الفنانة والشاعرة رانيا كرباج: مصطلح الأدب النسويّ إجحاف بحقّ المرأة

حاورها: محمد سمير طحّان

تملك الفنانة التشكيليّة والشاعرة رانيا كرباج القدرة على صوغ أفكارها عبر الرسم والألوان إلى جانب الكلمة لتعبّر عمّا يجول في خاطرها من قضايا وأحلام منحازة في كل نتاجها الإبداعي إلى الأنثى التي تعتبرها بطلة كل أعمالها الفنّية والشعرية والقصصية، كاسرة في الوقت ذاته كل الانتماءات الأكاديمية إلى المدارس الإبداعية. فما يهمّها هو المتلقي لمادتها التي تنتجها وإيصال رسالتها الإنسانية بغض النظر عن التصنيفات والتسميات.

إلامَ تنتمين أكثر ما بين اللوحة والقصيدة؟ وكيف تصفين علاقتك بكلّ منهما؟

ـ تتعانق الكلمة والصورة في روحي إلى درجة لا يسعني الانتماء إلى إحداهما دون الأخرى. وابتعادي عن هذا العناق يؤدّي بي إلى الوقوع في شرك فراغ وجودي قاتل. فهما ذاتي تتجلّى بأكثر صورها صدقاً وعبثية وفي داخلي فوضى لا تتصالح مع نفسها، وتتحوّل إلى صفحة ماء صافية إلّا عندما يحصل هذا العناق.

ما هو الهاجس الشعري الذي يتملكك وهل تفضلين قالباً معيناً من الشعر دون سواه؟

ـ يتملكني هاجس الكلمة من أجلها فلا تعنيني القوالب والتسميات وما يعنيني فقط هو المغامرة من أجل الكلمة التي غيبها واقع مشوّه ومثقل بالحروب، ونحن كبشر محكومون بالوعي الذي لا يتحوّل إلى معرفة نتبادلها إلّا عن طريق الكلمة ولا سيّما في ظلّ واقع أغرق فيه الكثير من مثقفينا بالاهتمام بالأشكال والتصنيفات وابتعدوا عن ماهيّة الشعر كفنّ يقوم أساساً على البحث في الجوهر وتحويل غير الموصوف والمحسوس إلى صورة وحالة جمالية.

لماذا تختارين الأنثى لتكون بطلة لوحاتك والأسلوب الواقعي التعبيري؟

ـ لأنني أنثى وأبحث في ذاتي عن مكامن جميلة وجديدة تشي بالتصاقي الوثيق بكلّ ما هو مخلوق حولي، فالأنوثة ليست هيكلاً فقط بل سمة من سمات الكون وإصراري للبحث عنها محاولة فردية لاسترداد ما سلبته منها المعتقدات ونحن حين نعيد الأنوثة إلى مكانها الطبيعي في كياننا، إنما نعيد للذكورة أيضاً قيمتها وسيرورتها الطبيعية فلا يمكن للإنسانية أن تنمو على أساس من القطيعة العميقة في التاريخ بين مؤنثها ومذكرها.

وأسلوبي التعبيري الواقعي لا أعرف من صنّفه بهذه الطريقة لكنني مغرمة برسم كلّ ما هو إنساني مغرق في الإحساس بطريقة تلامس الواقع ثم تبتعد عنه لتحتفظ لنفسها بمساحة من الفرادة فتخترع نسباً مختلفة ليصبح الصح والخطأ على سطح اللوحة أحياناً موضوعاً نسبياً، فهنالك أخطاء نحبها لأنها تلامس القلب دون زيف أو إدعاء مخلّفة ورائي كلّ القوالب الجاهزة والمثاليات.

ما هو مشروعك الثقافي الذي تعملين عليه وما هي المعوّقات التي تعترضه؟ وهل توافقين على مسمّى المنتج الثقافي النسوي؟

ـ الفنّ بالنسبة إليّ شغف يبدأ أول النهار وينتهي مع أفوله ما شكّل مع مرور السنين، بالنسبة إلي رؤية واضحة أجدف صوبها بكل ما أوتيت لأحول صرختي إلى فنّ عن الأنثى التي تحارب بضعفها وأحياناً بقوّتها وتقف إلى جانب الرجل وتقول ها أنا هنا اقبلوني لتقبلوا أنفسكم، أما مصطلح الأدب والفنّ النسوي فلا أجد به سوى إجحاف بحقّ المرأة بالتعبير عن نفسها واستعلاء وذكورية مطلقة.

هل هناك عائد ماديّ مجد للمبدع في هذه الظروف وهل هناك شروط لتحقيق هذا العائد المادي؟

ـ بالتأكيد لا يوجد عائد ماديّ ولا سوق في الأصل خصوصاً بالنسبة إلى الشعر. وعلى من يكتب أن يؤمن بأن عطاءه لا يقايض بالمادة وقد يكون التشكيل أحسن حظّاً ولكن هذا يقف على نشاط الفنان واجتهاده وعلاقاته.

هل أنت متفائلة بمستقبل الثقافة السورية وخاصة في مجالَي الفنّ التشكيلي والشعر؟

ـ أنا متفائلة جداً بمستقبل الأدب والتشكيل في سورية شرط ألّا نقع في فخّ التعصّب بأشكاله كافّة.

يذكر أنّ رانيا كرباج خريجة كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب وتخرّجت في مركز رولان خوري للفنّ التشكيلي . صدر لها العديد من الدواوين الشعرية منها وصايا العطر و أين أنت ولها العديد من المعارض الفردية والمشاركات الجماعية وعملت أستاذة محاضرة لمادة الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة في حلب وهي عضو في اتحاد الفنانين التشكيليّين السوريين وأعمالها مقتناة من قبل وزارة الثقافة وضمن مجموعات خاصة في كل من لبنان أوروبا وأميركا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى