ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

ابن بلدة شرتون… الرفيق المناضل سمير أبي نادر

كان ناشطاً في الستينات من القرن الماضي وحاضراً بعد العفو 1969 في المسؤوليات المحلية والمركزية.

عرفته مذ كان مقيماً في «عين الرمانة»، وكنت التقي به في مختلف المسؤوليات الحزبية التي تولاها، في عمدات المالية، الدفاع، التربية، وطالما ترددت الى منزله في «سهلات ليلى» المنطقة الواقعة بين ضهور الشوير وبولونيا الى ان غادر الى كندا، حيث كان سبقه إليها شقيقه الرفيق الياس، فبقيت على تواصل معه، واحياناً، بعد ان وقع فريسة المرض الخبيث، مع عقيلته الرفيقة عايدة اللقيس، الى ان وافته المنية.

في الستينات لم ينقطع الرفيق سمير أبي نادر عن العمل الحزبي. مثيله في النضال الحزبي الرفيق سمير أبي ناصيف، الذي كانت تربطه به علاقة وطيدة مستمرة.

اوقف الرفيق أبي نادر رهن التحقيق اكثر من مرة، ومثل العديد من الرفقاء، عرف السجن والمحكمة العسكرية.

اذكر انه عمل في حقل المطبوعات عمدة المالية الاشبال عمدة التربية وكان في عمدة الدفاع في السنوات الاخيرة قبل مغادرته الى كندا.

منح وسام الواجب بمرسوم من رئاسة الحزب رقم 20/75 تاريخ 09/03/2007.

من المؤسف اني لم احصل على استمارة او معلومات تفيد سيرة ومسيرة الرفيق سمير، لذا اعمم النبذة بما توفر لدي،

املاً، اذ تطلع عليها عقيلته الرفيقة عايده، او رفقاء عرفوه في الوطن و او في كندا، فيكتبوا الى لجنة تاريخ الحزب، فنعمم لاحقاً نبذة غنية تليق بتاريخه الحزبي.

عندما وصلني نبأ رحيل الرفيق سمير، وجهت بتاريخ 23/02/2007 الرسالة التالية الى عقيلته الرفيقة عايدة اللقيس أبي نادر.

« البقاء للامة…. الغياب المفاجىء للرفيق، الحبيب والمناضل، سمير اصابني في اعماقي. اذهلني الخبر، ولم اصدق انه رحل بهذه السرعة.

معرفتي بالرفيق سمير تعود الى اوائل الستينات من القرن الماضي، عندما ناضلنا معاً ودخلنا السجن، واستمريت على علاقة وطيدة به مع الكثير من اواصر المودة والمحبة والصداقة والتقدير.

معك اشعر بالحزن، ترافقني بذلك الامينة اخلاص، وكم كنت اود لو كنت بالقرب منك في ساعة حزنك التي اقرأها في اعماقك، وآراها في كل حركة منك.

الكلمات لا تستطيع ان تختزل ما اشعر به تجاه الرفيق سمير، وتجاه غيابه السريع المفاجىء. كنت انتظره يتابع نضاله في مديرية لندن اونتاريو، وان يتمكن من زيارة الوطن الذي سكن اعماقه ووجدانه، وان نلتقي مرة جديدة.

لك اتقدم بكل ما اشعر به من اسى، لاشاركك حزنك ولاقول لك ان الرفيق سمير باق، ليس معك فقط، انما مع رفقائه الذين احبوه، وفي حزبه عبر اجياله.

ولك، رفيقة عايدة، في رفقاء سمير في لندن اونتاريو، في وندسور وفي تورنتو، ما يجعلك تطمئنين الى انك ستكونين محاطة بمن يقف معك، يخفف من لوعتك، ويشعرك ان كل رفقائك هم «سمير» بالالتزام القومي الاجتماعي.

يهمني كثيراً ان اطمئن عنك دائماً، ان اعرف اي جديد لديك، وان تعلمي اني، واخلاص، معنيان بذلك «

الكاتب

كنت استلمت من الرفيق سمير مجموعة من مقالات كان نشرها في صحف تصدر بالعربية في كندا. منها اخترنا الكلمة التالية المنشورة بتاريخ 15/03/2001.

انتماء

« التعاريف التي بلبلت مجتمعنا، وجزأت حياتنا، وأذابتها، ومحتها. لم تكن لتكون اساساً لوعي وطني صحيح، ولنهضة بلادنا في وحدة الحياة والمصير الواحد، فقولنا، اننا أمة واحدة تامة، كان اعلاناً حقيقياً.. حقوقيا اساسياً للقضاء على الفوضى. ولترسيخ المجهود على اساس الوضوح.

إنه انتماء!!

ولو لم يحصل هذا الوعي التام في عقلنا وثبت هذا الوجدان الحي في ايماننا، وهما امران ضروريان اوليان لمبدأ السيادة القومية، الشاعرة بكيانها على نفسها، وعلى وطنها.

والعامل الاساسي في تكوين شخصيتنا لسلامة وحدة الوطن لما وقفنا هذه الصفوف البديعة النظام دأبنا العطاء والشهادة.

إنه انتماء!!

وانطلاقاً من هذا المفهوم الايماني العقلي، نقول اننا لا نعترف لأية هيئة او شخصية او جيل يمكن ان يقبل إقامة كيان غريب يحل فيه شعب مكان شعبنا في جنوبنا المحتل او اي مكان آخر من بلادنا تحت اي نوع من انواع الادعاءات الماورائية. ولهذا نشدد القول ان فلسطين جزء من قضية واحدة كاملة كلية، لا يمكن ان نعمل لها الا من ضمن هذه القضية الكلية في عقيدة واضحة وغاية جلية.

انه انتماء!!

وفي إدانتنا لقرار الأمم المتحدة عام 1947 بإعطاء قسم من فلسطين لليهود، والمعروف بقرار التقسيم قلنا ان أمتنا هي وحدها صاحبة الحق الطبيعي والشرعي في فلسطين وأنه ليس لغيرها ان يقول الكلمة الاولى والأخيرة في مصيرها، ليس من حق جمعية الأمم المتحدة كلها ان تفرض على أمتنا مقررات تنزع سيادة الامة عن وطنها او حقها او ارضها. ليس لجمعية الامم المتحدة كلها ان تعتمد إلغاء حق الامم الحرة في تقرير مصيرها بنفسها.

إنه انتماء!!

ولأننا آمنا بالقيم الحية التي تجسد وحدة الفكر والنهج والممارسة رفضنا الإقطاع والعشائرية والطائفية والمذهبية المفتتة لوحدة المجتمع، ونبذنا الهيمنة والفساد والانحراف والفردية والأنانية والجهالة والإجرام.. والمرتكبين الذين آثروا من دماء الشهداء والمناضلين والثكالى واليتامى.. ونصبوا انفسهم بفعل المال والسلطة إقطاعاً جديداً متسلطاً على المؤسسات والعاملين باسم النظام.

ونحن.. الذين نادينا يوماً بأننا أصبحنا أمة بعد ان كنا قطعاناً بشرية، وسرنا مشرعي الصدور مرفوعي الجباه تحدونا وقفات العز وهدير الدماء الدافق في عروقنا، بشرف وعنفوان، غير آبهين بالصعاب وبالنفسيات المحنطة والمرتهنة.

انه انتماء!

ولأن الاخلاق المجتمعية تحتم على حاملها تمتين قواعد اتجاهه بالثقافة المدركة، الواعية، الهادفة، الصلبة العزيمة، الشديدة الايمان، القوية الارادة. لان الحياة الانسانية بلا مبادئ إنسانية يتمسك بها الرجال يبنون بها شخصيتهم ومعنى وجودهم. وجودا فاعلا، متحركاً، دينامياً، هي باطلة. نحن اسسنا على العقلية الاخلاقية الجديدة. عقلية تضحية الافراد بكل شيء في سبيل المصالح القومية العليا والمصير القومي العام وليس الى جمع تراكمي لمنح افراد امتيازات فردية على المصلحة العامة والمثل العليا التي نعمل على تفعيلها.

إنه انتماء!

من هنا كانت دعوتنا الى كل مواطن اينما كان في الوطن او عبر الحدود في هذه الظروف الصعبة، ان يكون له التأثير الواضح على مسيرة النضال من اجل تحقيق انتصار القيم التي تكتنزها أمتنا بنبذ مفاعيل التجزئة التي أتاحت قيام الكيان الصهيوني، خنجراً في خاصرتنا.. ولكن المسؤولية الاساسية والكبرى تقع على اكتاف من آمنوا بنهضة بلادهم، وحملوا راية الصراع خفاقة، يوم رفعوا يمينهم عاملين لإقامة النظام الجديد في خطة معاكسة ترتفع بقوى الأمة الحيّة الى مستوى التحدي الشامل الذي يواجهنا، ويواجه مستقبل اولادنا بالنموذج الحضاري المتفاعل، لأن اكتافهم أكتاف جبابرة وسواعدهم سواعد ابطال.

إنه انتماء!

شهادة الرفيق ميشال غنطوس

شكراً للرفيق ميشال غنطوس 1 وشكراً لكل رفيق يتصل مثنياً على عمل لجنة تاريخ الحزب او مقدماً لها اضافات على ما تكون نشرته من معلومات تتعلق بتاريخنا او بتاريخ رفقاء مناضلين.

من الرفيق ميشال غنطوس استلمنا الرسالة التالية المؤرخة من 01/12/2017

« عندما قدمتُ الى كندا في اواخر ال 1973، تعرّفت الى الرفيق سمير خلال عملنا الحزبي في المديرية. كان ناشطا آنذاك كناموس للمديرية. كان عنده محطة بنزين يعمل فيها ساعات طويلة، وما تبقى من الوقت كان بين عائلته القومية الاجتماعية. بعد سنة او سنتين من عمله هذا، كنت اراه دائما منهوك القوى وفي حالة نفسية غير جيدة. رغم البقاء بيننا، ورغم الاجازات التي يأخذها من عمله الطويل للذهاب الى مخيمات كانت تجمعنا خصوصا خلال الصيف الكندي. كانت صحته تتدهور وخصوصا لشعوره بوجع دائم في الظهر.

ويوماَ كان معنا يلعن الزمن الذي وصل اليه في هذا المغترب الظالم, ويتاسف على ايام الشباب والصحة الجيدة في الوطن. ويتباهى بالطقس الجيد في ربوع جبال لبنان، وذلك في وقت كانت الحرب الاهلية في اشدها حيث يترك كثيرا من اللبنانيين الوطن تيمناَ بالغربة. عرضت عليه في احد الايام، ان يرجع الى الوطن ليرى ما يخبئه له المستقبل. ايام قليلة مرت واذا بالرفيق سمير يعلمنا بانه قد باع محطة البنزين واشترى تذكرة الطائرة، ذهابا فقط، للرجوع الى احضان الوطن. لم يسعني الا ان اثنيت على ما فعل رغم انه فاجأني. عرض عليّ شراء قطعتين من اسلحة صيده، فقبلت، وهذه القطع تذكرني دائما بالرفيق سمير كلما استعملتها. يوم واحد بقي معنا بعد ذلك وكان هذا آخر لقاء لنا معه.

بعد عدة سنوات التقيت اخيه الرفيق الياس حيث اخبرني ان الرفيق سمير قد تزوج وقد رزق بمولود. عند ذهابي الى الوطن سنة 1992، مررت على طريق زحلة عين زحلتا لرؤياه ولكني لم اوفق. اني دائما اتذكر الرفيق سمير ليس لانه رفيقي فقط، بل كان صديقاً محباً آمن بالعقيدة القومية الاجتماعية ومارسها بكل صدق وايمان. الرحمة لرفاته والبقاء للامة.

1 ميشال غنطوس من مشغرة. تولى مسؤوليات محلية في كندا، منها مسؤولية منفذ عام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى