كوريا الشمالية والقمة مع ترامب

ناصر قنديل

– كان لافتاً ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل يومين عن المفاوضات الجارية بين الإدارة الأميركية والقيادة الكورية الشمالية التي ستتوّج بقمة تجمع الرئيس دونالد ترامب بالزعيم الكوري كيم جونغ أون، ووصفه للسياسة الأميركية تجاه كوريا بعد الخروج من التفاهم النووي الإيراني بالخداع والنفاق، كما كان لافتاً بعد يوم واحد على كلام السيد نصرالله أن يتخذ الزعيم الكوري كيم جونغ أون من المناورات المعلن عنها مسبقاً بين الأميركيين وكوريا الجنوبية، مناسبة للإعلان عن تعليق لقاء وزاري مع كوريا الجنوبية والتلويح بإلغاء القمة مع الرئيس ترامب.

– ليس موضوعنا هو العلاقة بين كلام السيد نصرالله وموقف كيم جونغ أون. فالجوهري هو أن السياسة الأميركية الفظة التي وجدت تعبيراتها في التعامل مع الملف النووي الإيراني هي ذاتها حضرت في التعامل مع التفاوض مع كوريا الشمالية، وكان كافياً كلام مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد جون بولتون عن النموذج الليبي الصالح للتعامل مع كوريا الشمالية وهو النموذج الذي انتهى بمقتل الزعيم الليبي معمر القذافي بتدبير أميركي بعد حرب شنّها حلف الأطلسي على ليبيا توّجتها جماعات مسلحة مدعومة من المخابرات الأميركية بملاحقة القذافي حتى قتله، بعدما كان قد سلم قبل أعوام كل ملفات وعناصر السلاح النوعي لدى ليبيا للأميركيين.

– راهن الأميركي بغباء، كما قال كيم جونغ أون، أنه يستطيع أن يعامل كوريا الشمالية بلغة التفاوض ولغة التهديد في آن واحد. والأهم أن الرئيس الأميركي يستطيع أن يقدم للأميركيين القلقين من خطواته التصعيدية في المنطقة، ما يطمئنهم بإنجاز تفاوضي ينتهي بإنهاء ملف السلاح النووي لكوريا الشمالية، وبسرعة صار يريد توظيف مفاوضات لم تُنجز أهدافها بعد، وهي لم تتم أصلاً بعد، لينسبها للغة الضغوط والتهديد، فانتقلت اللغة التي يتحدث فيها عن إيران إلى الملف الكوري. وتكفل ذلك بإثارة الكوريين واستنفار حفيظتهم، بحيث أن انعقاد القمة لم يعد كافياً لحسن سير المفاوضات، بعدما وقعت الانتكاسة.

– ما جرى كان طبيعياً، فالأميركي الذي يريد مساهمة صينية روسية لضمان نجاح التفاوض مع كوريا الشمالية توهّم القدرة على مواصلة المواجهة مع روسيا والصين في ملفات العقوبات، والحرب التجارية والمالية، وفي الملف الإيراني، وملفات أخرى، وانتظار تشجيعهم لكوريا الشمالية على مواصلة التعامل الإيجابي. وعلى الضفة الكورية مهما كانت درجة القرار المستقل ففي النهاية تتوقف الصيغة التي تطمح كوريا لجعلها نهاية المفاوضات الإيجابية، على ضمانات روسية وصينية لأمن كوريا واستيداع السلاح النووي لكوريا لديهما. وهذا يعني مباشرة شراكة روسية صينية في هذه المفاوضات.

– تكفي قراءة ما قاله نائب وزير خارجية كوريا الشمالية تعليقاً على تصريحات بولتون والمناورات الأميركية الكورية الجنوبية. قال نائب الوزير الكوري الشمالي «لقد أعربنا بالفعل عن استعدادنا لجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، وأعلنّا مراراً أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تضع حداً لسياستها العدائية تجاه كوريا الشمالية ولتهديداتها النووية، كشروط مسبقة.. وقال نائب الوزير إنّ هذه «محاولة شريرة للغاية لإخضاع كوريا الشمالية لمصير ليبيا والعراق». وتابع «لا يمكنني كبح جماح غضبي من هذه السياسة الأميركية»، مشيراً إلى أنّ بيونغ يانغ «تشك في أن الولايات المتحدة تريد فعلاً تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية من خلال الحوار والتفاوض». وفي وقت سابق، ذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية أن «بيونغ يانغ ألغت أيضاً محادثات رفيعة مع سيول بسبب المناورات العسكرية الأميركية الكورية الجنوبية». ومن جهتها قالت الوكالة الرسمية في كوريا الشمالية إن الولايات المتحدة «عليها التفكير ملياً بخصوص مصير القمة المخطط لها بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في ضوء هذه المناورات العسكرية الاستفزازية»، وتابعت أنّ «هناك حدوداً لحجم النيات الحسنة والفرص التي بوسعنا تقديمها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى