دمشق: واشنطن رعت الإرهاب في سورية وسنستمرّ في مكافحته.. وطهران تستعدّ للمشاركة في مواجهة العدوان

قالت وزارة الخارجية السورية «لا نستغرب مثل هذا التصعيد الأرعن من دولة كالولايات المتحدة رعت وما زالت الإرهاب في سورية»، مضيفة أن «نظاماً كالنظام الأميركي عمل كقوات جوية لداعش ليس غريباً عليه أبداً أن يساند الإرهابيين في الغوطة ويرعى فبركاتهم وأكاذيبهم لاستخدامها كذريعة لاستهداف سورية».

واعتبرت الخارجية في بيان لها أمس الأربعاء، أنه إذا كان النظام الأميركي وحلفاؤه كالنظامين الفرنسي والبريطاني يعتقدون أن بأفعالهم وتصريحاتهم سيوقفون محاربة الإرهاب في سورية «فإنهم واهمون والدولة السورية مستمرّة في مكافحة الإرهاب مهما كان ردّ فعلهم».

كما أشارت الخارجية إلى أن ما بدر عن النظام الأميركي أخيراً يدلّ على «افتقاره ليس فقط للمبادئ والقيم، بل أيضاً للحكمة والعقلانية، وهذا بحدّ ذاته تهديد للأمن والسلم الدوليين».

كذلك رحبت الخارجية السورية بأي «لجنة تحقيق حيادية نزيهة غير مسيّسة ولا مرتهنة لدول محددة»، مشيرة إلى أن «هذا ما يؤكد براءة الدولة السورية من كل ما قيل حول استخدام الكيميائي»، على حد تعبيرها.

وزارة الخارجية السورية أكدت أن «ذريعة الكيميائي باتت مكشوفة للقاصي والداني كحجة واهية غير مدعومة بالدلائل لاستهداف سورية».

من جانبه، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إنّ موسكو ترى أن تهديدات البيت الأبيض لسورية «خطرة للغاية» ومخالفة للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة.

وفي حديث لقناة الميادين، أشار نيبينزيا إلى أنّ «واشنطن ترفع مستوى المواجهة بيننا»، داعياً إياها للامتناع عن ذلك.

كما ذكر أنه جرى تحذير الولايات المتحدة مرات عدة «بأن ذلك بالغ الخطورة لأن قواتنا على الأرض بطلب من الحكومة السورية الشرعية. وذلك محفوف بخطر مواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها».

وعما إذا كانت مخاطر الصدام تقوم فقط في حال استهداف الصواريخ الأميركية للقوات الروسية أم أنها تشمل حتى استهداف سورية أيضاً، أجاب المندوب الروسي أنه لا يتوقع شيئاً. وأضاف «أعتقد أن عليهم الامتناع عن أي عمل عسكري في المقام الأول».

كما نوّه إلى عقد اجتماع تحت بند تهديد السلم والأمن الدوليين الإثنين المقبل، متمنياً «ألا نضطر إلى عقد جلسة أخرى كنتيجة لحادث يقع. لا نتمنى وقوع أي شيء ولا نضطر إلى عقد اجتماع آخر لمجلس الأمن الدولي».

وفي وقت سابق، غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صفحته على موقع «تويتر» وخاطب موسكو قائلاً «استعدي يا روسيا الصواريخ قادمة»، مشيراً إلى أن «الصواريخ التي ستطلق على سورية ستكون ذكية ودقيقة».

واستخدمت روسيا حقّ النقص الفيتو ضد مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن الدولي يدعو لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما قبل أيام، ويتهم السلطات السورية بانتهاك قرار مجلس الأمن رقم 2118.

وقال المندوب الروسي في الجلسة إن «الولايات المتحدة تحاول الخداع مجدداً، وإن أصحاب مشروع القرار الأميركي.. يعوّلون على عدم تبنيه لاستغلال ذلك في مهاجمة سورية».

وأضاف «قدّمنا قراراً لا يحتاج إلى جدل.. التهديد يوجه من قبلكم وليس من روسيا ونرى أحداثاً حزينة وخططاً تضعونها لسورية، وهذا دليل على أن الأميركيين يضمرون شراً برفض هذا القرار»، مؤكداً أن «روسيا وسورية ستحميان بعثة تقصي الحقائق».

واعتبر نيبينزيا أن مشروع القرار الأميركي «لا يمت بأي صلة إلى التحقيق في الهجوم المزعوم في دوما»، مؤكداً عدم العثور على أي آثار للهجوم الكيميائي المزعوم في دوما.

وفي السياق، استمرّت التصريحات واللقاءات بين مسؤولين إيرانيين وسوريين منذ الهجوم الأميركي على مطار التيفور في حمص فجر الإثنين، وما تلاه من تهديدات أميركية بشن عدوان.

آخر هذه اللقاءات جمعت وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس مع مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، وقد ناقشا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة.

كذلك بحثا تطوّرات الأوضاع في سورية والمنطقة في ظل المتغيّرات السياسية والانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه ضد الإرهاب.

وأكد الطرفان على ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين لتعزيز الانتصارات التي يحقّقها الجيش السوري في وجه الإرهاب وداعميه ولمواجهة الاستفزازات والتهديدات العدوانية التي يطلقها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وحلفاؤهما وأدواتهما في المنطقة ضد سورية.

وفي هذا السياق، عرض المعلم آخر التطورات السياسية والميدانية في سورية بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء، معرباً عن التقدير العالي للدعم الكبير الذي تقدّمه إيران لسورية في مختلف المجالات.

بدوره، أكد ولايتي أن طهران ستواصل وقوفها إلى جانب سورية وشعبها ودعم صمودها في معركتها ضد الإرهاب الذي يستهدف وحدتها واستقرار المنطقة وستواصل تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع سورية.

كما هنأ ولايتي بالانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش السوري أخيراً في الغوطة الشرقية والتي تمثّل انتصاراً لمحور المقاومة في المنطقة وهزيمة للمشروع الصهيوني – الأميركي وداعميه.

وكان ولايتي قال أول أمس الثلاثاء إن «جريمة «إسرائيل» باستهداف مطار التيفور العسكري لن تبقى من دون ردّ». وأشار إلى أنّ انتصار الجيش السوري في الغوطة الشرقية هو من أهم انتصارات سورية.

وفي ظلّ تصاعد التوترات بين واشنطن من جهة وموسكو وطهران من جهة أخرى، شارك أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، وللمرة الأولى في اجتماع الحكومة الإيرانية الذي رأسه الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وفي سياق التنسيق الروسي الإيراني، وصل ممثل الرئيس الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف طهران الثلاثاء، وعقد مباحثات مطوّلة غير علنية مع شمخاني.

وقد ناقشا آخر التطورات السورية وأيضاً العدوان الإسرائيلي الأخير على مطار التيفور بحمص وتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتدخل العسكري في سورية.

يُشار إلى أنّ هذا اللقاء لم يجر الإعلان عنه إعلامياً، كما جرت العادة في إيران في ما يخصّ لقاءات لافرنتييف وشمخاني.

وبحسب مصدر مطلع، فإن اللقاء ناقش الاعتداء الصهيوني على مطار التيفور والذي أدّى إلى استشهاد عدد من المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية.

من جهته، قال المساعد الخاص لوزير الخارجية الإيراني في القضايا السياسية حسين جابري أنصاري خلال استقباله لافرنتييف إنّ المنطقة تشهد تطورات مستمرة وخاصة في سورية، ما يجعل التنسيق المتواصل بين إيران وروسيا ضرورياً بشكل أكبر.

بدوره قال المبعوث الروسي لأنصاري إنّ التطورات في المنطقة سريعة والأوضاع في سورية تتغيّر يوماً بعد آخر، مضيفاً أنّ بعضها إيجابي فيما البعض الآخر مقلق.

ولفت إلى أنّ متابعة الحلّ السياسي للأزمة السورية بحاجة إلى عمل مكثّف بين طهران وموسكو وأنقرة ودمشق في إطار المباحثات.

وبحسب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فإنّ «أوضاع الإرهابيين المدعومين من قبل أميركا في سورية ليست جيدة وهم يتعرضون للهزيمة، لذا فإنّ واشنطن تبحث عن ذريعة للتدخل»، مؤكداً أنّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تدخلا مراراً في الساحة السورية لإعطاء دفع ودعم للإرهابيين.

وأوضح الوزير الإيراني أنّ الاعتداء الصهيوني الأخير على مطار التيفور جاء في وقت يتعرّض فيه المسلحون للهزيمة، مشدداً على على أنّ لدى طهران «معلومات مؤكدة وموثوقة بأنّ أميركا تعمل على نقل عناصر داعش إلى مناطق أخرى للاستفادة من هذا الاستثمار الخطير الذي قامت به في سورية في أماكن أخرى».

إذا نفذّت واشنطن تهديداتها بصواريخ توماهوك وكروز كما يتوّعد ترامب، فإنّ التحركات التي تقوم بها إيران قد تكون للمشاركة في إسقاط الصواريخ التي دعا ترامب روسيا في تغريدة على موقع تويتر، قائلاً «استعدي يا روسيا الصواريخ قادمة».

على صعيد آخر، ذكر ممثل روسيا لدى منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية أن الأمانة الفنية للمنظمة أعربت عن استعدادها لإرسال خبرائها إلى مدينة دوما السورية قبل نهاية الأسبوع الحالي.

ووصف مندوب روسيا الدائم لدى المنظمة ألكسندر شولغين، في حديث إلى «القناة الأولى» الروسية، قرار المنظمة إرسال خبرائها إلى دوما لإجراء التحقيق على الأرض في الهجوم الكيميائي المزعوم بأنه خطوة مهمة نحو تسوية الوضع ضمن نطاق القانون.

وأشار شولغين إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب تحاول، عبر إدلاء تصريحات حول إمكانية توجيه ضربات عسكرية إلى سورية، ممارسة الضغوط النفسية على خبراء المنظمة، معرباً عن أمله أن يملك الخبراء الشجاعة الكافية لتحقيق مسؤولياتهم.

وسبق أن أكد مصدر مطلع لوكالة «نوفوستي» الروسية أن الدفعة الأولى من الخبراء ستتوجه إلى سورية اليوم الخميس، لتليها الدفعة الثانية الجمعة.

وجاء ذلك على خلفية المزاعم عن هجوم كيميائي على مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، الأمر الذي يدفع الغرب لتحميل الحكومة السورية المسؤولية عنها، بينما تنفي موسكو ودمشق ذلك قطعياً وتعتبرانه استفزازاً.

وعجز مجلس الأمن الدولي أمس، عن تنسيق رد مشترك على أحداث دوما، حيث لم تمرر ثلاثة مشاريع قرار خاصة بالتحقيق في الحادث، أحدها أميركي والاثنان روسيان، بسبب خلافات بين موسكو ودول الغرب إزاء المسألة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى