الصبر مفتاح الفرج

بلال رفعت شرارة

أنا تغادرني الأجوبة على سؤال محيّر ضاغط: ماذا بعد؟

صحيح، ماذا بعد أفيدوني أفادكم الله. إذ إنني مثل كلّ مواطن عادي آخر أبحث عن جواب شافٍ يتجاوز كلّ تحليلات واستنتاجات المعلّقين الاستراتجيين، إذ كنت أقول في نفسي طالما أنهم يعرفون، فلماذا نعذّب أنفسنا بالمضيّ قدماً أو ذات اليمنة او اليسرة ليس كأفراد فحسب وإنما كدول. وما دام السادة المحللون مستائين من الرئيس السيسي مثلاً ويعتبرون أنّ ترتيبه للأولويات على هذا النحو انطلاقاً من عملية سيناء 2018 أمر غير صحيح، وغير صحيح أيضاً بناء تفاهم مع الرئيس السوداني عمر البشير بما يختصّ بمياه النيل، وغير صحيح على الإطلاق اعتداء الأمن المصري على مرشحي الرئاسة الآخرين، وغير صحيحة كلّ الوعود عن تحقيق قفزة نوعية مصرية في المجال الاقتصادي هذا العام.

أنا لم يُشفِ غليلي أيُّ محلل فيرتّب لي الأولويات المصرية بشكل آخر إذ إنهم جميعاً يعرفون عن مصر بالمقدار نفسه لمعرفتي باللغة الصينية.

الأمر نفسه ينطبق على سورية، إذ إن السادة المحللين يطلعون وينزلون في طرق نحو بلدات لا يعرفون كيف يلفظون أسماءها، ويمهّدون حركة الجيش السوري بإطلاق كلام دون مسؤولية ولا يريدون الانتظار لمعرفة مسار الأمور في عفرين، وهل ستعود الى شرعية الدولة ام لا؟ وماذا تخطط تركيا؟ وهل ما ذهب اليه لافروف بشأن التخطيط الأميركي لتقسيم سورية والعراق صحيح؟ وهل مؤتمر المانحين من أجل العراق فشل أو نجح في تحقيق غاياته؟ وماذا سيحدث الآن من تطورات يمنية في أعقاب الكمين الذي سقطت به القوة الإماراتية؟ وعلى الخط نفسه ماذا سيحدث الآن بعد كمين العلم الفلسطيني وكيف ستتصرّف الحكومة الإسرائيلية الآن غير تهريج رئيسها ورفعه قطعة حديدية قال إنها من بقايا طائرة إيرانية دون طيار قال إنها أسقطت داخل فلسطين؟

بصراحة أنا لا أدري هل ستقع الحرب في المنطقة؟ هل سيشهد لبنان أيّ تطورات ويمشي على حدّ الموسى في المسائل الخطرة المتصلة بحقوقه المائية وحدوده البرية.

لماذا تسكت هكذا يا والدي؟

ترى هل أكذب على ابنتي وعلى نفسي، فأنا لا أدري الحقيقة ولا أعرف الأجوبة على الأسئلة المرّة؟ أنا أعرف بالمشاهدة أنه الآن موسم العلت البلدي فأنا لا أتذوّقه أنا أضعه بين هلالين، إذ ربّما يكون له أسماء عربية أخرى مثل الأسد والسيف والحصان، وأعرف بل وأشعر أنه الآن موسم البرد، فأنا بعد منتصف الأسبوع الماضي عندما صعدت إلى الضيعة عفواً إلى مدينتنا، كدت أتجمّد من البرد لولا أني جلست جنب الصوبا بل التصقت بها منتبهاً أن لا أشوي نفسي!

أنا بصراحة ما أعرفه قليلاً من كثير، ولكني متأكد من النيات العدوانية الإسرائيلية ضدّ العرب والفلسطينيين واللبنانيين والسوريين بشكل خاص. متأكد أننا في لحظة ما سنشتبك مع العدو… من أن الشرق الأوسط وقع في حبائل أخطبوط كثير الأيادي الكثيرة المحاجن وأننا كلما تخلصنا من يد فإننا نقع بين براثن اليد الأخرى التي تضغط على عضلاتنا حتى تكاد تنبجس ثم تأخذ المحاجن بامتصاص ما أمكنها من دمنا، وهكذا دواليك.

لذلك أنا خائف ولا أكاد أرى أمامي ولا ينفعني أن أستمع إلى تحليلات واستنتاجات العباقرة الاستراتيجيين، إذ إنني قرّرت الاكتفاء بعقلي الى الآن، ولكني صرت أرى فيما يرى النائم ما يكدر عليّ ما تبقى من حياتي الفانية وتطلعت من حولي فلم أرَ الا عرباً عاربة وعرباً مستعربة وعرباً هاربة ومَن يصرخ بأعلى الصوت هوايت وستنغ هاوس اني احبك فقلت في نفسي لأنتظر أكثر وأصبر ففي الصبر مفتاح الفرج.

فـ صبراً أيها الناس الذين أحبهم صبراً على النوب… ضعوا بين العيون الشمس والفولاذ في القصب كما دعا الى ذلك الشاعر العربي الفلسطيني توفيق زياد…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى