الجعفري يتّهم بعض الدول في مجلس الأمن بالتمهيد للعدوان على سورية.. ونيبينزيا يقول إن ما نشهده اليوم لم تشهده الحرب الباردة!

قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن تهديد المندوبة الأميركية لبلاده في مجلس الأمن يعني أنها «لا تقيم وزناً لهذا المجلس وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

وأشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سورية الإثنين إلى أن «الكذب الذي تمتهنه بعض الدول دائمة العضوية في هذا المجلس أصبح بمثابة أحد أسلحة الدمار الشامل، فبالكذب احتلت العراق وبالكذب دمرت ليبيا وبالكذب صنعت في مخابرها تنظيمات إرهابية تكفيرية كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة وجيش الإسلام وبالكذب تحاول الدول ذاتها النيل من سورية وتهيئة الأجواء اليوم للعدوان عليها».

وأوضح الجعفري أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عملت على شنّ حملة ادعاءات حول احتمال قيام الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية. وأضاف «حذرنا حينها من أن هذه الادعاءات تمهّد الطريق لقيام حكومات الدول الراعية للإرهاب لتقديم أسلحة كيميائية للمجموعات الإرهابية ثم الإدعاء بأن الحكومة السورية هي التي قامت باستخدامها».

كما اعتبر المندوب السوري أنّ «تهافت» الدول الثلاث المذكورة للدعوة إلى «جلسة تلو الأخرى» بناء على معلومات مفبركة قد بات جزءاً من أزمة عميقة يريدون منّها توريط بقية أعضاء مجلس الأمن فيها إلى أبعد الحدود، لافتاً إلى أنّه ثبت أن الحملات التي قامت بها بعض الدول ومنها دول أعضاء في هذا المجلس حول الأوضاع الإنسانية المتدهورة في الغوطة الشرقية كانت «كاذبة».

كذلك، أكد الجعفري أن سورية على استعداد كامل لتسهيل وصول بعثة لتقصي الحقائق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دوما بأسرع وقت ممكن والتحقق من مزاعم الهجوم، مضيفاً «أقول لكل من صدّر لنا معارضة مسلحة معتدلة معدلة وراثياً، أننا قد قضينا على صادراتهم المسمومة تلك وندعو أولئك المصدرين إلى تحمل تبعات عودة بعض مَن نجا منهم إلى مواطنهم الأصلية».

وتابع الجعفري «في كل فصل مسرحي حول الاستخدام المزعوم للمواد الكيميائية نلاحظ أن هذه المواد لا تصيب المسلحين مطلقاً، بل تستهدف الأطفال والنساء وأنّها لا تحتاج إلا إلى غسيل بالماء أمام عدسات الكاميرات ولا يحتاج المسعفون فيها إلى ارتداء أقنعة واقية!».

وتطرّق المندوب السوري في كلمته إلى الاعتداء الصهيوني الذي استهدف الإثنين مطار T4 التي فور في حمص. وقال إن الحكومة السورية تؤكد أن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها لم ولن تنجح في حماية عملاء «إسرائيل» من التنظيمات الإرهابية كما لم ولن تفلح في إشغال الجيش السوري عن مواصلة الإنجازات العسكرية الحاسمة التي يحققها في مكافحة الإرهاب».

دعوة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية

من جهته ذكر مصدر رسمي مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة «سانا» أن دمشق وجّهت دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال فريق من بعثة تقصّي الحقائق لزيارة دوما، وذلك من أجل التحقيق في الادعاءات المتعلّقة بحادثة الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية فيها.

وأشار المصدر إلى أن سورية تؤكد عزمها على تقديم كل أوجه المساعدة اللازمة لقيام البعثة بعملها، وتتطلّع لتقوم هذه البعثة بتنفيذ مهامها بشفافية كاملة والاعتماد على أدلّة ملموسة وذات مصداقية.

وشدّد المصدر على حرص سورية على التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «لكشف حقيقة الادعاءات التي تقوم بالترويج لها بعض الأطراف الغربية، وذلك لتبرير نياتها العدوانية خدمة لأهدافها السياسية».

من جهته قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن «الدول الغربية ضالعة في سياسة مواجهة ضد روسيا وسورية، وحتّى في الحرب الباردة لم يكن هناك هذا المستوى من الإهانات الذي تستعمله الدول الغربية اليوم»، معتبراً أن أي مكان تدخله هذه الدول تحلّ فيه الفوضى.

وبحسب نيبينزيا فإنّ المسلسل الكيميائي بدأ منذ عام 2013 وتتابع الدول الغربية عرضه اليوم، والاتهامات وجّهت إلى سورية وإيران وروسيا بشكل سريع وبدون أي تحقيق، مشدداً على أنّ موسكو أخذت عيّنات من دوما تثبت عدم وقوع هجوم كيميائي في المنطقة.

وطالب نيبينزيا بعثة تقصي الحقائق بالتوجّه إلى دوما لإجراء التحقيقات اللازمة.

وتابع نيبينزيا «الدول الغربية موّلت وسلحت الإرهابيين ونقلتهم إلى سورية، والآن أصيبت هذه الدول بالهستيريا بعد هزيمتهم، والرعاة الخارجيون يفعلون كل شيء للمحافظة على بؤرة للتوتر قرب العاصمة السورية».

من جهتها هاجمت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، نيكي هايلي، الحكومة السورية وحلفاءها، وقالت إنّ روسيا وإيران لديهما مستشارون عسكريون في القواعد وإنهم «شركاء في العمل العسكري»، وأضافت «روسيا تستطيع وقف المذبحة، لكنها تفضل دعم النظام وتقوّض عمل الأمم المتحدة باستعمال النقض ضد القرارات».

واتهمت هايلي روسيا برفض التحقيقات بحادث خان شيخون، معتبرة أن المجتمع الدولي لا يجب أن يسمح بحدوث ما يحدث، وهدّدت بالقول «وصلنا إلى نقطة إقامة العدالة.. أميركا مستعدّة للردّ»، بغض النظر عن نتائج جلسة مجلس الأمن.

من ناحيته حذّر المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا من تصعيد خطير يحتاج إلى وحدة مجلس الأمن الدولي ومعالجة الوضع الخطير، على حد وصفه، مشيراً إلى أن جيش الإسلام كان طلب وساطة الأمم المتحدة ثم تراجع.

ولفت دي ميستورا خلال مطالعته في جلسة مجلس الأمن إلى أن الأمم المتحدة شاهدت صوراً لضحايا، مضيفاً أن الأمم المتحدة غير قادرة على التثبت من صحتها، لكن لا يمكن تجاهلها مطالباً الأمين العام بالتحقيق فيها.

كما أوضح دي ميستورا أن «هناك دولاً اتهمت الحكومة السورية، وردّت أخرى بأن هناك دولاً وصفتها بأنها ملفقة، وهذا يحتاج إلى تحقيق محايد».

العدوان على تي فور

إلى ذلك، حذرت سورية من التداعيات الخطيرة للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، ودعم الكيان الصهيوني المستمر للتنظيمات الإرهابية، مؤكدة أن العدوان الصهيوني على مطار التي فور بريف حمص ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود الذي تقدمه الإدارة الأميركية لهذا الكيان.

وجاء في رسالة وجّهتها وزارة الخارجية والمغتربين السورية إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن اليوم الإثنين «إنّه في إطار سياستها القائمة على ممارسة إرهاب الدولة وتقديم الدعم المستمرّ للمجموعات الإرهابية وإمعاناً منها في انتهاك قرار مجلس الأمن رقم /350/ لعام /1974/ المتعلق بفصل القوات وقرارات مجلس الأمن والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب، أقدمت سلطات الاحتلال الصهيوني فجر الاثنين على الاعتداء مجدداً على سورية عبر قيام طائرات أف 15 صهيونية بإطلاق صواريخ من الأجواء اللبنانية على مطار التي فور في محافظة حمص، حيث تمكنت وسائط الدفاع الجوي السوري من إسقاط بعض هذه الصواريخ، وقد نجم عن هذا الاعتداء استشهاد وجرح عدد من المواطنين السوريين».

وقالت الوزارة إن هذا الاعتداء «يشكل رداً غير مباشر على نجاح الجيش السوري في طرد المجموعات الإرهابية من ضواحي مدينة دمشق وريفها ومناطق سوريّة أخرى، بعد أن أمعنت هذه المجموعات في قتل أبناء الشعب السوري واختطاف المدنيين واحتجازهم كدروع بشرية وأمطرت دمشق وحدها بما يزيد على 3 آلاف قذيفة خلال 3 أشهر فقط تسبّبت باستشهاد 155 مواطناً وجرح 865 من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال».

وكان نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف كشف، عن استدعاء سفير «إسرائيل» لدى موسكو إلى مقر الخارجية أمس.

وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي أنه سيجري محادثات مع السفير الصهيوني في موسكو هاري كورين، الذي تمّ استدعاؤه إلى مقر وزارة الخارجية.

وقال بوغدانوف للصحافيين «نحن دعوناه فقط للحديث عن سورية، الوضع هناك متحرّك ويتطور بسرعة».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان هجوم الطيران الإسرائيلي على قاعدة التي فور العسكرية في سورية سيتمّ بحثه، قال الدبلوماسي الروسي «سنناقش كل شيء» في سورية وكذلك في غزة، وبعض الاتصالات الثنائية.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الاعتداء الصهيوني على سورية هو نقض للسيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن هذا الاعتداء يعقّد ظروف الأزمة في سورية والمعادلات في المنطقة.

تصريح الخارجية الإيرانية أتى على لسان المتحدث باسمها بهرام قاسمي، الذي اعتبر أن الكيان الصهيوني «يهدف إلى تقوية المجموعات الإرهابية في سورية في ظل التطورات الميدانية لصالح الحكومة القانونية السورية وتريد أيضاً حرف الرأي العام عن جريمتها في غزة التي أدت إلى استشهاد العشرات وجرح الآلاف».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى