بري: سيكون البرلمان حصنُ الدفاع عن حدودنا وسيادتنا

أعاد مجلس النواب الجديد انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً له للمرة السادسة، وللسنة الـ26 على التوالي، بأغلبية كبيرة بلغت 98 صوتاً من دون منافسة، مقابل 29 ورقة بيضاء وواحدة ملغاة.

ثم ألقى بري بعد انتخابه الكلمة الآتية: دولة الرئيس ميشال المر، أشكر لكم ترؤسكم وإدارتكم هذه الجلسة النظامية لانتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي، وأنتم تمتلكون سنوات طويلة من الخبرة اللازمة في العمل البرلماني والحكومي، وعلى خلفية هذه الجلسة تعود بي الذاكرة إلى الجلسات المماثلة التي ترأسها رحمهم الله الشيخ قبلان عيسى الخوري، والعميد الاستاذ أدمون نعيم، والزميل الذي نسأل الله له طول العمر عبد اللطيف الزين، وهم قاموا بأدوارهم البرلمانية وحافظوا على ألقهم ودائماً احترامهم للدستور والقانون. إني في هذه الجلسة أتقدّم بالشكر الجزيل 6 مرات للزملاء النواب على ألقهم وعلى ثقتهم، بتجديد انتخابي لمسؤولية رئاسة المجلس النيابي.

وبداية أتوجّه بالتحية إلى الزملاء أعضاء المجلس النيابي السابق، وبينهم عدد من النواب الذين نشهد لهم ويشهد لبنان لهم أنهم مبرّزون في ميدان التشريع والقانون الدستوري. وأشير إلى أننا سنبقى نحتاج إلى خبرتهم ومشورتهم، وهم قادوا عدداً من اللجان النيابية التي لم تتوقف عن أداء عملها في أدق وأخطر الظروف.

يجتمع مجلسنا النيابي الجديد في لحظة سياسية وطنية مميّزة بإنجاز الاستحقاق الانتخابي التشريعي، ليشكل أجمل هدية لشعبنا في الذكرى الثامنة عشرة لعيد التحرير، الذي شكل أول انتصار على المستوى الدولي في مطلع الألفية الثالثة على الاستعمار والعنصرية، ممثلة بأنموذج إرهاب الدولة التي ترتكب الآن المجازر ودمّرت المناطق المدنية ومارست أبشع أنواع الاحتلال على مساحات واسعة من ارضنا العزيزة طيلة اثنين وعشرين عاماً، وترتكب اليوم المجازر في فلسطين على امتداد حدود غزة والقطاع والضفة والقدس والتي سجلت ما يزيد على مئتي شهيد وخمسة آلاف جريح.

لقد انجلى غبار المعارك الانتخابية التي أسفرت نتائجها عن انتخابكم، وإني أذ أقدم لكم التهاني على الثقة الشعبية بأشخاصكم، فإني باسمكم وباسم جميع مَن نافسونا أشكر للشعب اللبناني استجابته للمشاركة في هذه الانتخابات التي دعت اليها كل القوى الحية، ونجاحنا جميعاً في التعالي على التشنجات والتوترات التي سبقت ورافقت وتلت الانتخابات، وصولاً إلى إنجاز هذا الاستحقاق الوطني الكبير وهو الثاني بعد إنجاز المجلس النيابي السابق للاستحقاق الأول المتمثل بانتخاب فخامة العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية وإقرار قانون الانتخابات وسلسلة الرتب والرواتب وقوانين الموازنة.

إن ثقتكم الغالية بتجديد انتخابي رئيساً للسلطة التشريعية تحمّلني مسؤولية أكثر فأكثر لأن أحافظ على هذا المجلس الكريم وأن أحافظ على كل لبنان من خلاله.

إن المجلس النيابي كان دائم الحضور في الحياة السياسية اللبنانية، فإنّه كان دائم الحضور بمواجهة محاولات استهداف الإرهاب لوطننا، لحدودنا الشرقية والشمالية وحدود مجتمعنا، وكان إلى جانب الحكم والحكومة والجيش والأجهزة في الخطوات التي اتخذت لرفع التهديد عن لبنان وشعبه.

لقد قدنا خلال السنوات السابقة باسم المجلس النيابي مسيرة الاتحادين البرلمانيين العربي والإسلامي، وأسهمنا ما أمكننا في توطيد مسيرة ومسار الديموقراطية في الوطن العربي، كما وعزّزنا أدوار الدبلوماسية البرلمانية على أمل أن يسهم ذلك في خفض التوترات على المساحتين العربية والإسلامية، وإعادة فتح الأبواب الموحّدة أمام التفاهمات وبناء الثقة على صعيد ما اعترى بعض العلاقات العربية – العربية وما يضغط على تلك العلاقات مع دول الجوار الإسلامي.

لقد تمكنا خلال مسيرتنا البرلمانية من إطلاق مشروع اتحاد البرلمانيين المتحدرين من اصل لبناني، والذي امتد على مساحة تسعة عشر بلداً في مختلف القارات، ويزيد عدد الأعضاء الفيدراليين من نواب وشيوخ في هذا الاتحاد عن عدد أعضاء مجلسنا النيابي الحالي، كما وأنشأنا ما يزيد على خمس وخمسين لجنة صداقة برلمانية واتفاقات وتفاهمات مَع ما يزيد عن اثني عشر مجلساً للنواب والشيوخ، وإنشاء علاقات عملية مع مؤسسات دولية كبرى للتطوير والتدريب البرلماني، ورعينا إطلاق المعهد العربي للتدريب والاستشارات البرلمانية الذي نحاول تعميم تجربته على مساحة اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي.

إن أولى المهمات التي تقع على عاتق مجلسنا هذا تشكيل هيكليته بإنجاز انتخاب هيئة مكتب المجلس. وهذا ما نفعله اليوم وبعد ذلك انتخاب اللجان النيابية ورؤسائها ومقرّريها لينصرف المجلس الى مهامه التشريعية، على أنه سيكون على مجلسنا الكريم التزام المشاورات النيابية لإنجاز الاستحقاق الثالث المتمثل باختيار رئيس لحكومة لبنان وتكليفه تشكيل الحكومة وصولاً للثقة بأقصى سرعة ممكنة.

إن مجلسنا النيابي سيكون أمام مهام تشريعية أساسية أبرزها:

1- إقرار اقتراح قانون اللامركزية الادارية والتنظيم الإداري الذي أخذ وقته في اللجان.

2 – حصول المجلس النيابي على قاعدة بيانات حول المعوقات أمام نمو الاقتصاد والتدفقات المالية.

3 – تشديد القوانين في مجال الإصلاح المالي ومكافحة الفساد والرشوة والاحتكار. وفي هذا الأمر إقرار قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد.

4 – إصدار القوانين اللازمة التي تضمن استقلالية القضاء وحرية عمل أجهزة الرقابة القضائية والمالية والإدارية دون استنسابية.

إن من أهم القضايا التي يجب أن ينصرف اليها مجلس النواب هي إنجاز كل ما يتصل بقطاع النفط. وفي هذا اقتراح القانون المتعلق بإنشاء الصندوق السيادي واقتراح القانون المتعلق بإنشاء شركة البترول الوطنية اللبنانية.

كما أن من أهم القضايا التي يجدر الالتفات اليها مساءلة الحكومة حول استكمال إغلاق ملف التعويضات في شتى الاتجاهات.

وأشار إلى أن أهم واجب للمجلس النيابي سوف يكون دائماً حماية الدستور كعقد دستوري واجتماعي بين اللبنانيين، وخصوصاً حماية مقدّمة الدستور المتضمنة لصيغة العيش المشترك ورفض تمرير أي مشروع يتصل بالتوطين أو تمرير أي مشاريع أو خطط ذات طابع سياسي مقابل مساعدات مالية او صفقات اقتصادية.

وقال إن مجلس النواب سيتشكّل كحصن على حدودنا السيادية البرية والبحرية وأيضاً الجوية في الدفاع والردّ الوطني دولة وشعباً وجيشاً ومقاومة على عدوانية «إسرائيل» وانتهاكاتها لحدودنا وأجوائنا ومياهنا الإقليمية، لخط الهدنة بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة الخاضع لمراقبة قوات المراقبة الدولية OGL واستكمال تنفيذ القرار 1701 والانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني لمزرعة الغجر والنقاط الحدودية البرية الثلاث عشرة، التي يشكّل استمرار التموضع الإسرائيلي عليها تهديداً لصيغة ترسيم الحدود، وترسيم الحدود البحرية بما يضمن تحرير مواردنا الطبيعية من نفط وغاز. ولا بدّ من الإشارة هنا الى ضرورة الاهتمام والمتابعة على المستوى الوطني لصورة الحركة العدوانية الإسرائيلية في المنطقة، ونأمل أن لا يسمح المجتمع الدولي لـ« إسرائيل» بالتمادي وتهديد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

برلمانياً لا بدّ أن أؤكد على التزام لبنان جميع الصيغ البرلمانية التي تؤكد دعم قضية أشقائنا أبناء الشعب الفلسطيني في نضاله لتحقيق أمانيه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ورفض ما يُسمّى بصفقة العصر وكل ما يتصل بها، والعمل برلمانياً لإطلاق دبلوماسية برلمانية تسهم بدعم الحلول السياسية للمسألتين السورية واليمنية وأي قضية عربية أخرى.

وشدّد على أنه متأكد أن المجلس النيابي سينصرف لممارسة مهامه التشريعية والرقابية بما يؤسس لازدهار الإنسان وتعميق الاستقرار في لبنان.

بعد تلاوة ملخص محضر الجلسة وتصديقه رفع الرئيس بري الجلسة. ثم تلقى التهاني وأعضاء هيئة المكتب في مكتبه من النواب والحشد الكبير الذي حضر الجلسة والذي ضمّ رئيسي الجمهورية السابقين أمين الجميل وميشال سليمان ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي في لبنان ورؤساء وأعضاء الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية وقيادة قوات اليونيفيل في الجنوب ورؤساء النقابات المهنية وأعضاء السلك القضائي وكبار القادة العسكريين والأمنيين والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي فايز الشوابكة وعائلة الرئيس بري وحشد كبير من الإعلاميين وممثلي وسائل الإعلام.

وبعد انتهاء عملية انتخاب رئيس ونائب رئيس وهيئة مكتب جدد لبرلمان 2018 في ساحة النجمة، توجّه كل من الرئيس نبيه بري ونائبه الياس فرزلي والأعضاء المنتخبون إلى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وبعد المشاورات مع الرئيس عون، أعلن رئيس المجلس أن «بعد التداول مع فخامة الرئيس تقرّر الإسراع والبدء بالاستشارات اليوم لتسمية رئيس الحكومة» .

وأفيد أن الاستشارات النيابية الملزمة التي يُجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتكليف رئيس حكومة ستُجرى اليوم، وليوم واحد تبدأ من العاشرة صباحاً إلى ما قبل موعد الافطار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى