إنّه زمن «العهد»

إبراهيم وزنه

على قدر أهل العزم تأتي العزائم… وتأتي على قدر الكرام المكارم، مطلع قصيدة خالدة للشاعر العربي الأول عبر التاريخ المتنبي، وفي محضر الأدب نعترف بأنه طالما قادتنا الإسقاطات الشعرية في مقالاتنا لننهل من معين ذلك السقّاء الذي روى بنتاجه عقولنا فأزهرت حكمة ومواقف، وهو ـ المتنبي ـ الذي دفعه الاعتزاز بنفسه ذات مرّة ليقول في متن إحدى قصائده «وما الدهر إلا من رواة قصائدي… إذا قلتُ شعراً أصبح الدهر منشدا» … لا بل أكثر من ذلك، وهو الذي يفتخر بجعله الأعمى يبصر فيما لو قرأ شعره، والأصم يسمع فيما لو قُرئت أشعاره.

ومن سياق ما نشهده في واقعنا الكروي المحلي، والمجلّي بشكل تصاعدي عبر القمصان الصفراء، نكمل على طريقتنا في مقاربة ما يقدّمه نادي العهد من نموذج مثالي يعكس التطوّر الحاصل في ملاعبنا، مستعنين ببيت المتنبي مع بعض التعديل فيه … فعلى قدر أهل «العهد» تأتي النتائج… وتأتي على قدر الكرام الجوائز»، ولا شكّ في أن هذه الانتفاضة العهداوية انعكست تألقاً وتطوّراً لكرتنا المحلية وأدّت تلقائياً إلى تحسّن موقع لبنان على سلّم الترتيب الدولي الذي يصدره الفيفا شهرياً، فلبنان أصبح في الدرجة 82 وهذا أفضل موقع له منذ عشرات السنين، مع الإشارة إلى وجود نسبة عالية من لاعبي العهد أو من متخرجي «القلعة الصفراء» كعناصر أساسية فاعلة في صفوف التشكيلة الوطنية.

في الماضي شهدنا زمن التألق الأنصاري، وقبله كان زمن التألق النجماوي، وفي الماضي البعيد كانت السطوة للنهضة وللفرق الأرمنية وأحياناً الراسينغ، وكما في السياسة يقولون بأن لكل زمان دولة ورجال، كذلك في الكرة اللبنانية، أدركنا وبكل تأكيد، بأن لكل موسم أبطاله ولكل فترة نجومها. وهنا لا نبالغ إذا أطلقنا على العقد الأخير من الزمن الكروي المحلي، زمن «العهد». نعم، فهو زمن تسجيل الأرقام غير المسبوقة، وتقديم الأداء المشرّف في أكثر من بطولة، وتحقيق انتصارات على حساب من كنا نعتبرهم الكبار، وتشريف الكرة اللبنانية في المحافل العربية والآسيوية… وأكثر من ذلك بكثير، وعن سر هذه النقلة النوعية، دعونا نقل الحقيقة كما هي، والواقع من دون رتوش، إدارة حكيمة وساهرة وقريبة من اللاعبين، والمهام الإدارية والفنّية موزّعة بالمسطرة، يصاحب ذلك استقرار نفسي ومعنوي ومادي في الاتجاهات كافة، مع توليفة من اللاعبين المنسجمين والغيارى على سمعتهم وسمعة فريقهم، الإخلاص للقميص والتفاهم والاحترام زينة العائلة العهداوية. والكل في عيون المسؤولين سواء، ولا تمييز بين لاعب وآخر. وهذه المعطيات مجتمعة أدّت مع الوقت إلى تزايد مستمر في أعداد الجماهير المواكبة والداعمة. وفوق هذا وذاك تبقى لرهبة الملعب الذي يحمل اسم قائد استثنائي الأثر الطيب في التأكيد على التزام المبادئ من صرح قائم على القيم. ختاماً، نتمنى للعهد المزيد من تحقيق الإنجازات، خصوصاً في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي حيث سيلتقي في الثامن من أيار المقبل مع فريق القوّة الجوية العراقي في مدينة كربلاء المقدّسة، المسؤوليات تكبر عليكم وأنتم لها إن شاء الله، إن العهد كان مسؤولاً.. بالتوفيق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى