نصرالله: المقاومة ستقف بحزم مع الجيش لمنع بناء الجدار «الإسرائيلي»

نفى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اتهامات الولايات المتحدة الأميركية لحزب الله بأنّه يتاجر بالمخدرات، لافتاً إلى أنّ الأميركيّين يحاولون اليوم تصوير حزب الله على أنّه منظمة إجرامية بعدما فشلوا في جعله منظمة إرهابية. وحذّر «إسرائيل» من بناء الجدار العازل في النقاط المتنازع عليها في الجنوب، مؤكّداً أنّ المقاومة ستقف بحزم إلى جانب الجيش اللبناني لمنع هذا الأمر.

كلام السيد نصرالله جاء خلال إحياء حزب الله أمس في «مجمع المجتبى» بالضاحية الجنوبية لبيروت، ذكرى أربعين فايز مغنية والد الشهيد عماد مغنية والذكرى السنوية لشهداء القنيطرة، في حضور عدد من الوزراء والنوّاب والدبلوماسيّين وسفيري سورية الدكتور علي عبد الكريم علي وإيران محمد فتحعلي وممثّلين عن الأحزاب والفصائل الفلسطينية وهيئات.

واستهلّ السيد نصرالله، الذي أطلّ عبر الشاشة، كلمته بالترحيب بالحضور وتقديم التعازي لعوائل الشهداء، وقال: «عندما يتحدّث أيّ مسؤول في لبنان عن الأمن، يجب أن نعلم أنّ هذا الأمن ما كان ليتحقّق لولا تضحيات الشهداء، وإذا كان هناك من أرض تحرّرت أو أسرى عادوا أو هزيمة لمشروع معادٍ، فهي أيضاً حصلت بسبب تضحيات الشهداء»، مشيراً إلى أنّ «عائلة الحاج فايز، أبناؤها ورجالها، كلّهم شهداء وهذه ميزة استثنائية تعبِّر عن مستوى الجود والصبر والتسليم».

أضاف: «جيل أبو عماد فتح الأبواب لأولاده للدخول في المقاومة ولم يبخل بهم على الأرض والكرامة والسيادة والعزّة، وهذه الميزة ما زالت في جيلنا وجيل أبنائنا وهذا الأمر يحتاج إلى تثبيت وتأكيد».

وأعلن أنّ «وصية أبو عماد مغنية كانت بأن يتمّ دفنه في قريته في الجنوب طيردبا كي تبقى عائلته تزور بلدته، وهناك عادات في لبنان جيدة ويجب الحفاظ عليها».

وأشار السيد نصر الله إلى موضوع النفايات وسرعة انتشار المخدّرات والجريمة، وقال: «هناك الكثير من الآثار السيّئة جرّاء التراكم السكّاني في المدن المقفلة، ولكن إذا بدأنا بالعودة إلى الأرياف يجب على الدولة تأمين فرص العمل في القرى وتأمين وسائل النقل من أجل تسهيل عودة هؤلاء إلى قراهم وأرضهم»، داعياً إلى إعادة النظر في التراكم السكّاني في بيروت والضواحي.

لجنة التحقيق الأميركيّة

وفي الشأن الداخلي، أشار السيد نصرالله إلى الاتهامات الجديدة التي وجّهتها أميركا خلال الأسابيع الماضية إلى حزب الله، موضحاً أن وزارة العدل الأميركية شكّلت «لجنة تحقيق» سوف تلتقي في لبنان مع مسؤولين وتفتح تحقيقاً حول تجارة الحزب بالمخدّرات، وأن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما منع ذلك في السابق، وأنّ الرئيس الحالي دونالد ترامب يريد فتح تحقيق وهذا الموضوع نفسه تمّ الحديث عنه في فرنسا أيضاً. وأكّد أنّ هذه اتهامات لا تمتّ إلى الواقع بصِلة، وأنّها تشويه، مؤكّداً أنّ حزب الله يحرّم تجارة المخدرات والتعامل بها وهي من الكبائر، ولفتَ إلى أنّ الحزب يحرِّم الاتجار بها حتى للعدو، مشدّداً على أنّ «هذا موقفنا، وبالتالي ما يُقال غير صحيح».

وفي السياق نفسه، لفتَ السيد نصرالله إلى «أنّنا لا نقوم بأيّ عمل استثماري وحتى لو كان حلالاً»، وقال: «ليس لدينا أيّ مال نستثمره، وليس لدينا شركات أو جهات تستثمر، وإذا كان هناك من يتاجر أو يستثمر وهو مؤيّد لحزب الله، فذلك لا يعني أنّه يتاجر بِاسم الحزب أو يتحدّث بِاسمه».

وأوضح أنّ محاولات واشنطن جعل حزب الله منظمة إرهابية لم تنجح، كاشفاً عن أنّ من تمّ الضغط عليهم من قِبل أميركا لوضع حزب الله على لائحة الإرهاب هم يتمنّون التعاطي معنا، كما أنّ البعض يتواصل معنا من تحت الطاولة».

وأكّد أنّ «الأميركيّين يحاولون اليوم تصوير حزب الله على أنّه منظمة إجرامية، بعدما فشلوا في جعله منظمة إرهابيّة».

وقال: «نرفض اتّهامنا بملفات المخدرات، ولجنة التحقيق يجب أن تطال الأميركيّين أنفسهم في استثمار المخدرات لصالح تدمير المجتمعات». ودعا وزارة العدل الأميركيّة للقيام بتحقيق في لبنان، آملاً من المسؤولين اللبنانيين عدم التحريض على حزب الله.

تحذيرات لبنان لـ»إسرائيل» جدّية

وفي موضوع الجدار الذي تنوي «إسرائيل» بناءه على الحدود، قال السيد نصرالله: «هناك 13 نقطة متنازَع عليها بين لبنان و»إسرائيل»، ولا نعترف بوجود أرض «إسرائيلية»، هي أرض فلسطينيّة متنازَع عليها. و»إسرائيل» أبلغت يونيفيل أنّها تريد أن يبني جداراً في النقاط المتنازع عليها، والدولة اللبنانية رفضت أيّ إجراءات «إسرائيلية» في هذه النقاط، وأُبلِغ «الإسرائيليون» عن طريق يونيفيل هذا الأمر، والجيش أعلن أنّه جاهز لمواجهة التجاوزات»، وأعلن وقوف المقاومة بحزم إلى جانب الدولة والجيش، ودعا «الإسرائيليين» إلى أخذ تحذيرات لبنان بمنتهى الجدّية، مؤكّداً أنّ لبنان سيكون موحّداً خلف الدولة والجيش لمنع «إسرائيل» من التصرّف في النقاط المتنازع عليها.

لبنان ملتزم بعدم التطبيع

وفي التطبيع مع «إسرائيل»، دعا إلى إجراء نقاش في الحكومة ومجلس النوّاب والخروج بموقف حول هذا الموضوع، لافتاً إلى «أنّ لبنان ملتزم عدم التطبيع مع «إسرائيل» طالما لا يوجد سلام عادل وشامل، ولبنان يجب أن يطبّق التزامه بعدم التطبيع وهذا الموضوع يجب أن يعالَج. وبعد التطوّرات الأخيرة في القضية الفلسطينية، هناك الكثيرون في لبنان لن يتسامحوا مع خطوات التطبيع التي تجري تحت عين الدولة، وأحياناً بموافقة مسؤولين من الدولة، ولا أحد ضدّ الفنّ، ولكن تحت عنوان الفنّ والسينما والسياحة وغيرها تقوم بالتطبيع».

وتابع: «ومن القرارات التي اتّخذتها جامعة الدول العربية التي لا تنفّذها بعض الدول هو عدم التطبيع مع «إسرائيل». المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ أعلن دعمه للعدوان «الإسرائيلي» على لبنان عام 2006 ودفع من ماله الشخصي مليون دولار لـ»إسرائيل» آنذاك، وبعدها نكافئه تحت عنوان السياحة والفن ونعرض فيلمه في السينما اللبنانية، نتمنّى معالجة الموضوع. لسنا ضدّ الفن أو السياحة ولا أحد يخلط بين المسائل. وفي الموضوع «الإسرائيلي» المفترض أنّ هناك إجماعاً أنّ «إسرائيل» هي العدو».

تفجير صيدا

وعن التفجير الذي حصل في صيدا، قال السيد نصرالله: «نواكب التحقيق، وكلّ المؤشّرات تقول إنّ «إسرائيل» هي التي قامت بتنفيذ هذه العمليّة، والتي استهدفت أحد كوادر «حماس». وعندما سيظهر عند الأجهزة الأمنيّة أنّ هذا عمل «إسرائيلي»، نتمنّى التعاطي مع الأمر على أنّه خرق للسيادة اللبنانية وهو عدوان على لبنان». وأكّد أنّ هذا التفجير هو بداية خطيرة على المستوى الأمني اللبناني ولا يجوز السكوت عليه، وعندما يُحسَم التحقيق على الحكومة أن تقول كيف ستتصرّف مع هذا الموضوع.

رفض العزل والإلغاء

وفي موضوع الانتخابات النيابيّة، قال السيد نصرالله: «هناك جوّ اتهام في البلد أنّ هناك من يريد تأجيل أو تطيير الانتخابات، وبحسب متابعاتنا لا نعتقد أنّ أحداً يريد تطيير أو تأجيل الانتخابات، وإذا كنّا نختلف على موضوع أو تفصيل في الانتخابات، لا يجوز أن نذهب إلى اتّهامات تشنِّج البلد».

وأضاف: «من الطبيعي أن تحاول كلّ جهة أن تحسّن ظروفها أو شروطها، ونحن لا نتّهم أحداً أنّه يعمل على تأجيل أو تطيير الانتخابات، مع التأكيد أنّ الأمور قد تذهب باتجاه الحماوة السياسيّة التي يجب أن تبقى مضبوطة. وهذا البلد يجب ألّا يُعزَل أو يُكسَر فيه أحد. ومن ميزات القانون أنّه يتيح للكلّ أن يتمثّل إذا كان له حجم جدير بالتمثيل، ونرفض العزل وحتى من يصنَّف خصماً سياسياً لنا. البلد يستمر بالتكامل والتعايش وعدم الإلغاء».

وأشار السيد نصرالله إلى أنّ أميركا أعلنت أنّ قواتها باقية في العراق وسورية، وسأل لماذا يريدون البقاء وما هي أهدافهم في منطقتنا؟

وقال: «عندما قمتم بالتحالف الدولي أكّدتم أنّ نيّتكم ليس البقاء في العراق وسورية، قلتم إنّ مجيئكم هو لدحر «داعش» فلماذا تريدون البقاء، الحجّة هي منع عودة «داعش». قلنا إنّ الأميركيّين أوجدوا «داعش» ليجدوا ذريعة لعودتهم العسكرية إلى العراق، واليوم بحجّة «داعش» يريدون البقاء في العراق، وبحجّة «داعش» أتوا إلى سورية، وبحجّة «داعش» يريدون البقاء في سورية وباعترافات الجميع… الأميركيّون هم من أوجدوا داعش».

ولفتَ إلى أنّه من الاستحقاقات الكبرى أمام القوى العراقية هو أن ترفض وجود القوات الأميركيّة.

ورفض السيد نصرالله وصف الإرهاب الأميركي بأنّه إرهاب مسيحي، معتبراً أنّ إصرار ترامب على مصطلح الإرهاب الإسلامي هو من أهم الدلائل على عدائه للإسلام.

وأشار إلى أنّ ترامب سيستمر في الضغط على الدول العربيّة التي تواصل الضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بما يُعرض عليهم في مسألة القدس. والرهان الحقيقي هو على شعبنا الفلسطيني، الذي ما زال يتواجد في الساحات وصولاً إلى المواجهة في مدينة جنين.

لن نتخلّى عن مسؤوليّاتنا

كما تطرّق السيد نصرالله إلى مسألة قطع المساعدات الأميركيّة عن «أونروا» ومحاولات تصفية القضية الفلسطينيّة، مكرّراً رفضه المشروع الصهيوني والأميركي ودعمه الفلسطينيّين، واعداً بـ»صناعة الانتصارات وحماية بلدنا وكرامتنا ومقدّساتنا وقدسنا، ولن نتخلّى عن مهمّاتنا ومسؤولياتنا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى