بيونغ يانغ: نحن لسنا ليبيا أو العراق ونرفض التنازل من جانب واحد

شكّكت كوريا الشمالية في صدق وإخلاص سعي الولايات المتحدة لحل «للحوار السليم والتفاوض»، وذلك في ضوء الانفراج المحتمل للأزمة الكورية، معبرة عن «خيبة أملها وغضبها من الهراء الذي تقوله واشنطن»، رافضة «تقديم تنازلات أحادية الجانب»، مشيرة إلى أنها «ستعيد النظر في القمة بين رئيسها كيم جون أون والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حال استمرّت مناورات سيول وواشنطن».

بيونغ يانغ

جاء هذا التصريح في بيان صدر عن النائب الأول لوزير خارجية كوريا الشمالية، كيم كي كوان، أمس، ونشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية.

وقال الدبلوماسي الكوري الشمالي في البيان: «لقد اتخذ رئيس مجلس الدولة، كيم جونغ أون، قراراً استراتيجياً بالحدّ من التاريخ السيئ للعلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، واجتمع مرتين مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، واتخذ خطوات هامة وسخية من أجل إحلال السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والعالم كله».

وأشار المسؤول الكوري الشمالي إلى أنه «قيّم إيجاباً تعبير الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن موقفه الداعم للحدّ من العلاقات العدائية الراسخة الجذور وتصحيح العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة»، متابعاً «كنت آمل بأن تصبح القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي والكوري الشمالي خطوة كبيرة ستخفّف التوتر في شبه الجزيرة الكورية نحو بناء مستقبل مشرق».

وعبرت الخارجية الكورية الشمالية عن «امتعاضها وانزعاجها الشديد من الهراء الذي تقوله الولايات المتحدة بفظاعة قبيل قمة الرئيسين»، مضيفة «أنّ التصريحات الأميركية غير مناسبة للغاية ومثيرة لخيبة الأمل».

وقال كوان: «إنّ مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون حث كوريا الديمقراطية على التخلي عن ترسانتها النووية من أجل تلقي منافع تجارية وتمّ اتخاذ موقف مماثل مع ليبيا في السابق».

وأضاف «هذا لا يهدف لحل المشاكل عن طريق الحوار، ولكنه إعادة لمأساة ليبيا في كوريا الديمقراطية»، واستطرد قائلاً «إنّ ليبيا انهارت بشكل كامل بعد تسليم مصيرها إلى القوى العظمى».

وقال كوان «أنا لستُ غاضباً فقط من التصريحات الأميركية ولكنني أيضاً متشكك بشكل كبير في إخلاصها في رغبتها في تحسين العلاقات من خلال الحوار والتشاور».

وأضاف «أنّ كوريا الديمقراطية ليست ليبيا أو العراق اللتين تواجهان حقيقة مؤلمة بعد هجمات شنتها الولايات المتحدة».

وشدّدت كوريا الشمالية على أنّ «نهجاً كهذا لا يهدف إلى إيجاد حل للمسألة عبر حوار، بل يكشف في الحقيقة عن مخطط شنيع لإجبار جمهوريتنا الكريمة على تكرار مصير ليبيا والعراق المرير اللتين تعرّضتا للتدمير بعد تسليمهما زمام الأمور للقوى الكبرى».

فيما شكّك نائب وزير الخارجية لكوريا الشمالية في «ما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي في الحقيقة تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية»، مؤكداً أنّ «بلاده ليست ليبيا أو العراق اللتين انتهتا بصورة مأساوية، والعالم كله يدرك ذلك».

وقال كيم كي كوان: «لن نبدي للحوار مع الجانب الأميركي اهتماماً من الآن فصاعداً، وإذا دفعنا هذا الحوار إلى طريق مسدود وطلب منا التخلّي عن النووي بصورة أحادية الجانب، فسنجد أنفسنا مضطرين لإعادة النظر في ما إذا كنا سنقبل لقاء القمة الكوري الشمالي – الأميركي المرتقب».

وأضاف: «إذا كانت إدارة ترامب تحضر لمحادثات القمة بجدية بهدف تحسين العلاقات بين البلدين، فسنكون مستعدّين للاستجابة».

كذلك، صرّح النائب الأول لوزير الخارجية الكوري الشمالي، «أنّ بلاده لن تتخلى أبداً عن الأسلحة النووية مقابل تفضيلات اقتصادية وعدت بها الولايات المتحدة».

ونقلت السفارة الكورية الشمالية في روسيا، عن كيم كي جوان قوله: «تتحدث الولايات المتحدة عن تقديمها فوائد ومنافع اقتصادية في حالة تخلينا عن الأسلحة النووية، ولم نتوقع أبداً من الولايات المتحدة بناء اقتصاد كوريا الشمالية، ولن نذهب أبداً إلى مثل هذه الصفقة في المستقبل».

وأشارت بيونغ يانغ إلى أنّها «سوف تجري محادثات مع واشنطن على أعلى مستوى، فقط في حالة، إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مهتم ليس فقط في تسوية القضية النووية، ولكن أيضاً لتحسين العلاقات مع بيونغ يانغ».

وقالت في هذا الصّدد، «إذا كانت إدارة ترامب ستدخل في المحادثات الرفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية مع مصلحة صادقة لتحسين العلاقات الأميركية – الكورية، سيكون من قبلنا رد إيجابي».

ووفقاً لكيم كي كوان: «لكن إذا سمعت كوريا الشمالية مطالب أحادية الجانب فقط حول نزع السلاح النووي، ففي بيونغ يانغ لن يكون هناك اهتمام لمثل هذا الحوار».

وأضاف نائب الوزير: «لن يبقى لدينا سوى أن نعيد النظر في مسألة هل نوافق على محادثات القمة المقبلة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة».

وشدّدت بيونغ يانغ على أنّ «واشنطن أخطأت حينما ظنت أنّ سعي كوريا للتفاوض نتج عن العقوبات والضغط وليس عن إرادتها».

وفي ختام البيان حذرت بيونغ يانغ إدارة ترامب من أن «تختبر ثبات الحوار الكوري الأميركي»، مشيرة إلى «ضرورة توقف واشنطن عن متابعة كلام محبي الوطن الكذابين الذين يتحدثون عن تطبيق السيناريو الليبي لنزع النووي على كوريا الشمالية، وإلا ستتجلى آفاق العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، بما في ذلك القمة المرتقبة».

وكانت بيونغ يانغ أعلنت أنها ألغت المحادثات رفيعة المستوى مع كوريا الجنوبية التي كان من المزمع عقدها أمس، على خلفية المناورات الأميركية – الكورية الجنوبية المتواصلة منذ يوم الاثنين والتي ستستمر حتى 25 أيار الحالي.

وذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية أنه «تحت وطأة الوضع السياسي الوحشي الذي تجري فيه سيول بروفة الهجوم على الشمال والمواجهة، اضطررنا لأن نلغي المحادثات رفيعة المستوى التي كانت مقرّرة أمس».

وأشارت كوريا الشمالية إلى أنّ «مناورات Max Thunder المشتركة بين جارتها الجنوبية والولايات المتحدة تمثل تحدياً سافراً لإعلان بانمنجوم، واستفزازاً متعمّداً يتناقض مع التطور السياسي الإيجابي الحاصل في شبه الجزيرة الكورية».

ووفقاً للأنباء الواردة من سيول، تشارك في هذه المناورات حوالي مئة طائرة ومن بينها ولأول مرة 8 طائرات غير مرئية للرادارات المعادية من طراز إف-22 وهي الطائرات المخصصة لتوجيه الضربات ضدّ الأهداف المنشآت النووية والصاروخية التي تقع على أرض كوريا الشمالية.

سيول

فيما أعربت كوريا الجنوبية عن «أسفها لرفض نظيرتها الشمالية المفاجئ إجراء المحادثات»، حيث قالت وزارة الوحدة الجنوبية في بيان أمس: «التأجيل أحادي الجانب للمحادثات رفيعة المستوى بين الجنوب والشمال بحجة إجراء المناورات العسكرية الجوية السنوية بين القوات الجنوبية والأميركية لا يتفق مع روح إعلان بانمونجوم الذي اتفق عليه رئيسا البلدين يوم 27 نيسان».

وتابعت: «لدى حكومتنا إرادة ثابتة لتنفيذ ما ورد في إعلان بانمونجوم، ونحثّ الشمال على الاستجابة في أسرع وقت ممكن للمحادثات رفيعة المستوى، وذلك لأجل الازدهار والسلام والوحدة في شبه الجزيرة الكورية».

واشنطن

في الأثناء، ما زالت الولايات المتحدة الأميركية تأمل في عقد قمة مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بحسب البيت الأبيض.

كما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، «أنّ الولايات المتحدة لم تتلق إخطاراً من كوريا الشمالية حول إلغاء القمة الثنائية المزمع عقدها في سنغافورة».

وقال ترامب للصحافيين: «لم يبلغونا أصلاً، يجب علينا معرفة ذلك. نحن لم نتلقّ أي شيء، ولم نسمع بشيء، سنرى ماذا سيحدث».

فيما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أمس، «أنّ واشنطن مستعدّة أيضاً لعملية مفاوضات صعبة».

وأضافت المتحدثة، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية، «ما زلنا نأمل في أن يعقد الاجتماع، وسنستمر في هذا الطريق، لكننا في الوقت نفسه مستعدّون لأن تكون هذه مفاوضات صعبة».

وتابعت «الرئيس جاهز إذا عقد الاجتماع. وإذا لم يحدث ذلك، فسوف نواصل حملة الضغط القصوى المستمرة».

كذلك، أكدت واشنطن «أنها مستمرة في التحضير للقمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وأنّ بيونغ يانغ لم تُبلغها رسمياً بإلغاء القمة».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر ناورت: «سنستمر في التخطيط للقاء»، مشيرة إلى أنّ «واشنطن لم تتلق أي بلاغ» بتغيير موقف كوريا الشمالية.

وأكدت أنّ «واشنطن تدرس ما أعلنته كوريا الشمالية بالفعل، وأنها ستواصل التنسيق الوثيق مع شركائها في هذا الشأن».

فيما يخصّ المناورات، أشارت ناورت إلى أنّ «هذه المناورات ليست استفزازاً»، قائلة إنّ «كيم جونغ أون قد قال إنه يتفهم أهمية هذه المناورات للولايات المتحدة.. وهي مستمرة».

طوكيو

من جهتها، وصفت اليابان المناورات العسكرية بين أميركا وكوريا الجنوبية، «أنها وسيلة مهمة للردع، رغم أنها أصبحت السبب وراء الرفض الكوري الشمالي للتفاوض مع سيول والتهديد بالتخلّي عن عقد لقاء القمة الأميركية الكورية الشمالية».

وقال نائب الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني ياسوتوسي ناشيمورا، في مؤتمر صحافي أمس: «تمثل المناورات العسكرية المشتركة الأميركية الكورية الجنوبية واليابانية الأميركية، دعامة هامة لقوى الردع والتعاون الثلاثي في مجال الدفاع والأمن».

وأضاف: «يعتبر التنفيذ العملي لهذه المناورات إجراء مهماً للحفاظ على السلام والأمن في المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى