هيئة التفاوض المعارضة تتسكّع بقرار تركي في الزواريب الروسية… وبدايات تفكّك عون يُعيد القروض الكويتية… وبري يذكّر بالدستور… والنفايات تفضح الجميع

كتب المحرّر السياسي

مع تسارع الوقت الفاصل عن موعد مؤتمر سوتشي للحوار السوري الذي جعلته موسكو عنواناً لحركتها الإقليمية والدولية، عشية الانتخابات الرئاسية الروسية في آذار المقبل، صار الصراع حول المؤتمر وتوفير فرص نجاحه ومساعي إفشاله عناوين للسياسات التي تشغل العواصم الفاعلة دولياً وإقليمياً، وبدت واشنطن وباريس الطامحتان للحصول على أكثر من دعوة حضور شبيهة بالتي تلقتها دول الجوار السوري كلبنان والعراق والأردن، معنيتين بإطلاق المواقف التصعيدية ضد السياسة الروسية في سورية علامة تصويت معاكس بوجه نجاح المؤتمر. وفيما قالت باريس بلسان وزير خارجيتها كلاماً مباشراً عن عدم أهلية روسيا لصناعة حل سياسي للأزمة السورية تلاقت واشنطن معها على استهداف الدور الروسي في سورية من بوابة المؤتمر الذي اختارت له باريس عنوان عدم إفلات مستخدمي السلاح الكيميائي من العقاب، وترجمت موقفها بالهروب من مواجهة مباشرة بعقوبات على شركات تجارية لا تقرأ في السياسة بسهولة، تكفّل وزير الخارجية الأميركية في كلمته أمام مؤتمر باريس بالموقف التصعيدي بوجه موسكو التي اتهمها بالمسؤولية عن استخدام السلاح الكيميائي في سورية عبر دورها في مجلس الأمن الدولي الهادف لحماية الرئيس السوري، بينما سارعت موسكو للردّ على التصعيد بالتصعيد، فدعت لجلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي تناول خلالها المندوب الروسي مواقف أميركا وحلفائها القائم على تلفيق التهم وتصنيع الجرائم لتحويل القانون إلى آلة لعقاب وتصفية حساب مع الخصوم، وأداة لتحقيق المصالح.

في هذا المناخ العاصف حول سوتشي حققت موسكو أرباحاً بالنقاط تمثّلت باستقبالها وفداً رفيعاً لهيئة التفاوض السورية المعارضة، بضغط تركي فيما بدا أنه مقايضة لحضور هيئة التفاوض إلى موسكو تمهيداً للمشاركة في مؤتمر سوتشي، بغض النظر الروسي عن العمل العسكري التركي في عفرين، فصدرت مواقف من وفد الهيئة توحي بإيجابية نظرتها للموقف الروسي ولفرص جدية لمشاركتها في سوتشي، بينما ظهرت علامات التفكّك على بنية الهيئة، حيث خرجت أصوات قيادية فيها تتّهم الوفد الموجود في موسكو بالخيانة وبيع المواقف، ما فتح الباب لمفاجآت لا يمكن رسم مساراتها حول الموقع النهائي للهيئة من حضور سوتشي.

لبنانياً، حمل المناخ العاصف النفايات لتشكّل فضيحة للجميع، من حكم ومعارضة وحكومة ومجلس نيابي، حيث قضية النفايات التي تتنقل خلال أربع سنوات بين الوزارات واللجان لم تجد سوى مَن يتاجر بها ويتقاذف الاتهامات حول مصدرها والسبب بالعجز أمامها، بينما الفضيحة ماثلة على شاطئ كسروان تحجب النقاش حول نتائج زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الكويت وما نجح بتحقيقه من قرار كويتي بالإفراج عن القروض المقرّرة للبنان، بمثل ما حجبت النقاش حول الخلافات الرئاسية وتحذيرات رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خطورة خرق الدستور واتفاق الطائف، خصوصاً مع قرار الحكومة الأخير الذي عطّل نتائج مباراة مجلس الخدمة المدنية لوظائف من غير الفئة الأولى والتي لا تخضع وفقاً للطائف والدستور للتقاسم الطائفي، بداعي السعي لتحقيق هذا التوازن في توزيع الوظائف بين الطوائف.

النفايات تطفو على المشهد

عاكست العاصفة المناخية التي تضرب لبنان والبحر الأبيض المتوسط، العاصفة السياسية التي هدأت مع وجود رئيسَيْ الجمهورية والحكومة وعددٍ من الوزراء خارج البلاد، لتتصدّر أزمة النفايات واجهة المشهد المحلي وتطفو على سطح الخلافات السياسية المستعصية بين أركان الحكم ويُملأ الوقت الضائع بالاتهامات المتبادلة حول مكان تسرّب النفايات الى الشاطئ البحري من المطامر أم من المكبات العشوائية، ما يحرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية وهي الفشل في المعالجة الجذرية لأزمة دخلت عامها الرابع.

وقد تحوّلت الكارثة البيئية القديمة الجديدة الى مادة انتخابية سجالية بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل من جهة وحزب الكتائب من جهة ثانية، حيث سارع رئيسه النائب سامي الجميل كعادته إلى استغلال اجتياح النفايات الى الشاطئ البحري في ذوق مكايل ونهر الكلب لتعويم شعبيته قبيل الانتخابات النيابية وشنّ هجوماً عنيفاً على الحكومة ووزير البيئة طارق الخطيب الذي ردّ بدوره على الجميل متهماً اياه بالاستعانة بالنفايات انتخابياً، كاشفاً عن مكبّ عشوائي في المتن تحت حماية النائب المذكور، مضيفاً: «لا يمكن تحميلنا أو تحميل الحكومة الحالية مسؤولية الحقبات السابقة والفيلم الاستعراضي للجميل لم يكن ناجحاً لأن ما أطلقه تهمٌ باطلة».

وقد دخل وزير الثقافة غطاس خوري على خط السجال، حيث أشار في تغريدة الى أن «النائب السامي أغرقنا ببحر اليأس والكذب لن ينفع ويكبّر حجم المشكلة ولا يكبّر الحجم الانتخابي»، بدوره حَمّل أمين سر تكتل «التغيبر والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان ، الكتائب مسؤولية الأزمة والكارثة البيئية، مشيراً الى أن «هناك استغلالاً سياسياً من قبل حزب الكتائب لملف النفايات فيما وزراؤه الثلاثة في حكومة الرئيس تمام سلام وافقوا على الخطة التي اعترض عليها وزراء التيار الوطني الحر ، ومن ثم عاد حزب الكتائب وانقلب على موافقته واعتصم، وأقفل مطمر برج حمود ، وكانت النتيجة تكدّس النفايات بين المنازل في المتن الشمالي ، واضطرت البلديات في بعض الأماكن للجوء الى مطامر عشوائية».

في غضون ذلك، طلب وزير الدولة لشؤون الفساد نقولا التويني من رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيّة فتح تحقيق فوري في موضوع النفايات على الشاطئ اللبناني، وإحالة المسؤولين والمقصّرين والمرتكبين والمشتركين إلى القضاء لمحاكمتهم وغنزال العقوبات بهم. في وقت حذّر خبراء بيئيون من تكرار تدفق النفايات الى الشواطئ طيلة فصل الشتاء ما سيؤدي الى كوارث بيئية وتلوّث مياه الأنهار والبحر وأضرار على التربة والمزروعات.

برّي للعهد: الدستور ليس آلهة من تمر

بينما وُضِعت أزمة المرسوم على نارٍ هادئة، في محاولة لإنضاج الحل الذي لم تتضح ملامحه بعد، رغم حراك أكثر من جهة على خط بعبدا بيت الوسط – عين التينة التي استمرت في رفع الصوت عالياً بدعمٍ وتأييد من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط والتحذير من المسّ باتفاق الطائف، وجّه رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، رسائل سياسية عابرة للحدود، عبر قناة الـ «أن بي أن» التي شنّت في مقدمة نشرتها الإخبارية هجوماً لاذعاً على فريق رئيس الجمهورية، وتحديداً وزير العدل سليم جريصاتي من دون أن تسمّيه، وأشارت القناة الى أن « الدستور ليس آلهة من تمر يأكلها أصحاب الجوع العتيق للسلطة والطائف»، مشيرةً الى أنه «في منطقهم تتحوّل المراسيم الى فرمانات وتصبح هيئة استشارية هي أعلى سلطة قضائية، بحسب والي العدلية يولّدون الأزمات يفسّرون الطائف على هواهم، وينظرون الى مجلس الخدمة المدنية كمجلس للخدمة الطائفية الانتخابية في هذا الزمن».

وحذّرت القناة من احتمالات انفلاش الأزمة «القابلة للتوسّع بقوة إصرار الفريق التأزيمي على ركوب موجة سياسة التفرّد والعبث بالدستور ومحاولة تفريغ اتفاق الطائف من مضمونه»، معتبرة أنه «من هنا فإن قيام العهد وفريقه بالقفز فوق الدستور هو طعن بالدستور نفسه، وأي مغامرة للعبث باتفاق الطائف تعني قفزاً في المجهول».

في المقابل نصحت مراجع مسيحية عاملة على خط الوساطة بين الرئاستين الأولى والثانية، رئيس البلاد بإعادة النظر بأزمة مرسوم الأقدمية وبعض الملفات العالقة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري والتي تسبب هذا الخلاف غير الطبيعي بينهما. وأشارت المراجع التي زارت رئيس الجمهورية منذ أيام قليلة لـ «البناء»، الى أن «الرئيس عون لا يستهدف اتفاق الطائف ولا يريد تعديله، بل هو حريص عليه ويدرك بأن تعديله في النص أو في الممارسة قد يفجّر حرباً داخلية جديدة»، محذرة من أننا «أمام احتمالين إما الى الانفراج إذا عولجت الأزمة وإما الانفجار».

كما ونقلت المراجع المذكورة عن الرئيس بري قوله إنه «كان يفضّل لو تلقى اتصالاً من الرئيس عون أو رئيس الحكومة سعد الحريري لإعلامه واستشارته قبل توقيع المرسوم، لكان ساهم في إيجاد المخرج المناسب ولما كنا وصلنا الى ما نحن عليه، لكن تجاهل رئيس المجلس في مرسوم هو في الأصل مشروع قانون في المجلس النيابي ويناقش في اللجان النيابية وتجاوز وزير المال ثم تهريب المرسوم بين الرئيسين عون والحريري أمر غير مقبول».

ولفت الزوار الى أن «الرئيس بري يُبدي امتعاضه إزاء دعوة الرئيس عون اللجوء إلى القضاء في مسألة ليست عادية، بل ميثاقية ودستورية وقانونية ووطنية وبالتالي المكان والمرجع الصالح لفض النزاع حولها هو المجلس النيابي الذي هو سيّد نفسه وأعلى سلطة دستورية في البلاد وليس القضاء الإداري».

بيلينغسليا سمع موقفاً لبنانياً موحّداً

في غضون ذلك، وبعد زيارته أمس الأول رئيسَي الجمهورية والحكومة، واصل مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية مارشال بيلينغسليا، جولته على المسؤولين اللبنانيين وزار امس عين التينة، حيث التقى الرئيس بري، الذي أكد للضيف الأميركي أن «اللبنانيين حريصون بأدائهم على تطبيق المعايير المالية القانونية والدولية»، لافتاً إلى «أن القوانين التي أقرّها مجلس النواب تتطابق مع أعلى المعايير المالية والقانونية والدولية». وأثار بري مع المسؤول الأميركي إمكانية تطبيق النموذج المتبع في الولايات المتحدة وأوروبا لجهة تشريع زراعة الحشيشة للصناعات الطبية.

كما التقى المسؤول الأميركي وزير المالية علي حسن خليل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، وجمعية مصارف لبنان، واتحاد المصارف العربية.

وأكد بيلينغسليا أن «على لبنان اتخاذ التدابير كي لا يكون حزب الله جزءاً من القطاع المالي».

وفي وقت قالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن الوفد الأميركي سمع موقفاً لبنانياً موحّداً في مسألة تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات، وأن لبنان سبّاق في مكافحة هذه الجرائم، قالت مصادر دبلوماسية لـ»البناء» إن «زيارة الوفد الأميركي تأتي في إطار الحرب الأميركية – الإسرائيلية السعودية على إيران من خلال الضغط على حزب الله في لبنان»، وأوضحت أن المسؤولين الأميركيين طلبوا من الجهات اللبنانية معلومات ومعطيات عن أسماء وشركات قد تكون لها صلة بمسألة تمويل الإرهاب».

ولفتت المصادر الى أن «زيارة الوفد ومطالبه تُعدّ تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكنها أوضحت أن «لبنان مُجبرٌ على التعاون مع الجهات الدولية والأميركية في هذا الملف تحديداً انطلاقاً من تدخّل الولايات المتحدة، في كل ما يتعلّق بالنظام المالي والمصرفي في العالم وبالتالي لا يستطيع لبنان رفض التعاون معها لارتباط نظامه المصرفي بالنظام المصرفي الأميركي والعالمي».

وأشارت الى وجود سياسة متكاملة في الإدارة الأميركية الحالية للضغط على حزب الله من قرار الكونغرس فرض عقوبات مالية على الحزب أو اتهامه بالإرهاب والاتجار بالمخدرات، متوقعة أن «تمتدّ حملة الضغوط الى أجل طويل».

عون في الكويت

على صعيد آخر، وفي إطار زيارته دولة الكويت التقى الرئيس عون أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في قصر بيان، وأبلغ أمير الكويت عون أنه أَعطى توجيهاته الى الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية لتحريك المساعدات الاقتصادية للبنان والتجاوب مع حاجاته. وفي وقت عبّر الرئيس عون عن امتنانه لوقوف الكويت إلى جانب لبنان في الظروف كافة، أكّد الأمير الصباح عن سعادته لوجود الرئيس عون في الكويت. كما جرى الاتفاق بين الرئيس عون وأمير الكويت على ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك، وأن تكون القمة العربية المقبلة فرصة لتوحيد المواقف العربية وإعادة التضامن. في موازاة ذلك، طلب الرئيس عون مشاركة الكويت في مؤتمرات الدعم الدولية للبنان، فردّ الصباح: لن نتردّد في تقديم أي مساعدة للبنان.

وقد رأت مصادر في الزيارة والمواقف الإيجابية الصادرة من أمير الكويت تجاه لبنان، أنّها طوت أزمة خلية «العبدلي» واتهام حزب الله بإنشاء خلية إرهابية في الكويت وعودة العلاقات بين البلدين الى سابق عهدها.

لبنان تسلّم مشتبهاً به في تفجير صيدا

أمنياً، وفي إطار التحقيقات التي تجريها الجهات القضائية اللبنانية في التفجير الذي استهدف القيادي محمد حمدان في صيدا، تسلّم فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أمس، من تركيا المدعو محمد يوسف الحجار المشتبه به في الاعتداء وقد تمّت عملية التسليم والتسلم في مطار بيروت .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى