«إسرائيل» وتركيا والإرهاب أيدٍ كثيره تشنّ الحرب لوضع نهاية للتاريخ

بلال رفعت شرارة

إسرائيل هي أصل البلاء واستهدافها المباشر للآثار والتراث الإنساني على مساحة فلسطين ولبنان وثم جعل هذا الاستهداف أحد العناوين الرئيسية لحرب الإرهاب الجارية ضدّ الأقطار العربية وأحد أهداف الحرب التي يشنّها النظامان الدولي والإقليمي تحت ستار كفح الإرهاب وذلك لوضع نهاية للتاريخ.

إنّ وضع نهاية للتاريخ تجري عبر محاولة إزالة الآثار والتراث الإنساني، أيّ كلّ البصمات الحضارية التي تركها تراكم الشعوب التي عاشت في الشرق أو أنها انخرطت في الصراع عليه، وبالتالي تستهدف هذه الحرب أو الحروب الصغيرة والكبيرة الجارية على مساحة الشرق الأوسط محاولة إلغاء ذاكرة شعوبنا.

في هذا العنوان نشير إلى شراكة شبه كاملة بين «إسرائيل» والإرهاب والعمليات الحربية لبعض دول الجوار وميليشياتها وما نصنعه بأيدينا خلال عمليات الكرّ والفرّ.

في البدء لا بدّ من توجيه عناية المتابعين إلى عمليات النهب «الإسرائيلية» في فلسطين، خصوصاً في دير البلح والقدس القديمة، وسرقة وبيع مئات القطع الأثرية لمتحف روكفلر منها أجزاء من جداريات المسجد الأقصى وعيّنات من آثار ومخطوطات كنيسة القيامة، كما لا بدّ من تسليط الأضواء على العمليات الإسرائيلية لنهب الآثار من لبنان. وهي شملت آثار مدينة بعلبك وبلدتي نيم وقصرنبا وسرقة آثار تعود إلى العصر البرونزي من بلدة كامد اللوز، والحفريات الإسرائيلية قرب قصر أحيرام في بلدة حناويه قضاء صور وتخريب مدافن ونواويس في الملعب الروماني – صور ونهب الجنود الصهاينة محتويات مدينة فينيقية جرى اكتشافها في بلدة يارون الحدودية، كما نهب قطعٍ أثرية جرت سرقتها من أعماق الحفريات في بلدة حولا وآثاراً رومانية وآشورية وبابلية وعربية وصليبية من قلعة الشقيف ومن مدينة صيدا ومن منطقة العرقوب ومزارع شبعا.

في ذلك نبدأ من العمليات العسكرية التركية الأخيرة من الاستهداف الأخير لقوات الغزو التركية في الشمال السوري لمعبد عين دارة الأثري والمسجل على لائحة اليونسكو. وهو موقع يعود لإلى الحقبة الآرامية بين العامين 700 – 1300 قبل الميلاد، وتبلغ مساحة هذا الموقع الأثري 50 هكتاراً ويشتهر بضمّه أسوداً بازلتية ضخمة واستثنائية ولوحات حجرية عليها منحوتات.

وحسب شهود عيان فقد أحدث القصف التركي كذلك أضراراً في المباني الأثرية المهمة التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن الرابع للميلاد والتي تضمّ العديد من الكنائس والأديرة البيزنطية علاوة على المعاصر والمدافن.

مما تقدّم لا يوجد أيّ فرق بين ما تُقدم عليه قوات الغزو التركية للأراضي السورية وبين مختلف جرائم الإرهاب ضدّ الآثار التاريخية والتراث في منطقتنا وما كانت قد أقدمت عليه «إسرائيل» خلال احتلالها فلسطين واجتياحاتها للبنان واستهدافاتها للآثار والتراث الإنساني وذلك يُعيد للذاكرة تعرّض 14 ضريحاً للهدم والنهب في مدينة 333 وليا أيّ مدينة تمبكو الواقعة شمال غرب مالي وتدمير أكثر من 900 موقع أثري سوري منذ عام 2011، ويُشار في هذا المجال الى الدمار الذي أصاب ثلثي الحي القديم في حلب وفي العراق، حيث قام تنظيم داعش بما وصف بعملية تطهير ثقافية في محاولة لإزالة جميع معالم حضارات بلاد ما بين النهرين القديمة، وكشفت تسجيلات فيديو تمّ بثها عام 2015 عن مقاتلين يقومون بنهب كنوز تعود الى ما قبل الإسلام في متحف الموصل، أو أنّ جرافاتهم تقوم بتدمير موقع نمرود الأثري بالقرب من الموصل وفي التوجّه ذاته هاجمت المنظمات الإرهابية مدينة حترا في محافظة نينوى ودمّرت نحو مئة قطعة وتمثال أثري وفخخت مرقد النبي يونس وتمثال الشاعر الشهير أبو تمام، وكذلك دمّرت مرقد الأربعين الذي يضمّ رفات أربعين جندياً من جيش الخليفة عمر بن الخطاب، وفي ليبيا دمّر الإرهابيون المتطرفون عدداً من الأضرحة وخرّبوا وانتهكوا حرمة ضريح الشعاب الدهماني في طرابلس الغرب، ودمّروا ضريح الشيخ عبد السلام الأسمر الفقيه، وخرّبوا وفجّروا أضرحة لشخصيات إسلامية في تاجوراء، وفي الجزائر دمّرت الجماعات الإرهابية أضرحة عدد من شيوخ الطرق الصوفية.

أما في أفغانستان فقد دمّرت حركة طالبان تمثالين عملاقين لبوذا في باميان، ولم يسلم التراث الإنساني والمراكز الأثرية في أفغانستان من عبث لصوص التطرف.

وفي مصر لا بدّ من توجيه الأنظار الى استهداف الجماعات المتطرفة للمتحف المصري وسط القاهرة خلال أحداث يناير وسرقة عشرات القطع الأثرية، وكذلك استهداف متحف الفن الإسلامي بعبوات ناسفة.

اذن القصف التركي للمواقع الأثرية لا يأتي مصادفة بل يكمل مسلسل الجرائم ضدّ الإنسانية وحضاراتها والتي تنفذها أيدي الجريمة الدولية عن سابق إصرار وترصّد وتهدف الى وضع نهاية لتاريخنا وكتابته بشراً وحجراً بما يتناسب مع مشاريع حروب السيطرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى