ماكرون يستعدّ لمبادرة شرق أوسطية عندما تنضج «إسرائيل» للتراجع أمام الانتفاضة سوتشي نهاية الشهر المقبل بموافقة تركية وتفويض موسكو اختيار تمثيل كردي مناسب

كتب المحرّر السياسي

يستجمع الرئيس الفرنسي المعطيات الفلسطينية و«الإسرائيلية» ومن خلفها السعودية والأميركية والإيرانية والروسية، بعد الاشتباك الذي أظهرته قضية القدس، وكشفت معه توازنات تتيح فتح الباب لدور فرنسي سياسي، تأسس على تمايز فرنسي عن الموقف الأميركي، وبالإفادة من تجربته الناجحة في أزمة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، والاستفادة من دروس التجربة الفاشلة في اختراق لدور فرنسي على المسار السوري، يؤسس الرئيس مانويل ماكرون مبادرته بهدوء. فيقف عند حدود التمايز، ولا يستفز الفوران الأميركي «الإسرائيلي»، لكنه لا يعبث بما أنجزه على الجبهة الفلسطينية، كما فعل في الحالة السورية، ويعرف أن عليه الانتظار حتى تنتج معادلات الميدان الفلسطيني وما حولها من تداخل بالمعاطيات الإقليمية المناخ الذي يجعل للوساطة مكاناً، ويزيد من الطلب عليها، كمخرج من مأزق يجب أن يكون «إسرائيلياً» في هذه الحالة، وعلى الإنتفاضة الفلطسينية أن تصنعه، ليؤسس ماكرون على دعوات فرنسية سابقة لمؤتمر تفاوضي في باريس كان يحظى بدعم أوروبي وعدم ممانعة أميركية وتشجيع روسي فيتقدّم، بينما قالت تجربته السورية إن اللعب بين الحبال بلغة الدولة الكبرى في صراع لا مكان فيه للرمادي ومحاولات الإرضاء بلغة التعالي، يؤدي للوقوع خارج الحلبة، فاستفاد من العبرة وقرّر الاكتفاء بما فعل، لينتظر ما سيكتبه الميدان الفلسطيني، وهو ما تتحدّث عنه وقائع جمعة الغضب الثالثة باتساع رقعة المواجهات وزخم إضافي لساحاتها بالمزيد من الشهداء والمعتقلين، يزداد معهم عود الانتفاضة صلابة وهجها تألقاً.

في المسار السوري مع نهاية اجتماعات أستانة تحديد موعد انعقاد محادثات سوتشي للحوار الوطني السوري نهاية الشهر المقبل، بعدما كان التأجيل مرتين بطلب تركيا أحد الرعاة الثلاثة لأستانة إلى جانب روسيا وإيران، رفضاً لتمثيل الأكراد بحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره تركيا عدواً وتصنّفه إرهابياً. وكما أوضحت مصادر سورية متابعة، أن الفيتو التركي على حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني لا يلقى رفضاً سورياً حكومياً في ظل التحاق الاتحاد ولجان الحماية التابعة له بالقيادة الأميركية، ما جعل الرئيس السوري يتّهم هذه الجماعة بالخيانة والعمالة، ودعا نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد للقول إن «قسد» هي داعش جديدة. فكان التفاهم في أستانة على تفويض موسكو اختيار تمثيل كردي مناسب، قالت المصادر المتابعة ذاتها، إنه تمثيل سيضم شخصيات مستقلة يقبلها حزب الاتحاد الديمقراطي، تكون بداية حوار معه للخروج من لعبة الانفصال والقبول بدخول المسار السياسي.

لبنانياً، مع الارتفاع العشوائي في التقنين الكهربائي، أعادته مؤسسة كهرباء لبنان إلى إضراب المستخدمين، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر كرئيس لنقابة موظفي ومستخدمي الكهرباء عن حلحلة ستبصر النور قريباً، بينما كان الحدث الذي طغى على التقنين هو إقدام الوزير معين المرعبي على اقتحام مركز كهرباء لبنان في حلبا، كاسراً بوابة المركز، ما حدا بوزير العدل سليم جريصاتي بوصف الاعتداء على مرفق عام بالجرم المشهود أمراً يستوجب الملاحقة القضائية، من دون الحاجة لمراجعة أو رفع حصانة.

أزمة الكهرباء تثير الفوضى…

في وقتٍ تسيطر حالة من الاسترخاء السياسي على المشهد الداخلي نتيجة عطلة عيد الميلاد التي تستمر حتى الثلاثاء المقبل، تصدّرت الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية والحياتية والبيئية الواجهة وعلى رأسها أزمة الكهرباء إضافة الى سلسلة الرتب والرواتب والموازنة والنفايات والأدوية المسرطنة حيث تزدحم بها طاولة مجلس الوزراء الذي سيعود إلى الخدمة مطلع العام المقبل، حيث سيتمّ تكثيف الجلسات لإطلاق ورشة حكومية لمعالجة هذه المشاكل، بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ«البناء».

وحتى ذلك الحين ستشكل هذه الأزمات معاناة للمواطنين وسط انقطاع عشوائي للتيار الكهربائي ورفع ساعات التقنين عمّت مختلف المناطق اللبنانية من البقاع الى الشمال والجبل الى الضاحية الجنوبية حتى العاصمة بيروت، وما يزيد الوضع سوءاً حلول فصل الشتاء وسط توقعات لوصول عاصفة ثلجية الى لبنان مساء اليوم السبت، وما سيخلّفه ذلك من انعكاسات سلبية على المواطنين. غير أن معلومات «البناء» أكدت أن «المؤسسة بدأت بتأمين الفيول لتغذية المناطق على أن تبدأ اليوم بإجراء الإصلاحات اللازمة في بعض المحطات لإعادة التيار الكهربائي كما كان».

تفاقم أزمة الكهرباء على خلفية إضراب العمال والموظفين في المؤسسات العامة، أثارت الفوضى في بعض المناطق، كما حصل في حلبا في قضاء عكار حيث عمد نائب المنطقة وزير الدولة لشوؤن النازحين معين المرعبي الى كسر الباب الخارجي لمحطة الكهرباء في حلبا، وفتح الباب من أجل توفير الكهرباء للبلدات والقرى المحرومة، كما قال المرعبي.

..وجريصاتي يحرّك القضاء فهل تُرفَع الحصانة؟

وفي حين أثار عمل المرعبي استياءً رسمياً وشعبياً، قالت مصادر وزارية وقانونية لـ «البناء» إن «ما أقدم عليه المرعبي هو جرم يعاقب عليه القانون بمعزل عن نتائجه إن كانت إيجابية أم سلبية، فلا يحق له الاعتداء على مؤسسات وأملاك عامة تحت أي عنوان»، مشيرة الى أن «النيابة العامة تتحرك من تلقاء نفسها للادعاء على النائب المذكور»، ولفتت الى ضرورة توجيه كتاب الى رئيس المجلس النيابي لرفع الحصانة النيابية عن المرعبي لوجود جرم مشهود»، وذكرت المصادر بـ «وجود كتابين في المجلس النيابي لرفع الحصانة عن النائب المرعبي منذ العام 2012 بجرم تخوين وتحقير وشتم الجيش اللبناني».

بدوره أشار وزير العدل سليم جريصاتي الى أن «ما قام به المرعبي غير مقبول وهو جرم مشهود ولا يستطيع وزير العدل الذي ينادي أن القانون يجري على الجميع أن ينظر إلى جرم يعتبر تعدياً على أملاك عامة»، مشيراً إلى أن «المرعبي انتهك القانون بشكل علني وقد عرّض حياته وحياة من رافقه للخطر والحصانة لا تنفع مع الجرم المشهود». وأشار إلى «أنني كوزير عدل أرى في المشاهد التي انتشرت للنائب المرعبي جرماً مشهوداً وتعدياً على الأملاك العامة»، لافتاً إلى «أنني أطلب من النيابة العامة التحرك و القضاء في هذا العهد لن يميّز بين مسؤول وغير مسؤول».

كهرباء لبنان: إضراب الموظفين يعرقل عملنا

وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان عن «عدم تمكنها من تشغيل معملَي صور و بعلبك لعدم سماح النقابة للفنيين بتشغيل مجموعات الإنتاج الأربع في هذين المعملين، بما يؤمن قدرة إنتاجية إضافية تبلغ حوالي 120 ميغاوات بسبب إضراب الموظفين الذي يحول أيضاً دون تصليح المجموعة الثالثة في معمل الذوق الحراري وإجراء الصيانة اللازمة من قبل خبراء الشركة الصانعة الأجانب على المجموعة الثانية في المعمل. الأمر الذي كان ليضيف حوالي 210 ميغاوات على الشبكة واستمداد حوالي 100 ميغاوات من سورية »، مشيرة الى أنه «كان من المرتقب زيادة الطاقة الإنتاجية حوالي 430 ميغاوات بدءاً من أواخر الأسبوع الحالي، ما يؤمن أكثر من أربع ساعات تغذية إضافية في جميع المناطق اللبنانية خلال عيدي الميلاد ورأس السنة».

الأسمر: الأزمة على طريق الحل

من جهتها أعلنت نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان في بيان الاستمرار في الإضراب المفتوح، في وقتٍ يقود الاتحاد العمالي العام مساعي توفيقية للتوصل الى حل، وعقدت أمس، لقاءات عدة بين ممثلين عن النقابة ومندوبة وزارة المال برعاية الاتحاد العمالي العام، وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «المساعي نجحت حتى الآن في تقريب وجهات النظر على أن يعقد اليوم اجتماع آخر لإعلان الحل على قاعدة اعطاء الحقوق المستحقة للمستخدمين في مؤسسة كهرباء لبنان من جهة، وعدم الاضرار بمصالح الشعب في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان». ولفتت المصادر الى «الاتفاق مع وزير الطاقة ووزارة المال على دفع سلفة من السلسلة لمستخدمي المؤسسة ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة ودفع المستحقات الاخرى في العام المقبل».

وأشار رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ «البناء» الى «تعليق الإضراب في المؤسسات العامة كافة إفساحاً في المجال للمعالجات المطروحة باستثناء كهرباء لبنان، حيث المساعي مستمرة على أن تسلك الأمور طريق الحل اليوم»، ولفت الى «تعليق الإضراب في مستشفيات لبنان والمؤسسة العامة للإسكان ومصالح المياه».

وكان الأسمر قد أشار في بيان الى «الجو الإيجابي الذي ساد الاجتماع مع وزير المال علي حسن خليل وبدء المعالجات الجذرية والمخارج المطروحة بشكل إيجابي لجميع الموظفين والعمال في المصالح المستقلة والإدارات العامة، والذي ستتبعه لقاءات سريعة للبحث بالتفاصيل باتجاه إنهاء جميع القضايا العالقة»، مشدداً على «حق المستخدمين بعلاوة الـ25 في المئة كبدل دوام وعلى الدرجات الثلاث أسوة بغيرهم تطبيقاً للقانون. وتم الاتفاق على استمرار التواصل».

أزمة «الضباط» بين القانون والسياسة!

وفي حين هدأت عاصفة توقيع مرسوم ضباط «دورة عون» وغابت المراسيم الجوالة على خط بعبدا عين التينة بيت الوسط لتحلّ مكانها رسائل الوسطاء الذين يعملون على إنهاء معضلة المرسوم، علمت «البناء» أن الجهود لم تصل الى نتيجة نهائية حتى الآن، ووسط إصرار عين التينة على موقفها، أوضحت مصادر سياسية وقانونية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» بأن «مرسوم ضباط 1994 لا يحتاج الى توقيع وزير المال، لانه لا يرتب أعباءً مالية، فالأمر ليس ترفيعاً بل منح أقدمية سنة لفئة من الضباط تعرّضوا للظلم خلال الاحداث اللبنانية»، مشيرة الى أن التعيينات والتشكيلات القضائية أو في أي سلك آخر، لا تحتاج الى توقيع وزير المال، لأنها لا ترتب أعباء مالية فورية ومباشرة».

وأوضحت المصادر الى تضارب في الصلاحيات بين مجلسي النواب والوزراء، مستغربة تحويل الأمر الى اقتراح قانون في المجلس النيابي فيما هو من اختصاص وصلاحية رئيس الجمهورية والحكومة، داعية الى فصل السلطات، لكنها لفتت الى أن «الوضع السياسي قد يفرض حلولاً معينة كإقرار قانون في المجلس النيابي وإلغاء المرسوم الوزاري».

توتر على خط «التيار» ــ «القوات»

وعاد التوتر العالي ليضرب خط العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية»، بعد الهدوء النسبي الذي سجل في الأيام القليلة الماضية، وإن كانت اعتبارات سعودية حالت دون أن يبق رئيس الحكومة سعد الحريري «البحصة» في وجه «القوات» وبعض الخصوم داخل «البيت المستقبلي»، غير أن الأمر لم يمر مرور الكرام عند التيار الوطني الحر حيث لا يزال الجمر تحت الرماد. وقد سُجِل أمس الأول سجال بين مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق الياس بو صعب ورئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» شارل جبور، وأكدت مصادر «التيار» لـ «البناء» أن «التواصل مفقود بين قيادتي التيار والقوات والعلاقة تراوح مكانها وتحتاج الى اعادة نظر في جوانب عدة، بعد تصرف القوات في أزمة الرئيس الحريري والنهج الذي تتبعه داخل الحكومة»، مشددة على أن «العلاقة لن تعود الى سابق عهدها وإن حصل نوع من التفاهم قبل الانتخابات النيابية».

أما على خط «المستقبل» – «القوات»، فحيث لا معلومات متوفرة عن لقاء بين الرئيس الحريري ورئيس القوات سمير جعجع حتى الآن، أشارت مصادر «البناء» الى أن «القوات تشعر باستياءٍ كبير تجاه قيادة المستقبل، وغير مندفعة باتجاه تصليح العلاقة ولن تعترف بأنها تآمرت على الحريري أثناء غيابه عن لبنان»، وتنقل المصادر عن قواتيين قولهم: «اللي بدو ايانا يجي لعنا، نحنا ما رح نروح عند حدا»، وكانت لافتة زيارة النائبة ستريدا جعجع أمس الى بكركي ولقائها البطريرك مار بشارة الراعي، فهل تحاول «القوات» كسر عزلتها بالتظلل تحت خيمة بكركي؟

على جبهة الانتخابات النيابية، أعلن رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل عبر تويتر «أنني تقدّمت بمشروع قانون لتمديد مهلة تسجيل المنتشرين للاقتراع في الخارج، لأن التجربة نجحت ولأن الوقت الباقي للانتخابات يسمح ولأن عشرات الآلاف «بيريدوا يتسجلوا ويصوّتوا ونحنا جاهزين»، سائلاً «حدا حابب يمنعهم»؟

إحباط أكبر عملية تهريب مخدرات

على صعيد آخر، أعلن وزير المال علي حسن خليل ، «إحباط جمارك مطار بيروت الدولي لأكبر عملية تهريب كوكايين ، بواسطة مسافرة قادمة من فنزويلا إلى بيروت عبر فرنسا »، مشيراً إلى أنّ «تعليماتنا في هذا الإطار مشدّدة بعدم التساهل أبداً في ما يخصّ سلامة اللبنانيين وأمنهم، والتنبّه أكثر في فترة الأعياد». وكشفت معلومات، أنّ «المرأة الفنزويلية الّتي تمّ توقيفها في مطار بيروت الدولي ، عمرها 80 عاماً وعُثر في حوزتها على 30 كلغ من الكوكايين». كما أشارت مصادر الى أن أحد عناصر قوى الأمن الداخلي حاول إدخال المرأة عبر مركز الجمارك دون تفتيشها، لكن عناصر الجمارك رفضوا ذلك».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى