صور تحتفي بـ«ختيار حبرها»… بلال شرارة!

طلال مرتضى

الآن، سأطوي أطلس «رحلات»، كي أستريح وأريح قلوبكم من هذرباتي. أدرك بمغزى الحبر أنكم مللتم معاينة تصاويري البائسة كملقاي المتجهّم. فكلّ ما سلف من كلام لا قيمة له. أنا منذ تركت «كلام ليس في سرّكم» طيّ خزّان ذاكرتكم المهترئة، عرفت أنّ الخواتيم سوف تأتي، عكس ما اشتهت سفن حبري المثقلة بقصص الأوّلين.

كان عليَّ الاستمرار في خداعكم يا جمهور الكتابة والقراءة، ما دمتم لا تحفظون ودّ الحرف. أنا اعرف عن سالف سرّ أنّ ما يشغل هواجسكم في هذه «الحزّة» القرائية، هي الخاتمة. الخاتمة التي تريدون وحسب، موروثكم البائد هي زبدة الكلام، الزبدة ككناية طيّ النصّ نأخذها للاستجمام والإبحار في حكايات «عواض».

لا عليكم منّي… بسليقة الكتابة أعرف من أين يُغرف الحرف. لهذا لا أتوانى عن خوض غمار أحبار الأمم السالفة، وكأنّي بكم أستعيد كلّ «خواطر بيدبا» التي صارت دليلاً يستدلّ به تائه المقال درب التواصيف. لا لأجل الوصول إلى معنى غاب عمداً في دفتر التشابيه التي ضمرت قبل متعة البيان، محاججة «دبشليم».

دبشليم هذا هو أسّ الحكاية من ألِفها إلى توت نسوتها.

لعلّ البعض يتهجّأ عن كثب لغتي التي تحوّلت من عروبيتها الدالّة بالصور إلى لهج «السنسكريت» العابقة بالتؤدة والحكمة.

لا ضير يا معشر القرّاء…

فقط أردت الالتفاف من وراء حجب أفكاركم التي أضحى عقمها جليّاً،

بعضاً من الحكمة والفهلوة، يجعل منّي التفكّر في التوقّف أوّل السطر من دون تردد، بعدما أمسكت زمام قيادكم، كي أعلن وبكامل أهليتي: «الدكتاتور أنا»!

ما عليكم الآن سوى الإذعان، فقد أُعذر من أَنذر، وها أنا قد أنذرتكم في مقال سالف، إيّاكم… إيّاكم واللعب مع الساحر المكين!

أما قلت لكم في مقالي السابق، هذا «الختيار» لم يكن يحمل بيده عصا ليهشّ بها الأنعام أو يحاجج من خلالها الطغاة حين يرمي بها، لتصير «أفعى تسعى»، أبداً… أبداً… تذكروا ما حذّرتكم منه!

«الختيار» الذي تقفون اليوم صاغرين في حضرة حبره، يهزّ في وجوهكم عصاه، بكلّ ثقة. هو يعلم علم اليقين أنّ عصر المعجزات قد ولّى من غير رجعة. لم يعد هناك نبيّ أو شقيّ يستطيع شقّ عباب البحر، لينفلق إلى شطرين أحدهما من عسل والتالي من خمر.

مخمورون أنتم بحبّ الشعر، لهذا تلا عليكم آيات فتحه، لا ليروي غرور عطشكم، بل ليهديكم سوار الأسيل.

ما دمتم أتيتم بإرادتكم، تعالوا نقتسم معاً ما تيسّر لنا من تبر الدواوين وتمرها.

وثقت هنا، كلّ ما أُعلن وخُفي، لا لمآل أو مقال، بل هي جردة صارت على الهامش المنفيّ من دفتر الحساب. تزوّدوا وقت الخروج من «دار البيان»، وليأت كلٌ منكم وكتابه بيمينه.

على هامش المطالع…

هكذا وقّع «ختيار الحبر» الشاعر بلال شرارة كتبه، في «مجمّع باسل الأسد الثقافي»، وبين أهله وجمهوره.

كعادتها لؤلؤة المتوسّط مدينة صور، لا تفوّت شيئاً من عطر أميرتها السالفة، لتنثر زهو حضورها المكين. ففي احتفالية عامرة نظّمتها «الحركة الثقافية في لبنان»، وذلك في «مجمّع باسل الأسد الثقافي»، الذي تحوّل إلى مرمح لعرسٍ ثقافيّ أدبيّ، وقّع «خيتار الحبر» الشاعر بلال شرارة، رئيس «الحركة الثقافية في لبنان»، خمسة من كتبه والتي ذهبت مكنوناتها إلى الشعر والفكر.

وحده الحضور هو من يغنّي مقامات العطر والحبر. كيف وأن حضر من صفيّة القوم، زمزم الحبر وراعية الثقافة والمثقفين، عقيلة رئيس مجلس النواب، رئيسة لجنة مهرجانات صور والجنوب رندة عاصي برّي.

هذا وقد حضر الفعالية عضوا كتلة التنمية والتحرير النيابية النائبان علي خريس وعبد المجيد صالح، المسؤول التنظيمي لحركة أمل في إقليم جبل عامل المهندس علي اسماعيل، مدير عام «الريجي» المهندس ناصيف سقلاوي، ممثل حركة أمل في إيران عادل عون، رئيس اتحاد بلديات صور حسن دبوق، ممثل النائب بهية الحريري نبيل بواب، وممثلون عن النقابات الفنية والحِرفية، إضافة إلى حشد غفير من أهالي صور وجمهرة من متذوّقي الحبر.

الإعلامية إيمان شويخ قدّمت للفعالية العامرة التي بدأت أولاً بالنشيد الوطني اللبناني، ثم ألقى رئيس المنطقة التربوية في الجنوب الشاعر باسم عبّاس كلمة ترحيبية بِاسم «الحركة الثقافية في لبنان»، متحدّثًا عن حضور الأديب شرارة ودوره في المعترك الثقافي لبنانياً وعربياً.

ثم كانت قراءة للإعلامية عبير شرارة، مقتطفات ممّا تركه «شرارة» طيّ الكتب الموقّعة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأديب شرارة وقبل التوقيع، توجّه إلى جمهور الحضور بكلمة مقتضبة قال فيها: «اعذروني أ ّ اكتب لكم فرحاً ووروداً وعصافير، لأنّ الفرح نعيشه. أعتذر إليكم أن اكتب الحزن والمعاناة. اعذروني لأنني أكتب ما يعيشه الناس من وجع، أكتب مطالبهم في الحياة الكريمة وحقّهم بفرص العمل… أكتب وفاء الإنسان لأرضه ولقمة عيشه المغمّسة بالعرق والدم».

«شطرنج للإعلام»، وإن غابت «عينه» لظروف الجغرافيا، حيث نَأت بي فيينا البعيدة عن الحضور، حضر بــ«قلبه» النابض وسيّدته الشاعرة الإعلامية اللبنانية عبير شرارة.

كاتب سوري/ فيينا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى