فلسطين تنتصر لإيران ولا وقع للأصوات النشاز!

صابرين دياب

كان الحدث الأخير في إيران لافتاً بمعانٍ عدة، لم تكن إيران للمتابع من الخارج، سوى دولة مزّقت العباءة الأميركية بعكس الدول التي استنامت على دور بُغاث الطير، المحمية من شعبها بمارينز الأسطولين الخامس والسادس والنجمة السداسية! إيران دولة تعتمد على ذاتها تنموياً، ضمن مدرسة يمكن ذكر نظائرها في روسيا من حيث التنمية رأسمالياً، وفنزويلا من حيث التنمية بدرجة من الحماية الشعبية.

أما إقليمياً ـ فتُعتبر إيران دولة لها دور إقليمي كبير، فقد رفضت الهيمنة الأميركية، سواء على ذاتها أو في جوارها العراق وسورية، وسياسياً ودينياً، فقد دعمت حزب الله والمقاومة الفلسطينية في مواجهة «إسرائيل»، وهنا مربط الفرس أو بيت القصيد، في تشديد الاستهداف ضدّها، بيد أنّ ثمة أمراً مهماً خلف هذا، لم تنتبه اليه ربما سوى قلة نادرة، بحسب أهمّ المحللين والمفكرين في الاقتصاد السياسي، بأنّ ثمة سؤالاً حول المسألة الطبقية في المجتمع الإيراني، بمعنى، هل التنمية الدولانية محمية من التفارق الطبقي إلى حدّ الفقر والاحتجاج؟ فهذا ما اتضح وراء الاحتجاجات التي حصلت مؤخراً، والتي في لحظتها الأولى فقط، تشابهت مع بعض الاحتجاجات في بلدان عربية، ولكنها اختلفت من حيث إنّ الثورة المضادة، فشلت في امتطاء ما حصل في إيران، مع أنها حاولت ذلك فوراً، مما يؤكد بأنّ الثورة المضادّة، كانت وراء تحريك أو دسّ جزء لا يُستهان به من المتحرّكين.

لعلّ أكثر المفارقات غرابة واستثناءً في الحالة الإيرانية، هي الزعم من غير الإيرانيين، بأنّ الحراك هناك كان رفضاً لدور إيران الإقليمي، أيّ مزاعم أميركا او السعودية والإمارات! هذا مع العلم أنّ أميركا تحترف التدخل في العالم كلّه بالنار والدم! كما أنّ السعوديين والإمارات يعتدون بمنهج داعشي ضدّ اليمن، وتغري ثم تهدّد فلسطينيين كي يبيعوا بعد أن بايعوا الشعب!

وإذا كان من المفهومية بمكان إدراك دوافع ثلاثي الثورة المضادة، الغرب ودولة الاحتلال والتوابع العرب، فما الذي يدفع فلسطينيين أو بعض الفلسطينيين إلى الوقوف ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران!؟ الفلسطينيون تحديداً؟ ولعلّ ما يحفّز البعض على هذا التساؤل -بالرغم من أنّ النسبة الأكبر من الشعب الفلسطيني تنتصر لإيران، أمران إثنان:

اولاً، صدور بيان من «مثقفين فلسطينيين» يهاجمون إيران ويدعمون الحراك، رغم اتضاح مؤداه إلى الارتباط بالأجنبي المشبوه! وهم يعلمون أيّ الطابور الخامس الفلسطيني – أكثر من غيرهم، بأنّ هاجس دولة الاحتلال الأعظم الذي يقضّ مضجعها، هو الجمهورية الإسلامية في إيران، الحليف الأصدق والأقوى للقضية الوطنية الفلسطينية، وقد سعى الاحتلال بكلّ إمكاناته لضرب استقرار الدولة الإيرانية منذ سقوط عميلهم الشاه عام 1979، وتدرك دولة الاحتلال والولايات المتحدة، أنهما لا تستطيعان ضرب إيران عسكرياً ومباشرة، ذلك أنّ الردّ الإيراني سيكون مدمّراً لدولة الاحتلال، فعملت على زعزعة أمنها داخلياً.. وهم قطعاً الطابور الخامس – لا يرون أو لا يريدون أن يروا الحقيقة، ويغمضون أعينهم عن متابعة وإشراف دولة الاحتلال بأجهزتها كلّها، الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والأمنية، لما يحصل في إيران ومحاولتها اقتناص الفرصة لزعزعة استقرار الدولة الإيرانية.

وقد كان رئيس حكومة دولة الاحتلال واضحاً منذ يومين، حين أعرب عن تضامنه مع الشعب الإيراني ضدّ الدولة، متمنياً لما أسماه «الثورة الإيرانية» الانتصار وإسقاط الدولة ونظامها الثوري!

والأمر الثاني: العلاقة بين السلطة الفلسطينية وبين السيدة مريم رجوي المعارضة في باريس!

ما هي إذن مصلحة كلّ من النخبة – القشرة السياسية الفلسطينية ضدّ إيران، والنخبة – القشرة الثقافية الفلسطينية ضدّ إيران!؟ ولا يقوم سؤالنا الاستنكاري هنا، فقط على الدور الهام لإيران لصالح المقاومة الفلسطينية، بل أيضاً على مدى منطقية ووجوب وضرورة أن يتخندق أيّ فلسطيني في المعسكر المضاد لقضيته الوطنية بل الوجودية! هذا ليس لبساً مبهماً، هذا فضيحة تعرّي هذه القشور وتكشفها أكثر، وتظهر مدى ابتعادها عن الشارع الفلسطيني!

وهنا لا بدّ من تأكيد حقيقة لا لبس فيها، أنّ من بين صفوف الشعب الفلسطيني، طوابير محدودة من المرتزقة، غير الآبهين بمصلحة الشعب الفلسطيني الوطنية وبمشروعه التحرّري، وهناك أيضاً بعض «القادة» الذين لا قواعد شعبية حقيقية لهم على الأرض. وهؤلاء المستسلمون لا صلة لهم بمفاهيم المقاومة الحقة ضدّ المحتل الصهيوني، أما السواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطيني، فإنه يرفع راية إيران الثورة منتصراً ومخلصاً لها، وهذه الإشارة لتذكير بعض مَن دغدغت تلك الأصوات الفلسطينية النشاز البعيدة عن الوجدان الفلسطيني العام، نفوس أعداء إيران الثورة الشقيقة من الأعراب ودول الملح، وقد سبقهم المحتلّ الصهيوني نفسه بالإدراك، أنّ استثمار تلك الأصوات الفلسطينية النشاز في إعلامه وتوظيفها في العمل على استقطاب دعم عربي لمشروعه في إيران، لن يجديا نفعاً ولا وقعاً، لأنه يدرك جيداً بأنّ إيران الثورة مغروسة في عمق أعماق الوجدان الفلسطيني..

إنّ الثورة الفلسطينية بقيادة دماء شهدائها، والسورية بقيادة أسدها، والثورة الإسلامية في إيران بقيادة مرشدها الأعلى، ثورة مستمرة، ومقاومة متواصلة ومنتصرة، ولن تُنكّس رايتها…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى