بومبيو وكيم جونغ أون… ماذا بعد؟

ناصر قنديل

– يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير خارجية كوريا الجنوبية والموضوع هو التحضير للقمة التي ستجمعه مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وفي اليوم نفسه يكشف عن زيارة سرية تمّت قبل أيام لمدير مخابراته الذي صار وزيراً لخارجيته مايك بومبيو إلى بيونغ يانغ لبدء التفاوض مع الزعيم الكوري الشمالي، ولا يتردّد في القول إن المباحثات كانت إيجابية تحت عنوان نزع السلاح النووي في العالم. ومعلوم أن الزعيم الكوري الشمالي الأسبق الراحل كيم إيل سونغ جد الزعيم الحالي كيم جونغ أون، كان صاحب مبادرة لنزع السلاح النووي في العالم تبدأ بتجميع هذا السلاح لدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بنقل مخزون الدول النووية خارج مجلس الأمن لدى مَن يختارونه من الأعضاء الدائمين مقابل تقديم الضمانات اللازمة لهم بعدم تعرّضهم للعدوان، ومنحهم الحوافز الاقتصادية للمشاريع التنموية بدلاً من سباق السلاح.

– الحفيد كيم جونغ أون يضع هذه المبادرة على الطاولة، ويقول إنه مستعدّ لتخزين سلاح كوريا الشمالية النووي لدى كل من الصين وروسيا مقابل الضمانات لأمنها وسلاحها واقتصادها وتشريع وضعها الدبلوماسي عالمياً من جهة، وتخلّي واشنطن عن استخدام كوريا الجنوبية كقاعدة عسكرية لتهديد الجيران. وهذه المبادرة هي التي فتحت باب التفاوض. وهذا يعني شراكة صينية روسية حتمية لنجاح المفاوضات التي يرغب ترامب جعلها تتصدر جدول أعماله للسنة المقبلة على الأقل، هذا عدا كون بلوغ التفاوض هذه المرحلة كان مستحيلاً من دون توقع مساهمة صينية روسية واضحة على أكثر من صعيد لمنح كوريا الشمالية الاطمئنان بأنها لن تكون في موقع تفاوضي ضعيف.

– بومبيو الذي كثرت التحليلات عن سبب مجيئه لوزارة الخارجية، يتولّى التفاوض أو ربما يتولى مواصلة التفاوض الذي بدأه قبل مغادرته مقرّ وكالة المخابرات الأميركية، والذي تمّ عبر قنوات مع أجهزة موازية في روسيا والصين والكوريتين الشمالية والجنوبية. والسؤال الطبيعي في ملف يبدو إنجازه بنجاح ورقة الرئيس الأميركي الرابحة في نيل فرص الولاية الثانية في البيت الأبيض، أن يجري توظيف سائر الملفات في خدمة إنجاحه. وهذا يعني استحالة قراءة المواقف الأميركية تجاه مستقبل سورية في دائرة فتح الباب لمواجهة مع روسيا، وهذا يقدّم تفسيراً وافياً لما رافق ما قيل إنه ضربة تحت السقف الروسي، لا تزعج ولا تؤذي، ويسهل التعامل معها، لكنها تمنح ترامب رصيداً داخلياً من جمهور لن يدقق في النتائج بقدر ما سيتلقى عبر الإعلام الأميركي الأنباء والصور عن الصواريخ الأميركية تنطلق نحو سورية.

– المسار الذي سترسمه المفاوضات الأميركية مع كوريا سيمنع الذهاب للمزيد من التصعيد الأميركي مع روسيا، وخصوصاً في سورية، الملف الأهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهذا يعني أن تكون إيران مرتاحة و»إسرائيل» قلقة. فإخلاء واشنطن لسورية عملياً لحساب روسيا، يعني أن «إسرائيل» باتت وحيدة في مواجهة إيران عملياً، وأن إيران لن تكون تحت ضغوط مواجهة خطر تصادم مباشر مع الأميركيين. وهذا سيرسم معادلات من نوع جديد، لحلفاء أميركا في التعامل مع إيران، وفي طليعتهم السعودية التي لا تزال تقود خطاباً إعلامياً تصعيدياً بوجه طهران، لكن هذا التبدّل الجديد ربما يفسر سبب ما يُحكى عن تقدّم في التوجه نحو التسوية في الملف اليمني، وما يُحكى ضمن هذا السياق عن تقدم في مفاوضات سعودية إيرانية غير مباشرة تقودها سلطنة عمان بينهما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى