الحريري: أولويتنا التركيز على القطاعات الإنتاجية

أعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «أولوية الحكومة للمرحلة المقبلة هي التركيز على القطاعات الإنتاجية، وسبل النهوض بهذه القطاعات وتكبير حجم اقتصادنا وأن نرفع معدلات النمو ونؤمن فرص العمل للشباب»، مشيراً إلى أنّ «جميع المشاريع التي سيتضمنها برنامج الإنفاق الاستثماري الذي تحمله الحكومة إلى مؤتمر «سيدر» في باريس، ستعرض على مجلس الوزراء لمناقشتها من قبل كافة الأطراف السياسيين المشاركين بالحكومة لإقرارها».

وأوضح الحريري أنّ «الحكومة تتعامل بواقعية مع هذا البرنامج ـ الخطة والذي يمتد على مدى عشر سنوات، ويشمل مشاريع بقيمة 16 مليار دولار».

كلام الرئيس الحريري جاء خلال لقاء حواري أجراه مساء الثلاثاء في السراي الحكومية مع المشاركين في «منتدى المال والأعمال»، الذي نظمته شركة «كونفكس» بالتعاون مع مصرف لبنان.

وقال: «إنّ الحكومة قد شرعت، وبالتزامن مع إعداد هذا البرنامج، القيام بسلسلة من الإصلاحات المالية الضرورية والأساسية، وقد أدرج بعضها في مشروع موازنة العام 2018 وهي تشكل حجر الزاوية لبناء اقتصاد حديث ومتكامل يحوز على ثقة الدول المانحة».

أضاف: «في المرحلة السابقة، كان هدفنا تثبيت الاستقرار السياسي والأمني في البلد، واليوم هناك إجماع داخل الحكومة للتركيز على الوضع الاقتصادي، لا سيما اننا مقبلون على استحقاقات سياسية واقتصادية مهمة جدا للبلد، وأبرزها مؤتمر «سيدر» الذي يدعم الاقتصاد اللبناني».

وتابع: «مشكلتنا اليوم أنّ النمو في البلد وصل إلى 1.5 ، وهذه نسبة غير كافية بالمقارنة مع التحديات التي يمر بها لبنان، سواء على الصعيد الاقتصادي أو في موضوع اللاجئين السوريين الذي يؤثر على فرص العمل في البلد. ومؤتمر «سيدر» يتوقع أن يساهم في توفير فرص عمل كثيرة للشباب اللبناني، استناداً إلى المشاريع التي يتضمنها برنامج الإنفاق الاستثماري».

وقال: «التحديات التي لدينا معروفة، وهي تتمحور حول الكهرباء والمياه والاتصالات والمطارات والمرافئ والصرف الصحي والبنى التحتية، وقد حققنا حتى الآن إنجازات كبيرة في مجال الاتصالات، لكننا سنعمل أكثر فأكثر لنحقق المزيد من هذه الإنجازات، لأنّ هذا القطاع هو الأساس في اقتصاد المعرفة، الذي يوفر أكبر عدد من فرص العمل للشباب والشابات. وإذا حققنا كلّ المشاريع التي نخطط لها في مختلف المجالات، فإنه سيتم ضخ كمية كبيرة من الأموال في البلد، وسيساعد ذلك كلّ القطاعات الصناعية والإنتاجية».

وتابع الحريري: «إنّ أولويتنا للمرحلة القادمة هي التركيز على القطاعات الإنتاجية، وكيفية النهوض بهذه القطاعات وتكبير حجم اقتصادنا وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وتأمين فرص العمل للشباب. وإذا كنا كدولة سندعم بعض القطاعات فإنه علينا أن نركز على القطاعات التي سنعمل عليها مع القطاع الخاص».

وتطرق رئيس مجلس الوزراء إلى مهمة فريق «ماكنزي» الاستشاري فقال: «في السياق نفسه، يندرج أيضاً العمل الذي يقوم به فريق «ماكنزي» اليوم، لنتوصل بالنهاية إلى وضع استراتيجية شاملة للقطاعات الإنتاجية يكون الجميع مشاركا فيها، فنعرف أين تكمن قوة لبنان الاقتصادية وما هي المجالات التي يمكن للدولة أن تستثمر فيها. وقد طلبنا من «ماكنزي» أن يلتقوا مع الجميع، في الوزارات والإدارات والمؤسّسات العامة، ومع النقابات والمجلس الاقتصادي الاجتماعي وممثلي كلّ القطاعات ومع كل المعنيين، من أجل وضع خطة شاملة».

أما بالنسبة لمشروع تأمين الكهرباء، لفت الرئيس الحريري إلى أنّ «فكرة استئجار البواخر لتوفير الطاقة ليست هي الهدف بحدّ ذاته»، وقال: «واجبنا كدولة لبنانية أن نؤمن التغذية 24 على 24 ساعة، فيما قدرة الدولة من إنتاج الكهرباء لا تتجاوز كمعدل وسطي في المناطق الـ16 ساعة، وبالتالي لا بد من تأمين الثماني ساعات المتبقية. هذا في حين أنّ الدولة غير قادرة على تعديل التعرفة، لأنّ المواطن مضطر لشراء الكهرباء من مصادر أخرى، ما يجبر الدولة على تحمل حوالي 2400 مليار ليرة كدعم للكهرباء لأن التعرفة المعتمدة حاليا وضعت منذ فترة طويلة جدا، ولم تتغير رغم كل تقلبات أسعار النفط».

ورأى أنّ «هذا الواقع الحالي يصب في النهاية في خدمة أصحاب المولدات غير القانونية والتي لا تخضع لا للضرائب ولا للتسجيل ولا للرسوم. هؤلاء يربحون ملياري دولار لأنهم يبيعون المواطن الكيلو واط الواحد بين 25 و30 سنتا، في حين يدفع المواطن للدولة ثمن الكيلواط 9 سنتات فقط، وبالتالي تضطر الدولة لدعم هذه التعرفة بحوالي الـ5 إلى 6 سنتات عن كل كيلواط لكي تغطي العجز. وعليه، فإنّ الفكرة الأساسية من شراء أو استئجار الكهرباء هي استكمال خطتنا التي تتيح للدولة اللبنانية أن تنتج طاقة تصل إلى 24 على 24 ساعة، من خلال إعادة بناء كافة المعامل، وتحويلها للعمل على الغاز بدل الفيول، وفي الوقت نفسه تعديل التعرفة لكي تصل إلى حوالي الـ14 سنتا، بما يوفر الكثير على المواطن الذي يدفع فاتورتين للكهرباء حاليا. المشكلة أن هذا الموضوع أصبح مُسيّساً».

وكان اللقاء قد استهل بكلمة رئيس الندوة الاقتصادية اللبنانية رفيق زنتوت الذي اعتبر «أنّ اقتصادنا الوطني أمام مرحلة واعدة، في ظلّ المؤتمرات الدولية الداعمة المتعلقة بلبنان»، لافتاً إلى «أنّ القطاع الخاص لديه القدرة الكاملة على المشاركة في هذه البرامج والمشاريع، سواء تأمين الخدمات العامة أو إعادة إعمار البنية التحتية التي يحتاج إليها اقتصادنا ليحقق النمو، وهو يستطيع باعتماد مبدأ الشراكة، أن يمول ما بين 20 إلى 40 في المئة من تلك المشاريع، لكنه بحاجة إلى تأمين التوافق السياسي، والأرضية المشجعة للدخول في هذه البرامج الاستثمارية».

وفي ختام اللقاء الحواري، أقام الرئيس الحريري مأدبة عشاء على شرف الحضور، شارك فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحشد من رجال الأعمال والمستثمرين والمصرفيين والفاعليات الاقتصادية وشخصيات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى