الموازنة.. بين سلق النقاش وضغط الوقت

هتاف دهام

تتسم اجتماعات لجنة المال والموازنة المخصصة لمناقشة الموازنة العامة للعام 2018 التي أحالتها الحكومة إلى المجلس النيابي بملاحظات أساسية عدة.

1 – ضعف الحضور النيابي المواكب لهذه النقاشات. إذ يقتصر الحضور على الحد الأدنى الذي يتشكل منه نصاب لجنة المال 6 أعضاء ، وأحياناً كثيرة يستمر النقاش من دون أن يتوفر النصاب القانوني لانعقاد الجلسة. ويغيب معظم أعضاء اللجنة فضلاً عن النواب الآخرين المعنيين بالاختصاص المتعلّق بهذه الوزارة أو تلك.

ويفسّر المواكبون لهذه الاجتماعات ما يحصل ويردّونه إلى أسباب تتعلّق بانشغال النواب بالحملات الانتخابية مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي في 6 أيار المقبل، فضلاً عن أن قسماً كبيراً من نواب اللجنة لن يترشحوا للانتخابات النيابية، علماً أن عدداً من هؤلاء يواظب على الحضور.

2 – الاتفاق القائم بين معظم الفرقاء على إقرار سريع لهذه الموازنة والإقلال ما أمكن من النقاشات بهدف إقرارها قبل انتهاء شهر نيسان المقبل، وأحياناً لا يستطيع النواب اللحاق بسرعة طرح جداول إيرادات ونفقات الوزارات المختلفة وهذا ما يفسّر سرعة إقرار موازنتي الداخلية والمال بكل مؤسساتهما وإداراتهما يوم أمس في جلسة عقدت قبل ظهر أمس، برئاسة النائب ابراهيم كنعان.

3 – النقاش الفعلي سينصبّ على مواد الموازنة التي ستؤجل إلى ما بعد الانتهاء من نقاش موازنات الوزارات. فالمادة 43 التي تتصل بموضوع معاشات المتقاعدين ونصت على تصفير القانون 46 الذي حدّد سلسلة الرتب والرواتب، تنطوي، بحسب المعنيين، على التباس في الصياغة وعدم الوضوح الأمر الذي سيفتح الباب حول نقاش كبير حولها في ظل تهيؤ القطاعات المختلفة للمتقاعدين لا سيما العسكريين، للبدء بالتحرك حفاظاً على حقوقهم التي يرون أن المادة 43 تطيح بها.

وفي الوقت الذي حاول بعض النواب فتح النقاش مبكراً حول المادة 43، طلب وزير المال علي حسن خليل تأجيله حولها الى ما بعد الانتهاء من موازنات الوزارات والوصول الى مواد الموازنة، مع تأكيد الوزراء والنواب المعنيين الالتزام بحقوق المتقاعدين التي جرى تحديدها في سلسلة الرتب والرواتب. وفي السياق نفسه أشارت مصادر نيابية لـ«البناء» إلى أن الأزمة المالية الاقتصادية ستشكل موضوعاً للنقاش في إطار الموازنة.

ويرى معظم أعضاء اللجنة بأنّ ما يُتخذ من إجراءات لا يفتح مساراً استراتيجياً في إيجاد معالجات جذرية للأزمة السابقة الذكر في ضوء مخاوف متصاعدة حول قدرة الوضع اللبناني على الاستمرار من دون التعرّض لهزات مالية.

ويعتبر إيقاف القروض السكنية والتعديل في شروطها رأس جبل جليد حالة بدأت تطلّ بمؤشرات عديدة. فهذه الأزمة تضاف إلى عمليات swap التي أجراها البنك المركزي مع عدد من المصارف اللبنانية والهندسات المالية المتتالية التي يقودها، وتعكس في حقيقة الأمر مقدار الحرج في الوضعين الاقتصادي والمالي اللذين يمرّ فيهما لبنان. مع العلم أنّ المدافعين عن الهندسات المالية يعتبرون أنها كانت خياراً ضرورياً في المرحلة التي طُبّقت فيها، بعدما استُنفدت جميع الوسائل لتجنيب لبنان الانهيار النقدي.

ولفت رئيس لجنة المال إلى أنّ «أيّ وقف مفاجئ للقروض غير مقبول لأنه يهدّد السوق العقاري بالانهيار»، مشيراً إلى أنّ الحلّ للمرحلة اللاحقة يجب أن يكون بالتعاون بين الحكومة والمصارف لتأمين السيولة جدّياً ضمن الحدود المقبولة، على أن تكون الفوائد ضمن السقوف الممكنة».

على هذا الأساس اتفق أعضاء لجنة المال والموازنة على عقد اجتماعات موازية لمناقشة الموازنة بهدف الاتفاق على مجموعة من المواقف تجاه القضايا المركزية الأساسية التي تعيق معالجة الوضعين الاقتصادي والمالي والتي هي:

1 – سياسة المديونية وخدمة الدين.

2 – عجز الكهرباء، في حين أنّ المطلوب، بحسب كنعان، الذهاب بحلّ جذري في ملف الكهرباء، فلا يمكن الاستمرار بعجز بلغ في السنوات الـ10 الأخيرة أكثر من 20 ملياراً.

3 – قطاع الاتصالات وقطع الطريق على المخصصات المشبوهة.

4 – وضع مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص موضع التطبيق.

5 – الدفع باتجاه تعيين الهيئات الناظمة للمؤسسات المختلفة وفي طليعتها مؤسسة الكهرباء.

وعليه، من المرجح أن تشهد المناقشة العامة للموازنة في الهيئة العامة نقاشاً مركزاً في هذه الموضوعات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى