ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

أحد عمالقة النحت في سورية… الأمين الفنّان سعيد مخلوف

الرفقاء حديثو الانتماء بمعظمهم، لم يسمعوا، ربما، بالنحّات الأمين سعيد مخلوف. ومعظم الرفقاء الأقدم انتماء كانوا قد سمعوا به، إنما قد لا يعرفوا عنه شيئاً.والرفقاء والمواطنون والأصدقاء، وكلّ من زار ضهور الشوير، فشاهدوا نصب المقاومة، ووقفوا أمامه بإعجاب، والتقطوا الصور، لا يعرفون أن النصب من وضع الأمين سعيد مخلوف.

هنا تعريف بأشهر النحّاتين في سورية كلها، الأمين الفنّان سعيد مخلوف

كتب الإعلامي والكاتب سعد بشير فنصة، هذا البحث القيّم عن الأمين سعيد مخلوف. وقد نشرته مجلة «فكر» في بدايات العام 2010، نقتطع منه، أهم ما جاء فيه:

التاريخ الأول، المعرفة الأولى

«بستان الباشا» 1 ، تلك القرية المرتفعة من قضاء جبلة في محافظة اللاذقية. الوالد ابراهيم مخلوف ينتظر عودة آخر أولاده وأصغرهم إلى داره الفسيحة المحاطة بأشجار الزيتون واللبلاب والسنديان والصنوبر البري، وتنفجر من بساتينها القريبة الينابيع الصغيرة العذبة في «عين سلوان»، التي أبقت في ذائقة هذا الطفل البري الجبلي غير المروّض بعد، طعماً سيذكره حتى آخر سني عمره وهو يلهو بأحجار المرتفعات الجبلية، ويشتم رائحة خشب الجوز، ويطارد الأرانب الصغيرة، ويطلق سراح من يقع فريسة الفخاخ الحديدية التي نصبها أشقاؤه الأكبر لحيوانات البرية التي اعتادها. وبعيني الطفل يراقب والده وهو يسكب الطعام المطبوخ في داره للفقراء والمعوزين، وما أكثرهم في ذلك الوقت، وما أكثرهم إلى الآن، ويقدم لهم ثمار الأرض التي امتلكها وعمل بها. وبهاتين العينين كان يعي كرم والده، الذي رُويت عنه أقاصيص حفظها أبناء المنطقة إلى اليوم. «والدي كان مشهوراً بكرمه وعطائه بغير حساب. وقد أكون أنا أكثر أبنائه تشبّهاً به، أو هكذا يقولون…».

قالها مرة بفخر في مرسمه القابع بالقرب من معرض دمشق الدولي، إذ كان ترتيبه الأصغر بعد خمسة أشقاء ذكور وشقيقتين، من والده المزارع الأشهر بين وجهاء المنطقة.

القصة الثانية

«شبّ هذا الطفل وكوّن وعياً سياسياً فاق عمره بكثير عبر اقترانه بالفكر السوري القومي الاجتماعي، لتبدأ مرحلة جديدة من عمله السياسي المفعم بحماس العمل الوطني الصاعد في الأربعينيات والخمسينيات. وبتوالي مسلسل الانقلابات العسكرية السورية، يصبح الحزب وأعضاؤه في عداد الملاحقين 1955، ليجد سعيد مخلوف الشاب نفسه لاجئاً إلى لبنان بعد ستة أشهر قضاها في سجن المزة في دمشق، وكان حينها قد فاق الثلاثين من عمره.

في بيروت، لم يكن الحال أحسن بكثير، فقد كان المد القومي العربي يلقي ظلاله على الصراعات السياسية، وتنقّل بين بيروت والفريكة وديك المحدي، التي قضى فيها ردحاً من الوقت، وتعرّف فيها على أسد الأشقر الأمين، رئيس الحزب ، في مسقط رأسه. وفي بيروت، عمل بمهن أثرّت في ثقافته البصرية، فقد عمل في «المسرح» ممثلاً ومصوراً وماكييراً، واتصل بالعديد من أركان الثقافية البيروتية واللبنانية، وعلى رأسهم رواد مجلة «شعر» التي ترأسها يوسف الخال، وكان من فريقه المؤسس أدونيس والماغوط، وغيرهم من الحداثيين والمجددين، كتوفيق صايغ، وأسماء أخرى ممن اتصل بهم، أو كان على تواصل معهم، ليكوّن مرحلة استقطاب فكري عميق انعكس جلياً في ما بعد على نتاجه الفني والنحتي وحواراته الفكرية ورؤيته الذاتية المنفردة، والتي بدأت في البحث الخاص في هوية النحت السوري القديم، أبعدته عن تيارات المدارس الفنية الأكاديمية.

لقد كان الراحل يقضي الساعات الطوال متأملاً كنوز متحف دمشق الوطني الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مرسمه، في غدوه ورواحه. كان الإرث النحتي القديم بمخيلته الثرية يستوقفه عند المتحف الوطني لقراءته وتفسير رموزه وفهم تقنيته النحتية. وكان متابعاً شغوفاً لأخبار بعثات التنقيب الأثرية، ومما تقذف فيه تلك الحفريات من لقى أثرية، ويسأل نفسه وهو يقرأ رموز الدلالات المشخصة لأساطير الشرق السوري القديم المحفور بدقة متناهية على الأختام الاسطوانية والتمائم الصغيرة: هل كانت قدرات الفنّان القديم خارقة بحيث لا يمكن لفنّاننا مجاراتها في يومنا هذا!؟

ومن هذه المساءلات قضى ردحاً طويلاً من حياته يصادق المتحف الوطني في دمشق يستقرئ الرموز، ويكشف اسرار صنعتها النحتية. ولأول مرة في تاريخ النحت المعاصر، قدم النحّات سعيد مخلوف، لكن ربما دون أن يدري، هوية جديدة للبحث الفني في تجارب متنوعة أثرت في فن النحت في نتاج الكثيرين من فنّانينا المحليين. وهو بذلك لم يكن ناقلاً فحسب، ففي المراحل اللاحقة التي عايش فيها الحركة الفنية في سورية، كان من أكثر الفنّانين تجريداً وبحثاً عن تكوينات جديدة، في خامات مختلفة ومتنوعة برز في مقدمتها الخشب الذي برع في تكوين أشكاله وتحويلها، والتفافه مع ثناياه وكتله، خصوصاً الزيتون، لتبدو عناصره الإنسانية، أو الأسطورية الجديدة والمصنوعة من خامة الخشب تتصل برؤيته الخاصة التي عرفها هو وأعاد اكتشافها ليعدّ بحق مؤسساً جديداً ومبدعاً حقيقياً لمفاهيم مغايرة ولغة نحتية أصلية تألف البيئة التي ولدت فيها، وتترسخ عميقاً في الفكر المعرفي الذي احتضنها عبر الآلاف من السنين الغابرة التي مرت على هذه الأرض. وقد يستغرب القارئ اذا عددت بعضاً من خامات منحوتاته، فقد كان فنّاننا ينحت الثمار والخضار، ويشكل الورق واللدائن والاسفنج والزجاج والحديد والنحاس والبرونز، إضافة إلى العناصر المعهودة في النحت، كالجبس والصلصال والسيراميك والخزف، وعلى رأسها الخشب، وتقوده فطريته وتلقائيته بعفوية بعيداً عن أية قواعد، أو قيود محددة في تكويناته الفنية».

القصة الثالثة

«بدأ الفنّان الراحل سعيد مخاوف بالانتاج الفني متأخراً نسبياً، ربما لتلك الأسباب التي ذكرها في السطور السابقة، وبالرغم من محاولات غير جدية للنحت في مراحله العمرية الأسبق، إلا أن تنقلاته المتعددة، ورغم عدم الاستقرار والاضطراب السياسي الذي ساد في نهابة الأربعينيات ونهاية الخمسينيات قد حد من نشاطه الفني. ويمكن تلخيص الطور الدراسي في تجربة سعيد مخلوف النحتية منذ عام 1941، عندما كان على مقاعد الدراسة في «لاييك» طرطوس، إذ نقش على جدار المدرسة نحتاً بارزاً لأول مرة، وكان حينها يقارب الخامسة عشر من عمره، ويمثل النقش «جان دارك» تتحدث إلى ملاك إلهي، وأثار بذلك أولى التساؤلات حول مستقبل هذا اليافع الصغير المتمرد أبداً على قيم الظلم والاستغلال وحرق الإنسان حياً فكراً وجسدأ بدءاً من السيد المسيح، وليس انتهاءً بأنطون سعاده.

قال لي في إحدى حواراتنا:

«كان عمري خمس وثلاثون سنة عندما تفرغت للنحت. وكان أقراني يعجبون من أنني أنتج وأنفذ أعمالي بسرعة هائلة، خصوصاً عندما أعمل بإزميلي في جذوع الأشجار الكبيرة والضخمة، وأستوحي من تضاريسها، وأستقرئ منها تكويني، وأستغل كل شيء في الطبيعة، ولا أوفر منها شيئاً لا أنحته.. نعم من مدرسة الطبيعة تخرجت، وفي المتحف الوطني درست».

لقد كان كل عمل ينجزه، ملحمة حقيقية، خصوصاً في أنصابه الكبيرة التي اقتناها المتحف الوطني في دمشق. وتعد المنحوتة الخشبية التي تتصدر قاعة الفن الحديث منذ عقود ملحمة إنسانية نحتها من خشب الزيتون، وكوّن شخصياتها المتداخلة في فراغات جذوع الأشجار الغزيرة التعاريج والتلافيف، ليسهم في خلق أسطورة الإنسان والزيتون ومعركته الطافحة بالأشكال شبه الإنسانية المهمشة والملتوية والمسحوقة في ثقل هذا العمل الضخم والمعبر عن عمق معاناته الشخصية، وتبلور رؤيته الفنية التي يدركها كل من عاصره، ورافق مسيرة حياته عن قرب».

من جهتها نشرت جريدة النهضة الدمشقية في عددها الصادر بتاريخ 16/01/2012 هذه الإضاءة عن النحّات الأمين سعيد مخلوف: «ليس مجرد نحّات تتلمذ على يدي الزيتون السوري، بل بدأ عاشقاً وباحثاً عن عشق أكثر فيما يضيء وفيما يتصل بالأرض والسماء ويعرف حكاية هذه الأرض وهذه الحضارة.

في قرية بستان الباشا الساحلية القريبة من مدينة جبلة، ولد الأمين سعيد مخلوف، وكان عليه أن يكتشف بفطرته الكنوز المخبوءة في أشجار الزيتون المحيطة به، فبدأ يكتشف حكاياته السورية الأولى مطلعاً على هذا الثراء، وليكون فيما بعد مجدد النحت السوري المعاصر، حيث تتلمذ على يديه العديد من الأسماء المعروفة اليوم.

من الزيتون إلى الحضارة النحتية السورية التي اعتقد الأمين مخلوف أن الآلهة كانت تنحت إلى جانب هذا الفن، وهو ما أثرى مخيلته، فلماذا لا يكون هو الآخر من هؤلاء السوريين الكبار في الفن! فكان لعفويته وتلقائيته أن تصقل بالخبرة والتجربة والتعرف عن قرب على مفردات المتحف الوطني الذي لازمه طويلاً ليتعرف أكثر إلى كنوز الحضارة السورية، ثم أضاف على هذه المعرفة ما تعرف إليه من النحت المعاصر بعد سفره إلى بيروت، كل هذا شكّل فضاء الأمين مخلوف المعرفي والبصري، مضافاً إليه رائحة الأرض والزيتون في الساحل السوري، فقدم العديد من المواضيع، منها الأمومة والطفولة والحرب والأسطورة السورية. من أعماله المشهورة «أسد بابل المجنّح» قرب مطار دمشق الدولي.

«كان مشغل الأمين سعيد مخلوف مدرسة للراغبين من النحّاتين الشباب ومخبراً في ذات الوقت، تعرف فيه الأمين مخلوف إلى الكثير من الخامات، ولم يكن يتوقف عن التجريب والاكتشاف حتى لحظات عمره الأخيرة، مخترقاً المفهوم التقليدي في النحت ومضيفاً الكثير من الخبرات والآفاق إلى النحت السوري المعاصر. ثم يقول في مكان آخر: لا أرشيف لدي، ولا يهمني من يكتب عني، ولا من لا يكتب. ربما أرشيف الفنّان الأمين سعيد مخلوف الأهم أنه لا يمكن أن نذكر النحت السوري المعاصر دون أن نذكره، إنه طاقة لا تزال تتكاثف.

الأمين سعيد مخلوف في سطور:

ولد في بستان الباشا، اللاذقية سورية 1925.

درس الفن دراسة خاصة.

عمل مشرفاً على مشغل النحت في معرض دمشق الدولي.

أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية، المتحف الوطني بدمشق، مدينة معرض دمشق الدولي، القصر الجمهوري باللاذقية، مطار دمشق الدولي، ضمن مجموعات خاصة. في اوروبا والولايات المتحدة الاميركية وسورية .

معارض خاصة

1964 معرض في المركز الثقافي العربي بدمشق

معارض مشتركة

1963 شارك في معرض الخريف في دمشق

1964 معرض الربيع في حلب

1964 معرض الخريف في دمشق

1965 معرض مع تسعة فنّانين في صالة إيسباس بدمشق

1966 معرض الخريف في دمشق

1967 معرض بالاشتراك مع النحّاتة الاميركية دونا باكنللي وفاتح المدرس .

الجوائز

نال وسام الاستحقاق من رئاسة الجمهورية العربية السورية .

عام 2000 توفي في دمشق، سورية .

عنه كتب الأمين جميل مخلوف في مذكراته «قضايا قومية»، الصفحة 354.

سعيد مخلوف ذلك الفنّان الأصيل: انتمى الرفيق سعيد مخلوف إلى الحزب وكان تابعاً لمنفذية جبلة في مديرية سعاده بستان الباشا وكان أصغر أعضاء المنفذية سناً واشترك بحماسة في النشاط الحزبي الإذاعي. كان يقوم بجولات لعدة أيام على مديريات المنفذية والمنتشرة في كافة ارجاء القضاء المنطقة سيراً على الأقدام وعند حدوث حادثة اغتيال المالكي سيق مع جمهرة من رفقاء المنفذية وأودع وإياهم سجن المزة العسكري في دمشق ولاقى أنواعاً من التعذيب الجسدي. كان مصدر معاناته هو عبد الحميد السراج المشرف على التعذيب. عندما يصل لعند سعيد مخلوف تُسلط عليه القوة الكهربائية، وقد كان جسمه يقاوم تلك القوة فيأمر السراج زبانيته ليضاعفوا إطلاق التيار الكهربائي. ظهرت على الرفيق سعيد مظاهر الفن بمعالجة قطع من خشب الزيتون أو السنديان فيصنع منها تماثيل ونصوباً وكان يستعمل في سبيل تلك، الوسائل البدائية السكاكين العادية .

بعد خروجه من «سجن المزّة» التجأ إلى بيروت وكان من بين الرفقاء الشاميين ممن التجأوا إلى لبنان بعد حادثة مقتل المالكي رفيق محامي يدعى «يوسف حبيب» وهو من رفقاء مدينة بانياس الساحلية، سكن بيروت هو وزوجته الرفيقة «مريم مخلوف» شقيقة الرفيق سعيد مخلوف. لا أذكر أني زرت دمشق إلا وزرت سعيد في منزله في محطة السادات في شارع بغداد. لم أزره ولا مرة في مرسمه الذي منحته إياه وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية في أرض معرض دمشق الدولي على ضفاف بردى. وأصبح يقوم به بأعماله الفنية وقد كان ملتقى طلاب الفن من الجنسين. «ظهرت مواهب سعيد الفنية منذ انتقاله بالسكن إلى دمشق. صمم «أسد آشور» هذا النصب الجاسم على مدخل مطار دمشق الدولي ولا يزال وساهم بإقامة معراض في برلين وغيرها من العواصم الأوروبية، وذاع صيته في دنيا الفن في النحت والحفر على الخشب. في زيارة كان يقوم بها للاذقية وفي المزرعة التي يتقاسم ملكيتها مع شقيقه الرفيق توفيق مخلوف حدثت له نوبة سكري حادة أفقدته وعيه فنقل إلى المشفى المركزي في اللاذقية. أجمع أطباء المشفى أن لا أمل له بالعودة إلى الحياة. خالفهم بهذا الرأي الدكتور «أحمد حبيب» طبيب القلب المعروف وهو ابن أخ زوجة محمود مخلوف شقيق سعيد مخلوف خالف الجميع الرأي ورأى أنه يجب أن ينقل إلى دمشق الأمر الذي تم فأدخل مشفى تشرين العسكري وبعد علاج طويل استعاد وعيه ولكن ندبة ظهرت في ساقه بعد ذلك، فأدخل مشفى الأسد الجامعي في دمشق حيث خضع لعلاج طويل الأمد لم يفلح باسترداد عافيته فلازم بيته في دمشق إلى أن لفظ أنفاسه فيها فنقل جثمانه إلى القرية ووري الثرى في مقبرة العائلة في قرية بستان الباشا».

نشرت «صوت النهضة» في عددها السابع 1/2/2000 تغطية جيدة للاحتفال التكريمي الذي أقيم للفنّان الأمين سعيد مخلوف. قالت:

«برعاية الدكتورة نجاح العطار وزيرة الثقافة الشامية، أقيم في قاعة المحاضرات بمكتبة الأسد الوطنية، احتفال تكريمي للفنّان الرفيق الأمين سعيد مخلوف جرى خلاله تقليده وسام الواجب السوري من الدرجة الأولى بحضور حشد كثيف ملأ الروضات والممرات، وتقدم الحضور الوزيرة د. العطار، مدير عام المؤسسة العامة للسينما مروان حداد، وفد مركزي من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي ضم ناموس مجلس العمد الأمين د. ربيع الدبس، عميد الثقافة والفنون الجميلة الأمين د. محمد معتوق، أعضاء هيئة الطوارئ الدستورية الأمناء عصام المحايري، د. فايز شهرستان، أنطوان معراوي، وعدد كبير من الأمناء والرفقاء والمواطنين فضلاً عن عائلة المحتفى به.

الدكتورة العطار ألقيت في الحفل كلمات نوّهت بأعمال الفنّان المبدع استهلت بكلمة راعية الحفل د. نجاح العطار التي اعتبرت أن تكريم الرئيس حافظ الأسد للفنّان سعيد مخلوف بمنحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى هو مناسبة «لمباركة أنامله المبدعة، أنامل فنّان ألمعي، عصامي، استلهم الطبيعة الفاتنة فألهمته فنوناً في معالجة الخشب المحلي معالجة مبدعة» وقالت منوهةً بأعمال الفنّان: «إن أنامل الفنّان سعيد مخلوف، تستنطق الخشب فتبعث فيه الحياة بعد موات، وتحيله إلى تشكيلات زخرفية باهرة الروعة». وختمت بالقول: «إن الشوق إلى معانقة الفضائل، في الفن وحده يتجلى، وها نحن في مدعى هذا الشوق، نبارك فن فنّان شيخ كبير بيننا. إذ أثره بالغ في حياتنا، وكفاء جهده والنصب، نشد على يديه مباركين مهنئين، سائلين الله أن يطيل في عمره، وأن يمنحه الصحة ويسبغ عليه العافية، ليواصل عطاءه الذي نمجده ونتمجد به في آن».

الأمين د. الدبس:

وألقى ناموس مجلس العمد في الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين د. ربيع الدبس كلمة قال فيها: «ومن دمشق- بل إليها- ينداح المدى: فمن رأس شمرا وأغاريت إلى أيبلا وماري التمعت أبجديات فهدايات فحضارات.. ومن تدمر إلى حطين ومن ميسلون إلى الجولان نادت الأمة ودائعها في الشرايين فانعقدت لها تشارين البطولة ووقفات العز.

ومن «بستان الباشا» إلى قاسيون حمل الرفيق سعيد مخلوف الإثم الكنعاني ليلفحه لهب القضية فيعبر عنها بحب كبير ووعي فني هادف. وعرض في كلمته لأهم الأعمال الفنية التي أبدعها الفنّان سعيد مخلوف وإلى أماكن تواجدها «الأسد المجنح على مدخل مطار دمشق الدولي، معروضاته في فرنسا، الخ…».

وقال معرفاً بالفنّان المكرّم سعيد مخلوف، لعل الفنّان المكرم في هذه الأمسية لم يحمل قيثارة الفن إلا ليعزف بأنامله على أوتارها نداء الواجب. ولم يتلقط مادة نحته يوماً إلا حين وجدها امتداداً لمادة النور في نفسه. لعله أراد أن يغسل أعماله بالشعاع الذي تتنفسه شفاه الشمس قبل أن يعبر إلى ضفة الخلود».

ونوّه في كلمته بمسيرة الفنّان سعيد مخلوف التي كانت معمّدة بقيم النهضة السورية القومية الاجتماعية وعقليتها الأخلاقية الجديدة، «فلأنه لم ينحن إلا على تراب الوطن، فأبى الوطن إلا أن يرفعه بالتقدير إلى إعلى، ولأنه من أبناء الحياة الذين وصفهم سعاده العظيم بالمنتجين فكراً وصناعةً وغلالاً».

الفنّان الزيات

وألقى كلمة الفنّانين، الفنّان الياس الزيات الذي قال: «رفعت وردة بستان الباشا على الحرف صوب البحر عنقها وقالت وهي ترسل قبلة إلى سعيد مخلوف الفتي: اذهب فشكّل جذوع الصخر والشجر فقد اخترناك… … سعيد، أنت كبير بفنك، جميل بحمل صليبك، فدعنا نشاطرك اليوم فرحة الاستحقاق. ابتسم فأنت بين محبيك ورفاق دربك. ابتسم لأنك أحلت الشوك إلى زهرة والجدول إلى قصيدة وكنت فتياً في روحك وفكرك».

د. يازجي

وألقى كلمة نقابة الفنون الجميلة في الشام، د. حيدر يازجي الذي استهل الكلمة بتقديم التحية باسمه واسم جميع الفنّانين التشكيليين للفنّان الكبير سعيد مخلوف في يوم تكريمه، ونوه في كلمته بما قدمه الفنّان للحركة التشكيلية في سورية. واعتبر أن أعمال الفنّان ستبقى منهلاً لكل الدارسين وكنزاً نفتخر به، وكنزاً رفد الحركة الفنية في بلدنا بأسلوب خاص ومتميز.. وترك لنا هذه البصمة الإبداعية التي هي صورة حياته وروحه، فهو لا ينفصل عن أعماله بكل بساطتها وروعتها وعمق تعبيرها، إنه بحق ممثل جيل رواد الحركة التشكيلية الذي حمل الرسالة بصدق».

د. محمود شاهين

وألقى د. محمود شاهين كلمة باسم تلامذة الفنّان سعيد مخلوف، قال فيها: «الفنّان الكبير سعيد مخلوف واحدٌ من سنّة الجمال في هذا الوطن العظيم، ورائدٌ في فن كان ولا يزال، من أصعب وأجمل أنواع الفن التشكيلي وهو «فن النحت». … بدأب واجتهاد وبحث لا يعرف حداً، خاض نحّاتنا معركة مع هذا الفن الخالد. وكان- كما قال لي يوماً- يشعروهو يواجه عملية الخلق والإبداع،.. إنه في معركة حقيقية، يجابه فيها أعداء كثراً، وإنه لا يملك سوى الاستمرار وسكب الجمال في هذه الخامات الساكنة. سلاحاً يحاربهم به!!.

بدأ نحّاتنا مشواره الطويل مع النحت، بدأه وهو مسكون بهاجس نبيل هو: تجميل سورية بالفن الذي خرج منها، وإليها يجب أن يؤوب».

كلمة الفنّان سعيد مخلوف

وبالنيابة عن الفنّان المكرم الرفيق سعيد مخلوف ألقى نجله هاني، كلمة توجه في بدايتها بالشكر إلى جميع الحاضرين لمشاركته فرحته في هذه المناسبة. واعتبر أن تكريمه دليل على عمق التواصل بين راعي هذه الأمة وفنّانيها ومبدعيها، ومما جاء في كلمته:« .. أعلم أن اسهامي لم يكن أكثر من محاولة للعطاء استلهمت ذاتها من عمق التاريخ الفني لهذه الأمة ومن عبق مجدها وكبرها،.. لن أكون إلا واحداً من أبنائها الذين آمنوا بها وبقدرتها واستلهموا من خصوصية كيانها طريقاً للعطاء، موقناً أن بين حنايا هذه الأمة وما يحمله أبناؤها من طاقات مبدعة ما يمكن أن يفعل فعله الخلاق في مستقبل الأيام كما في ماضيها».

ما لم تُشر إليه النبذة، أنّ الأمين سعيد مخلوف كان قد انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي ومُنح رتبة الأمانة وبقي ملتزماً بالعقيدة والنظام حتى الرمق الأخير في حياته.

نحن لا ننشر تاريخاً للرفيق المعني، انما إضاءة تعرّف الرفقاء حديثي الانتماء عن أحد الرفقاء الذين تميّزوا أدباً، فكراً، نضالاً، وكان لهم حضورهم الجيد في فترة سابقة، وهم يجهلون الكثير عنهم.

ندعو كل من يرغب ان يكتب مزيداً عن الفنّان الأمين سعيد مخلوف، أن يوّجه ذلك إلى لجنة تاريخ الحزب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى