اختتمت عرض مسرحيّتها «لو داريت عنّك حبّي»… وتعمل على خماسيّة لرمضان 2018

رنا صادق

وسط زحمة التعدّيات الفكرية والإبداعية في الأوساط الفنّية على الإنتاج الفنّي التلفزيوني، الغنائي والموسيقيّ، خدمةً للسوق التجارية. السوق التجارية التي يحدّد بعضاً من معاييرها، أولئك الذين لا يصلحون لا للفنّ أو الإبداع.

يتشاطر اللبناني مساء كل يوم قنوات التلفزة اللبنانية، التي دائماً ما تعرض برنامجاً فنّياً أو اجتماعياً مستنسخاً عن برامج أخرى غربية أو مسلسلات مكرّرة الصبغة لا تصلح للتقديم من حيث النوعية.

في زمن شاع الانحدار الفنّي والثقافي على وجه الخصوص في مجال التمثيل والغناء، تستباح أصول الفنّ والإبداع وتُنتهك أصالة التمثيل والتقديم. صارت السوق تهمّش المواهب ولا تكترث لذوي الخبرة، حتى يعمد البعض إلى تقديم عمل فنّي رديء كسلعة تجارية تبغى الربح، متجاهلين الأثر الاجتماعي الذي ينعكس من جرّاء أعمال كهذه.

لذا، ووسط هذه المعمعة المخفوقة بالرداءة وقلّة الخبرة، لا بدّ من تسليط الضوء على أولئك الذين لطالما عملوا وجهدوا لصنع اسم في تاريخ الدراما التلفزيونية اللبنانية، والممثّلة القديرة رولا حمادة خير مثال.

رولا حمادة التي اعتدنا عليها، تلك التي لا تغريها البهرجات الإعلامية والأضواء المزيّفة، بل هي ممثلة من الطراز الأول عمدت وما زالت، إلى تقديم دور واقعيّ استدراكيّ وحقيقيّ، تصل من خلاله إلى الجمهور، وكذا تترك الممثلة بصمتها في قلوب جمهورها.

إن استطاعنا القول إن استخدام عبارة «ثمّة ممثلة أولى أو نجمة لبنان الأولى في التمثيل»، هو من أفظع التصنيفات، لأن ـ وفي لبنان خصوصاً ـ حلقة التنافس ضيّقة وسوق العمل في الدراما ليست في أوجّها، لذلك كلّ ممثلة اليوم أثبتت جدارتها في مكان، وأمتعت جمهورها في التقديم في مكان آخر، لا يمكن مقارنتها مع ممثلة أخرى. لذا، لندع هذه المنافسة جنباً، ونتفق حقيقةً على أنّ ما يحتاجه الإنتاج الدرامي اليوم هو العمل الإخراجي المكثّف من ناحية العمل على قصة السيناريو وتطويرها بما يشبه الواقع اللبناني، ومن ناحية اختيار المواهب الشابة المتخرجّة وإعطائها فسحةً للظهور وتحقيق ذاتها. كما على القائمين على الإخراج الدرامي العمل والعمل الجادّ على رفع مستوى المحتوى بما يلائم فكر وعقلية المواطن اللبناني واحتياجاته كافّة.

«البناء» التقت الممثلة رولا حمادة للتعرّف إلى آخر أعمالها وماهيّة العمل الدرامي الجيد وخصائصه.

الأدوار متنوّعة ومتفرّعة. وتُستمدّ هذه الأدوار من أناس في الواقع، فمن الطبيعي أن تصل هذه الأدوار أقلّه مع قوّة الممثل إلى الجمهور، وكلّما أعطى الممثل جهداً لدوره وشخصيته كلّما برزت سلاسة الدور. وفي هذا الخصوص، ترى رولا حمادة أنّ الدور يمشي على خيط رفيع توازناً مع الفنان، وهذا الخيط الرفيع يوصله إلى الجمهور بعد مجهود داخليّ كبير من قبل الممثّل في العطاء.

وعن دورها في مسلسل «ورد جوري» الذي عُرض في رمضان 2017، تقول: الدور كان عبارة عن مزيج من العاطفة والقوّة، الخوف والخطر. شخصية صعبة، تحتاج إلى التيقّظ والاستدراك الدائمين إزاء ما يدور حولها. عملت عليهاً جيداً، أحببتها، ووضعتها ضمن إطارها الأصلي الذي تحتاج إليه حتى تكتمل الصورة بما يتناسب مع القصة.

وتتابع: لكلّ ممثل طريقته الخاصة في تناول أيّ شخصية، بحسب الأدوات التي يمتلكها، إضافةً إلى دور المخرج الذي يصوّب دائماً اتجاه المشاهد والطرق الملائمة لها، حيث يتّفق المخرج والممثل على البنود الأساسية للشخصية، ويعمد دائماً إلى إدخال الممثل في المشهد ويصوّب مساره، وهنا تكمن أهمية المخرج الناجح. وهذا الرابط بين الممثل والمخرج يعمل من خلال تقديم الممثل وعين المخرج، حتى يُنجز العمل وتصل الرسالة بالإحساس والصورة معاً.

الدراما المختلطة، ما بين السورية واللبنانية والمصرية، تتفاوت حولها الآراء والاستنتاجات، حيث يراها البعض أنّها حسّنت من الدراما اللبنانية ورفعت من شأنها، وآخرون يرون أنّها زادت الفجوة في الدراما اللبنانية. أمّا رولا حمادة فتعتبر أنّ الدراما المختلطة هي تجربة قد تحمل الصحّ والخطأ، حيث ترى أنّ غالبيتها كانت وما زالت جيدة نسبياً.

وتقول: الدراما المختلطة تحتاج إلى التركيبة الصحيحة التي يستقيها الجمهور، وهذا ما لم يحصل. كلّ سنة تُقدّم أعمال جيدة جداً لكنها ضمن إطار أو طريق غير مناسب للجمهور، أو لا تتلائم مع احتياجاته. لذلك يحتاج هذا النوع إلى استنباط الحاجة لدى المتلقّين كي تصل الصورة والرسالة المرّجوة من هذه التجربة. والأحسن قولاً، إنّ هذه كلّها تجارب، وعلى الفنان أن يجرّب ما بين كلّ هذه الأنواع حتى نصل في نهاية المطاف إلى تحديد ما هو صح وخطأ.

أمّا في إطار تزايد صفحات التواصل الاجتماعي التي تعمل على إلغاء دور الصحافة في متابعة آخر أخبار الفنانين والتعليق على أعمالهم، والتواصل ومشاركتهم الآراء، العمل الذي يعدّ عملاً إعلامياً فنياً، تقول رولا حمادة إنّ إيجابيات الإعلام الفنّي خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي تسمح بإعطاء نقد أو ردّ فعل مباشر في ما بينهم. كما يسمح للجميع المشاركة وإيصال صوته بحيث يتفاعل المتلقّي مع الفنان.

وترى حمادة أن الإعلام الفنّي الذي يقوم بدوره في النقد أو المشاركة على أسس الفنّ لا مشكلة في ما يقدّمه، لكن التعرّض لخصوصيات الفنان فهو ليس من حقّ أحد.

وعن تجربتها الخاصة، تقول: تجربتي لم تكن سلبيةً يوماً مع الناس أو الإعلام الفنّي على مواقع التواصل الاجتماعي، دائماً يطرح الناس أفكارهم وآرائهم بتهذيب واحترام. وأيّ عمل أقوم به على الشاشة أقول للناس ألّا يحكموا على الدور من الحلقات الأولى في المسلسل.

وعن أعمالها تقول: انتهت مسرحيتي «لو داريت عنّك حبّي» التي عُرضت السنة الماضية. وحالياً أقرأ سيناريو مسلسل جديد سيعرض قريباً، وأعمل على خماسية ستُعرَض في رمضان 2018.

وتبقى الحصة الأكبر في انتقاء البرامج والمادة الدرامية للمتلقّي الذي بات على دراية ووعي مناسبين، وصار قادراً على التفريق ما بين المادة التجارية التي تبغى الربح والمادة القائمة بحدّ ذاته على الأسس الأخلاقية والفنّية والفكرية الصحيحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى