محمد بن زايد يستقبل سلطان بن سحيم بن حمد آل ثاني

روزانا رمّال

نجح ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في استقطاب شخصيات وعناصر الحكم في الجوار الإماراتي بما بدا وكأنه إدارة كاملة لبن زايد لأكثر من مفاصل دولة خليجية ونجاح في اجتذاب القيمين على الحكم في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير محمد بن سلمان، في وقت تفتقد الرياض دورها السابق الذي شكل الاعتدال الاول الداعم للقضايا العربية المفصلية، خصوصاً القضية الفلسطينية، اضافة الى رحيل قيادات أكثر خبرة في هذا الصراع منه الى الفريق الحاكم الحالي إضافة الى تسلم ولي العهد السعودي مسؤوليات حديثاً يمكن وصفها بالحساسة لجهة استعدادات تكريسه ملكاً بأرضية ثابتة بوجه خصومه من العائلة الحاكمة، خصوصاً بتسلمه مسؤولية وزارة الدفاع بدون ان تتمكّن السعودية وحلفاؤها من حسم نتيجة الحرب على اليمن لصالحها بمواجهة مجموعة مقاتلة «انصار الله» بعد 3 سنوات من إعلان «عاصفة الحزم» وهي العملية العسكرية المفترض أن تكون خاطفة لحسم موازين القوى في اليمن.

محمد بن زايد الذي استطاع جذب الأمير السعودي بن سلمان استطاع أيضاً كسب ثقة الملك السعودي والأميركيين وبنى على هذا الاساس أجندة سياسية تفوق فيها على رؤى القيادات المجاورة. وإذا لم تكن رسالة للإمارة القطرية «استقبال معارض قطري» فما عساها تكون تلك الزيارة التي قام بها سلطان بن حمد آل ثاني في مثل هذا التوقيت الذي تعيش فيه قطر مقاطعة خليجية؟

يجمع اهتمام بن زايد وحكام الإمارات بالشباب قاسم مشترك واضح المعالم. وهو ملف تسعى الامارات الى الاستفادة منه، أكان على صعيد توزير طاقات شبابية أو تعيينهم بمناصب عليا في الدولة. وهو إنجاز قادر على كسب شريحة كبرى من الشارع الخليجي وتهدئة أي تطلعات تجنح نحو ثورات نتيجة عدم ممارسة العملية السياسية ديمقراطياً وإشراك الشعب بالحكم. فكان التغيير قائماً على الاستفادة من الطاقات الشبابية. الأمر الذي لم يكن سهلاً في زمن ما عرف بالثورات العربية.

القطري سلطان شاب من «جيل» ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان نفسه. وهي فئات شبابية معجبة جداً بأداء محمد بن زايد وتجد فيه قدوة سياسية وخبرة في التعاطي مع ما يعتقد أنه مصلحة للخليج بعد أن فقدت قياداته نبض التجدد يُضاف اليه نموذج التحديث والتطوير الاول محمد بن راشد اللذان استقبلا الضيف القطري بحفاوة «بالغة» او «مبالغ فيها» إلا لجهة انتمائه المعارض للحكم القطري الحالي.

وكانت السلطات القطرية كانت قد اقتحمت قصر بن سحيم آل ثاني، في عملية ملاحقة المعارضين القطريين بعد أجواء غير مطمئنة عن تحضيرات لانقلابات ضد الأمير تميم بن حمد.

وبالعودة لاستقبال المعارض «باهتمام» فهي واحدة من ضمن رسائل مقلقة كثيرة قرأتها وستقرأها الدوحة بشكل جيد، ومعها تركيا. ويمكن العودة الى الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا في تموز من العام 2016، فإن التقارير التي تحدثت عن دور للإمارات والسعودية في هذا الانقلاب بدعم المعارض التركي «فتح الله غولن» مع ضوء أخضر أميركي كانت كثيرة. وبالمقابل أشارت المعلومات حينها الى ان التحذير الروسي الإيراني لرجب طيب اردوغان عما يحاك ضده أفشل الانقلاب فكان أن سارع الى لملمة المشهد بعد حملة اعتقالات واسعة وقتل للمعارضين الذين شاركوا في الانقلاب، إضافة الى اعتقال صحافيين لا يزالون حتى الساعة قيد الاحتجاز. وبالعودة الى أساس الخلاف فهو يتعلق بالاخوان المسلمين الذين صُنفوا إرهاباً في معظم دول الخليج. وهم اليوم مدعومون من تركيا بشكل مباشر، بل إن حزب العدالة والتنمية التركي هو الفرع الأول من الجماعة والمرجعية الأساسية، لكن هذا لا يكفي كسبب لمواجهة قطر الواقعة ضمن حصار دول الخليج أو المقاطعة التي تُضاف عليها مصر، التي تعتبر حسب مصدر دبلوماسي مصري «سباقة بالخلاف مع الرفض الكامل لاعتبار موقفها تابعاً للدول الخليجية، لأن الخلاف مع الاخوان المسلمين فيها كان من الباب العريض مع الضرر الذي لحق بالبلاد جراء دعمهم الإرهاب».

وبالعودة الى أسباب المواجهة الخليجية مع قطر ومحفزاتها فإن التقارب الإيراني القطري هو الأكثر حساسية. وهو العنصر الذي يشكل هاجساً خليجياً، خصوصاً أن العلاقات الإيرانية التركية القطرية في ما يتعلق بالخليج منسجمة انسجاماً واضحاً على الرغم من الاختلاف الاستراتيجي في سوريا.

الاستقبال «الودي» الذي ظهر أمام الإعلام شارك فيه بن زايد حاكم امارة دبي الشيخ محمد بن راشد لتكتمل رسالة الدعم الإماراتي الكامل لخيار المعارضة في قطر. وهنا يحضر التساؤل حول الموقف الأميركي الجدّي من الصراع بين حلفائها أي السعودية والإمارات وتركيا وقطر بعد أن تبين أنها لم تستطع مواجهة القطيعة القطرية بدعم تحرك الدول الخليجية، لأن قطر لا تبدو حتى الساعة قد استسلمت بعد فتحها الأجواء أمام ايران وبعد تدخل تركيا المباشر أو تهديدها الأروقة السياسية المعنية في الخليج وإعلانها عدم ترك قطر وحدها في الازمة.

واشنطن التي لم تمانع الانقلاب الذي كان يُحضَّر لقطر لم تمانع ايضاً الانقلاب الذي كان يُحضَّر الى تركيا. وهذا وحده يستدعي إعادة النظر بالاستراتيجية الأميركية تجاه الحلفاء التي تعتمد على ضوء أخضر يتعاطى مع النتائج كافة ببراغماتية تماماً، كما دعمت ثورة الإخوان في مصر ووصولهم للسلطة ودعمها أيضاً لثورة مضادة أتت بالسيسي رئيساً!

الأكيد أن الصراع الخليجي مع قطر لا يزال مفتوحاً على الاحتمالات كافة، وأن الرسائل السياسية تتطاير في كل اتجاه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى