الجيش السوري يُمسك مفاصل محافظات الشمال… والأتراك ينكفئون نحو الضغط على الأكراد المجلس المركزي الفلسطيني يكرّس خطّي التفاوض والمقاومة… في ظلّ مشروع ترامب

كتب المحرّر السياسي

خلال أسبوع من المواجهة في شمال سورية حاول الأتراك التلويح بقدرتهم على مقايضة معارك إدلب بمؤتمر سوتشي للحوار الوطني بين السوريين، لكن بدا أنّ التفاهم الروسي السوري الإيراني أكبر من الحسابات التركية، وكان الثبات العسكري في حركة الميدان والمواكبة الروسية جواً تعبيراً كافياً ليفهم الأتراك أنّ المماطلة في حسمهم وضع النصرة قد نقل المبادرة إلى الجيش السوري بعد نهاية الحرب على داعش، فصبّوا غضبهم على الجماعات الكردية بالقصف المدفعي، وهم يعلمون أنّ حركتهم العسكرية مقيّدة ولا فرص لعمل كبير مضمون النتائج في ظلّ موقف أميركي داعم للأكراد وإعلان عن بناء قوات سورية برعاية أميركية، وفي ظلّ التحضيرات لدعوة الأكراد للمشاركة في سوتشي.

عملياً، تثبيت معادلة إمساك الجيش السوري والحلفاء بزمام المبادرة على مفاصل الحدود الإدارية للمحافظات الثلاث، إدلب وحماة وحلب، حيث على أطرافها تدور مواجهات يتقدّم عبرها الجيش السوري، بما يفتح الطريق لتقطيع أوصال المناطق الخاضعة لسيطرة النصرة والفصائل المتعاونة معها.

فلسطينياً، كان انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني وكلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الحدث المتوقع لتحديد فرص الوحدة الوطنية بين خطين متباينين تاريخياً في التعامل مع القضية الفلطسينية، في ظلّ إشارات سابقة بأنّ مراجعة خط التفاوض ومسار أوسلو ستظهر في كلمة الرئيس الفلسطيني، وأنّ هناك فرصة للتشارك بخطاب سياسي فلسطيني موحّد عنوانه سحب الاعتراف بـ «إسرائيل»، والتمسك بخط المواجهة بديلاً من خط التفاوض، وجاءت مقاطعة حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة للمجلس المركزي علامة على وجود تباينات كبيرة لا تزال تعيق فرص التفاهم بين الفصائل المقاومة والرئاسة الفلسطينية، ليأتي خطاب عباس في المجلس المركزي إثباتاً على بقاء الانقسام السياسي بين خط التفاوض الذي أعاد تثبيته عباس متمسّكاً بشروط سلام وفق الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، والبحث عن راعٍ للتفاوض غير الأميركي منفرداً، وآمال قوى المقاومة بفرص للوحدة مع قيادة عباس ثبت أنها خلاف الواقع، وأنّ فرصها معدومة.

«العمل منفردين» يبدو هو شعار المرحلة بين مواجهة سلمية تحدّث عنها عباس لقرار ترامب، ومواجهة مفتوحة شعبياً وعسكرياً تتمسك بها قوى المقاومة، دون تصادم الخيارين، بل محاولة كلّ منهما توظيف الآخر لحسابه.

ربط النزاع رغم الخيبة من مواقف عباس، يبدو هو خيار قوى المقاومة، كما قالت مصادر فلسطينية بارزة في خيار المقاومة، لأنّ قوى المقاومة تقرأ أنّ التناقض هو مع الاحتلال وداعميه، وأنّ التباين الداخلي لا يجوز أن يتقدّم على الصراع مع العدو.

لبنانياً، شكّلت العملية الأمنية التي استهدفت صيدا، عبر تفجير سيارة أحد كوادر حركة حماس في المدينة، موضعاً انشغلت به الأوساط السياسية والأمنية لقراءة خلفياته وأبعاده التي أجمع المعنيون على وضعه في خانة المساعي «الإسرائيلية» للعبث بالأمن الداخلي اللبناني والفلسطيني وتوجيه الرسائل المتعدّدة، بينما ينتظر اللبنانيون موقف رئيس الحكومة سعد الحريري بعد تشاوره مع رئيس الجمهورية ميشال عون حول ما قال النائب وائل أبو فاعور إنه الحلّ الذي اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري لقضية مرسوم الأقدمية، ونقله أبو فاعور للحريري ونقل عنه تفاعله معه إيجاباً.

رسائل أمنية وسياسية في تفجير صيدا!

فيما كانت الساحة السياسية تتنفس الصعداء في عطلة نهاية الأسبوع واستراحة محارب يستجمع فيها المتبارزون قواهم وأسلحتهم السياسية والدستورية والانتخابية استعداداً لاستئناف الكباش على أزمة مرسوم أقدمية الضباط ومواصلة الاشتباك الكهربائي وولوج المعركة الانتخابية التي بدأت معالمها تتضح ترشيحاً وتحالفات الى جانب الإصلاحات في القانون العتيد، عاد الأمن الى الواجهة مجدداً من بوابة الجنوب صيدا التي هزّها تفجير سيارة مفخّخة استهدف محمد حمدان، أحد كوادر حركة حماس في لبنان التي سارعت الى اتهام الكيان الصهيوني، بهدف نقل المعركة من قلب كيانه الى الخارج.

وفي التفاصيل، بحسب بيان قيادة الجيش أنه «بتاريخه حوالى الساعة 12.00، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة نوع BMW فضية اللون في محلة البستان الكبير – صيدا، ما أدّى إلى إصابة صاحبها الفلسطيني محمد حمدان. وقد فرضت قوى الجيش المنتشرة في المنطقة طوقاً أمنياً حول المكان، كما حضر الخبير العسكري وباشر الكشف على موقع الانفجار لتحديد حجمه وطبيعته».

وأشارت المصادر الى أن زنة العبوة قُدِرت بنحو 500 غرام من المواد المتفجّرة وتمّ وضعها تحت مقعد السائق الذي نجا بأعجوبة وزوجته، وقد أصيب حمدان إصابة طفيفة برجليه ونُقل الى مركز لبيب الطبي في صيدا وحالته مستقرة، بينما تزامن التفجير مع تحليق طائرة استطلاع «إسرائيلية» في سماء المنطقة. وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية أوقفت ناطور المبنى الذي يقطن فيه حمدان على ذمة التحقيق، وأنّه تمّ تفجير العبوة عن بُعد من مكان قريب للمبنى وإما من الجو».

وقد حمل التفجير أكثر من رسالة أمنية وسياسية، وأشارت مصادر مطلعة على صلة بالمقاومة الفلسطينية لـ «البناء» الى أن «الكادر الحمساوي مكلف بمهة سرية لها علاقة بالداخل الفلسطيني وتطوير قدرات المقاومة في فلسطين، وتحديداً تطوير صناعة واستعمال المتفجرات»، وذكرت المصادر بالاغتيالات التي نفذتها «إسرائيل» لقيادات من المقاومة الإسلامية في لبنان والمقاومة الفلسطينية كالشهيد غالب عوالي والشهيد علي صالح والقيادي محمود المبحوح لعلاقتهم المباشرة بتطوير القدرات الصاروخية للمقاومة».

وقالت مصادر أمنية لـ «البناء» إن «التفجير ليس المحاولة الاسرائيلية الأولى، بل جاء بعد سلسلة فشل مُنيت بها الاستخبارات الاسرائيلية في صيدا بعد كشف خلايا لها لا سيما عملاء للموساد في محاولة اغتيال النائب بهية الحريري منذ أسابيع قليلة، لذلك كانت اسرائيل تحتاج الى عملية أمنية ناجحة لتأكيد حضورها وفعاليتها في الداخل اللبناني والتأكيد بأن يدها تطال في عمق جغرافيا المقاومة اللبنانية الفلسطينية في صيدا».

وربطت مصادر فلسطينية بين التفجير وبين ما يجري في القدس من انتفاضة فلسطينية دخلت شهرها الثاني مع شعور قيادة الاحتلال وجبهته الداخلية بالحصار والتهديد الأمني المباشر للمدن الفلسطينية المحتلة، فيحاول ضرب الأمن الداخلي اللبناني والفلسطيني بعد الحالة الفلسطينية الموحّدة المتشكلة لجميع الفصائل والحاضنة اللبنانية لها، لا سيما أن لبنان يشكل إحدى القواعد الخلفية والمركزية الأساسية لتحريك ودعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين».

وأشارت المصادر لـ«البناء» الى توقيت العملية التي جاءت بعد أقل من أسبوعين من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن لقاءات يعقدها من ممثلين عن مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية للتنسيق والاستعداد الميداني للحرب المقبلة مع «اسرائيل»، كما تأتي بعد إطلالات إعلامية متعدّدة لمسؤولين في حماس في غزة ولبنان حملت تهديدات تصعيدية الى كيان العدو.

ولفتت المصادر الى «محاولات إيقاع الشرخ والفتنة بين الفصائل الفلسطينية لاستدراج مخيم عين الحلوة الى صراعٍ فلسطيني فلسطيني وفلسطيني – لبناني بما يخدم المصلحة الاسرائيلية ويضرب الوحدة الفلسطينية الداخلية ويحرف الأنظار عن قضية القدس والحقوق الفلسطينية وعما يجري في فلسطين».

وقد اتهمت حركة حماس في بيان العدو «الاسرائيلي» بالتفجير، وأشار مسؤول الحركة في لبنان علي بركة لـ«البناء» إلى أن «حركة حماس ستبقى في عملها المقاوم داخل فلسطين وستعمل على تصعيد الانتفاضة في كافة المدن المحتلة في وجه الاحتلال، ولن تنجرّ الى معارك خارج الاراضي المحتلة، كما أنها تحترم سيادة جميع الدول العربية»، كما شدّد بركة على أن «حركة حماس ستبقى متسمكة بخيار المقاومة ولن تثنيها حرب الاغتيالات الأمنية التي يشنها الاحتلال عن المضي في المقاومة ولا في التحالف والتنسيق مع المقاومة في لبنان والقوى والدول الداعمة للمقاومة».

أزمة المرسوم تنتظر عودة الحريري

وفيما راوحت أزمة مرسوم أقدمية الضباط مكانها من دون أي تقدّم إيجابي، تترقب الأوساط السياسية عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من الخارج، لإطلاع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وجدّد مستشار الحريري الوزير غطاس خوري التأكيد بأن «الأجواء إيجابية وأن الأزمة آيلة الى الحل»، أوضح عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور في حديث تلفزيوني، أن «رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري كان متجاوباً مع طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن مرسوم الأقدمية ورأيه كان أيجابياً».

وفي وقت لفتت مصادر عين التينة إلى أن «الرئيس برّي ينتظر ردّ رئيس الجمهورية إزاء مبادرته، أشارت مصادر التيار الوطني الحر الى أن «المبادرة قابلة للدرس لدى بعبدا، لكن لم تطّلع على مضمونها بعد، لكن أيّ حل يجب أن يراعي الأصول الدستورية والقانونية ومقام رئاسة الجمهورية وآلية توقيع المراسيم».

باسيل للسعودية: زمن تدخلكم انتهى…

أما البارز انتخابياً، الى جانب تصاعد الخلاف والاتهامات المتبادلة حول إصلاحات قانون الانتخاب بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، هو تحذير وزير الخارجية جبران باسيل سفراء الدول في لبنان من التدخل في الاستحقاق الانتخابي، وأشار باسيل الى أن «التحرّكات الخارجية بدأت للتدخل في انتخاباتنا النيابية»، مشدّداً على أن «هذا الزمن انتهى، اليوم اللبنانيون هم مَن يختارون ممثليهم وليس السفراء».

وأشار خلال جولة له في عكار، الى أن «كل العاملين في المجال الدبلوماسي يجب أن يلزموا حدودهم وتدخّل السفراء بالحياة السياسية الداخلية ممنوع». وفي اشارة الى المملكة العربية السعودية أكد باسيل أن «لبنان حريص على أن لا يكون بمحور وبخصومة مع أي دولة لنا معها علاقات طيبة»، مشيراً الى «أننا لا نريد أي خلل أو تدخلات هي ممنوعة دولياً».

وأضاف باسيل: «لأن الدول لم تتدخّل ولم نسمح لهم بالتدخل في انتخابنا رئيساً للجمهورية وألفنا حكومة بإرادة اللبنانيين وتوصلنا الى قانون انتخابي جديد، هكذا سننتخب مجلس النواب الجديد».

كلام رئيس التيار الوطني الحر أثار استياء حركة أمل، فردّت عبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي الذي أشار في بيان مخاطباً باسيل: الى أن «لبنان واللبنانيين يحتملون إنجاز ا نتخابات النيابية بالسيناريو نفسه الذي أنجزتم فيه استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية! بعد شغور رئاسي استمر لسنتين ونصف».

وأضاف بزي: «لقد تصدّيتم لكل اإصلاحات التي قدمت من أجل تحسين هذا القانون الذي استغرقت دراسته أكثر من عشر سنوات، فلماذا معاليك وبعد ما خلطت «الدبس بالطحينة جئت تطالب اليوم وبعد فوات اأوان بفصل الطحينة عن الدبس؟».

على صعيد انتخابي آخر، بدأت المعركة الانتخابية في طرابلس تطل برأسها من بوابة قضية محاولة اغتيال الوزير السابق أشرف ريفي، حيث أثبتت التحقيقات بحسب بيان قوى الأمن الداخلي بأنها مفبركة من قبل مرافق ريفي عمر البحر من خلال تكليفه شخصين من المقرّبين منه تم تحديد هويتهما للقيام بإطلاق النار على سيارته لاتهام ضابط في شعبة المعلومات.

وفي وقتٍ أشارت مصادر إلى توقيت استحضار قوى الأمن هذه القضية على أبواب الانتخابات النيابية، وضعت المصادر إعادة فتح الملف في خانة الصراع الانتخابي والسياسي والإعلامي الذي سيستعر أكثر حتى موعد الانتخابات بين تيار المستقبل واللواء ريفي، مشيرة الى أن «نتائج التحقيقات ستؤثر سلباً على ريفي والتعاطف الشعبي معه في المدينة»، مرجّحة أن يشنّ ريفي حملة مضادة على شعبة المعلومات وقوى الأمن الداخلي وتيار المستقبل في سياق زج جميع أوراقه الانتخابية في الميدان لكسب الرأي العام الطرابلسي في دائرة تُعدّ من الدوائر المعقدة والصعبة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى