الأسد منتصراً في الغوطة: نغيّر العالم… وبوتين بفوز كاسح: نمدّ يدنا للجميع «القوات» تُطلق النار على حليفَيْها المستقبلي والعوني… وماكينات «القومي» تنطلق

كتب المحرّر السياسي

ردّ الناخبون الروس بحجم إقبال استثنائي تجاوز الـ 60 في المئة وبتصويت منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً كاسحاً تخطى الحصول على 75 في المئة من الأصوات، على التهديدات الأميركية بحرب في سورية، تحت شعار وضع حدّ للتقدّم الروسي المتجاهل للمصالح والمطالب الأميركية، كما ردّ الروس على الحملات البريطانية التي استهدفت تشويه سمعة رئيسهم عشية الانتخابات، لتُطوى صفحة تجاذبات كان واضحاً، رغم حجم الصراخ والنبرة المرتفعة التي صدّقها الكثيرون خلالها، أنها محاولة للتأثير على وهج الانتصار الساحق الذي ينتظره الرئيسان السوري بشار الأسد، وحليفه الروسي فلاديمير بوتين.

جاءت زيارة الرئيس الأسد إلى خطوط الجبهات المتقدّمة للجيش السوري في الغوطة ولقاءاته مع نازحيها إلى مناطق سيطرة الجيش، وكلماته خلال الجولة التي قاد خلالها سيارته بنفسه، معبّرة عن جوهر المشهد الدولي والإقليمي. فمن جهة تزامنت الجولة مع مشهد احتلال الجيش التركي مدينة عفرين، بغطاء هزيل وذليل لجماعات سورية تدّعي تسمية المعارضة لتظهر شاهد زور مع رفع العلم التركي في عفرين بعد احتلالها، بينما حلفاء الجيش السوري من مقاومة وحرس ثوري إيراني وجيش روسي يسيرون ويقاتلون تحت العلم السوري، وفيما يقدّم الرئيس السوري الجيش السوري صورة الحاضن للمهجّرين من مناطق سيطرة الجماعات المسلحة التي أقامت سجناً كبيراً اسمه الغوطة فينزح الناس إلى حضن دولتهم وجيشهم ويستقبلهم رئيسهم، كان الرئيس التركي رجب أردوغان القابع على مسافة مئات الكيلومترات عن جبهات القتال، يتباهى بنجاح جيشه بتهجير أهالي عفرين. وبالتوازي كانت كلمات الرئيس السوري لجنوده غاية في تصوير المشهد الدولي، بقوله للجنود والضباط السوريين في جبهات القتال، مع كلّ رصاصة تطلقونها ومع كلّ شبر تتقدّمونه كنا نغيّر العالم، بالتزامن مع الانتصار الباهر للرئيس الروسي الذي حملته صناديق الاقتراع، في علامة على عالم جديد يولد من رحم التضحيات التي يقدّمها السوريون وحلفاؤهم، لجعل العالم أكثر توازناً، بعد عقود من الطغيان الأميركي الأحادي الذي لم يجلب إلا الحروب والفتن.

في موسكو، كان الرئيس بوتين يخرج لناخبيه معلناً مدّ يده لمنافسيه من موقع المنتصر الداعي للتعاون من أجل روسيا والمواطنين الروس، ومستعداً للتعاون مع البريطانيين في التحقيق بحادثة وفاة المواطن الروسي سيرغي كريسبال، وادّعاءات اتهام روسيا باغتياله بسلاح كيميائي، بعدما أعلنت بريطانيا مع نهاية اليوم الانتخابي الروسي استعدادها لمثل هذا التعاون، آملاً أن تحسن الإدارة الأميركية التصرف تجاه القضايا الدولية، بينما كان فرز 80 في المئة من أصوات الناخبين حتى ما بعد منتصف ليل أمس، يمنحه نسبة 76,3 في المئة بينما كان أول منافسيه يحصلّ على 12,2 في المئة فقط.

لبنانياً، حيث بات كلّ شيء انتخابات، تبلورت لائحة التيار الوطني الحر في كسروان جبيل، بحسم بقاء النائب السابق منصور غانم البون والمرشح نعمة الله افرام في صفوفها، بينما أعلن الرئيس نجيب ميقاتي لائحته في طرابلس ومعه النائب كاظم الخير والوزير السابق جان عبيد، وأعلن الوزير حسين الحاج حسن لائحة الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل، وفيها حُسم إميل رحمة مرشحاً عن المقعد الماروني، ما يعني تراجع فرص التحالف مع التيار الوطني الحر، فيما أطلق المرشحون القوميون غسان الأشقر وسليم سعادة وفارس سعد وإميل عبّود وحسام عسراوي ماكينات الحزب الانتخابية في دوائر جبل لبنان والشمال وبيروت، بمواقف يتصدّرها التمسك بخيار المقاومة وبناء الدولة، كثنائي يجنّب لبنان المخاطر الخارجية والداخلية.

الأبرز انتخابياً كانت حال العصاب التي ظهرت في خطاب القوات اللبنانية مع حليفَيْها الانتخابيين المفترضين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، حيث حلّت السجالات والاتهامات في مواقف متبادلة بين وزير الصحة غسان حاصباني ومرشح المستقبل في طرابلس جورج بكاسيني، ومثلها بين المسؤول القواتي شارل جبور ووزير الطاقة سيزار أبي خليل، وفي الحالتين كلام عالي السقوف لا يخلو من الاتهامات والسخرية، حيث قال حاصباني في ردّ على الرئيس سعد الحريري عن الحاجة لمنجم مغربي لمعرفة ما تريده القوات، لا نحتاج إلى منجم مغربي ولا إلى خرزة زرقاء لنعرف إلى أين تذهب البلد وبجهدنا سننهض بالبلد، بينما قال جبور لأبي خليل، أنت مراهق وتاجر.

باسيل يُنقِذ لائحة «التيار» في كسروان

طغى الملف الانتخابي على المشهد الداخلي في نهاية عطلة الأسبوع في ظل سباق القوى السياسية مع الوقت المتبقي لتقديم القوائم الانتخابية الإثنين المقبل، لتكوين صورة نهائية للوائح والتحالفات وسط حالٍ من الغموض والفوضى يلف عملية تركيب بعض اللوائح والتحالفات وترافقها أجواء من التصعيد في المواقف، بهدف التحشيد الانتخابي على مسافة شهر ونصف من استحقاق 6 أيار. في المقابل ساد الجمود المشهد السياسي مع انتقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى دارته في المصيلح لمتابعة الوضع الانتخابي في القرى والبلدات الجنوبية، فيما كثف رئيس الحكومة سعد الحريري جولاته في عددٍ من مناطق وأحياء العاصمة لاستنهاض أهلها علّه يرفع نسبة الاقتراع لرفع الحاصل الانتخابي.

وقد تمكّن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من إنقاذ لائحة تكتل التغيير والإصلاح في دائرة كسروان جبيل من التفكك والانفراط مع حسم انضمام النائب السابق منصور البون إليها، رغم التباين القائم مع المرشح نعمة أفرام، وبذلك تكون اللائحة قد حُسمت بشكلٍ نهائي وتضمّ إلى جانب البون وأفرام العميد المتقاعد شامل روكز والوزير السابق زياد بارود وروجيه عازار على أن يتم الإعلان عنها في احتفال الإعلان الرسمي عن اللوائح الذي يقيمه التيار الوطني الحر في 24 الشهر الحالي.

أما في جبيل، فقد حُسم مرشحا التيار النائبين الحالين سيمون أبي رميا ووليد خوري ولم يُحسم بحسب معلومات «البناء» مرشح المقعد الشيعي بانتظار المشاورات الأخيرة بين التيار وحزب الله مع ترجيح اعتماد ربيع عواد الذي حضر الاحتفال الذي أقامه روكز في البلاتيا الأسبوع الماضي، وقال باسيل خلال جولته في منطقة كسروان التي رافقه روكز في بعض المحطات: «اسألوهم ماذا فعلوا لكسروان قبل تمثيلنا لكسروان واسألوهم عما يحملونه من مشاريع للمستقبل. هم يريدون ردنا الى الخلف ونحن نريد أن نتقدم». كلام باسيل استدعى رداً من الوزير السابق فريد هيكل الخازن قائلاً: «ما فعلناه لكسروان ولبنان قبلكم أننا لم نعطّل مجلس نواب أو حكومة من أجل موقع في السلطة، ولم نُتّهم بصفقات مشبوهة وعندما نسألك عن البترون اسألنا عن كسروان».

لائحة «قواتية» «كتائبية» في زحلة

كما أعلن حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» لائحتهما المشتركة في زحلة على غرار دائرة بيروت الأولى، في مقابل لائحة تحالف حزب الله والنائب نقولا فتوش وسط استمرار الاتصالات لبلورة تحالف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والطاشناق. ويبدو بحسب معلومات «البناء» أن رئيسة الكتلة الشعبية ميريم سكاف تتّجه الى تشكيل لائحة منفردة بعد أن فشلت محاولة حزب الله لجمع سكاف وفتوش في لائحة واحدة. ورفض سكاف أيضاً عرض الرئيس الحريري تشكيل لائحة تضمّهما مع التيار الحر.

«القوات» تنعى المفاوضات مع «المستقبل»

وعلى صفيح ساخن من السجالات والاتهامات المتبادلة واصل كلّ من تيار المستقبل و»القوات» مفاوضات ربع الساعة الأخير لحسم التحالف في الدوائر الخلافية، وقد زار وزير الإعلام ملحم رياشي مساء أمس، بيت الوسط، وعقدا جولة مفاوضات جديدة مع الحريري بحضور وزير الثقافة غطاس خوري، غير أنّها لم تفضِ إلى نتيجة حاسمة، بحسب مصادر «البناء» مع استمرار التباين والتناقض في الحسابات والمصلحة الانتخابية بين الفريقين في عدد من الدوائر. وإذ لم يخرج أي بيان عن المجتمعين نعى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور المفاوضات مع المستقبل للتحالف في الانتخابات، مشيراً الى أن «التحالف مع المستقبل فشل في كل الدوائر، إلا في دائرة واحدة حيث التفاوض لا يزال مستمراً وهي بعلبك الهرمل ».

ويأتي هذا اللقاء في إطار حسم إمكانية التحالف أو عدمه في دوائر بعلبك الهرمل والبقاع الغربي وجزين وعكار، خصوصاً أن «المستقبل» حسم ترشيح هنري شديد عن المقعد الماروني في البقاع الغربي، وبالتالي إذا تحالفت «القوات» مع «المستقبل» و»الاشتراكي» في هذه الدائرة فإن «القوات» ستطلب في المقابل من «المستقبل» دعم مرشحها في البقاع الشمالي. أما في بعلبك الهرمل فترفض «القوات بحسب مصادرها لـ»البناء» تمسّك المستقبل بضم التيار الحر الى التحالف، باعتبار «القوات» أن التيار حليف لحزب الله ولا تريد التحالف مع مَن يتحالف مع الحزب، انطلاقاً من قرار اتخذته قيادة القوات في هذا الأمر.

وسُجل أمس، سجال بين مرشح «المستقبل» في طرابلس جورج بكاسيني ونائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني الذي ردّ على الحريري قائلاً: «لسنا بحاجة إلى منجم مغربي لنعرف إلى أين البلد ذاهب ولا نريد أن نلتجئ إلى أساليب تحمينا من العين وصيبة العين، لأننا فشلنا في كل شيء، فعلينا بجهدنا أن ننهض بهذا البلد». فردّ بكاسيني عبر «تويتر» بالقول: «شكراً دولة الرئيس معالي وزير الصحة أكدت المؤكّد.. وأكيد «صار بدّا» خرزة زرقا لصد… شو قولك؟ فهمك كفاية أو بدك توضيح؟».

«التيار» و«القوات» اللاتحالف سيّد الموقف

ولم يُسجّل أي خرق على خط التحالف بين «التيار البرتقالي» و«القوات»، فدوائر زحلة والبقاع الشمالي والبقاع الغربي والمتن الشمالي وبعبدا والشوف وكسروان – جبيل وبيروت الأولى والبترون. وبالتالي لن تشهد أي تحالف حتى الآن وسط استبعاد مصادر الفريقين لـ «البناء» أي اتفاق بينهما على لوائح مشتركة قبل الاثنين المقبل، باستثناء دائرة جزين التي لم تُحسَم حتى الآن، وسط ترجيحات بأن يشملها اللاتحالف أيضاً، بحسب مصادر «التيار».

وقد سُجّلت جبهة الفريقين أمس، سجال حار بين وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، والمسؤول «القواتي» شارل جبور ، وفي حين غرّد أبي خليل قائلاً: «لم يعُد البلد واقتصاده يحتملان مراهقتكم… روحوا تعلّموا القانون والعمل الوزاري واعملوا شي إنجاز في وزاراتكم… كفى متاجرة بمصالح المواطنين». فردّ جبور مغرّداً «إذا كنت تقصد «القوات اللبنانية»، نقول لك أنتَ المراهق، وأنتَ الجاهل بالقانون، وأنت الفاشل في وزارتك، وأنت التاجر».

على صعيد آخر، أعلن الرئيس نجيب ميقاتي «لائحة العزم» التي ستخوض الانتخابات النيابية عن دائرة الشمال الثانية طرابلس والمنية والضنية في مواجهة لائحتَي المستقبل التي لم يعلنها بعد، ولائحة الوزير السابق أشرف ريفي التي لم تكتمل أيضاً في ظل خلاف كبير بين القيادات السياسية في المناطق الشمالية، وأبرز أعضاء اللائحة الى جانب ميقاتي، الوزير السابق جان عبيد، النائب كاظم الخير.

بعلبك – الهرمل

وإذ يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء الأربعاء المقبل، البرنامج الانتخابي للحزب، أعلن حزب الله لائحة «الأمل والوفاء» في دائرة بعلبك – الهرمل ، في ظل تدخّل سعودي فاضح في الشأن الانتخابي من خلال الضغط في تشكيل اللوائح لا سيما في دائرة بعلبك الهرمل وغيرها في محاولة لتقليص حصة فريق 8 آذار في المجلس الجديد قدر الممكن للحؤول دون تحكمه في القرارات الكبرى في البلد، غير أن تناقض المصالح والحسابات الانتخابية بين أطراف 14 آذار يحول دون خوض الاستحقاق في لوائح مشتركة، بحسب خبراء انتخابيين، الأمر الذي يصعّب مهمة السعودية في جمع شمل حلفائها في لبنان.

وشنّ عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق هجوماً عنيفاً على السعودية متّهماً إياها بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، و»الدخول بشكل فاعل على خط الانتخابات النيابية المقبلة التي نجدها محطة أساسية لبناء دولة المؤسسات، ومواجهة الفساد، وحماية الخيارات الوطنية وتحصينها، وموقع لبنان المقاوم ودوره، ولكن التدخلات السعودية تحرّض اللبنانيين بعضهم على بعض، وتعيد حال الانقسام والتوتر السياسي بين اللبنانيين، وتدفع لبنان نحو جولة جديدة من الفتن الداخلية».

وأشار قاووق إلى أن «السعودية بتدخلها بالانتخابات النيابية وتشكيل اللوائح ودعم المرشحين لمواجهة حزب الله، تريد أن تغيّر المعادلات السياسية الداخلية، وأن تعوّض عن خسائرها في العراق واليمن وسورية، ولكن مهما دفعوا وحرّضوا، فلن يغيروا من المعادلات السياسية الداخلية مثقال ذرة، ولن يحصدوا إلا الخيبة».

«القومي» للوقوف مع المقاومة

وقد شدّد عدد من مرشحي الحزب السوري القومي الاجتماعي على ضرورة الوقوف مع المقاومة والجيش بمواجهة خطر «إسرائيل» والإرهاب اللذين يهدّدان لبنان وعلى حماية السلم الأهلي.

ودعا المرشح عن أحد مقاعد الكورة سليم سعادة الى «التطلّع إلى الأخطار التي تهدّد لبنان، وهي «إسرائيل» والإرهاب، حيث يقف لهما بالمرصاد الجيش اللبناني والمقاومة، ما يحتّم على كلّ نائب دعم المقاومة والجيش لأنهما يقفان بوجه المخاطر الخارجية»، وجدّد المرشح عن دائرة بيروت الثانية فارس سعد تأكيد «ثوابت الحزب السوري القومي الاجتماعي في خوض المعركة الانتخابية على قاعدة الثبات في خطّ المقاومة ومواجهة الإرهاب ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة».

بدوره اعتبر المرشح غسان الأشقر في دائرة المتن أن «الحزب السوري القومي الاجتماعي متجذّر في المتن، وبالتالي خوضنا المعركة الانتخابية في هذه الدائرة هو تأكيد حضورنا وإعادة تثبيت وجودنا على هذه الساحة التي أسّسها الزعيم أنطون سعاده وعمل عليها الحزب منذ 80 عاماً ولا يزال يعمل».

أما المرشح في عكار إميل عبود فشدّد على أن «شهداءنا بذلوا الدماء والتضحيات دفاعاً عن قضية، ومن أجل أن يبقى الفكر القومي الوحدوي متجذراً وطريق خلاص، ومن أجل تعزيز قيم الوحدة الاجتماعية بين أبناء عكار، وكل الوطن».

في سياق آخر، أكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين «أننا نسعى الى تطوير التعاون العسكري الفني مع الجيش اللبناني ، ولا نزال نُجري تفاوضاً في هذا المجال بغض النظر عن مواقف الآخرين»، مشيراً الى أن «هناك طلباً لبنانياً وإمكانيات روسية لتزويد لبنان بالسلاح». لافتاً الى أن «الضغوط حول تسليح الجيش اللبناني بسلاح نوعي لا أريد أن أتحدّث عنها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى