأمن والمنفعة المتبادلة».

لتهيئة البنية التحتية في سورية وتطويرها

من جهته، دعا معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بسام حيدر رجال الأعمال والاقتصاديين الصينيين إلى المشاركة في مشاريع إعادة إعمار سورية، لافتاً إلى أنّ علاقات التنسيق والتعاون بين البلدين أثمرت عن توقيع عشرات الاتفاقيات خلال العقود السابقة ما ساهم في خلق الإطار القانوني الناظم لتطوير هذه العلاقات.

وأشار حيدر إلى ضرورة تعزيز التعاون في المجال الاستثماري إلى جانب تهيئة البنية التحتية وتطويرها بما ينسجم مع توجيهات الرئيس الأسد بالنسبة للتوجه شرقاً ومع مبادرة الصين نحو إحياء طريق الحرير الجديد أو ما يعرف بـ «الطريق والحزام» معرباً عن أمله بزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ومعالجة العوائق التي تحول دون امكانية نفاذ المنتجات السورية إلى الصين، لا سيما مع وجود العديد من السلع والمنتجات التي تلبي أذواق المستهلكين الصينيين.

من ناحيته، أوضح القنصل في السفارة الصينية ليو هونغوي «أنّ بلاده تمنح تأشيرات الدخول إليها بموجب القوانين والسياسات والإجراءات المتبعة ولا يتم منح التأشيرات حسب رغبة السفارة»، لافتاً إلى حرص السفارة الصينية بدمشق على تقديم التسهيلات للسوريين الراغبين في السفر إلى الصين سواء للعمل أو الدراسة أو الزيارة ومنحهم التأشيرات بأسرع وقت ممكن ويمكن للراغبين الحصول على دليل السفر من القسم القنصلي فيها أو من المكاتب المعتمدة لديها.

مداخلات المشاركين

وكانت مداخلات لعدد من المشاركين، حيث أشار رئيس مجلس الأعمال السوري الصيني محمد حمشو إلى أن المجلس سعى إلى تطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية من خلال توقيع الاتفاقيات المشتركة بين البلدين والتي كان آخرها اتفاقية تنمية التجارة الدولية، لافتا إلى ضرورة معالجة عدد من العقبات الاقتصادية التي تواجه التجار ورجال الأعمال السوريين كالحوالات المصرفية والعلاقة البنكية وتأشيرات الدخول إلى الصين.

واقترح حمشو افتتاح فروع أو مكاتب لمصارف صينية في سورية لتسهيل عملية التبادل التجاري وإقامة ملتقيات ومعارض مشتركة لمنتجات البلدين وتسهيل الحصول على التراخيص اللازمة لعمليات النقل بين البلدين.

وأشار رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد غسان القلاع إلى أن تسهيل حصول التجار ورجال أعمال السوريين على تأشيرة دخول إلى الصين يسهم باطلاعهم على المنشآت الصينية ومقابلة المصدرين الصينيين داعيا إلى ضرورة ايجاد وسيلة لتوضيح اسعار المشتريات من الجانب الصيني للمستوردين وشركات الشحن بشكل مضمون وبما يحفظ حقوق التاجر السوري.

من جهته، قدم نائب رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية سامر الدبس جملة من المقترحات التي من شأنها النهوض بالعمل الاقتصادي بين البلدين منها تسهيل منح سمات دخول الصناعيين السوريين إلى الصين والسعي المشترك لرفع الإجراءات الاقتصادية القسرية الجائرة المفروضة على الشعب السوري وإقامة مشاريع صناعية مشتركة للاستفادة من التجربة الصناعية الصينية خاصة فيما يتعلق بالصناعات الاستراتيجية والطاقة والصناعات التحويلية وتأمين الصين قروضا ميسرة للتصدير.

ورأى رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو أن التقاء سورية والصين سيعطي مخرجات تنعكس ايجابا على الجانبين مشيرا إلى أهمية العمل على تسويق المنتجات السورية ودعمها في الأسواق الصينية حيث تقتصر الصادرات السورية إلى الصين على عدد محدود من السلع كزيت الزيتون والنباتات الطبية والعطرية والفستق الحلبي.

وأعرب رئيس اتحاد غرف السياحة السورية محمد خضور أعرب عن أمله في أن يلحظ مشروع إحياء طريق الحرير الجديد الموقع الجغرافي المهم لسورية، ما سينعكس إيجابا على السياحة فيها لافتا إلى أهمية التعاون الاستثماري المشترك وتشجيع سياحة المؤتمرات والتدريب والتأهيل ونقل الخبرات والترويج في هذا المجال وإنشاء ربط جوي مباشر بين البلدين.

وأكد رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح حاجة الاقتصاديين السوريين إلى وجود رؤية واضحة للدعم الذي تقدمه الصين لسورية عبر الاستثمار في إعادة الإعمار من خلال عقد اتفاقيات وإقامة دورات تدريبية وإعطاء ميزات تفضيلية للاستثمار الأمثل بمختلف المجالات داعيا الصين إلى منح ميزات تفضيلية لبعض الأصناف والسلع التي تصدرها سورية إلى الصين كالرخام وزيت الزيتون وغيره.

وأشار رجل الأعمال صائب نحاس إلى أهمية التعاون بين المصرف التجاري السوري ونظيره الصيني لوضع خطوط ائتمان متبادلة للخروج من مشكلة الحوالات وعقد اجتماعات مشتركة لمختصين من البلدين تساعد التاجر السوري في عمله وحل مشكلة تأشيرة الدخول إلى الصين من خلال اعتماد كتب رسمية من البلدين والتعاون بين اتحادات الغرف التجارية والصناعية والسفارة الصينية في دمشق.

«سانا»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى