شريعت مدار: لعدم القبول بأنصاف الحلول ورفض نتائج «أوسلو» عبد الهادي: قرار ترامب جزء من مشروع تصفية القضية الفلسطينية حميّة لـ «البناء»: بعض الدول العربية والإسلامية أعطت قرار ترامب نصف شرعية

نظم معهد الدراسات الدولية ندوة بعنوان «القدس مفتاح النصر»، وذلك في مطعم الساحة ـ طريق المطار، بحضور عدد من الشخصيات الحزبية والثقافية والاعلامية وفاعليات.

أدار الندوة الكاتب السياسي حسن شقير، وقال: «من باب الواقعية فإنّ أحداً من العرب لن يعلن الحرب على أميركا والنفير العام ضدّ الكيان الصهيوني، ولأسباب معروفة، فضلاً عن أنّ بعضهم لن يتخذ قراراً جريئاً بالمقاطعة السياسية أو الاقتصادية، وحتى التطبيعية مع الكيان الصهيوني، وإنْ كان ذلك أضعف الإيمان، وذلك لألف سببٍ وسبب.. وهذا كلّه، يدفعنا إلى طرح تساؤلٍ جوهري، عمّا هو المطلوب فعله واقعاً لدفع ترامب إلى التراجع، أو حتى لجعل الكيان الصهيوني، يرفض ما سمّاه البعض من كتّابه وباحثيه بـ«هدية ترامب» إليهم، لا بل واعتبارها مسمومة أيضاً.

وسأل: «هل من استراتيجيةٍ فاعلة يمكن استشرافها، بغية دفع ترامب إلى التراجع؟ وهل فعلاً يمكن له أن يتراجع؟ وبالتالي، ما هي الاستراتيجيات التي قد تدفعه لفعل ذلك؟ وتابع شقير: «من المعروف بأنّ الكيان الصهيوني يعتمد دوماً على مبدأ «التعويض» الأميركي له، وعلى أعقاب كلّ تلك الملفات التي يصوّر الكيان نفسه بأنه «مقدّم للتنازلات»، وبما أنّ القرار الترامبي الأخير، لم يحد عن المبدأ الأميركي عينه، ألا وهو التعويض والذي كان هذه المرّة مدفوعاً برغبة ترامبية ملؤها الترجّي، بأن تكون هذه الهدية لنتنياهو، تعويضاً أميركياً لما فات كيانه من تطورات ميدانية في مشهدي العراق وسورية، فضلاً عن لبنان في ما خصّ محاربة الإرهاب، والإنخراط الأميركي القسري في مكافحته في بعض من الساحات التي انتشر فيها، وهذا الأمر كان محطّ انزعاجٍ ونحيب صهيوني على مدى السنوات المنصرمة، بحيث كان يأمل الكيان بأن لا تقصّر المدة الزمنية للحرب عليه، فضلاً عن انزعاجه الشديد من الجهات والأماكن الجغرافية التي تمّت وراثته فيها أيضاً، ومن جهةٍ أخرى فإنّ ترامب يأمل بأن يشكل قراره هديّةً قيّمةً للوبي الصهيوني ونتنياهو على حدّ سواء، توسلاً لطوق نجاة له لمواجهة أزماته الرئاسية المتلاحقة في الداخل والخارج أيضاً

عبد الهادي

في محور «دور الشعب الفلسطيني في إرغام ترامب على التراجع عن قراره»، لفت المسؤول السياسي لحركة «حماس في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي إلى أنّ القرار الأخير لترامب ما هو إلا جزء من مشروع لتصفية القضية الفلسطينية بما يعرف بـ «صفقة القرن»، ولم يكن هذا القرار ليصدر لولا البيئة داخل بعض الأنظمة العربية التي سمحت بصدور قرار ترامب، والذي يندرج في مسار عملية تغيير العدو في المنطقة، لذلك لا بدّ ان يكون لنا مشروعنا الاستراتيجي للمواجهة مع مسارات عمل، ضمن برامج وتكتيكات محددة نواجه بها.

وأشار عبد الهادي إلى أنّ استراتيجية حركة حماس التي تسعى إلى تحقيقها تقوم على:

ـ إطلاق الانتفاضة وتفعيل الهبّة الشعبية والعمل على تطويرها.

ـ تفعيل عمل المقاومة مع وجود إمكانات هائلة جداً، انطلاقاً من الضفة الغربية باتجاه الأراضي المحتلة منذ عام 1948.

ـ السعي لإنجاز الوحدة الوطنية، من خلال تفعيل الجهود لتحقيق المصالحة.

ـ التكاتف مع الهبّة الجماهيرية في العالم دعماً للقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.

ـ تأييد الخيارات السياسية التي تترجمها السلطة في مجلس الأمن والأمم المتحدة.

ـ التفاهم على مشروع وطني فلسطيني جامع أساسه المقاومة، والتمسك بالثوابت.

شريعت مدار

من جهته تحدث المستشار الثقافي للسفارة الإيرانية في بيروت الدكتور محمد مهدي شريعت مدار، في مداخلة له تحت عنوان «مبادرات إيران الثورة في لمّ شمل الأمة حول فلسطين وعاصمتها القدس الشريف»، فأكد أنّ قضية فلسطين هي العنوان الذي يحكم كلّ مجريات الأحداث في المنطقة، والمطلوب تحفيز قوى المقاومة والشعوب الحرة في العالم من أجل دعم هذه القضية، وعدم التلهي بقضايا تصرف الأمة عن المسار الصحيح والهدف الرئيسي المتمثل بفلسطين وعاصمتها القدس.

وأشار شريعت مدار الى أنّ «قرار ترامب الأخير لجهة اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، دليل جديد على أنّ الإدارة الأميركية لا يمكن التعويل عليها، وهذا ما كشفته الجمهورية الإسلامية منذ عهد الإمام الخميني قدس والتجارب كثيرة في هذا الخصوص .

وإذ أكد شريعت مدار أن «لا فرق بين رئيس أميركي وآخر، لأنّ الإدارة واحدة، أشار إلى أنّ الأحداث بينّت عدم جدوى أنصاف الحلول السلمية وأكثر من ذلك المرحلية، ما يؤكد على صحة الرؤية التي أطلقها الإمام الخميني للعمل مع الجماهير لتحقيق دورهم التاريخي، وخير دليل على ذلك تجربة المقاومة في لبنان وفلسطين ومؤخراً في اليمن، حيث تبيّن بالدليل القاطع أنّ المقاومة هي السبيل لتحقيق حرية الشعوب واستقلالها بعيداً عن منطفق التسويات».

وشدّد شريعت مدار على ضرورة إعادة البوصلة إلى قضية فلسطين المركزية وتوحيد الجهود من أجلها بعد أن انحرفت عن مسارها بفعل ما تعرّضت له المنطقة وفق مخطط أميركي صهيوني مرسوم بعناية لإسقاط فلسطين من المعادلة.

ودعا إلى عدم الوقوع في خطأ تشخيص العدو وافتعال الصراعات الجانبية، بحيث أصبحت «إسرائيل» صديقاً للبعض وإيران هي العدو عند هؤلاء».

وإذ دعا شريعت مدار الى توحيد صفوف الأمة، أكد على أنّ الدعم الإيراني لقوى المقاومة مستمرّ ولن ينقطع… فمشروع إيران هو العمل من أجل الدفاع عن القضايا العادلة ومنها القضية الفلسطينية، فالمقاومة والانتفاضة وقضية فلسطين هي من العوامل الرئيسية في جوهر الاستراتيجية الإيرانية مقابل العدو ومشاريعه الاستعمارية».

وختم شريعت مدار مؤكداً أنه لا يمكن القبول بأنصاف الحلول وأعلن رفض نتائج اتفاق أوسلو، وما يحكى عن تبادل للأراضي التي هي جميعها ملك لفلسطين وأبنائها، وبالتالي رفض مشروع الدولة اليهودية، مؤكداً على ضرورة رفض توطين الفلسطينيين خارج وطنهم الأمّ، كما دعا إلى رفض التطبيع والتأكيد على خيار الانتفاضة واعتماد نهج المقاومة، لأنه وحده الكفيل باستعادة فلسطين كاملة وعودة أبنائها عليها من منطلق التأكيد على حق العودة.

مداخلات

وتخلل الندوة عدد من المداخلات حيث أشار الوزير السابق د. طراد حمادة إلى أنّ مسار التسوية يصطدم دائماً بقضية القدس، لذلك فإنّ قرار ترامب هو محاولة لإزاحة قضية القدس للوصول إلى الصفقة الكبرى.

كما قدّم عدد من الحضور، مداخلات قيمة.

حمية

وفي حديث لـ «البناء» أشار رئيس معهد الدراسات الحاج محمد حمية، إلى أنّ عنوان الندوة «القدس مفتاح النصر الموعود»، هدفه تسليط الضوء على القدس وما ترمز اليه، وطبعاً القدس كلها، فنحن لا نتقبّل الطرح القائل بأنّ هناك قدساً شرقية وأخرى غربية. وللأسف الشديد بعض الدول العربية والإسلامية، أعطت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نصف شرعية، حين أعلنت تمسكها بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

وأكد أنّ الندوة أحاطت بجوانب أساسية ومهمة، وهناك جوانب أخرى ستتمّ الإضاءة عليها في ندوات قادمة، ونهدف من وراء ذلك إلى استخلاص جملة من التوصيات، تشدّد على خيار مقاومة الاحتلال والعدوان، وتركز على التمسك بالحق كاملاً دونما تجزئة، لأنّ تجزئة الحق الفلسطيني، هو في صلب الاستراتيجية الأميركية ـ الصهيونية الواحدة، وإنّ اتفاق «أوسلو» لم يؤسّس دولة فلسطينينة ذات سيادة، بل شكل صكّ اعتراف بكيان الاحتلال الصهيوني.

وختم حمية قائلاً: إنّ وظيفة مراكز ومعاهد دراسات ليست التأقلم مع مفاعيل مسارات سياسية تفرضها ظروف اختلال موازين القوى الدولية، بل الوظيفة الأساس لنا، هي تبيان الحق، والتمسك به، والحق كلّ الحق، أنّ القدس كلّ القدس لفلسطين، وأنّ فلسطين كلّ فلسطين لأهلها الفلسطينيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى