مصدر دبلوماسي: فشل مساعي عقد لقاء بين الحريري وجعجع

روزانا رمّال

كشف مصدر دبلوماسي لـ«البناء» أن مساعي دبلوماسية رفيعة عقدت الأسبوع الماضي من أجل تلطيف الأجواء بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بين ممثلي الطرفان، جرى إثرها البحث بمساعٍ لتقريب وجهات النظر من أجل الخروج بصورة نهائية تؤدي الى توافق يحفظ ماء وجه الحلف الذي يشكل المستقبل والقوات ركيزته سابقاً والمتمثل بفريق 14 آذار الذي يخوض الانتخابات هذه المرة بشرذمة غير مسبوقة. وأضاف المصدر «أن الاتصالات لم تفضِ إلى تحديد موعد لقاء بين جعجع والحريري، لكنها تمحورت حول أهمية أن لا يصبّ هذا الخلاف لصالح حزب الله بالانتخابات النيابية». وإذا كان الخلاف بين جعجع والحريري قد حصل إثر أزمة الاستقالة التي اعلنها الحريري من الرياض، فان الاهم بالنسبة للمصادر ان لا يصبح الخلاف على «الاستراتيجيا» وعلى ملفات تؤدي الى استفادة غير مباشرة للفريق المؤيد لإيران. وتقول المصادر «إن هذه المساعي الدبلوماسية تنطلق من فكرة وحيدة وهي إزعاج حزب الله وتشكيل عنصر ضغط عليه في المناطق التي يمكن التأثير فيها لكلا الطرفين اي المستقبل والقوات، إضافة الى ان هذا الأخير ينطلق من الفكرة نفسها كأساس في المعركة الانتخابية». وختمت المصادر «المساعي مستمرة حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان التحالفات، لأن أحداً غير مستعدّ لإهداء حزب الله نصراً كبيراً في وقت صار العمل على إيصال نوابه الى المجلس بنتائج «خافتة» او لا تترجم شعبية ساحقة هدفاً بحد ذاته».

وعلى أن هذه المساعي ليست الأولى من نوعها والتي كان قد سبقها الوزير غطاس خوري والوزير ملحم رياشي، فإن المؤكد ان المشكلة باتت اعمق بين الرجلين، لانه كان من المأمول ان تكون صفحة الانتخابات النيابية فرصة للمصالحة التي يمكن على اساسها الحديث عن ضرورة عدم البقاء في دائرة الخلاف الذي قد يؤثر حكومياً في المرحلة المقبلة، لكن الحريري الذي يبدو انه مرتاح في خياراته ينطلق على ما يبدو من فكرة اساسية وهي ان الحليف المسيحي هو الأهم دائماً بالنسبة لتياره وبما ان التيار الوطني الحر استطاع أن يحل المشكلة، فإن مصالح الطرفين المتقاطعة تزداد يوماً بعد الآخر ليصبح التيار الوطني هو الحليف المسيحي عن القوات الذي يمكن أن يتشارك معه في الملفات التي تحتاج الى شرعنة وتسويق داخل التيارين، خصوصاً تلك التي تحتاج إجماعاً وطنياً.

الموفد السعودي نزار العلولا الذي زار جعجع ليؤكد للحريري أنه محطّ اهتمام ورعاية من قبل المملكة العربية السعودية لم يستطع أن يؤثر إيجابياً على إعادة العلاقة بين الرجلين كما كانت، الا انه استطاع ان يخلق ارضية تسمح بتواصل على مستوى الصف الثاني بين المستقبل والقوات للتأسيس لتحالفات في مناطق محددة وقليلة في الانتخابات امام جمهور الطرفين لتبقى السعودية إحدى علامات الأمل القادرة على منح جعجع فرصة تعود فيها الامور الى مجاريها بين المتخاصمين.

الحريري الذي يعرف أهمية هذا الحليف المسيحي على موعد مع الاستحقاق الأكبر بعد الانتخابات وهي تسمية رئيس الحكومة. وهو كان قد سُمّي رئيساً بأغلبية مطلقة بمجلس النواب لتبدو الصورة أوضح لجهة ارتياحه لجهة إن القوات لن تتخلّى عن الحريري في التسمية رئيساً للوزراء، طالما انه يتمتع برعاية سعودية ومظلة لا تزال موجودة، والحريري الذي يدرك ذلك يؤكد أنه يفاوض أو لا يفاوض هذه المرة من موقع قوة فلم يعد رهن أصوات محددة لإعادة انتخابه رئيساً للوزراء، بل إن هذه الأصوات هي التي تحتاج الى المحافظة على بصيص أمل يعيد العلاقة كما كانت او بالحد الأدنى التصويت مجدداً له للتكفير عن «الذنب» وإثبات أن أحداً لم يكن يرغب بالتخلي عن الحريري في أزمته الاخيرة التي كانت سبباً في نسف علاقة من عمر « ثورة الأرز» بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية.

ربما تكون المرة الاولى التي لا تستطيع فيها توازنات الخارج التأثير بالانتخابات النيابيةـ رغم مساعي بعض الجهات الخليجية عقد اجتماعات مكثفة للبحث في إمكانية إحداث خرق وازن في بيئة حزب الله، رداً على تدخله في حرب اليمن وحروب أخرى حدّت النفوذ الخليجي في لبنان والجوار. وبالرغم من ذلك لا يبدو أن إمكانية إحداث نتائج تقلب المشهد او «مفاجأة « كما تدّعي هذه الجهات ممكنة ما يترجم التأثير الضعيف للقوى الخارجية خليجية كانت او غربية هذه المرة بالانتخابات النيابية وأكثر ما يفسر ذلك عدم خضوع الحريري لنصائح تعيده الى تحالفاته السابقة بل نجاحه بإقناع السعوديين بأن خياراته هي الأفضل في لبنان. وبالتالي صار لزاماً على الرياض اعتبار الحريري وما يرتضيه خيارها في المرحلة الحالية وإلا فإنها على موعد اضمحلال دورها المحلي بغياب حاضن للسنة في لبنان بحجم الحريري الذي تشكل حوله إجماع وطني لم يحظَ به في ذروة الدعم السعودي لفريقه منذ عام 2005.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى