بيونغ يانغ تضع شرطاً للحوار مع سيول واشنطن ترحّب بتقليص بكين لتبادلها التجاري معها

شدّدت كوريا الشمالية على «ضرورة أن تلغي جارتها الجنوبية تماماً المناورات العسكرية السنوية المشتركة مع الولايات المتحدة بدلاً من تأجيلها».

وذكر موقع «أوريمينجوكيري» الخاص بالترويج الدعائي لسلطات كوريا الشمالية أمس، أنه «لا يمكن أن يجري الحوار ومحاكاة الحرب في آن واحد»، مطالباً واشنطن وسيول بـ «إلغاء مناورات فرخ النسر».

وتجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أعلنتا عن «تأجيل المناورات التقليدية في شبه الجزيرة الكورية والتي تزامن موعدها الأصلي في هذا العام مع الألعاب الأولمبية الشتوية المقرّر إجراؤها في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية في 9-25 شباط، لتليها الألعاب البارالمبية في 9-19 آذار».

وترى بيونغ يانغ في المناورات التي شارك فيها خلال السنوات الأخيرة ما بين 200 و300 ألف عسكري باستخدام الأسلحة الاستراتيجية الأميركية محاكاة للتدخل في أراضيها، وتتخذ إجراءات عسكرية مضادة تعتبرها واشنطن وسيول من جانبهما خطوة استفزازية.

وتأتي تصريحات بيونغ يانغ الأخيرة بعد ثلاثة أيام من عقد أول جولة من حوار رفيع المستوى بين الكوريتين خلال عامين، ما أسفر إلى إعادة إطلاق الخط الساخن وإجراء مشاورات لتخفيف التوتر عند الخط الفاصل بين الجارتين، فضلاً عن مشاركة كوريا الشمالية في الألعاب الأولمبية المقبلة.

من جهة أخرى، تعهّدت 17 دولة، من بينها الولايات المتحدة، أمس، في بيان مشترك، بـ «اعتراض كل السفن والشحنات التي تنتهك العقوبات ضد كوريا الشمالية».

وصدر البيان عن كل من «الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، كوريا الجنوبية، اليابان، أستراليا، الأرجنتين، كندا، الدنمارك، إيطاليا، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، بولندا، اليونان، سنغافورة».

وقالت هذه الدول في البيان، الذي نشرته الخارجية الأميركية، إنها «تؤكد سعيها للتمسك بالالتزامات، التي تحملتها»، متعهّدة بـ «تفتيش السفن المشبوهة في عُرض البحر بعد الحصول على إجازة من الدولة التي تبحر تحت علمها».

وقال البيان إنّ «الدول الموقعة على هذه الوثيقة ستقوم بذلك حال اشتباهها بأي سفن قد تخرق العقوبات ضد كوريا الشمالية»، مضيفة أن «الجهة المعترضة بإمكانها سحب السفينة المشبوهة إلى موانئها إذا لزم الأمر».

وأوضح البيان أنّ «الدول الموقعة على المعاهدة تتعهّد بمطالبة رعاياها والسفن التي تبحر حاملة أعلامها بالخضوع للتفتيش من دون معارضة»، مبينة أنها «ستتلف كل الشحنات، التي تنتهك العقوبات».

وأعلنت الدول الموقعة على الوثيقة أنها «ستحرم السفن، التي تنتهك شروط الوثيقة، من حق الإبحار تحت أعلام الدول الـ17»، لافتة أيضاً إلى أنها «ستمنع شحنات التصدير والإيراد البحرية من كوريا الشمالية وإليها».

وقالت الدول الـ17 إنها «أقرّت هذه الوثيقة تأكيداً على التزامها بقراري مجلس الأمن الدولي رقمَي 2375 و2397».

في سياق متصل، بعد انتقادات شديدة اللهجة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رحّب البيت الأبيض بـ «تقليص الصين تبادلها التجاري مع كوريا الشمالية».

وذكر المتحدّث باسم البيت الأبيض في بيان له «أنّ هذه الخطوة الإيجابية من قبل بكين تأتي دعماً للجهود المتخذة من قبل المجتمع الدولي بقيادة واشنطن بهدف ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على سلطات كوريا الشمالية، بغية إجبارها على الكف عن تجاربها غير المشروعة والمضي قدماً في جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية».

وجاء هذا البيان بعد إعلان المتحدّث باسم الإدارة العامة للجمارك الصينية هوان سون بين «أن التبادل التجاري بين بلاده وكوريا الشمالية تقلص في كانون الأول المنصرم بأكثر من 50 في المئة مقارنة مع معدلات العام الماضي».

وكان ترامب قد أعرب قبل أسبوعين عن خيبة أمله من الصين، بعد نشر وسائل الإعلام الكورية الجنوبية صوراً تظهر «تسليم سفن صينية كميات من النفط إلى أخرى تابعة لكوريا الشمالية في عرض البحر».

على صعيد آخر، كثفت كوريا الشمالية من أعمال الحفر داخل أحد أنفاق موقعها الرئيسي للتجارب النووية.

وقال موقع «38 نورث»، المتخصص التابع لجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، «إن ما يثبت صحة معلوماته، هو تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية، تظهر مزيداً من النشاط في موقع بونغيي – ري، حيث يمكن بشكل خاص رؤية عربات التعدين وحركة العمال، وزيادة كبيرة في أكوام التراب».

وأشار الموقع إلى أن: «هذه الأنشطة تعكس جهود كوريا الشمالية المستمرّة للحفاظ على قدرة موقع بونغيي – ري استعداداً لإجراء تجارب نووية محتملة في المستقبل».

وتعود هذه الصور إلى كانون الأول 2017، أي قبل أن يتخذ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بادرة انفتاح نادرة على كوريا الجنوبية.

ومنذ توليه السلطة في 2011، حققت كوريا الشمالية تقدماً سريعاً نحو تحقيق هدفها في تطوير صاروخ يمكن تجهيزه برأس نووي ويطال الأراضي الأميركية.

ومن غير المعروف ما إذا كانت بيونغ يانغ بالفعل قادرة على إطلاق صاروخ مجهّز بقنبلة نووية بوسعه الوصول إلى البر الأميركي، لكن تقدمها التكنولوجي والعسكري ساهم في تعزيز موقفها الدبلوماسي تحسباً لاحتمال استئناف المفاوضات السياسية.

تجدر الإشارة إلى أن التوتر تصاعد في شبه الجزيرة الكورية وكادت الحرب تندلع في النصف الثاني من العام الماضي، بسبب تبادل بيونغ يانغ وواشنطن تهديدات نارية، وذلك في ظل سلسلة تجارب صاروخية بالستية ناجحة نفذتها كوريا الشمالية.

ورداً على هذه التجارب، فرض مجلس الأمن الدولي على بيونغ يانغ عقوبات اقتصادية أكثر صرامة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى