بدأت صناعته قبل أكثر من ألفي عام صابون الغار في حلب..عطر أسواق المدينة القديمة

رائحة صابون الغار ميزة تتمتع بها أسواق مدينة حلب القديمة مهد صناعة الصابون العريقة التي انتقلت جيلاً بعد جيل منذ مئات السنين وبقيت صامدة إلى يومنا هذا.

وبين الأزقة العتيقة لهذه المدينة توجد الخانات الأثرية القديمة التي باتت الآن تحوي محال تجارية أو ورشات للصناعات اليدوية التقليدية مثل صناعة الأقمشة والتوابل والصابون الذي يعود تاريخ صناعته إلى أكثر من ألفي عام قبل الميلاد.

وفي منطقة باب النصر في حلب يتوضع أحد هذه الخانات الأثرية الذي يعود تاريخه لما قبل 400 عام والذي تحوّل الى مصبنة منذ عام 1239 للهجرة وفق ما وثقه أحد الأحجار المتوضعة على مدخل الخان.

صفوان زنابيلي أحد حرفيي صناعة الصابون التي ورثها عن عائلته منذ أكثر من مئتي عام تحدّث لمراسل سانا عن هذه الصناعة التي تُعدّ من المهن التقليدية الأساسية في حلب، موضحاً أن العملية تتم عبر مراحل يتم وضع المواد داخل قدر أو حلة معدنية دائرية الشكل حيث يتمّ مزج المكونات وطبخها بحرارة عالية مع التحريك المستمر توضع أولاً مادة «الصودا كوستيك» القلوية بعد تمديدها بالماء بدلاً من العشبة القلوية التي تسمّى شنان، والتي كانت تستعمل قديماً قبل معرفة الصودا الكاوية ثم يُضاف الزيت الذي يُسمّى زيت المطراف المستخرج من زيت الزيتون ثم يضاف زيت الغار الطبيعي. وهو مادة عطرية له فوائد عديدة وخاصة للجلد فهو يفتح المسامات فضلاً عن رائحته الزكية والنفاذة وبعد ذلك يتمّ مزج هذه المكوّنات جميعها حتى يتجانس الخليط ويتصبّن.

وبحسب زنابيلي يترك الخليط أياماً عدة ثم يتم إخراجه ووضعه في أماكن تسمّى المباسط، حيث تتم عملية بسط الصابون وتحديد حجم قطعة أو لوح الصابون المراد تقطيعه بعد أن يبرد الخليط.

ويشرح أحد العاملين في مجال صناعة الصابون منذ حوالي 40 عاماً كيفية تقطيع ألواح الصابون باستخدام أداة خشبية يدوية بسيطة تسمّى المشح، فتقيس ارتفاع لوح الصابون قبل أن تتم عملية تقطيعه حيث يلبس العامل بقدميه القبقاب الخشبي المخصّص لهذه العملية والذي يكون عازلاً للحرارة ليتم فيه تمهيد الوجه العلوي للصابون قبل تقطيعه.

بعد ذلك تتم عملية ختم الماركة المسجلة التي تخصّ كل مصنع صابون على الوجه العلوي للوح الصابون، حيث يكون اللوح طرياً قابلاً للنقش عليه ثم تليها مرحلة عقد الصابون ليأخذ راحته بعد التقطيع.

وتسمّى العملية قبل النهائية لصناعة الصابون البيبرة أي وضع ألواح صابون الغار مصفوفة فوق بعضها البعض بأسلوب هندسي مع ترك مجالات هوائية بغية دخول الهواء من أجل إتمام عملية التنشيف عندئذ يتغير لون الصابون من الأخضر إلى الأصفر ويصبح يابساً ثم يعبأ ويغلَّف.

حكاية صناعة صابون الغار الحلبي ما زالت تكتب فصولاً جديدة في أزقة وشوارع مدينة حلب، رغم كل الحصار ورغم كل ما حلّ بالمدينة من دمار وخراب جراء الإرهاب.

سانا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى