الأسد: ما يجري في عفرين عدوان غاشم.. والسياسة التركية بُنيت أساساً على دعم الإرهاب

وصف الرئيس السوري بشار الأسد العمليّة التي تقوم بها تركيا في عفرين شمال سورية بأنّه عدوان لا يمكن فصله عن السياسة التركية تجاه سورية.

وفي أوّل تعليق له على العملية التركية، قال الرئيس السوري: «العدوان التركي الغاشم على عفرين لا يمكن فصله عن السياسة التركية التي بُنيت أساساً على دعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية على اختلاف تسمياتها».

وخلال استقباله في دمشق رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي، أضاف الأسد «أنّ ثبات وبصيرة القوات الإيرانية وحلفائها في جبهات الحرب لها دور كبير تحقيق الانتصارات»، آملاً أن «تحقّق سورية الانتصار النهائي على الإرهاب، كما انتصر الشعب العراقي عليه بدعم إيران».

وشدّد الرئيس السوري على أنّ «القيادة المعادية لسورية حكومةً وشعباً هي بيد أميركا، والآخرون يلعبون في المشاريع الأميركيّة المختلفة».

الأسد أوضح أيضاً أنّ الانتصار على الإرهاب في سورية والعراق، وصمود إيران في الملف النووي أفشلا المخطّط الذي تم رسمه للمنطقة.

بدروه، قال رئيس المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية في إيران، إنّ «أعداء سورية ومحور المقاومة لن يتوقّفوا عن مؤامراتهم، ويجب الحذر من هذه المؤامرات، خاصة تلك التي تقوم بها بعض دول المنطقة في مرحلة إعادة إعمار سورية».

وأكّد خرازي على أنّ «الانتصارات التي تحقّقت هي بجهد القوات السورية وحلفائها»، لافتاً إلى «وجوب بذل المزيد من الجهود لتطهير بقيّة الأراضي السوريّة من الإرهابيين».

وكان نائب وزير الخارجية والمغتربين في سورية فيصل المقداد، حذّر الخميس الماضي القيادة التركية أنّه في حال المبادرة إلى بدء أعمال قتاليّة في منطقة عفرين، فإنّ ذلك سيُعتبر «عملاً عدوانياً» من قِبل الجيش التركي على الأراضي السورية طبقاً للقانون الدولي المعروف لدى الجانب التركي.

وأشار المقداد حينها إلى أنّ قوات الدفاع الجوية السورية استعادت قوتها، وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجويّة التركية في سماء سورية، وبحسب المقداد فإنّ هذا يعني أنّه في حال اعتداء الطيران التركي على سورية فيجب عليه «ألّا يعتبر نفسه في نزهة».

وفي السياق، كشفت معلومات خاصة عن لقاءات عدّة عُقدت قبل أيام بين مسؤولين كرد وآخرين روس قبل بدء العملية التركيّة في عفرين شمال سورية.

يأتي ذلك في وقت قال فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنّه يتوقع إنهاء العملية العسكرية التي تشنّها بلاده في عفرين خلال وقت قريب.

وخلال كلمة له أمام حشود شعبية في مدينة بورصة، أكّد أردوغان أنّ الجيش التركي لن يتراجع خطوة واحدة عن عملية عفرين، وأضاف أنّ قوات الأمن ستلاحق المعارضة الموالية للكرد إذا تظاهرت ضد ّعملية «غصن الزيتون».

وأضاف أردوغان: «بعض حلفائنا زوّدوا وحدات حماية الشعب الكرديّة بألفي طائرة وخمسة آلاف شاحنة تحوي أسلحة وذخيرة.. أقول لهم لا يمكنكم الاعتماد على الدعم الأميركي لهزيمة تركيا».

وشدّد على أنّ الجيش التركي سيقضي على حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية بحيث لا يتبقى منهم أحد، على حدّ تعبيره.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنّ كلّ من يعارض العملية التركية في عفرين شمال سورية «يأخذ جانب الإرهابيين ويجب أن يعامل على هذا الأساس»، بحسب تعبيره.

وكان تلفزيون «خبر ترك» نقل عن رئيس الوزراء بن علي يلدريم، أنّ الجيش التركي دخل عفرين السوريّة وأنّه يعتزم إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في المدينة.

وتدور اشتباكات بين مسلّحي الوحدات الكردية والجيش التركي عند أطراف قرية «حمام» الحدودية في ريف عفرين.

ونقل عن متحدث بِاسم «وحدات حماية الشعب الكردية» السوريّة نفيه مزاعم دخول الجيش التركي المنطقة، وأوضح أنّ القوات التركية وحلفائها «حاولوا عبور الحدود إلى عفرين، ولكن فشلوا بعد اشتباكات ضارية».

وقال قائد بغرفة عمليات ما يسمّى بـ«الجيش الحر» العميل، إنّ نحو 25 ألف من قواته يشاركون في العملية العسكرية التركية، وأنّهم لا يعتزمون دخول عفرين ولكن فقط محاصرتها وإرغام وحدات حماية الشعب الكردية على المغادرة، موضحاً أنّ الأولويّة هي لاستعادة السيطرة على «تلّ رفعت» وسلسلة من القرى جنوب شرقي عفرين كان الكرد سيطروا عليها قبل عامين.

وبحسب مصادر إعلامية، فقد قُتل 3 أتراك وأُصيب العشرات جرّاء سقوط قذائف على مدينة الريحانية التركيّة من داخل الأراضي السورية.

وكانت وكالة الأناضول التركية قالت صباح أمس، إنّ قوات من «الجيش الحر» العميل دخلت مدينة عفرين بدأت فيها عملية عسكرية واسعة النطاق.

يأتي ذلك بعد قصف مدفعي وجوّي مكثّف على أهداف لمسلحين كرد في عفرين، وفق ما قال الجيش التركي في إطار عملية «غصن الزيتون» التي أطلقتها أنقرة مساء أول أمس السبت.

وقال الجيش التركي، إنّ 32 طائرة حربية قصفت 45 هدفاً أول أمس، بعد أن أعلن صباحاً أنّه تمّ ضرب 153 هدفاً لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية وتنظيم «داعش» بعفرين.

وبحسب الوكالة التركية، فإنّ الجيش السوري فتح الطريق أمام عناصر وحدات الحماية الكردية في مدينة حلب للتوجّه إلى عفرين شمال غربي سورية، ونقلت عن مصادر «موثوقة» أنّ سيارات محمّلة بعناصر وذخائر خرجت من حيّ الشيخ مقصود إلى عفرين عبر بلدتَي «نُبّل» و«الزهراء» في ريف حلب الشمالي الغربي.

ومساء السبت، أرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية إلى مدينة «أعزاز» بمحافظة حلب السوريّة عبر معبر «أونجو بنار» بولاية كليس جنوبي البلاد.

ردود الفعل

أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أنّ الوزير سيرغي لافروف بحث في مكالمة هاتفية السبت مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون الوضع في عفرين السورية، وآخر التطوّرات في «الشرق الأوسط» وقضايا أخرى.

وذكرت الخارجية الروسية، أنّ المكالمة جاءت بمبادرة من الجانب الأميركي، وأنّ الوزيرين أكّدا خلالها على ضرورة دفع التسوية السوريّة تحت إشراف الأمم المتحدة. كما أشارا إلى أهمية مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، المزمع بمشاركة واسعة من مختلف الأطراف السورية.

وفي سياقٍ متصل، أكّدت وزارة الدفاع الروسيّة نقل العسكريين الروس من عفرين إلى منطقة «تلّ رفعت» تحسّباً لأيّ عمليات استفزازية، وأشارت الوزارة في بيان إلى أنّ الاستفزازات الأميركيّة ساهمت في تأزيم الوضع.

من جهتها، أعربت طهران عن قلقها إزاء عملية الجيش التركي العسكريّة في مدينة عفرين شمال سورية، ودعت أنقرة إلى إنهاء عملية «غصن الزيتون» شمال سورية بشكل عاجل.

وقالت الخارجية الإيرانية في بيان: «نتابع العمليات العسكرية التركية في شمال سورية بقلق، ونأمل من أنقرة إنهاء عملياتها العسكريّة في مدينة عفرين بشكل عاجل».

وأضاف البيان: «لا نزال نؤمن بأنّ جذور الأزمة السورية تعود إلى السلوك الاستفزازي غير المسؤول والتدخّل غير الشرعي للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وندعو جميع الدول وخاصة تلك المجاورة لسورية إلى تجنّب أيّ عمل يمكن أن يعزّز الوجود والتدخّل غير الشرعي للقوات الأجنبية في سورية».

وأشارت الخارجية في بيانها، إلى أنّ «الأزمة في عفرين من الممكن أن تؤدّي إلى تعزيز قوى التيارات الإرهابية من جديد، وتأجيج الحرب والدمار في سورية».

ودعت طهران «أنقرة إلى الوفاء بالتزاماتها في مباحثات أستانة، ولعب دور بنّاء في حلّ الأزمة السوريّة».

على الصَّعيد ذاته، عبّرت الخارجية المصريّة عن رفضها للعمليات العسكرية التركية في عفرين شمال سورية، معتبرةً إيّاها «انتهاكاً جديداً للسيادة السورية».

وقال بيانٌ صادر عن وزارة الخارجية المصرية، جاء فيه: «أعربت جمهورية مصر العربية عن رفضها للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية ضدّ مدينة عفرين في شمال غربي سورية، باعتبارها تمثّل انتهاكاً جديداً للسيادة السوريّة، وتقوّض جهود الحلول السياسية القائمة وجهود مكافحة الإرهاب في سورية».

وأكّد البيان «على موقف مصر الثابت الرافض للحلول العسكرية، لما تؤدّي إليه من زيادة معاناة الشعب السوري الشقيق»، مطالباً البيان بانخراط جميع أطياف الشعب السوري في مفاوضات جادّة في إطار «عملية سياسية تتّسم بالشمولية والموضوعية من دون إقصاء أيّ طرف، مع ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي السوريّة».

من جانبه، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الأوضاع في سورية على خلفيّة العملية العسكرية التركية في عفرين.

وقال لو دريان: «فرنسا تدعو مجلس الأمن لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، لبحث الوضع في الغوطة وإدلب وعفرين»، مشيراً إلى أنّه تحدّث بهذا الشأن مع نظيره التركي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى