في مجلس الأمن خبث غربي مغلف بشعارات إنسانية

سماهر الخطيب

يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم جلسة طارئة لـ»بحث فشل تطبيق قرار 2401»، الذي فشل بمداولات إقراره وليس بعد.

فالجماعات المسلحة الواقعة تحت نفوذ واشنطن، في الغوطة الشرقية، لم تهدأ بإهطال قذائف الحقد على سماء دمشق بشكل يومي، منذ إعلان القرار الآنف الذكر لا بل تلك الجماعات تنفذ هجماتها منذ بداية عام 2018، بإيعاز من رعاتها «البترودولار» في محاولة منهم لتغيير وقائع المعركة في الميدان بعد أن خسرت مراهناتهم في دير الزور والشمال السوري، وبعد إغراق تركيا في المستنقع سعياً منهم لتحقيق مكاسب تضمن استمرارية وجود القوات الأميركية غير الشرعية على الأرض السورية.

إذ لا يمكن التكهّن بسياسة الولايات المتحدة الأميركية العدوانية التي تعتمد استراتيجية استنزافية للدول، بغضّ النظر عما إذا كانت حليفة أو معادية لها.

إلا أن التوافق بين الجيش السوري وقوات الحماية الكردية لم يكن بالحسبان ولم تكن معركة الغوطة منتظرة بالنسبة إليهم، ما دفع بوتيرة التصعيد الإنساني ورفع الصوت الأممي كأنما الغوطة هي عقر دارهم، وكأنما باقي الأراضي السورية التي ينتشر فيها مسلحون هي خالية من ضمائرهم الإنسانية.

وكان مجلس الأمن الدولي وافق الشهر الماضي على قرار رقم 2401 يطلب «وقفاً فورياً لإطلاق النار بين جميع الأطراف»، إلا أنه وبعد مرور عشرة أيام اتضح جلياً أن هذا القرار أريد منه فقط التنفيذ من قبل الدولة السورية لـ»ضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وإجلاء المرضى والمصابين»، ناهيك عن كونه استثنى تركيا بحجة أميركية «الدفاع عن النفس».

وكان هذا القرار ساقطاً بمداولاته التي ما فتأت نيكي هيلي تذكر روسيا بين الكلمة وما يليها، كأنما تضع الفاصلة محمّلة روسيا ذنب المزيد من الضحايا لحين اتخاذ القرار الآنف الذكر فكان الرد الروسي إنما كان التأخير للحصول على ضمانات تطبيقه بحرفيته، وللأسف الشك الروسي في محله فليس للثعلب الماكر أمان أو قرار دونما مصلحة ربحية.

وكذلك في المداولات الفرنسية والبريطانية كأنما استبقت الأحداث ونعت القرار قبل تطبيقه رافعة الصوت بالإنسانية والقانون الإنساني، كأنما هي راصدته عن كثب.

في هذا السياق لم يكن مستبعداً الطلب البريطاني بـ «إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سورية وإجراء تحقيق شامل وعاجل في الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية».

رغم أنّ قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بشأن الغوطة الشرقية، لاعلاقة له بالقلق الحقيقي على حقوق الإنسان في سورية.

لكن ما لا تستطيع واشنطن إحرازه من مكاسب في اللعبة الدولية بإحدى الأوراق الضاغطة التي تستحوذ عليها، فإنها تحاول إحرازه بخُبثها المغلّف بشعارات إنسانية فاقدة للمصداقية، لتبرّر انتهاكها للمبادئ والقرارات الدولية.

ونستذكر هنا مشروع القرار الذي تقدّمت به كلٌ من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لمعاقبة الحكومة السورية بسبب هجمات كيميائية مزعومة، في الأول من آذار العام الماضي. وهي تكرّر نفسها بما تملكه من بعض الأوراق في عالم المُكر والخداع السياسي لتغيير ميزان القوى الاستراتيجي، فإنّ روسيا تقف في المرصاد وهي التي تستحوذ على كلّ الأوراق ناهيك عن مصداقيتها في عالم السياسة واحترامها مبادئ الشرعية الدولية.

ليبدو جليّاً أنّ هناك مخطّطاً إعلاميّاً لتصعيد وتأجيج الرأي العالمي ضدّ سورية، حيث لعبت محطّات عربيّة ودوليّة عدّة دوراً مباشراً في تأجيج الحرب على سورية، واستخدمت الكثير من وسائل الخداع لتمويه حقيقة ما يجري على الأرض، بدعم واضح من من الولايات المتحدة الأميركية التي تتحكّم بـ«الشرعيّة الدوليّة»، وتنتهك سيادة الدول وتشرّعها على التدخّلات تحت شعارات قضائيّة وإنسانيّة، بذريعة بنود القرار 1373 الذي أصدره مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب، وما تبعه من قرارات 2178 و2199 وغيرها لحماية الأمن القومي ولإرساء الأمن والسِّلم الدوليَّين.

إلا أنّ الولايات المتحدة تتعاطى مع تلك القرارات حسب أهوائها. وهذا ليس جديداً ولا نتاج ليلة وضحاها، فهناك الكثير من الوثائق والتصريحات، أبرزها وثيقة صادرة عن المخابرات الأميركيّة المركزيّة في 3 أيار 1965، تشير إلى «أنّه في أيّ مكان لا نتمكّن فيه من السيطرة المباشرة على القوات العسكرية وقوات «البوليس»، يصبح من الضروري إطاحة الحكومة وإقامة نظام أكثر مسايرة»، وغيرها الكثير وإن دلّ ذلك على شيء، فإنّما يدلّ على أمور تصبّ في صالح المؤامرة السياسيّة الدوليّة.

وما صرّح به مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، دان كوتس، أمس بأنّ المعارضة السورية المسلحة فقدت إمكانياتها خلال السنوات السبع من الصراع المسلح، وإنها الآن غير قادرة على الإطاحة بالرئيس السوري هو دليل قاطع على تلك النوايا الأميركية بحجة الإنسانية .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى