عصام العبد الله يترجّل عن صهوة الحياة

حين يرتحل الشاعر إلى حيث يتشكّل الضوء، تصبح القصيدة نبضه الحاضر لتخبر عنه بعد الغياب. والموت لا يتفوّق على اللغة، الشاعر لا يموت، إنما يسمو إلى حقول الغمام ليسكب مداده بين شرايين السماء.

من يكتب للحبّ والأرض والفرح ويتقن نحت اللوحة الشعرية على إيقاع الزمن مُحال أن يغادر إطار الوجود من دون أن يترك على تراكم الأوراق عبق الحقول، حيث للزهر كلمته وللتبغ سطوته ولرنين الشعر المحكيّ عمالقته ورموزه المتدثّرون بالريح والمطر وأهازيج الشفق.

عصام العبد الله، ابن جبل عامل المزنّر بالشغف والمشرف على الأمل، يحمل ما تبقّى من ألق الأبجدية ويمضي إلى المدى الأرحب، وكأنّ القلب لم يعد يتّسع لكلّ ما تعاني منه هذه اللغة. وكأنه ملّ من القول والرصف فمضى يبحث عن رقعة تشبه «الخيام»، ليرتاح على الجولان ويلمّع كفّه بالنحاس الذي غطّى سهل حوران.

كان فيه جبل اسمه جبل عامل

راجع على بيته من الشغل تعبان

وكان الوقت قبل العصر بشوي

بكّير تيصلّي

تمدّد على كرسي اسمها الخيام

كتفه الشمال ارتاح على الجولان

كتفه اليمين ارتاح على نيسان

كفّه الشمال بيفتحها بتلمع

نحاس القمح غطّى سهل حوران

كفّه اليمين بيغلقها بيتدور الرومان

اسمه جبل عامل!

يُقال إن الشعر ينمو كالصعتر البرّي، وتحت كلّ حجر وحصى في جبل عامل يسكن شاعر، ربّما لأن التراب هناك مجبول بالفداء، وربما لأنّ القصيدة تقترن بالصمود وتتجلّى عند مشارف البقاء، حيث ينبت العشب وتتدفّق مياه الحياة روحاً من رحم الشعراء.

عبير حمدان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى