حزب الله: بري مرشحنا و«التيار» لن يخالفنا!

محمد حمية

باكراً وقبيل موعد الانتخابات النيابية بثلاثة أشهر، فُتِحت معركة رئاسة المجلس النيابي في ضوء الاشتباك المتصاعد الوتيرة على خطوط بعبدا – عين التينة الرابية.

وإنْ لم يخرج موقف علني من قيادة التيار الوطني الحر إزاء استحقاق الرئاسة الثانية حتى الآن، لكن ما يُنقل من غمزٍ ولمزٍ في الصالونات السياسية والاجتماعات الحزبية يُعبر عن نقاش جدي داخل قيادة وقواعد «التيار البرتقالي» لجهة كيفية تعاطيه مع استحقاق رئاسة البرلمان، فهل سيكون التعامل بالمثل هو القاعدة المتبعة ويأتي موقف «التيار» مثل موقف الرئيس نبيه بري إزاء استحقاق رئاسة الجمهورية؟ أم أنّ لانتخابات رئاسة المجلس قواعد ومعادلات مختلفة عن رئاسة الجمورية؟ وهل سيخوض العونيون المعركة بمرشحٍ شيعي آخر من خارج تحالف الثنائي الشيعي؟ أم أنّ موقف «حارة حريك» الحاسم الى جانب عين التينة في هذا الملف سيلجم اندفاعة «التيار»؟

أوساط نيابية في «التيار الحر» ترى أنّ من «حقنا التعامل بالمثل مع حركة أمل وممارسة الديمقراطية التي مارسها الرئيس بري خلال استحقاق رئاسة الجمهورية، لكنها أكدت لـ»البناء» أنّ «التيار لن يتعامل بكيدية في هذا الاستحقاق، بل سيتصرف وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، نافية أن يكون قد تمّ بحث هذا الاستحقاق لا على مستوى القيادة الحزبية ولا على مستوى «التكتل» بمعزلٍ عن خلافنا حول مرسوم الأقدمية والإصلاحات الانتخابية»، كما نفت الأوساط أن «يكون لدى التيار نية لترشيح آخر مقابل مرشح الإجماع الشيعي»، مشيرة الى «أن لا إشكال مع رئاسة المجلس بقدر ما تكمن مشكلتنا في شرعية المجلس الحالي»، جازمة بأنّ الامتناع عن التصويت هو أقصى ما يمكن أن يلجأ اليه التيار»…

غير أنّ الأمر غير قابلٍ للنقاش لدى حزب الله بحسب مصادر مطلعة على موقف الحزب، وتستند المصادر إلى التحالف الاستراتيجي الثابت بين الحركة والحزب الذي سيترجم تحالفاً انتخابياً وبالتالي تزكية بري الذي سيكون مرشح الحزب الوحيد.

أما عن موقف حزب الله في حال أقدم «البرتقالي» على ترشيح نائبٍ شيعي من تكتل التغيير والإصلاح أو أيد مرشحاً آخر ضدّ بري، لفتت المصادر نفسها لـ»البناء» الى أنّ «هذا الاستحقاق يخضع للعملية الديمقراطية كغيره من الاستحقاقات السياسية والدستورية، لكن هناك معادلات في البلد يجب على الجميع احترامها، ويتمثل ذلك بوصول الأقوياء في طوائفهم إلى الرئاسات الثلاث، وكما وقفنا مع وصول الرئيس المسيحي القوي إلى كرسي الرئاسة الأولى، سنقف مع الرئيس الشيعي القوي في الرئاسة الثانية و»التيار» لن يخالفنا»، وتضيف: رغم احتمال تمنُع حليفنا عن التصويت لرئيس المجلس الحالي لكننا لا نعتقد بأنه سيرشح مرشحاً آخر ضدّ مرشح التحالف الشيعي، وتساءلت المصادر: إذا حصد تحالف أمل -حزب الله جميع المقاعد الشيعية من سيترشح في وجه بري؟

لكن ماذا لو ترشح أحد النواب الذين من المتوقع أن يخترقوا لوائح التحالف الثنائي في دائرتي بعلبك – الهرمل أو في إحدى دوائر الجنوب؟ تجيب المصادر: وما هي حظوظه في الفوز في ظلّ تأييد حزب الله وتيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط وقوى 8 آذار لاعادة انتخاب بري؟ وتسأل أوساط مراقبة: هل يستطيع «التيار» تأييد أحد المرشحين المعارضين للخط السياسي المقاوم الذي يمثله التحالف الثنائي إلى رئاسة المجلس؟

وفي حين تشير مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» إلى أنه لم يبحث هذا الأمر بعد، لكنها تؤكد بأن «لا بديل عن بري لقيادة البرلمان في هذه المرحلة»، أما مصادر حركة أمل تعتبر أن الغوص في تفاصيل هذا الاستحقاق سابق لأوانه، غير أنها لفتت لـ»البناء» الى أنه في حال وجد «التيار العوني» أو أي فريق آخر مرشحاً يوازي مواصفات رئيس الحركة على الساحة السياسية والوطنية والخارجية فليقدموه وحينها نقبل باللعبة الديمقراطية.

لا تخفي بعض الجهات المعارضة لثنائية التيارين «الأزرق» و»البرتقالي» مخاوفها من أن تتدحرج هذه الثنائية المستجدة الى رئاسة المجلس رغم تحَصّن بري بتحالفه مع حزب الله، لكن ذلك يطيح بمعادلة «الرئيس القوي»، تجيب مصادر أمل، وتضيف: أما في حال رفض رئيس الحكومة سعد الحريري انتخاب بري فمن يضمن له العودة الى رئاسة الحكومة؟ ومن يضمن أيضاً عودة الرئيس المسيحي القوي الى رئاسة الجمهورية؟ وتعتبر أنّ وقوف الرئيس بري الى جانب الحريري في أزمته الأخيرة لا توضع في خانة تسليف دين لاسترداده في انتخابات رئاسة المجلس، بل رئيس المجلس وقف مع مظلومية الحريري ودفاعاً عن كرامة وسيادة لبنان بعيداً عن الحسابات السياسية، وتُذكّر بقول بري لعون بأنّ «مفتاح النصاب في جيبي لكن لن أستعمله رغم أنني لن أنتخبك».

وتسأل المصادر: هل سيعارض «التيار» وصول الرئيس الذي يحظى بإجماع شيعي عارم الى سدة رئاسة البرلمان وهو ايّ «التيار» الذي عطل انتخابات الرئاسة لعامين لإيصال الرئيس المسيحي الأقوى على الساحة المسيحية إلى قصر بعبدا؟ وتوضح المصادر أنّ ما «يميّز الاستحقاقين هو أنّ في الأول خاض الرئيس عون المعركة مقابل ثلاثة أقطاب مرشحين جديين غير أنّ في الاستحقاق الثاني لا مرشحين أقطاب مقابل بري الذي يحظى بأغلبية التمثيل الشيعي مع حزب الله.

وتلتقي مصادر «أمل» و»التيار الحر» على أن الطرفين يلتقيان في السياسة الخارجية والقضايا الوطنية والاستراتيجية لا سيما سلاح المقاومة والأزمة السورية وغيرها وتجلى ذلك في أزمة الحريري حيث وقف بري الى جانب الرئيس ميشال عون، لكنهما يحصران خلافهما في الملفات الداخلية وعلى إدارة الحكم ومقاربة تطبيق اتفاق الطائف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى