بكين وسيول تؤكدان التزامهما بالحل السلمي للقضية الكورية وبيونغ يانغ تتوعّد بـ «اتخاذ إجراءات قاسية» موسكو تحذّر من خطر تأجيج الوضع في كوريا الشمالية.. والتعاون مرهون بعقلانية الموقف الأميركي

أعلنت وزارة الخارجية لكوريا الشمالية، «أن بيونغ يانغ ستقيّم الحصار البحري ضدّها على أنه عمل حربي»، وتوعّدت بـ «اتخاذ إجراءات قاسية».

ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الشمالية، لم يكشف عن اسمه قوله: «في حال أقدمت الولايات المتحدة وأتباعها على فرض حصار بحري ضد كوريا، فإننا، كما حذّرنا مرات عديدة، سنقيّم ذلك كعمل حربي ضدنا وسنتخذ إجراءات رد قاسية».

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من «خطر تأجيج الوضع حول كوريا الشمالية»، مشيراً إلى أن «إطلاق صاروخ واحد من قبل كوريا الشمالية سيؤدي إلى كارثة».

وقال بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي، أمس، تعليقاً على قضية كوريا الشمالية: «نعتقد بأنه يجب وقف تأجيج الوضع من الجانبين»، أي من قبل واشنطن وبيونغ يانغ.

وأشار إلى أنّ «كوريا الشمالية ردّت بإطلاق صاروخ جديد على مناورات الولايات المتحدة»، مضيفاً أنه «يجب الخروج من هذه الحلقة المفرغة، لأنّ هذا أمر خطير للغاية».

وأضاف الرئيس الروسي «أنّ الاستخبارات الأميركية لا تمتلك ما يكفي من المعلومات الدقيقة عن إحداثيات الأهداف المحتملة في كوريا الشمالية، ولن تكون الولايات المتحدة قادرة على تدمير الأهداف كافة في حال ضربت كوريا الشمالية»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ «إطلاق صاروخ واحد من قبل كوريا الشمالية كافٍ ليؤدي إلى عواقب كارثية».

وأعاد بوتين إلى الأذهان أنّ «الولايات المتحدة قد استخدمت السلاح النووي في الماضي»، مشيراً إلى أنه «الآن لا توجد أي ضرورة للقيام بذلك. ويجب إبداء أقصى قدر من الحذر».

وأشار بوتين إلى أنّ «الولايات المتحدة تقوم باستفزاز كوريا الشمالية، والأخيرة لا ترى طريقة أخرى للحفاظ على نفسها سوى تطوير أسلحة الدمار الشامل والمعدّات الصاروخية. وهي طوّرتها حتى تكون قادرة على الوصول إلى الأراضي الأميركية، على ما يبدو. وهذا الأمر ليس جيداً على الإطلاق».

ونوّه الرئيس الروسي بأنّ «التعاون بين روسيا والولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية مرهون بعقلانية الموقف الأميركي»، معلناً أنه «في حال اعتمدت الولايات المتحدة على المنطق السليم في سياستها الخارجية، فهذا قد يصبح ضماناً لتعاون البلدين في القضايا العديدة بينها كوريا الشمالية».

وقال بوتين: «هذه إشارة جيدة جداّ تدلّ على أن القيادة الأميركية بشكل عام، والخارجية الأميركية تبدأ بإدراك الواقع، وآمل بأن يحدث ذلك في الاستخبارات الأميركية والبنتاغون أيضاً. وفي حال تحرّكنا بهذا الاتجاه، انطلاقاً من التفكير السليم، فنحن سنتعاون مع الولايات المتحدة بشأن كافة المسائل من هذا القبيل، بما فيها قضية كوريا الشمالية».

وفي الوقت ذاته أشار بوتين إلى «بعض الصعوبات في هذا المجال»، قائلاً إنّ «أعضاء الكونغرس وضعونا في صف واحد مع كوريا الشمالية وإيران. وفي الوقت ذاته هم يضغطون على الرئيس الأميركي كي يعمل معنا على معالجة قضيتي كوريا الشمالية وإيران»، مضيفاً أنّ «هذا غريب، ويتخطى حدود العقل السليم».

وأكد بوتين أنّ روسيا «لن تعترف بصفة دولة نووية لكوريا الشمالية»، واصفاً خطوات بيونغ يانغ على هذا الاتجاه بأنها «غير بناءة».

من جهته، على صعيد آخر، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس، «إنّ كوريا الشمالية وغيرها من الدول يجب أن تطبق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة ببرامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية».

وأدلى غوتيريس بالتصريحات للصحافيين بعد اجتماعه برئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في طوكيو، عقب أيام من عرض وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بدء محادثات مباشرة مع كوريا الشمالية من دون شروط مسبقة.

وقال البيت الأبيض، أول أمس، إنه «لا يمكن إجراء مفاوضات مع كوريا الشمالية إلا إذا تحسن سلوكها». وامتنع عن قول ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وافق على مبادرة تيلرسون.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناوريت أول أمس «إنّ الولايات المتحدة ستكون منفتحة على إجراء محادثات مع كوريا الشمالية عندما يحين الوقت المناسب، لكن ذلك قد لا يحدث الآن، لأن بيونغ يانغ لا تبدي أي إشارة عن استعدادها لوقف تجاربها الصاروخية والنووية».

وعلى الرغم من عرض وزير الخارجية ريكس تيلرسون البدء في محادثات مع كوريا الشمالية من دون شروط مسبقة، فإن ناويرت قالت «إنه يتعيّن أولاً أن تكون هناك فترة هدوء، تعلّق خلالها بيونغ يانغ التجارب، قبل أن يتسنّى البدء في أي مفاوضات».

وشددت ناويرت في إفادة يومية بوزارة الخارجية على أن «تيلرسون لم يؤسس لسياسة جديدة في كلمته حتى وإن بدا أنه يتخلّى عن مطلب أميركي رئيسي، وهو قبول بيونغ يانغ بتخلّيها عن ترسانتها النووية».

فيما أشار بيان صادر عن الخارجية الأميركية إلى أن «الوزير تيلرسون سيشارك اليوم في اجتماع وزاري لمجلس الأمن الدولي، وسيدعو خلاله إلى الضغط إلى أقصى حدّ ممكن على كوريا الشمالية كي تتخلّى عن برنامجيها النووي والصاروخي».

بدورها، تصرّ اليابان على أنّ «الوقت قد حان لمواصلة أقصى الضغوط على بيونغ يانغ» لبدء محادثات بشأن برامجها الصاروخية والنووية.

وقال مسؤول الشؤون السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان الذي زار بيونغ يانغ الأسبوع الماضي «إنّ مسؤولين بارزين في كوريا الشمالية لم يُبدوا أي التزام بالمحادثات». لكنه يعتقد أنه ترك الباب «موارباً بعض الشيء».

من جهة أخرى، دعا رئيسا الصين وكوريا الجنوبية، شي جين بينغ ومون جاي إن، إلى «تفادي اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية»، وأكدا التزامهما بـ «الحل السلمي للقضية الكورية».

وأعلن المتحدّث الرسمي باسم رئيس كوريا الجنوبية في أعقاب لقاء الرئيسين في بكين، أمس، أنّهما «اتفقا على 4 مبادئ للتعامل مع قضية كوريا الشمالية»، موضحاً أن «أولّها أن اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية لا يمكن القبول به، والثاني أنّهما سيلتزمان بمبدأ إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي».

كما أكد الرئيسان التزامهما بـ «الحلّ السلمي لقضية كوريا الشمالية عبر الحوار والمفاوضات»، واتفقا على أن «تحسين العلاقات بين الدولتين الكوريتين سيساهم في تسوية القضايا في شبه الجزيرة».

من جانبه جدّد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، التأكيد على موقف بكين السلبي بشأن نشر صواريخ «ثاد» الأميركية في كوريا الجنوبية، داعياً سيول إلى «احترام موقف الصين».

والجدير بالذكر، أن رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، وصل يوم أول أمس إلى الصين بزيارة تستغرق 4 أيام لبحث قضية كوريا الشمالية وسبل تحسين العلاقات بين سيول وبكين، بعد أن شهدت بعض التوترات على خلفية نشر صواريخ «ثاد» الأميركية في كوريا الجنوبية، الأمر الذي أثار قلقا لدى الصين.

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أمس «إن أفضل سبيل لحل أزمة كوريا الشمالية هو تكثيف الضغط الاقتصادي على بيونغ يانغ».

وقال جونسون وهو يقف إلى جانب نظيره الياباني تارو كونو في لندن «إن الخيارات العسكرية في كوريا الشمالية لا تبدو جذابة».

من جانبه قال كونو «إن كوريا الشمالية هي التهديد الأهم والأكثر إلحاحاً الذي يواجه المجتمع الدولي».

في سياق متصل، أفادت السفارة الروسية لدى كوريا الشمالية «أن وفد وزارة الدفاع الروسية يشارك في أول جلسة للجنة العسكرية المشتركة للبلدين في بيونغ يانغ».

وجاء في بيان صدر عن السفارة ونشر على صفحتها في موقع فيسبوك: «وفق الاتفاقية التي تمّ التوصل إليها مسبقاً، تجري في بيونغ يانغ أول جلسة للجنة العسكرية المشتركة لبحث سير تنفيذ الاتفاقية الروسية الكورية الشمالية حول منع النشاط العسكري الخطير».

وأضافت السفارة «أنّ المحادثات تجري بشكل بناء»، مشيراً إلى أنّ «وفد وزارة الدفاع الروسية سيبقى في كوريا الشمالية حتى 16 الحالي».

يُذكر أن الوفد الروسي الذي وصل إلى بيونغ يانغ أول أمس، يرأسه نائب رئيس مركز إدارة الدفاع الروسية اللواء البحري فيكتور كالغانوف. أما وفد كوريا الشمالية فيرأسه نائب مدير الإدارة الرئيسية لأركان الجيش الكوري الشعبي اللواء باك هو تشخول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى