عزالدين ممثلة الحريري: حل أزمات النفايات والكهرباء يؤدي إلى المصالحة الكبرى بين المواطن والدولة

رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلاً بوزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين، أطلق أمس في السراي الحكومية، برنامج معالجة النفايات الصلبة، وتمّ التوقيع على مذكرات تفاهم مع عدد من البلديات لوضعها موضع التنفيذ، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي الذي قدم هبتين بقيمة 35 مليون يورو Swam I and Swam II، وذلك لإنشاء معامل لفرز وتسبيخ النفايات الصلبة المنزلية والمطامر الصحية في معظم المناطق اللبنانية، وخصوصاً تلك التي تأثرت بشكل خاص بالنزوح السوري.

لاسن

وبعد عرض فيلم وثائقي عن المشروع، وتقدم مدير المشاريع المهندس محمد بركة شرحاً تفصيلياً عن المشروع، تحدثت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن، لافتة إلى أنّ «موضوع النفايات الصلبة يشكل مشكلة حقيقية في لبنان، وأنّ أنهار النفايات وتكدسها في لبنان منذ سنتين هي مشكلة لم تنته بعد».

وأشارت إلى تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن مخاطر حرق النفايات في لبنان، مشدّدة على «ضرورة أن تجد الحكومة اللبنانية حلولاً لهذه المشكلة، وأنّ مشاريع التخلص من النفايات الصلبة من شأنه إيجاد فرص عمل كثيرة في لبنان».

وشدّدت أيضاً على «ضرورة أن يكون هناك تعاوناً بين الوزارات والبلديات والجمعيات الأهلية لإيجاد الحل لمشكلة النفايات الصلبة».

وأكدت «استمرار الاتحاد الأوروبي بدعم البلديات في لبنان والتعاون معها لإيجاد الحلول وإقامة المشاريع من أجل التخلص السليم من النفايات الصلبة».

وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية

أما عزالدين فأشارت إلى «أنّ عودة الرئيس الحريري عن استقالته بشكل نهائي والذي أعطى دفعاً جديداً للحكومة وزخماً شعبياً كبيراً يفترض أن ينعكس نشاطاً حكومياً وتحريكاً للمحركات الوزارية وبأقصى سرعة ممكنة، لاستكمال ما بدأناه من مشاريع وعلى رأسها ملفات النفط والكهرباء والنفايات».

وفي ما يتعلق بموضوع النفايات، قالت: «النفايات في لبنان أزمة خطيرة لا تقل أهمية وخطراً عن الأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بلبنان، خصوصاً لناحية معدل الكثافة السكانية في لبنان والذي بلغ الـ 600 كلم في المربع الواحد، بحسب ما أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون في خطابه في الأمم المتحدة»، معتبرة «أنّ هذا الرقم خطير ويجب أن نفهم دلالاته وانعكاساته على كل المستويات ومن ضمنها مشكلة النفايات».

وأكدت أنّ الوزارة، «انطلاقاً من هذا الواقع»، أولت «أهمية كبرى لهذا الملف». وقالت: «نواصل عملنا بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وضمن الخطة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة المقرة في مجلس الوزراء. بالنسبة لمشروعنا هذا بالتحديد، فقد اشتمل حتى الآن على 3 هبات ARLA سنة 2003و SWAM I سنة 2015 وSWAM II سنة 2016 بقيمة اجمالية 48.2 مليون يورو مقدمة من الاتحاد الأوروبي وهو ممول أيضا في التشغيل والادارة من موازنة الدولة اللبنانية بقيمة 50مليون دولار حتى سنة 2020».

وتابعت: «يسرني اليوم أن أعلن باسمي وباسم سفيرة الاتحاد الأوروبي السيدة كريستينا لاسن، عن هبة جديدة بقيمة 20 مليون يورو مخصّصة فقط لبيروت وجبل لبنان لمعالجة النفايات الصلبة والطبية ونفايات المسالخ. كما أننا سنبدأ في اقرب وقت ممكن المفاوضات حول هبات جديدة لإنشاء معامل شبيهة في كافة المحافظات. وعند إتمام كل هذا المسار نكون قد غطينا كامل الأراضي اللبنانية في إدارة القطاع ومعالجة 60 من النفايات االمنزلية في لبنان ولكي نصل إلى نسبة 100 يجب تأمين مطامر صحية للعوادم في منطقة جبل لبنان وطرابلس، وهذا متعذر حالياً نظراً لعدم توفر الاراضي والمساحات المناسبة في هذه المناطق ذات الكثافة السكانية ما يستوجب إيجاد بدائل اخرى مثل waste-to-energy مع التأكيد على الشروط والمواصفات التي تضمن سلامة البيئة وصحة الإنسان كما تمّ إقرارها في مجلس الوزراء».

وأوضحت أنّ «هذا المشروع يتم تنفيذه من خلال مساهمة أطراف عديدة منها الاتحاد الأوروبي الذي لا تقتصر مساهمته على التمويل وإنما أيضاً عبر الاستفادة من خبرته الكبيرة، الفنية والإدارية، في مجال معالجة النفايات. أما على المستوى الوطني فهناك شراكة بين الوزارات المعنية: البيئة والداخلية والبلديات والتنمية الإدارية، وبين البلديات والمجتمع المدني، وهذه الشراكة ضرورية وهي شرط من شروط التنمية التي لا يمكن أن يتحقق من دون إيجاد إدارة رشيدة للنفايات».

وقالت: «ليس في الأمر مبالغة، كل تجارب الدول تؤكد هذه الحقيقة، فالنفايات تؤثر على المناخ والصحة والسلامة ولا يمكن فصل أزمة النفايات عن الاعتبارات الاجتماعية والتثقيفية المهمة المتعلقة بتغيير السلوكيات، وصولاً إلى التربية على كيفية خفض كمية إنتاج النفايات كخطوة أولى في حلقة معالجة النفايات المنزلية وفرزها وإعادة تدوير ما يمكن تدويره».

وذكرت أنه «حسب أدبيات الامم المتحدة، فإنّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبين الحفاظ على البيئة، وهذا ما أكدت عليه أجندة التنمية المستدامة للعام 2030، ولبنان أحد الدول الملتزمة طوعياً بتطبيق أهدافها. من هنا، ضرورة وأهمية الإسراع باتخاذ القرارات الحاسمة لمعالجة هذه الأزمة -التزاماً بتعهداتنا الدولية ولو الطوعية إلى جانب الالتزام الوطني بطبيعة الحال- فمن غير المقبول الاستمرار في هذا الواقع».

وتابعت: «نحن حتى الآن نفتقر إلى وضع وتحديد سياسة عامة لإدارة قطاع النفايات في لبنان وتنقصنا التشريعات والقوانين التي تقونن عملية إدارة النفايات الصلبة وقانون التغليف law packaging. وقد تلقيت وعداً من رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بالتعجيل في إقرار هذه القوانين وكل ما له علاقة بملف النفايات، تحسساً منه لمخاطر أزمة النفايات. كما نفتقر إلى المراسيم المتعلقة بالفرز من المصدر وضبط المواد المستوردة والتي تشكل خطراً بيئياً وصحياً. كذلك، نحتاج إلى تنظيم القطاع وتحديد المسؤوليات في إدارته على مستوى الوزارات المعنية والبلديات. وهنا أسئلة مشروعة تطرح حول صلاحيات الجهات المسؤولة على مختلف المستويات وحول تقنيات المعالجة التي ستعتمد والتي تتناسب مع طبيعة المناطق وحاجتها وكلفتها التشغيلية».

ولفتت إلى أننا «نعاني أيضاً من غياب آلية التمويل واسترداد كلفة المعالجة، فعملية تمويل إدارة المراكز القائمة حالياً تتم إما عبر الصندوق البلدي المستقل وهناك عجز دائم في ميزانية هذا الصندوق أو من خلال الموازنة العامة كمشاريع وزارتنا مثلاً. هذه الثغرات لم تعالج حتى الآن رغم الإجماع الحاصل على توصيف الأزمة بالوطنية والتي لم تعد تحتمل تسويفاً أو تأجيلاً».

وشدّدت عزالدين على «أنّ كل تراخ أو تباطؤ في هذا المجال لا يمكن وضعه إلا في اطار اللامنطقية واللاعقلانية»، لافتة إلى «أنّ مشكلة النفايات في لبنان ليست فريدة من نوعها، أمامنا مروحة واسعة من الخيارات التي اعتمدتها دول متعددة ومتنوعة في العالم، قريبة وبعيدة، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوروبي شريكنا في مشروع اليوم».

وختمت الوزيرة عزالدين: «الآمال معلقة على هذه الحكومة والتي أظهرها اللبنانيون بشكل قوي وواضح خلال الأزمة الماضية، إذا استطاعت حكومة استعادة الثقة أن تفتح مسارات حلول لثلاث أزمات كبرى هي إلى جانب النفايات، الكهرباء والنقل، فإنها ستتمكن من إحداث المصالحة الكبرى بين المواطن والدولة في لبنان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى