«بيروت».. إنتاج هوليوودي برقابة «إسرائيلية» على أفلام الشرق الأوسط

روزانا رمّال

في ذكرى الحرب الأهلية التي اندلعت بأيادٍ «إسرائيلية» صرفة من المتوقع أن يُطلق في صالات السينما فيلمٌ بعنوان «بيروت» بدون أي زيادة أو إضافة على العنوان لجهة توصيف قصة او ما يشبه ذلك. انطلاقاً من تعميم الإسم وإلصاقه بعاصمة الجمهورية اللبنانية وما وراء ذلك من طبع صورة في الأذهان عن هذه العاصمة تبدأ «المهمة» الأمنية والاستخبارية البعيدة كل البعد عن العمل الفني في هذا المنتج.

وزارة الثقافة بشخص الوزير غطاس خوري انتفضت على فيلم للمخرج «براد أندرسون» يدور حسب الإعلان الترويجي بمدينة مدمّرة اسمها بيروت مدينة مشؤومة ومظلمة خلال العام 1982. وهو العام الذي يقترن بطبيعة الحال بالاجتياح «الإسرائيلي». الفيلم تمّ تصويره في المغرب ولا يشبه كل ما جاء في إعلانه الترويجي شيئاً عن لبنان واللبنانيين في تشويه متعمد للثقافة واللياقة واللباقة التي يتمتع بها اللبناني عن باقي دول الشرق الأوسط إضافة إلى قيم العيش المشترك وجمال الصورة والهيئة ليحل مكانها تخلّف وجهل. ولا أي لبناني في الفيلم ولا أي استشاري او مؤرخ لبناني تم التواصل معه ولا أي دور أو مرجعية لبنانية مسؤولة عن ذلك.

إنتاج خارج عن الأصول والأسس «المهنية». وهذا «لا يحصل» في هوليوود إلا لدواعٍ سياسية او اضطرارية. فجزء من الحرفية لا يزال هو ما يميّز الكتّاب والمنتجين الغرب، لكن هذا يتوقف عندما يتعلّق الأمر بأي ملف سياسي او قضية شرق اوسطية، لأن هوليوود المملوكة من منتجين اميركيين وإسرائيليين حريصة على إنتاج كل ما من شأنه «تعزيز» موقع «إسرائيل» وصورتها لهذا السبب»، لم ولن يتمّ إنتاج أي فيلم شرق أوسطي فيه محاسن منطقتنا وأهلها أو شعبها، بل إن التركيز فقط على أمور أساسية لتبرير «مظلومية» تعيشها «إسرائيل»، وهي:

أولاً: إن «إسرائيل» تعيش في دائرة التخلّف وجيرانها يشكلون خطراً ثقافياً ونفسياً عليها.

ثانياً: إن أحداً من جيرانها لا يعيش ضمن إطار الوحدة الوطنية او العيش المشترك وإن هذه الوحدة مستحيلة بين الطوائف المتعددة بالمنطقة المتناحرة دائماً، لهذا السبب، فإن «التقسيم» على أسس دينية هو الحل الأمثل. وهذا تبرير لمشروع التقسيم الذي سعت اليه «إسرائيل» من اجل تهويد القدس. وهو منطق عنصري وحلم «إسرائيلي» قديم والمحاولات انكشفت في مساعٍ لدولة كردية ومشروع دولة علوية ودرزية وسنية وغيرها من رحم الأزمتين العراقية والسورية.

ثالثاً: إن الوضع الذي يشرح تخلف «جيران» «إسرائيل» مع التحفظ على كلمة «جيران» يجعل «إسرائيل» دائماً في دائرة «المظلومية» التي تطلب الرعاية والدعم الدائمين وبالتالي فإن ظروفها الصعبة التي تحيط بها تجعل رعايتها واجبة من مؤيدي المشروع، بدلاً من صورة التوحش التي تظهر به دائماً فتتفوق المظلومية على الوحشية، بل تصبح الوحشية هي نتاج الظروف ومكافحة للتخلف الذي تعاني منه شعوب المنطقة.

رابعاً: لبنان الذي ينافس «إسرائيل» في الشرق الاوسط هو قبلة للجمال والاستقرار، إذا لم تتعمّد «إسرائيل» فتح ازمات اهلية محلية او شن حرب عليه وبالتالي فان «بيروت» سويسرا الشرق هي فعلاً كذلك في كل يوم من الاستقرار يمر عليها وبالتالي فإن السياحة والاستثمار العربي والاوروبي والأجنبي يتهافت الى بيروت ويساعد بتعزيز موقعها كلما كان الوضع الأمني سليماً، لهذا السبب ولأن بيروت منافسة كبرى وأجمل عواصم المنطقة وأكثرها جذباً فإن تشويه صورتها هو مصلحة لجهات كثيرة «إسرائيلية» وليس فقط «إسرائيلية».

شهادات كبار الممثلين تتحدّث عن فرص أكبر لكل فنان يعتنق اليهودية، وبالتحديد يؤيد الصهيونية وقيام دولة «إسرائيل» على عكس أولئك الذين لا يؤيّدون مشروعها فتتم «محاربتهم».

ويتعمد الصهاينة الذين يسيطرون على جزء كبير من إنتاج هوليوود على محاربة كل مَن يخالف سياستهم أو أفعالهم أو مشروعهم في الشرق الاوسط.

الشهير مارلون براندو مثلاً عام 1996، دفع ثمن تصريحاته حول سيطرة الصهيونية على هوليوود ولا يزال يقدّم الأعذار والتبريرات مراراً حتى اللحظة لكسر القيود التي فرضت عليه في هوليوود. كذلك الأمر للمخرج أوليفر ستون المصنف عدو السامية.

مثال أساسي اسم الأخوين وارنر او warner brothers مؤسسي شركات الأفلام الضخمة في هوليوود وهم مؤيدان للصهيونية وكتاب يحكي حياة مؤسسي هوليوود اسمه «إمبراطورية هوليوود» يشرح اكثرعن ذلك، ويشير الى نسف ما يتعلق بتاريخ المسيحيين في فلسطين كذلك في أفلام هوليوود.

يقول أستاذ في جامعة واشنطن لـ «البناء « إن الرأي العام الأميركي هو نتاج صناعة إعلامية تابعة الى 6 وسائل اعلامية فقط او شبكات كبرى مملوكة جميعها من رجال أعمال يؤيدون بشدة «إسرائيل» وبينهم اعتنقوا الديانة اليهودية ويعملون من أجل خدمة مشروع «إسرائيل» في الشرق الاوسط. وهذا بدا واضحاً في الحملات الانتخابية الرئاسية التي ما يلبث ويخضع لها في نهاية المطاف كل مرشح أميركي يرغب بالتمايز والرئيس دونالد ترامب واحداً من الأمثلة فهو كان على علاقة سيئة بالإعلام عكس المرشحة هيلاري كلينتون، فما لبث أن تنازل وتراجع بعد فضيحة التعاون مع روسيا أثناء الحملة الانتخابية من خلال أحد مساعديه والتي نشرت تفاصيلها وسائل إعلام أميركية مؤيدة لـ»إسرائيل» وابتزته في أيامه الاولى من تسلمه الحكم ولا يزال يخضع لهذا الابتزاز حتى قدم كل التنازلات وأضخمها مؤخراً «إعلان القدس إسرائيلية».

«بيروت» فيلم من انتاج هوليوودي «إسرائيلي» بحت خارج عن المهنية لدواعٍ سياسية وأمنية استخبارية يستوجب الحذر والقلق من زرع أفكار مغلوطة ومدروسة عن منطقتنا لتزخيم مشروع «إسرائيل» العنصري وتبريره.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى