الرئيس محمود عبد الخالق: الوقار والحزم والاتّزان ودماثة الخلق

معن حمية

بعد ستين عاماً ونيّف، من البذل والتضحيات، ترجّل حضرة الرئيس والعميد والأمين محمود عبد الخالق عن صهوة النضال، وهو الذي ملأ الحزب حضوراً، واختزن في قلبه إيماناً راسخاً بالنهضة، وفي عقله زاداً وفيراً من المعرفة، وفي شخصيته الكِبر والاتّزان، وكلّ الصفات التي تجعل من صاحبها قيمة إنسانية وأخلاقية ونهضوية… وقدوة مميّزة في المجتمع.

عرفه القوميون الاجتماعيون في الوطن وعبر الحدود وعرفه أبناء الأمة، مناضلاً مقاوماً، في الصعاب والمحن… وقد سلك طريقاً شاقة وطويلة، طريق النهضة التي لا يسلكها إلا الجبابرة… فصمد وظلّ سائراً على هذه الطريق حتى الرمق الأخير.

سيرته النضالية العطرة، ارتبطت بمسيرة حزبية حافلة بالمحطات والمواقف، وهو الذي كان في موقع المسؤولية والقرار على مدى نصف قرن وأكثر. ومن هذا الموقع صار عارفاً ومتمرّساً في العمل الحزبي والنضالي والسياسي.

إلى حضوره الحزبي والنضالي، حرص على الحضور الاجتماعي، وهو الذي كان يردّد دائماً أنّ عقيدة الحزب ترتكز على قيم الحق والخير والجمال، وعلى مبدأ الصراع والمقاومة دفاعاً عن الحق، ومن ركائزها أيضاً البعد الاجتماعي. لذا، كان على تماسٍ اجتماعي مع الرفقاء والمواطنين ليس في منطقة جبل لبنان وحسب، بل في سائر المناطق.

في شخصيته الفذّة، كلّ سمات الوقار والحزم والاتّزان ودماثة الخلق، وفي أشدّ اللحظات حراجة، كانت البسمة ترتسم على محيّاه، وحين يُسأل عن سرّ وجهه الباسم، كان يستعين بقول باعث النهضة الزعيم والمعلم أنطون سعاده: لا تخافوا الحرب وإنما خافوا الفشل، ولا تضطرب أعصابكم عند الخطر فإنّ الخطر في اضطراب الأعصاب .

الأمين محمود عبد الخالق، من رجالات النهضة الكبار… من طينة المقاومين، ثبت على نهج الصراع ولم يعرف يوماً استراحة محارب، كافح بدأب وتفانٍ لقضية عمل في سبيل انتصارها وعقيدة محيية آمن بها. وبهذا الإيمان كان في خضمّ المواجهة التي خاضها حزبه بمواجهة الطائفية والفساد وضدّ مشاريع التقسيم والتفتيت وضدّ الاحتلال اليهودي لأرضنا.

وبهذا الإيمان أيضاً مثّل حزبه في الحكومة اللبنانية، في مرحلة دقيقة ومفصلية، واضطلع بدوره كاملاً، كما أدواره الوطنية والسياسية ضمن اجتماعات الأحزاب والقوى والفصائل في المراحل الصعبة التي مرّت على لبنان والأمة.

الأمين محمود عبد الخالق، هذه القامة وهذه الطاقة المبدعة نضالاً، ستظلّ حاضرة في ذاكرة الحزب والقوميين، كما سائر القيادات المناضلة التي نذرت حياتها في سبيل انتصار الحزب وقضيته. والذين عرفوا الأمين محمود وهم كثر، عرفوا فيه الطيبة، والدماثة، والمناقبية والثبات…

برحيله تكبر في النفس مساحات الوجع، ولكن، قدرنا أن ننسى «جراحنا البالغة لنضمّد جراح أمتنا النازفة».

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى