إعلان أميركي عن حزام أمنيّ كرديّ… وموسكو ودمشق تعلنان المواجهة مع خطر التقسيم أردوغان يتوعّد عفرين… ومصادر تركيّة وكرديّة تشير لحلّ وسط بتسليمها للجيش السوريّ

كتب المحرّر السياسي

خطف الكلام الأميركي عن إعداد وتسليح جيش بقيادة الأكراد لتشكيل حزام أمن حدودي لسورية، الأضواء عن معارك إدلب التي كان الأتراك قد رفعوها إلى مرتبة الأولوية مهدّدين بقلب الطاولة في تفاهمات أستانة، ما لم تتوقف هجمات الجيش السوري، ليتبدّل الخطاب التركي فجأة بصورة أظهرت خفة القيادة التركية وعدم مواكبتها ما يجري على الحدود. وفجأة صار الحديث التركي عن عبث أميركي بالأمن القومي التركي سيردّ عليه بالقوة. وبدأ الرئيس التركي بالحديث عن السحق وعن التدمير، ملوّحاً بيده، وهو يقول: إنّ عفرين ستدفع الثمن.

موسكو ودمشق حذّرتا من العبث الأميركي بمفاهيم السيادة السورية عبر استغلال الوجود الأميركي الذي فقد مبرّراته الشكلية مع نهاية الحرب على داعش وصار انتهاكاً صارخاً لسيادة سورية، ومصدراً للخطر على وحدتها باعتماد تسليح وتدريب جيش انفصالي، وأبدى كلٌّ من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية السوري وليد المعلم الخشية من التصرّف الأميركي الأحادي والمنتهِك للسيادة السورية والمهدّد وحدتها الوطنية، فيما أكدت دمشق التعامل مع الوجود الأميركي العسكري فوق أراضيها كوجود غير شرعي واحتلال أجنبي ينتهك السيادة الوطنية السورية.

بين أنقرة والقامشلي تصاعد التوتر مع إعلان تركيا عزمها دخول قواتها إلى مدينة عفرين الكردية الواقعة غرب نهر الفرات خارج المظلة الأميركية. ومع الأنباء عن الحشود التركية الآلية التي قطعت خط الحدود، بينما الأتراك قلقون من القتال الكردي الاستبسالي الذي ستشهده أيّ محاولة تركية لدخول عفرين، تداولت مصادر تركية وكردية معلومات عن مساعٍ يجريها وسطاء للتوافق على تفادي أخطار المواجهة بتسليم المدينة الواقعة بيد الميليشيات الكردية إلى الجيش السوري، ولم تصل هذه المشاورات إلى نتيجة نهائية، وفقاً لكلام صالح مسلم زعيم الميليشيات الكردية الذي قال في وقت متأخر من ليل أمس، لم تُعرَض علينا بعد صيغة محدّدة لحماية عفرين.

لبنانياً، تتزاحم الخلافات السياسية والرئاسية مع محاولات الترميم، فعلى محور بعبدا ـ عين التينة الرؤية غائبة والضباب كثيف، وعلى جبهة معراب ـ الرابية لا عبور بغير السلاسل المعدنية رغم المحاولات المستمرة لفتح الطرق وتذويب الجليد، أما على جبهة بيت الوسط معراب فهبّة ثلج وهبّة نار، رغم تفاؤل الخوري غطاس.

المراسيم الى الأدراج؟

في حين وُضِعت أزمة مراسيم الأقدمية والترقيات في مدار انتظار تشاور رئيسَيْ الجمهورية والحكومة في اقتراح رئيس المجلس النيابي الموجود في طهران، دخلت البلاد «كوما» الانتخابات النيابية مع الاتضاح التدريجي لمشهد الترشيحات والتحالفات ولمعالم الدوائر التي ستشهد معارك انتخابية طاحنة، بينما تتجه الأنظار مجدّداً الى الضاحية الجنوبية، حيث يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمة عصر الجمعة المقبل.

وإذ تُكثّف القوى السياسية لقاءاتها لإعادة إحياء العلاقات البينية قبيل حسم ترشيحاتها وتحالفاتها، لم يتّسِع جدول أعمال رئيس الحكومة سعد الحريري لأزمة المراسيم إذ دخل بدوره في «كوما» التحضير لمؤتمر باريس الذي تُقدَّر قيمة الدعم المتوقّع منه بـ 16 مليار دولار، قبل أن يغادر في زيارة الى السعودية الأسبوع المقبل، وسط ترجيحات بأن تنام مراسيم الضباط في أدراج رئاسة الحكومة الى ما بعد الاستحقاق النيابي إذا لم يُصَر الى إيجاد الحلّ هذا الأسبوع، حيث من المتوقع أن يزور الحريري الرئيس ميشال عون خلال أيام، أو عقد خلوة معه قبيل انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل في بعبدا لإطلاعه على اقتراح عين التينة الذي حمله موفد رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى الحريري.

ومن إيران، أكد الرئيس بري الذي يشارك في مؤتمر اتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي، «أنني «تقدّمت باقتراح أعتقد بأنه مفيد للجميع وللبنان ولا يضرّ أيّ شخص ولا يعطي غلبة لأحد وآمل أن يُقبَل وفي حال عدم القبول أجد صعوبة».

وفي وقتٍ يلتقي رئيس الجمهورية اليوم، أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في لبنان في اللقاء السنوي التقليدي لتبادل التهاني بالسنة الجديدة، والذي يتميّز بتبادل الكلمات بين عميد السلك الدبلوماسي ورئيس الجمهورية، توقعت مصادر أن لا يتطرّق رئيس الجمهورية إلى موضوع المرسوم بعد حسم موقفه في بيان مكتبه الإعلامي الأسبوع الماضي، لكن المصادر لفتت الى أنّ «موقفه لا يمنع من دراسة الاقتراح والموافقة عليه إنْ لم يكن يخالف القوانين»، غير أنّ مصادر مطلعة استبعدت أن يلقى اقتراح الرئيس بري السلة الواحدة قبولاً لدى بعبدا، مشيرة لـ«البناء» إلى أنّ «إصدار مرسوم جديد وجمع المرسومين بمرسوم واحد يعني إلغاء المرسوم الأوّل وإبطال توقيعَي رئيسي الجمهورية والحكومة لمصلحة توقيع وزير المال، الأمر غير المقبول بروتوكولياً ولا يراعي الأصول وآليات تواقيع المراسيم، الى جانب أنه سيشكل سابقة قد تربط قانونية ودستورية وتنفيذ المراسيم بتوقيع وزير المال وبالتالي عرقلة عمل المؤسسات الدستورية». وتوقعت المصادر أن «يطول أمد الأزمة، إذ لا حلول في الأفق والحلّ الوحيد هو الرجوع إلى القضاء للاحتكام إليه وفض الخلاف».

لقاء المصارحة قبل المصافحة

في غضون ذلك، وبعد زيارة عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان إلى معراب منذ أيام ولقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، استمرّت المساعي التي يبذلها التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» لإنقاذ اتفاق المصالحة، بعد التدهور المتسارع للعلاقة بينهما عقب موقف «القوات» من أزمة احتجاز الرئيس الحريري في السعودية، وتُوّجت المساعي أمس، بلقاء رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل ووزير الإعلام ملحم رياشي بحضور النائب كنعان في مركز التيار في سنتر ميرنا الشالوحي في سن الفيل.

وأشارت أوساط مطلعة لـ «البناء» الى أنّ «اللقاء لا علاقة له بالانتخابات النيابية، بل يهدف الى إنقاذ الاتفاق بين «القوات» «والتيار» من الانهيار بعد أن بلغت العلاقة أسوأ مراحلها السلبية في أزمة الحريري». ولفتت المصادر الى «تبدّل موقف التيار الوطني الحر من اتهام الوزير باسيل للقوات بالتآمر على الحريري وعلى العهد وتهديده بإعادة النظر في هذه العلاقة المستقبلية بينهما، الى الدفع لإعادة العلاقة الى طبيعتها»، كاشفة أنّ مردّ ذلك يعود إلى تطوّر علاقة «القوات» وتيار المستقبل من القطيعة الى إعادة إحياء العلاقة تمهيداً للتحالف في الانتخابات النيابية بضغطٍ سعودي، ومن جهة ثانية تراجع الحريري عن بقّ البحصة في وجه «القوات»، إذ لا يريد «التيار الحر» بحسب المصادر أن «يصعّد ضدّ القوات ويخرج من الأزمة الخاسر الوحيد، وتنعكس عليه سلباً في الساحة المسيحية، فيما المستقبل المتضرّر الأوّل من موقف جعجع يعود الى ترميم العلاقة مع القوات!»

ولفتت المصادر الى أنّ «هذه اللقاءات تمهّد للقاء جعجع باسيل، لكن لم تنضج الظروف بعد إذ تحتاج الى لقاءات لاحقة للمصارحة لتعزيز وتثبيت المصالحة قبل المصافحة»، وتساءلت: «لو نضجت الظروف لكان عُقد اللقاء».

وإذ أشارت مصادر إعلامية الى أنّ «جعجع طلب مراجعة المرحلة السابقة مع التيار ولا سيما طريقة معاملة التيار للقوات ، إنْ كان في الحكومة أو إعلامياً وسياسياً بعد أزمة الحريري»، أكد رياشي بعد اللقاء أنّ «هذه الزيارة أتت استكمالاً لزيارة معراب والمواضيع ستُستكمل لحماية المصالحة بعيداً من الخلافات». ولفت إلى أنّ «باسيل أكد على العلاقة مع القوات وأصرّ على المشاركة والتوازن وستكون هناك متابعة حول الملفات العالقة وعدم تحويل الاختلاف إلى خلاف، ولا يزال الحديث مبكراً عن أيّ تحالف في الانتخابات»، مؤكداً أنّ «المواضيع بحاجة لبحث في العمق لحماية المصالحة». وأشار إلى أننا «متمسّكون بالمصالحة المسيحية المسيحية بالقوة والفعل نفسهما».

بدوره لفت كنعان الى أنّ «بين «التيار» و»القوات» «يمكن أن تحدث خلافات، لكن هناك إرادة لمعالجتها كي لا تؤثّر على المصالحة»، مشدّداً على أن «لا عودة إلى الوراء في العلاقة بين «التيار» و»القوات»، ونحن نلتقي لنعالج أيّ خلل، وما حصل بين الرابية ومعراب مستمرّ، و المصالحة المسيحية – المسيحية أيضاً»، منوّهاً إلى أنّ «البحث جارٍ في الملفات الخلافية كلّها».

أما على خط «القوات» – «المستقبل» فكشف وزير الثقافة غطاس خوري عن مساعٍ لعقد لقاء بين الحريري وجعجع ، لكنه يحتاج إلى عمل، مشيراً الى أنّ «العلاقات بين القوات اللبنانية والمستقبل كانت منقطعة، ولكن لا يمكن أن تحصل قطيعة بين الجانبين»، لافتاً إلى أنّه «كان هناك غسل للقلوب بين الجهتين ولا يمكن لأي شخص أن ينتقل إلى مرحلة المصالحة من دون مصارحة والتي هي موجودة وتؤسس لمرحلة جديدة».

تحالفات «التيار» على «القطعة» باستثناء «المستقبل» و»الحزب»

وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن تحالفات «التيار» لم تُحسم بعد، ومتوقع أن يُعلن عنها في جميع الدوائر ابتداء من شهر شباط المقبل، ولفتت الى أنّ قانون الانتخاب يحتّم على «التيار» حسم التحالفات بحسب كلّ دائرة انتخابية وظروفها وحجمه الانتخابي فيها باستثناء التحالف الثابت مع حزب الله وتيار المستقبل أما مع القوات، فأشارت الى أنّ طبيعة الدائرة تحكم، ففي دائرة كسروان جبيل مثلاً لا تحالف مع القوات، ولا في دائرة بيروت الأولى، ومع حركة أمل أشارت الى أنّ استمرار الأزمة بين الرئيسين عون وبري حول مرسوم الأقدمية سينعكس سلباً على التحالف الانتخابي بين «التيار» و«أمل»، لكنها أشارت الى أنه سيُصار الى ادارة الخلاف بين الحلفاء بالتنسيق مع حزب الله في الدوائر التي فيها وجود مشترك للقوى الثلاث».

السعودية تجمع حلفاءها للمواجهة؟

وفيما حذّر وزير الخارجية أمس الأول، سفراء الدول من التدخل في الانتخابات النيابية، ووسط معلومات عن خطة سعودية لإعادة تجميع قوى 14 آذار في تحالف جبهة انتخابية واحدة لمواجهة حزب الله، برزت زيارة السفير السعودي الجديد وليد اليعقوب الى بكفيا أمس، حيث التقى الرئيس أمين الجميّل ما يؤشر الى انطلاق الحراك السعودي لتحقيق هذا الهدف، وفي خطوة قد تُعيد مشهد الانقسام الداخلي حول مبدأ النأي بالنفس وتضع الحكومة اللبنانية، والحريري تحديداً مجدّداً، في وضع مُحرج مع السعودية، تسلّم الوزير باسيل من السفير السعودي في لبنان دعوة للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي يُعقد في جدّة في 21 كانون الثاني الحالي في شأن إطلاق الحوثيين صاروخاً بالستياً على مدينة الرياض.

وقد برزت مشاركة الحريري أمس، في وضع الحجر الأساس للمبنى الجديد لسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في بيروت، في ظل تضارب المعلومات حول دور الإمارات في أزمة الحريري أو لجهة دورها في التسوية الفرنسية لعودته الى لبنان، وأكد في كلمة له على «النأي بالنفس وعلى أن لبنان بلد يستقطب كل العرب، ونريد أن يكون منبراً للحريات وللاقتصاد والسياحة، وأن نحافظ على علاقاتنا الصديقة مع كل الدول العربية».

وكندا تحذّر… روتينياً!

أمنياً، وبعد أقلّ من 24 ساعة على تفجير صيدا، وفيما تُجمِع الأجهزة الأمنية اللبنانية على استقرار الوضع الأمني في لبنان وتقلص خطر الإرهاب الى الحدّ الأدنى، دعت السفارة الكندية في بيروت رعاياها للحذر بسبب وجود تهديدات أمنية وخطر تنفيذ هجوم إرهابي في ضواحي بيروت الجنوبية. والمناطق التي حذّرت منها السفارة هي الشياح، برج البراجنة، الغبيري ، حارة حريك، بئر حسن والليلكي، طريق الجديدة والرويس.

كما وحذّرت وزارة الخارجية الكندية في بيان رعاياها من السفر إلى لبنان جراء الظروف الأمنية التي لا يمكن التنبؤ بها وخطر وقوع أعمال إرهابية.

وحدّدت الوزارة على موقعها الإلكتروني مجموعة من المناطق دعت الكنديين إلى عدم التجول فيها تخوفاً من وقوع اعتداءات إرهابية.

وبعد قليل من انتشار التعميم، تردّد في مواقع التواصل الاجتماعي نفي صادر عبر إحدى القنوات التلفزيونية لتعميم السفارة الكندية. وصرّحت مصادر عليمة في السفارة الكندية أن «التحذير الذي تمّ تداوله على مواقع التواصل روتيني ولا تحذير جديد أو طارئ اليوم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى