منطقة خفض التصعيد جنوب سورية والتحذيرات الأميركية 2

حميدي العبدالله

إنّ صمود هذه التجربة في منطقة الجنوب وعدم تآكلها على غرار ما حصل في الغوطة الشرقية، وقبل ذلك في محافظة إدلب وقبلها في حلب مع الأميركيين ولاحقاً مع الأتراك لا يعني أنّ سورية وحلفاءها سوف يقبلون بأن تظلّ هذه المنطقة بعيدةً عن سيطرة الدولة وتستمرّ فيها الصراعات وحالة الفلتان الأمني، فالدولة السورية وحلفاؤها عند إبرام التفاهمات حول خفض التصعيد أصرّوا على بندَين أساسيّين في هذه التفاهمات، البند الأوّل، استثناء المجموعات المصّنفة إرهابية في قرارات مجلس الأمن ومن يتعاون ويعمل تحت قيادة هذه المجموعات من وقف العمليات العسكرية. البند الثاني، أنّ هذه التفاهمات غير مفتوحة من ناحية الأمد الزمني، وهي محدّدة بمدة ستة أشهر قابلة للتمديد برضى جميع الأطراف وليس بإرادة طرف واحد. ويتيح هذان البندان للدولة السورية وحلفائها بدء معركةٍ عسكرية في أيّ مكان تتواجد فيه تنظيمات إرهابية في التوقيت الذي تراه مناسباً لأنّ وقف العمليات وخفض التصعيد لا يشمل هذه التشكيلات الإرهابية، وفي درعا ثمّة وجود واضح لجماعة جبهة النصرة المصّنفة تنظيم إرهابي.

إذا كان تقدير الجيش السوري أنّ الوقت قد حان لبدء المعركة في المنطقة الجنوبية، فإنه سيبدأها رغم التحذير الأميركي، وإذا أرادت واشنطن أن تتحرّك لوقف العملية العسكرية، كما حاولت في أوقات سابقة في مناطق البادية والحدودية العراقية، فعليها أن تتحمّل التبعات بشأن ذلك، وعليها أن تعلم أنّ الجيش السوري حرّر بيت جن ومزرعتها ومناطق في الحرمون وهي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن المواقع الإسرائيلية في جبل الشيخ، ولم تحل الاعتداءات الإسرائيلية دون تحقيق هذا الهدف.

لكن في هذه اللحظة لم يعلن الجيش السوري وجهته القادمة بعد تحرير الغوطتين الشرقية والجنوبية والقلمون الشرقي وأرياف حمص الشمالي وحماة الجنوبي، وكل ما تردّد واستدعى صدور تحذير الخارجية الأميركية هو ما نشر على صفحات التواصل الاجتماعي، وليس بياناً رسمياً صادراً عن الجيش السوري.

إذا كانت أولوية ووجهة الجيش السوري القادمة هي درعا فإنّ أيّ قوة لن تمنعه من ذلك، ولكن دائماً كان الجيش السوري يفاجئ الجميع في وجهة تحركه، يتحدث الإعلام عن وجهة ويتبين لاحقاً أنها ليست وجهة الجيش السوري الفعلية.

لكن حتى ما نشر على شبكات التواصل الاجتماعي حول احتمال توجه الجيش السوري نحو الجنوب، فقد حرك الوضع في هذه المنطقة، واستدعى، وفقاً لمسؤول أردني، اتصالات روسية تركية أردنية لتجديد العمل في تفاهم خفض التصعيد، وبديهي أنّ لسورية وحلفاءها مطالب، قبل الالتزام من جديد في هذا التفاهم، فإذا تمّ تلبيتها فإنّ ذلك يجنّب المنطقة حرباً، فهذا جيد وهذا ما يسعى إليه الجيش السوري، أما إذا كانت هناك أجندة أخرى فعلى أصحاب هذه الأجندة تحمّل تبعات عملهم.

وفي ضوء نتائج ما أُشيع عن تحرك الجيش السوري نحو المنطقة الجنوبية، قالت صحيفة «الشرق الأوسط» نقلاً عن مراسلها في روسيا إنّ «موسكو تسعى لتسوية تضمن سيطرة النظام على الجنوب السوري» ونقطة على السطر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى