لندن تسعى.. ومصالح تحكم!

سماهر الخطيب

قال رئيس وزراء بلجيكا، شارل ميشال، أمس، «نتحدّث كثيراً عن روسيا، لكننا نتحدّث قليلاً معها»، معبّراً عن «دعمه لإقامة قناة سياسية دائمة رفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي وروسيا لبحث الخلافات القائمة بين الجانبين».

وقال ميشال في ختام الجلسة العامة الأولى لقمة الاتحاد الأوروبي، التي انطلقت أمس الخميس في بروكسل: «علينا التحدث مع روسيا والاستفادة من نفوذها لأنها لاعب هام في المنطقة».

فيما تسعى لندن إلى الحصول على دعم شركائها الأوروبيين في مواجهة موسكو في قضية الجاسوس الروسي السابق في بريطانيا. إنما غاب عنها أنّ هناك دولاً حريصة على الحفاظ على علاقاتها بموسكو مثل النمسا واليونان وإيطاليا، وكذلك بولندا التي تؤيد اعتماد لهجة أقل حزماً في هذه القضية الخطيرة والتي ستشكل إنذاراً للاتحاد الأوروبي.

وفي دعوتها إلى «تحرّك منسق» بين حكومات الاتحاد الأوروبي قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «إنّ روسيا تشكل تهديداً للتكتل بأكمله، وليس لبريطانيا فحسب».

في حين، تأمل بعض الدول أن تقدم لندن عناصر جديدة كأدلة، لكن هناك تشكيك في الأوساط الأوروبية حول امتلاك لندن للأدلة.

بالرغم من أنّ واشنطن وباريس وبرلين قدّمت دعمها وأيدت موقف لندن التي حملت موسكو المسؤولية في تسميم الجاسوس السابق، إلا أنها في حال عدم تقديمها أدلة تثبت التورط الروسي، فإنّ شركاءها الأوروبيين لن ينخرطوا في مستنقعها الذي اشتدّ سعيره الكلامي دون أدلة ملموسة تربط القول بالفعل.

وبالتالي لن يكون هناك إجماع كما تريد، لو أقله «فرض عقوبات جديدة على موسكو»، ومن غير الممكن التوصل الى توافق كما أكدت وفود أوروبية عدة. فقبل كل شيء تريد الحصول على أدلة، وبعدها ستستخلص الاستنتاجات.

وأعلن السفير الروسي لدى بريطانيا، ألكسندر ياكوفينكو، «أن سفراء دول الاتحاد الأوروبي لم يتلقوا أدلة على تورط روسيا الاتحادية في حادثة تسمم الجاسوس البريطاني سيرغي سكريبال».

وبحسب السفير: «ستسعد جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي برؤية شيء من الأدلة قبل التوصل إلى قرار بشأن طرد الدبلوماسيين الروس، كما يريد الجانب البريطاني».

ولربما عزفت ماي على وتر الديمقراطية الأوروبية، بقولها «إنّ التحدي الذي تمثله روسيا هو تحدٍ سوف يستمر سنوات. سنتمكن من التغلب عليه بوحدتنا».

كذلك، متجاوزة «بريكست» بتذكيرها القادة الأوروبيين بأنّ «التهديد من الشرق سيبقى قائماً حتى بعد مغادرة بريطانيا التكتل السنة المقبلة». وعدت ماي بأنها «ستقف بجانب الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أجل أن نواجه معاً هذه التهديدات».

إلا أنّ أكثر ما يمكن التوصل إليه هو استحضار بيان ربما لا يتناسب مع توقعات ماي التي تناست مشاكل طلاقها بإثارة الأزمة مع موسكو علها تستثمر بعض الوقت في صالحها.

ونستنذكر هنا أنه لا توجد لدى روسيا أسلحة كيميائية، والتي دمّرتها جميعاً تحت إشراف المراقبين الدوليين، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيلول العام الماضي «أنّ بلاده بدأت تدمير آخر إمداداتها من الأسلحة الكيميائية»، واصفاً هذا التطور بأنه «حدث تاريخي».

كما انتقد بوتين «عدم وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها إزاء التخلص من الأسلحة الكيميائية».

وفي إطار التزامها بالاتفاقية الدولية لحظر إنتاج الأسلحة الكيميائية وتخزينها واستخدامها كان مقرّراً أن تنهي موسكو تدمير ما تبقى من ترسانتها من الأسلحة الكيميائية بحلول عام 2012، ثم تأجل لعام 2015، لكن ذلك تمّ العام الماضي. وقد أشادت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بخطوة روسيا الهامة بتدمير آخر ما تبقى لديها من هذه الأسلحة السامة.

وقال رئيس المنظمة الدولية، أحمد أوزومجو حينها «إنّ الانتهاء من التدمير الذي تمّ التحقق منه لبرنامج أسلحة روسيا الكيميائية هو خطوة هامة نحو تحقيق أهداف معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية».

فهل ستتجاوز بريطانيا باتهاماتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كما تجاوزها حلفاؤها في سورية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى