الجيش السوري يعلن دمشق وريفها خاليين بالكامل من الإرهاب بعد تحرير اليرموك معركة الفرزلي ـ نصار أول الغيث: تبادل مواقع بين القوات والتيار في العلاقة مع بري

كتب المحرّر السياسي

كان الترويج للإطلالة التي جرى التمهيد لها مسبقاً لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أنها ستُعلن الاستراتيجية الأميركية في مرحلة ما بعد الانسحاب من التفاهم النووي الإيراني. وكان معلوماً أنّ ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الانسحاب والعودة للعقوبات المشدّدة، وأنّ العقدة التي ظهرت بعد بيان ترامب هي الموقف الأوروبي المتمسك بالاتفاق النووي مع إيران، وبالتالي الاستراتيجية المنتظرة من بومبيو هي بالتحديد كيفية التعامل مع الموقف الأوروبي الذي يعطّل في حال تمسكه بالتفاهم وإصراره على المتاجرة مع إيران، مفاعيل العقوبات الأميركية وينقل الأزمة إلى داخل البيت الغربي على صورة مشكلة أميركية أوروبية، ويُسقط المضمون العملي للقرار الأميركي، وجاءت إطلالة بومبيو خالية من الأجوبة على هذا السؤال. فلا إعلان من نوع ستشمل العقوبات الأوروبيين وليتحمّلوا النتائج، أو نوع سنمهل الأوروبيين لتعديل التفاهم مع إيران حتى نهاية العام، فإما أن ينجحوا ونعود للتفاهم أو يفشلوا وينضمّوا إلينا في العقوبات أو تشملهم عقوباتنا، وتحوّل مؤتمر بومبيو العائد من أوروبا بعد جولة مباحثات فشلت في الخروج بموقف موحّد من التفاهم مع قادتها، للحديث عن شروح لخطاب ترامب، ومحوره دعم إيران لقوى المقاومة وخصوصاً حزب الله، بينما كانت مباحثات أوروبية إيرانية تتناول كيفية الحفاظ على المتاجرة بالنفط الإيراني نحو أوروبا وبالسلع الأوروبية نحو إيران، دون الوقوع في شرك العقوبات الأميركية.

بانتظار تبلور الموقف الأوروبي العملي وتبلور الجواب الإيراني بالبقاء ضمن قواعد التفاهم النووي أو العودة لتخصيب اليورانيوم على مستويات مرتفعة، ستمرّ أسابيع يبقى خلالها للأميركيين حشد حلفائهم في الخليج إعلامياً وراء خطاب بومبيو كتوسّع في شرح بيان ترامب، فيما إيران تنصرف للمساهمة في ترتيب وضعها ووضع حلفائها في ساحات المواجهة من العراق حيث صار الإجماع على حكومة وحدة وطنية، بعد فترة من التجاذبات طرحت خلالها مشاريع مواجهة لم تُكتب لها الحياة، والحكومة العراقية التي سيستغرق تشكيلها أسابيع أيضاً، يرجّح أن يترأسها الرئيس الحالي للحكومة حيدر العبادي، وأن تضمّ جميع الفائزين الرئيسيين في الانتخابات، خصوصاً تكتل الفتح الذي يضمّ قوى الحشد الشعبي وائتلاف دولة القانون الذي يقوده الرئيس السابق للحكومة نوري المالكي اللذين ركّزت السعودية على إبعادهما عن أيّ تشكيل حكومي جديد، في ظلّ الانفتاح الذي يحكم علاقتها بتحالف سائرون الذي يقوده السيد مقتدى الصدر.

في سورية أعلن الجيش السوري، بعد سبع سنوات، محافظتي دمشق وريف دمشق مناطق خالية بالكامل من الإرهاب، بعد نجاحه بالحسم العسكري في مخيم اليرموك والحجر الأسود، ما يعني أنّ المنطقة التي تقع بين مدينة حمص وحدود سورية مع العراق ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، باتت منطقة يسيطر عليها الجيش والقوى الأمنية السورية، وأنّ المتبقي خارج سيطرة الجيش السوري، بعد رحيل المسلحين من ريف حمص، شريط حدودي جنوبي، وشريط حدودي شمالي، يرتبطان بثنائية إنهاء الاحتلال والانفصال التي أعلنت في قمة سوتشي التي ضمّت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد. إنها ستكون محور العملية السياسية المقبلة، قبل الذهاب لخيارات أخرى، كانت ضرورية في مرات سابقة عندما لم يتمّ استثمار فرص الحلّ السياسي التي أتيحت أمام الجماعات المسلحة ورعاتها الإقليميين والخارجيين، كما كان الحال في حلب، لتبدو إدلب والحدود مع تركيا والطريق الدولي بين دمشق وحلب من جهة، ودرعا وطريق دمشق عمّان من جهة أخرى، عناوين المرحلة المقبلة في خريطة الطريق التي رسمتها قمة سوتشي.

في لبنان أنهت الحكومة آخر جلساتها قبل التحوّل إلى حكومة تصريف أعمال بقرارات حول الكهرباء أتاحت لجميع الأطراف التحدّث بلغة المنتصر، فخرج وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل ليقول كلّ منهما، إنّ ما جرى مطابق لما كانت عليه مواقفه، بعدما شهدت جلسات حكومية سابقاً سجالاً بينهما حول قضيتي معامل دير عمار والبواخر، بينما يذهب المجلس النيابي الجديد غداً لانتخاب رئيس ونائب للرئيس بات معلوماً أنهما الرئيس الحالي للمجلس نبيه بري لولاية جديدة ونائبه السابق إيلي الفرزلي لمنصب نائب الرئيس، فيما أظهرت المواجهة التي بدأت من بوابة التنافس على منصب نائب الرئيس بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تبادلاً في المواقع بين التيار والقوات في العلاقة بالرئيس بري، الذي ظهر حليفاً للتيار، وأعلنت القوات حجب أصوات نوابها عنه، بعدما توقّع الكثيرون سابقاً العكس. وترى مصادر سياسية مطلعة أنّ الذي يجري على ساحة التيار والقوات سيشكّل عامل التوجيه الرئيسي للتحالفات المقبلة، وخريطة ما بعد الانتخابات، وأنّ اصطفافات انتخاب نائب رئيس مجلس النواب ربما تكون صورة عما هو مقبل سياسياً ونيابياً وحكومياً.

بري بشبه إجماع والفرزلي بالأكثرية

عشية جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة المكتب سارعت الكتل النيابية إلى بلورة مواقفها إزاء هذه الاستحقاقات، فبينما رفضت مصادر نيابية مطّلعة في التيار الوطني الحر الإفصاح عن خيار التيار، فضلت انتظار قرار تكتل لبنان القوي الذي يعقد اجتماعه اليوم لحسم خياراته، وقالت المصادر لـ «البناء» إن «الخيارات كافة واردة بما فيها التصويت للرئيس نبيه بري. والأمر رهن اتصالات ومشاورات ربع الساعة الأخير»، ومن هذه الخيارات أيضاً أن يصوت «التكتل» بورقة بيضاء أو قد يتحاشى كسر الجرة مع الرئيس بري وفي الوقت نفسه عدم منحه كامل أصواته الثلاثين من خلال توزيع أصواته على الشكل التالي: النواب العونيون يصوّتون بورقة بيضاء في ما يصوّت باقي أعضاء التكتل لبري الذي بات فوزه محسوماً بشبه إجماع، لكن المعركة التي يخوضها رئيس حركة أمل هي على عدد الأصوات حيث يضع في جيبه حتى الآن قرابة 88 صوتاً وهم أصوات كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المستقبل واللقاء الديموقراطي والكرامة والعزم والمردة والطاشناق والمستقلين والنواب ميشال المر وشامل روكز وميشال ضاهر ونعمة أفرام ويقارب المئة وعشرة أصوات في حال صوّت لصالحه كامل أعضاء تكتل لبنان القوي.

وكما كان متوقعاً أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في كلمة له بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» التصويت بورقة بيضاء في انتخابات رئيس المجلس رأت فيه مصادر بأنه ردّ على موقف بري من مرشح القوات لنيابة رئاسة المجلس، وقال جعجع: «مستمرّون بوضع ورقة بيضاء ليس بوجه الرئيس بري إنما تعبيراً عن موقفنا باستثناء النائب قيصر المعلوف ومستمرّون بترشيح أنيس نصار لنيابة رئاسة مجلس النواب »، معلناً عن «أننا قررنا تسمية رئيس الحكومة سعد الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة».

وعلى صعيد انتخاب نائب رئيس المجلس بات محسوماً فوز النائب إيلي الفرزلي بعد إعلان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط من عين التينة أمس الأول التصويت للفرزلي انسجاماً مع موقف بري، ومن المتوقّع أن يفوز الفرزلي بأكثرية تفوق الـ 70 نائباً على مرشح القوات النائب أنيس نصار الذي من المتوقّع أن يحصد حوالي 38 نائباً بمن فيهم عدد من نواب كتلة المستقبل.

على صعيد آخر، تتّسع دائرة الخلافات السياسية و»الحكومية» بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مع رفع الأخيرة سقف مطالبها في الحكومة الجديدة، ما يرفضه التيار باعتبار أنه لا يزال الممثل الأول على الساحة المسيحية والكتلة الأكبر رغم زيادة حجم الكتلة القواتية، ولفت النائب نصار في حديث تلفزيوني، الى أنّ «القوات هي الفائز الأول والأكبر في الانتخابات النيابية 2018 »، مبيّناً أنّ «العلاقة اهتزّت قليلاً مع « التيار الوطني الحر » في الانتخابات، لكن تجب إعادة ترميم اتفاق معراب ، لأنّه اتفاق استراتيجي وآمل أن نتوفّق».

وفي غضون ذلك، من المرتقب أن يحدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد فور انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي. ورجّحت مصادر وزارية مقربة من بعبدا أن تنطلق الاستشارات نهاية الأسبوع الحالي، مؤكدة لـ «البناء» أنها ستكون ثلاثينية وحكومة وحدة وطنية وستشكّل بأسرع وقت ممكن رغم وجود عقبات عدّة سيجري العمل على تذليلها من خلال التشاور بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية للانطلاق بورشة عمل شاملة لمعالجة الأزمات الحياتية والاقتصادية في البلاد».

مجلس الوزراء أقرّ خطة الكهرباء

وقبيل تحوّل الحكومة الى تصريف أعمال منتصف هذا الليل نجح مجلس الوزراء في جلسته الوداعية والأخيرة في التوصل الى حلّ وسط لملف الكهرباء وفقاً لخطة وزير الطاقة والمياه مع بعض التعديلات على بنودها، وقرّر المجلس تحويل عقد معمل دير عمار إلى «BOT»، كما وافق على إطلاق مناقصة جديدة عبر إدارة المناقصات لتأمين 850 ميغاوات كهرباء اضافية، على أن يحدد المنتج الفائز طريقة الإنتاج عبر البواخر أو سواها».

وقالت مصادر وزارية لـ «البناء» إن خطة وزارة الطاقة لم تمرّ بحسب ما نصّت بنودها، حيث تم التوافق على إنشاء معامل في دير عمار والزهراني بدلاً من استئجار البواخر كما تمّ التمديد للباخرتين لمدة ثلاث سنوات بأسعار أقلّ من الأسعار السابقة وسقط خيار شراء باخرتين جديدتين، كما أقرّ المجلس شراء الطاقة من سورية»، غير أن وزير الطاقة سيزار أبي خليل قال بحسب معلومات «البناء» إن شراء الكهرباء من سورية أكثر كلفة من شراء البواخر، غير أن الوزير علي قانصو ردّ على أبي خليل، مؤكداً بأن أرقامه غير دقيقة داعياً إياه الى إرسال وفد متخصّص الى سورية للتواصل مع الجهات المعنية السورية للتفاهم حول الأسعار، كما أكد قانصو رفض أي استجرار للكهرباء من دون موافقة دائرة المناقصات.

وأوضحت مصادر وزارية لـ «البناء» أن «لبنان يحتاج الى 850 ميغاوات إضافة على إنتاجه الطبيعي من الكهرباء لتغذية كافة المناطق اللبنانية خاصة في فصل الصيف مع قدوم عدد كبير من السياح على أن يجري تأمين هذه الكمية من البواخر واستجرار الطاقة من سورية»، وأشارت الى أنه لم «يجر التوافق على كامل بنود خطة وزارة الطاقة وما جرى الاتفاق عليه سيصار الى تنفيذه، أما الباقي فسيجري ترحيله الى الحكومة المقبلة».

ولم تتغير خريطة مواقف القوى السياسية داخل الحكومة حيال موضوع الكهرباء، حيث رفض كل من حركة أمل وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي شراء البواخر وتمسّكوا ببناء معامل والعودة الى دائرة المناقصات، أما حزبا القوات والاشتراكي فلفتا الى ضرورة بناء المعامل وتخفيض الكلفة على الدولة والعودة الى دائرة المناقصات، في المقابل تمسك التيار الوطني الحر وفريق رئيس الجمهورية ومعهم تيار المستقبل على العمل لتأمين الكهرباء من أي مصدر ممكن بحسب القانون، ودفتر الشروط الذي عدّله مجلس الوزراء». وشهدت الجلسة بعض السجالات المضبوطة بين وزراء التيار وحركة أمل في ملف الكهرباء، وذلك انسجاماً مع المناخات الإيجابية المستجدّة بين الفريقين، وفي حين أشار وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل ، عقب الجلسة الى أنّ «القرارات الّتي اتّخذها مجلس الوزراء بموضوع الطاقة و الكهرباء ، تدلّ على أنّ كلّ ما قيل في آخر عام ونصف عام بموضوع الكهرباء ذهب مع الرياح ومحته الانتخابات النيابية 2018 . أضعنا عاماً ونصف عام لنعود ونأخذ القرارات نفسها»، أما وزير الخارجية جبران باسيل فأشار في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه «غطت الانتخابات وطارت المزايدات… ومتل ما قلنالكن رجعوا مشيوا بالبواخر و دير عمار والغاز بعد الانتخابات… فمجلس الوزراء أقر بآخر جلستين ما كنا نطالب به من الأوّل بملف الكهرباء لأن هيدا هوّ الحل… ضيعان ما حكيوا». لكن وزير المال علي حسن خليل ردّ في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي ، وقال «مرة أخرى، كما كنّا منذ البداية في معمل دير عمار نرفض تحميل الدولة الملايين مرتين على tva، وهذا ما حصل الْيَوْمَ وانتصر منطقنا، وإن بعد خسارة هذا الوقت». وأوضح خليل أنه «فِي البواخر كما كنا بقينا رافضين الصفقة وما يدور حولها، ولنا الشرف أننا صوّتنا ضدها».

كما سجّلت الجلسة سجالاً بين وزيري مكافحة الفساد نقولا تويني والأشغال يوسف فنيانوس حول تركيب أجهزة «السكانير» في مطار بيروت، حيث رفض تويني المناقصة لوجود شوائب تعتريها.

وأثار وزير الصناعة حسين الحاج حسن ملف الأمن في بعلبك الهرمل ، وقال في تصريح بعد انتهاء الجلسة إن «الوضع الأمني لم يتحسّن بسبب تلكؤ جميع المعنيين».

أما اللافت فهو عدد البنود الكبير الذي تمّ تمريرها من خارج جدول الأعمال في جلسة الأمس التي وصفها الوزير علي قانصوه بـ»يوم الحشر»، حيث دأب كل وزير على تمرير ما يستطيع من بنود في وزارته في الجلسة الأخيرة.

ووافق المجلس على تعيين العميد مالك شمص مديراً عاماً للإدارة في وزارة الدفاع، بعد شغور هذا المنصب الذي يشغله ضابط شيعي لأشهر عدة، وعلى تجديد تعيين المهندس روني لحود رئيساً لمجلس الإدارة والمدير العام للمؤسسة العامة للإسكان لمدة أربع سنوات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى