الأسد وبوتين: لإطلاق عملية سياسية تعجّل بانسحاب القوات الأجنبية… بعد الانتصارات حزب الله مطمئن لمسار الحكومة وتنقية الأجواء بين الحلفاء… ولا يكترث بالعقوبات

كتب المحرّر السياسي

تقول مصادر إيرانية مطلعة إنّ نتائج جولة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في أوروبا كانت مثمرة. فالموقف الإيراني الذي ربط الخروج من التفاهم النووي أو البقاء ضمن أحكامه بالموقف الأوروبي العملي وليس السياسي والإعلامي، حصد النتيجة المرجوة وفقاً لمعادلة، أنّ إيران ستعود لتخصيب اليورانيوم المرتفع النسبة، وتوقف جولات مفتشي وكالة الطاقة الذرية عندما تتعثر عمليات التجارة بالنفط، خصوصاً والتبادل المصرفي مع أوروبا، بسبب العقوبات الأميركية. وأمس أعلنت فريدريكا موغيريني مفوضة شؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنّ الآليات القانونية لحماية الشركات والمصارف الأوروبية ستوضع موضع التنفيذ اليوم الجمعة، بوجه مخاطر العقوبات الأميركية على هذه الشركات والمصارف.

بالتوازي واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغريداته وتصريحات الناطق بلسان البيت الأبيض، للتأكيد على الاستعداد لعقد القمة التي يفترض أن تجمعه بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون، فيما بقي الموقف الكوري متريّثاً ينتظر توضيحات رسمية كورية جنوبية وأميركية، حول المناورات التي جمعت جيوشهما قبالة السواحل الكورية الشمالية، بالإضافة لطلب كوري بسحب تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون باعتبار النموذج الليبي صالحاً لحلّ الأزمة الكورية، ولم تقبل كوريا بمجرد تصريح للبيت الأبيض ينفي أن يكون المثال الليبي معروضاً على كوريا في مفاوضات القمّة.

في موازاة الارتباك الأميركي على جبهتي المواجهة والتفاوض مع إيران وكوريا، شهدت سوتشي لقاء قمة جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، لتقييم ما شهده مؤتمر أستانة الأخير بغياب أميركي، بالتوازي مع الانتصارات التي يحققها الجيش السوري. وقد أوضحت تصريحات الرئيسين بوتين والأسد الاستعداد لإطلاق العملية السياسية مجدداً، وقال المتحدّث باسم الكرملين إنّ الخطوة الأولى ستتمّ عبر تحريك اللجنة التي يقودها المبعوث الأممي للحوار حول الدستور، بينما قال الرئيس بوتين إنّ التقدّم في العملية السياسية سيمهّد لخروج القوات الأجنبية من سورية، بينما قال الرئيس الأسد إنّ هناك دولاً لا تريد للحلّ السياسي أن يتقدّم، وقالت مصادر متابعة لمحادثات أستانة، إنّ موسكو تعتقد بأنّ الموقف الذي أظهرته تصريحات المفاوضين باسم المعارضة توحي بإيجابية تستدعي اختبار حدود الموقف التركي، وتموضعه ضمن عملية أستانة، عبر فتح الباب للبحث بحكومة موحّدة في ظلّ الرئيس السوري والدستور الحالي تمهيداً لدستور جديد وانتخابات، ما يفترض أن يخلق دينامية تفرض نفسها على مناطق الشمال والجنوب السورية وتضع الأميركيين أمام معادلة جديدة.

لبنانياً، وبعد الحملة الإعلامية الخليجية التي رافقت العقوبات الأميركية الخليجية على قيادات حزب الله، بدا أنّ التشويش على الاتصالات المرافقة لمسار ما بعد الانتخابات النيابية هو المطلوب. وقد أكدت مصادر مطلعة على قراءة حزب الله للمسار السياسي بعد الانتخابات، أنّ الحزب مرتاح لوضعه ومطمئن لسلاسة سير الاستحقاقات الرئيسية سواء انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه أو تسمية رئيس جديد للحكومة، والبدء بالتباحث حول تفاصيل التشكيلة الحكومية ودوره فيها ونوع وحجم تمثيله وطبيعة مسؤولياته، مع تحديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أولوية الحزب في مكافحة الفساد وبناء الدولة. وأضافت أنّ الشوط الذي تمّ قطعه على طريق تنقية الأجواء بين الحلفاء كبير وهام، خصوصاً العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وعبرهما بين حركة أمل والتيار الوطني الحر كحليفين رئيسيّين لحزب الله. وقالت المصادر إنّ حزب الله لا يقيم حساباً لحملة العقوبات، لكنه يقرأ أهدافها جيداً.

شروط أميركية خليجية على الحريري قبل التأليف

في وقت حافظت البلاد على المناخ السياسي الإيجابي الذي فرضته الزيارات والتفاهمات على خط بعبدا – عين التينة وبيت الوسط – معراب استعداداً لإنجاز سلسلة للاستحقاقات المقبلة، ارتسمت مؤشرات خارجية سلبية باتجاه لبنان تمثّلت بقرار العقوبات الأميركي والذي اتُبِع بقرارات خليجية بحق قيادات في حزب الله.

ومساء أمس، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان فرض عقوبات جديدة على شخصين على صلة بحزب الله. وأعلنت واشنطن فرض عقوبات على 4 كيانات تربطها باللبناني محمد إبراهيم بزي. وأكد وزير الخزانة الأميركي «أننا سنكشف ونعطل شبكات حزب الله وإيران بما فيها تلك المرتبطة بالبنك المركزي الإيراني».

وإن كانت هذه القرارات مجرّدة من مفاعيلها المالية على حزب الله، غير أن أوساطاً سياسية محلية تترقّب أبعادها وتداعياتها على المستوى الداخلي لا سيما وأنها جاءت عقب إنجاز الاستحقاق الانتخابي وعشية انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا لتكليف رئيس لتشكيل الحكومة جديدة. ومن الملاحظ إشارة الأميركيين والخليجيين في متن قرارات العقوبات الجديدة إلى الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي في حزب الله، فهل هذا تمهيد لوضع فيتو على مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة؟ وقد كانت لافتة دعوة مسؤول أميركي عقب نشر قرارات العقوبات الحكومة اللبنانية الجديدة الى الالتزام بسياسة النأي بالنفس وبالقرارين 1559 و1701، ما يعني تقييد الحكومة الجديدة بجملة شروط قد يعجز أي رئيس مكلّف عن تنفيذها كإبعاد الحزب عن الحكومة وبيان وزاري لا يأتي على ذكر المقاومة ووضع سلاح المقاومة في التداول وتوسيع مفهوم النأي بالنفس بهدف تقييد حركة حزب الله في سورية والجنوب في أي حرب مقبلة في المنطقة، ما اعتبرته مصادر شروطاً إسرائيلية تهدف إلى تصعيد الموقف الداخلي.

ما يطرح التساؤل التالي: هل يندرج هذا التصعيد في إطار رفع السقف التفاوضي في تشكيل الحكومة للحدّ من تمدّد حزب الله وحلفائه في الحكومة وبيانها الوزاري، أم يهدف إلى تقييد الحريري وإحراجه لإخراجه ودفعه لإعلان فشله واعتكافه عن تشكيل الحكومة؟ وهل لا يزال القرار الدولي الإقليمي بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة قائماً؟

وإذ لم يخرج موقف رسمي من حزب الله حيال العقوبات الجديدة، أشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «الإجراءات الأميركية الجديدة ضد قيادات من حزب الله ليست بجديدة، بل سبق واتخذت عقوبات مالية بحقّ مسؤولين بحزب الله وطاولت بعض المتموّلين ورجال الأعمال في بيئة المقاومة لا علاقة لهم بحزب الله»، مؤكدة أن «لا مفاعيل لهذه العقوبات على حزب الله الذي أكد أمينه العام السيد حسن نصرالله أكثر من مرة أن ليس لدى الحزب أي حسابات مصرفية ولا يتعامل بالنظام المصرفي ولا يتلقى تحويلات مصرفية من دول خارجية»، واضعة هذه العقوبات في إطار الضغط المعنوي والسياسي على حزب الله وإيران لأسباب داخلية تتعلق بفوز حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية والقلق من ترجمة هذه الأكثرية في الحكومة الجديدة وأسباب خارجية تتعلّق بموقف حزب الله ودوره في المنطقة لا سيما في سورية وفلسطين إلى جانب الضغط على إيران بحليفها حزب الله»، غير أن المصادر حذّرت من أن يكون الهدف خلف هذا الضغط الأميركي الخليجي تغيير المعادلة الداخلية التي أفرزتها الانتخابات من خلال وضع عقبات وشروط سياسية أمام الرئيس سعد الحريري تتعلّق برفض إشراك حزب الله في الحكومة. الأمر الذي اعتبرته المصادر تهديداً للاستقرار الداخلي»، لافتة الى أن «إخراج الحزب من الحكومة كان مطلباً قديماً وشبه مستحيل أما وقد أفرزت الانتخابات واقعاً نيابياً جديداً، فبات مستحيلاً»، موضحة أن «حكومة بلا حزب الله يعني حكومة بلا حركة أمل وكل الحلفاء الذين يمثّلون ثلث المجلس الجديد ما يجعل أي حكومة غير ميثاقية الأمر الذي لن يقبل به رئيس الجمهورية ميشال عون».

وإذ استبق الأميركيون والخليجيون البيان الوزاري بوضع عناوين وشروط له، جزمت المصادر بأن فريق المقاومة لن يقبل بأي بيان وزاري من دون تضمينه عبارة واضحة للمقاومة، وتوقّعت التوافق على صيغة للبيان الوزاري مشابهة لصيغة الحكومة الحالية»، متوقعة أن يُبدي حزب الله مرونة في موضوع النأي بالنفس، حيث أكد سابقاً بأن لا علاقة له بالحرب في اليمن، أما في سورية فلا يشملها النأي بالنفس، حيث قال رئيس الجمهورية إن مشاركة حزب الله في سورية وعودته منها مرتبطان بالحل الدولي والإقليمي للأزمة في سورية وبالتالي سيبقى حزب الله حيث يجب أن يكون».

وتوقعت مصادر «البناء» أن «تفرض سلة عقوبات جديدة تطال البيئة المقاومة للضغط على حزب الله، محذرة من تماهي بعض المصارف اللبنانية مع أي عقوبات تطال أفراداً أو شركات لبنانية»، مشيرة الى أن «العقوبات الجديدة بمثابة تعويض معنوي للسعودية و»إسرائيل» بعد فشلهما في سورية واليمن»، واضعة ذلك في «إطار الصراع العسكري والأمني والسياسي الدائر بين محورين في المنطقة في أكثر من ساحة ومنها لبنان»، لكنها أشارت الى أن «لا قرار خارجي بتفجير الساحة الداخلية، بل إن المصلحة والضرورات الغربية للحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان لا تزال مفاعيلها جارية».

وانتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «مواكبة الرياض لواشطن في فرض عقوبات على حزب الله »، معتبراً ذلك «أمراً مخزياً للسعودية». وفي تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أضاف: «الردّ السعودي على أعتاب شهر رمضان ؟ التضامن مع أميركا في فرض الحظر على أول قوة تمكّنت بتحريرها أراضي عربية من تحطيم أسطورة إسرائيل التي لا تُقهر وخزي بعد خزي».

الى ذلك سجلت أمس، زيارة للسفير الايراني محمد فتحعلي الى رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي.

سلامة: الليرة مستقرة

الإجراءات الأميركية الخليجية الجديدة والوضع النقدي في البلاد وعمل المصرف المركزي في المحافظة على الاستقرار النقدي، عناوين حضرت في اللقاء بين رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بعبدا، وأوضح سلامة أنه «أطلع رئيس الجمهورية على أن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها كان له الوقع الإيجابي في الاوساط المالية العالمية وسُجلت ردود فعل إيجابية حيالها، مؤكداً استقرار الليرة اللبنانية». وأشار الى أنه بحث مع الرئيس عون أيضًا السبل الأفضل الواجب اعتمادها لمعالجة مسألة ارتفاع أسعار الفوائد العالمية وأسعار النفط. وقال إن «مصرف لبنان حافظ على احتياطه المرتفع من العملات الأجنبية، مسجلاً نموًا للودائع في القطاع المصرفي».

ارتفاع أسهم الفرزلي

ووسط التصعيد الخارجي ضد لبنان، تتّجه الأنظار الى استحقاق انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائب له وهيئة المكتب في جلسة تعقد الأربعاء المقبل في المجلس النيابي، وقد استقبل الرئيس نبيه بري عدداً من رؤساء الكتل النيابية التي أعلنت ترشيحها الرئيس بري لرئاسة المجلس، وأبرزهم رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد والنائب عدنان طرابلسي والنائب طوني فرنجية الذي أعلن عن تشكيل كتلة نيابية تضمّ 7 نواب.

لكن يبدو أن منصب نائب الرئيس سيشهد معركة داخل تكتل لبنان القوي الذي لم يحسم خياره حتى الآن بين عضويه إيلي الفرزلي والياس بو صعب. ومن جهة ثانية بين التكتل وكتلة القوات اللبنانية التي أكد النائب أنيس نصار الذي كشف بأن ترشيحه تمّ بالتوافق بين رئيس القوات سمير جعجع والرئيس الحريري في لقائهما الأخير، لكن بحسب مصادر «البناء» فإن أسهم الفرزلي ارتفعت في ظل اتجاه لدى تكتل لبنان القويّ الى توزير أبو صعب في الحكومة، ما يعني حصر التنافس بين نصار والفرزلي الذي يحظى بتأييد الرئيس بري وفريق المقاومة.

وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن «التكتل يعقد اجتماعه الدوري الثلثاء المقبل ويبحث فيه في جملة أمور سياسية، ومنها انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، حيث سيُصار الى تحديد موقف التكتل في هذا الخصوص، مؤكداً أن كل ما عدا ذلك، من تحليل أو اجتهاد أو تسريب أو تكهّن أو موقف، يبقى خارج إطار الموقف الرسمي للتكتل».

تجدّد السجال على جبهة المختارة خلدة

إلى ذلك وبعد الهدوء الحذر الذي خيّم على جبهة المختارة خلدة خلال الأيام القليلة الماضية، تجدّد السجال الإعلامي أمس، فبعد تصريحات عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور على شاشة «أو تي في» الثلاثاء الماضي التي انتقد فيها بشدّة رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، ردّ الأخير على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلاً: «وعدتك يا وليد بيك بالمؤتمر الصحافي الأخير بعد اشتباك الشويفات، بأن كل من يتهجم عليّ من أحد الأوباش عندك سأردّ عليك شخصياً. وهل تتذكّر يا بيك التوسّل الذي قام به عبرك لعدم جرّ والده «الفتنة المتنقلة» في قضاءي حاصبيا وراشيا الى القضاء العدلي بتهمة التحريض على قتل الشيخ التقي أبو غالب إبو إبراهيم في بلدته الخلوات. والكل يعرف هذه الحقيقة في المنطقتين».

كلام أرسلان استدعى رداً من جنبلاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: «عذراً يا مير لماذا هذا الاستنفار الدائم واستخدام كلمات لا تليق بالتخاطب السياسي. كم من مرة هاجموني ولم أرد. واعذرني أن أقول لك إنني لا أرافق ما تسميهم بالأوباش. ثم لماذا تصنيف الناس ومَن نحن لنصنّف الناس. فلنفكر سوياً كيف نخلق فرص عمل، كيف نُنهي جرح الشويفات بعد تسليم المطلوبين. شكراً». فعاد أرسلان وردّ قائلاً: «لن أقبل بأيّ شكل من الأشكال تضييع البوصلة وتضليل الرأي العام، هنالك مسبّب ومحرّض هو الذي أشعل الفتنة في الشويفات وأتمنى عليك يا بيك أن تضع إصبعك على الجرح من دون محاولة إخفاء الأدلة الدامغة والمصوّرة والتي لا تحمل أي اجتهاد. وشكراً لرحابة صدرك».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى