العدوان الثلاثي في ميزان حساب النتائج

رامز مصطفى

عندما خطت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أولى خطواتها في التحضير للعدوان على سورية، وعكف قادتها العسكريون والأمنيون على تحديد سلة أهداف عدوانهم، من المؤكد أنه قد غاب عن بالهم تقييم ردود الأفعال التي ستنتج عن الهجوم على سورية، وكلّ ظنّهم أنّ السنوات السبع التي أشعلوا فيها الحرائق في العديد من الدول العربية، كان وقودها ملايين الناس من الضحايا والمهجرين والمشرّدين. كانت تلك السنوات كفيلة في دثر أو دفن كلّ شعور وطني أو عروبي لدى شعوب دول المنطقة لهول ما تعرّضت له.

ومع انقشاع غبار صواريخ العدوان الثلاثي على سورية فجر يوم السبت، كانت ساحات مدينة دمشق الشاهد على صلابة خيارات الشعب العربي السوري في الالتفاف حول رئيسه وجيشه الباسل، لتسقط أولى رهانات هذا العدوان بأنّ السوريين سينكفئون بعيداً، تاركين جيشهم وحيداً في الميدان، ولكن مشهد التظاهرات والتجمعات في العديد من المدن والمخيمات الفلسطينية في سورية جاءت لتعاكس رغبات قوى العدوان الثلاثي، وكلّ جوقة المهللين والمطبّلين والمؤيّدين له.

والمشهد المؤيد والمتضامن مع القرار الشجاع في التصدي البطولي للعدوان لم يقف عند حدود الجغرافية السورية، بل تعداه إلى الكثير من الدول العربية والإسلامية في إيران وتونس واليمن ومصر والمغرب والجزائر، إضافة طبعاً إلى العراق ولبنان وفسطين المحتلة التي خرج أبناؤها في الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 1948 وفي قطاع غزة للإعلان بالصوت الواحد أننا مع سورية في مواجهة العدوان الثلاثي بقيادة الولايات المتحدة.

هذا المشهد المؤيد لسورية وقيادتها وجيشها، والمندّد بالعدوان الغاشم قد تمدّد إلى دول أميركا اللاتينية وألمانيا وإيطاليا واليونان، وصولاً إلى دول العدوان السافر في أميركا وبريطانيا وفرنسا، ولا زالت سبحة المواقف المندّدة بالعدوان تتوالى.

وفي ميزان التأكد من نتائج العدوان الثلاثي وفي أيّ اتجاه سارت، علينا أن نتابع ردود الأفعال داخل الكيان «الإسرائيلي»، وعيّنة من الردود أتت على لسان عدد من المحللين «الإسرائيليين» ومنهم أليكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، قائلاً: «لقد عُدنا إلى المربع الأول، وبقيت إسرائيل لوحدها في الساحة لمواجهة العدو الإيراني وهي الآخذة بالتصعيد الخطير»، وأعرب فيشمان عن تخوّفه من أن تقوم روسيا بتزويد سورية بمنظومة صواريخ أس 300 ، في حين أجمع العديد من المحللين، على أنّ العدوان: «ضربة لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي لا تتعدى حفظ ماء الوجه». وكتبت صحيفة «هآرتس» العبرية «أنّ الضربة الغربية لسورية أصبحت انتصاراً للأسد في الرأي العام العربي».

العدوان الثلاثي لم يقف عند حدود الفشل العسكري الذريع، بل هو أكد على متانة التحالف بين سورية وإيران وروسيا وقوى المقاومة العربية، وبالتالي أعطى قوة حضور لسورية محلياً وإقليمياً ودولياً، وعززّ من رصيد شعبية الرئيس بشار الأسد، وأظهر أنّ الجيش السوري أكثر صلابة من أيّ وقت مضى، وأنّ العقيدة القتالية لديه لم تنل منها السنوات السبع من الحرب الكونية التي واجهها وأدارها باقتدار وإرادة لا تلين.

كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى