إقالات في الجملة وفريق جديد في إدارة ترامب.. «محارب الإسلام» وزيراً للخارجية و «متورّطة» في عملية تعذيب مديرة لـCIA..

قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعيين أحد أقرب أنصاره، مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA ، مايك بومبيو، وزيراً جديداً للخارجية، وذلك بعد إقالة ريكس تيلرسون من منصبه.

وأكد الرئيس الأميركي، وأعضاء إدارته «أنّ أسباب إقالة ريكس تيلرسون من منصب وزير خارجية الولايات المتحدة تعود إلى خلافات كبيرة بينهما حول عدد من القضايا الدولية الملحّة».

وفي تصريح أدلى به خلال مؤتمر صحافي عقده ترامب أثناء زيارته إلى مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا بعد إعلانه عن إقالة تيلرسون، تحدّث الرئيس الأميركي عن «وجود اختلافات كبيرة في مواقفهما حول ملفات عدة، ومنها الصفقة النووية مع إيران» التي انتقدها سيد البيت الأبيض بشدّة مراراً وتكراراً قبل توليه الرئاسة وبعدها، مهدداً بـ «انسحاب بلاده منها حال عدم موافقة إيران على تعديلها»، وذلك في الوقت الذي التزم فيه وزير الخارجية السابق بـ «مرونة أكبر منها».

وأضاف ترامب في تصريحه: «أعتقد أنّ هذه الصفقة رهيبة، فيما أعتقد هو أنها مقبولة، فإما أن نخرج من الاتفاق أو نعدله، ولكن موقفه كان مختلفاً».

وأضاف ترامب «أنه يشيد كثيراً بأداء تيلرسون»، واصفاً إياه بـ «الشخص الطيب»، فيما اعتبر أنّ «تيلرسون سيكون أسعد بشكل كبير بعد ذلك».

ويأتي الإعلان عن إقالة تيلرسون بعد ورود تقارير إعلامية تحدّثت عن «قطع الأخير جولته الأولى في الدول الأفريقية بيوم واحد ليعود إلى واشنطن».

من الجدير بالذكر، أنّ وسائل الإعلام الأميركية أفادت منذ أشهر عدة أنّ «ترامب كان يعتزم إقالة وزير خارجيته»، ونقل عن مصادر مطلعة «أن سبب هذه الخطوة يعود إلى خلافات بينهما حول عدد من الملفات الدولية».

وأشار الرئيس الأميركي بوضوح إلى أنّ «بومبيو أقرب منه بشكل ملموس من تيلرسون من حيث وجهات النظر في السياسة»، وقال: «كنا نفكر مع تيلرسون بطريقتين مختلفتين، فيما نفكر مع بومبيو بالأسلوب نفسه.. ونتعامل مع بعضنا بعضاً بشكل جيد منذ الدقيقة الأولى».

ولفت ترامب، في بيان رسمي، إلى أنه «فخور بتعيين بومبيو وزيراً للخارجية»، مضيفاً أنّ «خبرته في الجيش والكونغرس وإدارة وكالة الاستخبارات المركزية هيأته لتولي هذا الدور الجديد».

ودعا الرئيس الأميركي إلى «التثبيت السريع لترشيح بومبيو في هذا المنصب»، الأمر الذي يدخل ضمن مسؤولية مجلس الشيوخ الأميركي.

تيلرسون

ولم يصدر حتى هذه اللحظة أيّ تعليق رسمي من قبل تيلرسون عن سبب إقالته، إلا أنه قال «سينقل كل صلاحياته إلى نائبه وسيغادر منصبه في نهاية الشهر».

وقال تيلرسون للصحافيين في وزارة الخارجية «أهم شيء هو ضمان الانتقال المنظم والسلس في وقت لا تزال تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة على صعيد السياسة والأمن القومي».

لكن متحدثاً باسم الخارجية الأميركية قال لوسائل إعلام «إنّ الوزير السابق لم يرد ترك منصبه ولا يعلم أسباب هذا التطور»، موضحاً أنه «لم يبحث ذلك مع الرئيس الأميركي».

يُذكَر أنّ تيلرسون وقبل إقالته بساعات، أكد لنظيره البريطاني بوريس جونسون «أنّ واشنطن واثقة من الاستنتاجات البريطانية في قضية تسمم الضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال».

بومبيو

من جانبه، أكد بومبيو، في أول تعليق رسمي له على هذا التعيين، «دعمه للنهج الذي يتبعه الرئيس الأميركي الحالي في ما يخص كلاً من القضايا الداخلية والخارجية»، وقال: «أعرب عن شكري العميق للرئيس ترامب على سماحه لي بتولي رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية وعلى هذه الفرصة لأداء منصب وزير الخارجية». وأردف قائلاً: «إنّ الولايات المتحدة أصبحت تحت قيادته أكثر أمانة وأتطلّع إلى تمثيله وتمثيل الشعب الأميركي في العالم من أجل ازدهار أميركا اللاحق».

الجدير بالذكر أنّ مايك بومبيو بدأ مسيرته السياسية عام 2010 مع الترشح لانتخابات أعضاء مجلس النواب من ولاية كانزاس، وفاز فيها ليكون عضواً في الكونغرس منذ العام 2011 وحتى العام 2017.

وفي مجلس النواب شارك في أعمال لجان الطاقة والتجارة والاستخبارات، وكان كذلك عضواً في اللجنة الخاصة للكونغرس التي تم تشكيلها للتحقيق في الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي الليبية عام 2012.

وعلى خلفية تصريحاته المعادية للمسلمين أطلقت وسائل إعلام أميركية على بومبيو لقب «محارب الإسلام» على بومبيو.

وفي 18 تشرين الثاني من العام 2016 عيّنه الرئيس الأميركي الجديد مديراً لـCIA ليثبت مجلس الشيوخ للكونغرس هذا الترشيح في أواخر كانون الثاني 2017.

وصوّت الجمهوريون بالإجماع لمصلحته، لكن الديمقراطيين اختلفوا في آرائهم لا سيما بسبب وعد بومبيو بإطلاق وصف «داعمي الإرهاب» على جميع المسلمين، الذين لا يدينون علنياً العمليات الإرهابية المنفذة من قبل أتباع ديانتهم.

ويعتبر مايك بومبيو أحد الصقور في دائرة مقربي دونالد ترامب، في ما يخص قضية كوريا الشمالية، حيث يعتقد «أنّ الولايات المتحدة يجب عليها التصرف من موقف القوة ودون تنازلات في إطار هذا الملف».

وهو على غرار ترامب، «منتقداً عنيفاً لإيران»، ودعا إلى الانسحاب من الاتفاق النووي معها المبرم عام 2015، فيما اتهم السلطات الإيرانية بـ «دعم الإرهاب للاستيلاء على الهيمنة في الشرق الأوسط».

كما وجّه مراراً «انتقادات حادة لروسيا»، واصفاً إياها بـ «التهديد» للولايات المتحدة، وقائلاً إنها «تسعى لاستعادة مواقعها السياسية في العالم بشكل عدواني»، كما اعتبر أن «موسكو تحاول التأثير على انتخابات الرئاسة الأميركية على مدار عقود».

غولدستين

في سياق متصل، نقلت وكالات إعلامية عن مسؤولين أميركيين، «أنّ البيت الأبيض قرر إقالة ستيفن غولدستين، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الدبلوماسية والعلاقات العامة».

وقال المسؤولون «إنّ هذا القرار اتُّخذ بسبب إدلاء غولدستين بتصريحات، قدّم فيها رواية لأسباب إقالة ريكس تيلرسون تختلف عن الرواية المقدّمة من قبل الإدارة الأميركية».

في هذا الصّدد، قال ستيفن غولدستين، مساعد وزير الخارجية الأميركي، أمس، «إنّ الرئيس دونالد ترامب يعتزم تغيير فريق حكومته قبل البدء بمفاوضاته مع كوريا الشمالية بعد أن أعلن عن إقالة ريكس تيلرسون من منصبه».

وصرّح المسؤول بأنّ «ترامب يريد التأكد من تشكيل فريقه الجديد قبل إجرائه المحادثات المقبلة مع كوريا الشمالية» وكذلك تمهيداً لـ «مفاوضات مختلفة في مجال التجارة».

أما الإقالة الثالثة، التي عُلِم عنها أيضاً، أمس، فطالت أحد أقرب مساعدي ترامب، جون ماكينتي، الذي تمّ تعيينه مستشاراً كبيراً لحملة ترامب الانتخابية لعام 2020.

وأفادت وسائل الإعلام الأميركية بأنّ «إقالة ماكينتي تمّت أول أمس». وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإنّ «ماكينتي أبلغ زملاءه بأنّ لديه مشاكل في الوصول إلى المعلومات السرية لأسباب أمنية».

فيما نقلت شبكة «سي أن أن»، عن مصادر وصفتها بالمطلعة، «أنّ وزارة الأمن الداخلي تجري تحقيقاً مع ماكينتي للاشتباه بـ «ارتكابه جرائم مالية جدية». وأوضحت المصادر «أنّ الاتهامات الموجّهة إليه لا علاقة لها بالرئيس ترامب».

هايلي

في هذا الصّدد، رأت المندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الأمن نيكي هايلي، «أنّ اجتماع الرئيس دونالد ترامب برئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون سيكون حدثاً تاريخياً يستفيد منه العالم بأسره».

وقالت هايلي في بيان وزعته البعثة الأميركية في نيويورك: «الإعلان عن اجتماع بين الرئيس ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم هو فرصة تاريخية تحمل إمكانات كبيرة للعالم. على الرغم من أننا لا نستطيع القول إن اقتراح كيم بشأن الاجتماع مع ترامب صادق، يمكننا القول إنّ هذا اللقاء التاريخي كان يمكن أن يكون مستحيلاً من دون مشاركة المجتمع الدولي في الحملة لممارسة أقصى ضغط على بيونغ يانغ التي أطلقتها إدارة ترامب، والحزم في مساءلة كوريا الشمالية عن طريق تبني ثلاثة قرارات قوية مصحوبة بعقوبات عام 2017».

هاسبيل

وفي سلسلة «التغييرات الهامة» التي أعلنها الرئيس الأميركي في إدارته، رشح ترامب «جانا هاسبيل» لمنصب المدير الجديد لـCIA، لتكون أول إمرأة في تاريخ الولايات المتحدة تتولى هذا الدور المهم.

ومن المتوقع أن يقوم مجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأميركي بعقد جلسة خاصة لبحث تثبيت ترشيحَيْ بومبيو وهاسبيل.

يُذكر أنّ لدى هاسبيل خبرة واسعة في العمليات السرية وكانت انضمت إلى الوكالة في 1985 وخدمت في أماكن عدة في العالم، خصوصاً في لندن في نهاية العام 2000.

وكان بومبيو قال عند تعيينها قبل عام المسؤول الثاني في الوكالة «إنّ جينا جاسوسة مثالية ووطنية مخلصة تملك أكثر من 30 عاماً من الخبرة في الوكالة. وهي أيضاً قيادية محنكة مع قابلية ممتازة للقيام بالمهام ودفع مَن يحيطون بها».

وقدّم ثلاثة مدراء سابقون لـ«سي أيه آي» ومسؤولون آخرون بينهم جايمس كلابر المدير السابق للاستخبارات دعمهم لهاسبيل. في المقابل أبدى عضوان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ تحفظهما على التعيين في رسالة وجّهاها للرئيس ترامب.

وقال السيناتوران رون ويدن ومارتن هينريش إنّ «مسيرتها لا تؤهلها لهذا المنصب».

سنودن

في هذا الشأن، ذكر العميل السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية، إدوارد سنودن، «أنّ المديرة الجديدة لـCIA، جينا هاسبيل، لن تتمكن من زيارة الاتحاد الأوروبي دون مواجهة احتمال اعتقالها».

وقال سنودن، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع «تويتر»، أمس: «من اللافت أن المديرة الجديدة لـCIA جينا هاسبيل، التي عذّبت أشخاصاً، لن تتمكن، على الأرجح، من زيارة الاتحاد الأوروبي للقاء رؤساء الاستخبارات الأخرى دون مواجهة خطر اعتقالها بفضل الشكوى، التي تقدّم بها المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، في نيابة ألمانيا».

وتقول مؤسسات حقوقية عدة، من بينها المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، «إنّ هاسبيل متورطة في عملية تعذيب المشتبه بهم في الإرهاب داخل المعتقلات التابعة للاستخبارات الأميركية».

وطفت هذه القضية على السطح على خلفية قصة أبو زبيدة، الذي اتهمته CIA بأنه «المسؤول عن تجنيد العناصر في تنظيم القاعدة الإرهابي»، حيث يقول حقوقيون ومسؤولون مطلعون «إنه تعرّض للتعذيب في سجن تابع للوكالة في تايلاند بإدارة هاسبيل».

فوتيل

من جهة أخرى، أبدى قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل تأييده لـ «الاتفاق النووي مع إيران»، معتبراً أنّ «الاتفاق النووي يصبّ في مصلحة الأمن القومي الأميركي».

واعتبر فوتيل أنه «إذا ألغي الاتفاق النووي سيتعين على الولايات المتحدة أن تجد طريقة أخرى للتعامل مع برنامج إيران للأسلحة النووية»، مؤكّداً أنّ «الاتفاق النووي يتصدّى لواحد من التهديدات الرئيسية التي تواجهها أميركا من إيران»، بحسب تعبيره.

وعندما سؤل فوتيل عما إذا كان يتفق مع وزير الدفاع جيم ماتيس ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دنفورد في أنّ البقاء ضمن الاتفاق يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي قال «نعم اتفق مع موقفهما».

ماتيس

على صعيد آخر، قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، أمس، «إنّ الولايات المتحدة تلحظ علامات على اهتمام حركة طالبان ببحث إمكانية إجراء محادثات لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 16 عاماً».

وأضاف ماتيس لدى وصوله إلى كابول في زيارة لم يسبق الإعلان عنها أنّ «هناك بعض الدلائل تعود إلى ما قبل تصريحات الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني الذي عرض الشهر الماضي محادثات دون شروط مسبقة مع مسلحي طالبان»، فيما اعتبره مسؤولون أميركيون «عرضاً كبيراً من جانب كابول».

وتابع ماتيس «لدينا بعض المجموعات من طالبان – مجموعات صغيرة – إما بدأت تغير موقفها أو عبرت عن اهتمام بالمحادثات»، مشدداً «في الوقت الحالي نريد أن يقود الأفغان المبادرة وأن يقدموا المادة للجهود التصالحية».

وكانت وسائل إعلام أميركية نقلت عن مسؤولين رسميين كبار في البيت الأبيض في 22 آب 2017 أنّ «الرئيس دونالد ترامب وافق على إجراء مفاوضات مع حركة طالبان الأفغانية».

وبحسب الوسائل فقد «قرّر ترامب إرسال 4000 آلاف جندي أميركي إلى أفغانستان» بهدف «معالجة الوضع الأمني المتدهور في البلاد التي مزّقتها الحرب».

وأعلن ترامب عن وضع واشنطن استراتيجية جديدة في أفغانستان وجنوب آسيا. وقال خلال خطاب ألقاه في قاعدة فورت ماير العسكرية في جنوب غرب واشنطن «طلبت من وزير الدفاع ماتيس وفريق الأمن القومي الخيارات اللازمة في أفغانستان، وبلادنا يجب أن تسعى إلى نتيجة دائمة تستحقّ تضحياتنا، ورجالنا الذين ضحّوا يستحقون خطة للنجاح».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى