رغم القصف التدميري… الحُدَيْدة صامدة لليوم الثالث… والحوثي: نواجه الأميركي والإسرائيلي عون لفصل عودة النازحين عن الحلّ السياسي… وباسيل يربح في جنيف 1 – 0 على المفوّضية

كتب المحرّر السياسيّ

فازت موسكو في ظروف أمنية معقدة وتهديدات جدية بافتتاح مباريات كأس العالم، من دون وقوع أيّ حادث يعكّر صفو المناسبة التي حضرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضيوف من رؤساء دول وحكومات كان أبرزهم ولي العهد السعودي، ليشاركا معاً في حضور مباراة المنتخبين الروسي والسعودي، حيث فازت موسكو بخمسة أهداف مقابل لا شيء للسعودية.

وفيما لم ترشح أيّ معلومات تتصل بالملفات الإقليمية عن لقاء بوتين مع إبن سلمان، لم يعقد اللقاء المنتظر بين أبن سلمان ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على هامش حضورهما المونديال.

الحدث اليمني تشارك مع المونديال جذبَ الأنظار، قبيل حسم عطلة عيد الفطر بدءاً من اليوم، حيث حرب ضارية بكلّ أنواع الأسلحة تقودها الإمارات بدعم معلَن من بريطانيا وفرنسا، كما قالت صحيفة «الغارديان» عن الشراكة البريطانية، ونقلت «رويترز» عن الشراكة الفرنسية، بينما نفت واشطن مشاركتها في أيّ أعمال عسكرية، بعدما وجّه قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي الاتهامات لكلّ من أميركا و«إسرائيل» بقيادة الحرب على الحُدَيْدة، معتبراً أنها حرب البحر الأحمر، الذي يريده الأميركيون بحيرة لهم، بينما يخشى الإسرائيليون أيّ وجود لقوى المقاومة على سواحله، فيما كان اليوم الثالث للحرب يسجل المزيد من الغارات الجوية والقصف البحري والبري، والتركيز على تحقيق أيّ تقدّم في جبهة مطار الحُدَيْدة، بدا صعباً في ظلّ المقاومة العنيدة التي يبديها الجيش واللجان الشعبية المساندة، رغم شدة القصف وحجم الدمار.

لبنانياً، ستخيّم أجواء العطلة على المشهد السياسي مع غياب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وغياب أيّ مستجدّ يطال الشأن الحكومي، بعدما بدا أنّ الكلام عن مسودة رئيس الحكومة مجرد تبرير للتأخير ولا يحمل أيّ جديد، بينما تقدّم ملف النازحين الحضور على المشهد الحكومي، حيث حسم رئيس الجمهورية في لقائه ممثلي مجموعة الدعم الدولية للبنان ، أنّ عودة النازحين السوريين الى بلادهم لا يمكن أن تنتظر الحلّ السياسي للأزمة السورية الذي قد يتطلب وقتاً، وأنّ إمكانات لبنان لم تعد تسمح ببقائهم على أرضه إلى أجل غير محدّد، نظراً لما سبّبه ذلك من تداعيات سلبية على مختلف الصعد لا سيما الوضع الاقتصادي، حيث تجاوزت الخسائر التي لحقت بلبنان ما يقارب عشرة مليارات دولار أميركي، بينما كان وزير الخارجية جبران باسيل يسجّل نقطة في مرمى مفوضية اللاجئين عبر كسب تأييد رئيس مكتب المفوضية لدعوة لبنان لفصل عودة النازحين عن الحلّ السياسي واشتراط أن تكون طوعية وآمنة وكريمة، وأن تكون مهمة المنظمات الأممية ترك حرية التقدير للنازحين أنفسهم، وتبنّي خياراتهم ودعمهم في تطبيقها، سواء في المساهمة في عمليات العودة أو في الإغاثة لما بعد العودة.

عون: لن ننتظر الحلّ في سورية لإعادة النازحين

مع دخول البلاد عطلة عيد الفطر، ظّل ملف النازحين السوريين يسيطر على المشهد الداخلي وسط ضغط دبلوماسي رسمي متدرّج باتجاه الأمم المتحدة يتقدّمه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي انتقل الى جنيف للتفاوض المباشر مع المسؤولين الأمميين، في مؤشر الى قرار رئاسي لبناني حاسم وحازم بحل أزمة النازحين وعدم انتظار الحل السياسي في سورية، كما عبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس.

وما قامت به وزارة الخارجية عبر الوزير باسيل كان بداية ترجمة للسياسة التي ينتهجها رئيس الجمهورية بإعادة النازحين الى سورية، ويبدو أن التهديد الذي أطلقه باسيل بوقف التجديد لموظفي مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد يتراجع عنه على ضوء ما سمعه في جنيف خلال لقاءاته. ومن المفترض أن تقدم المفوضية خطة لعودة النازحين لكن موقف الأمم المتحدة لم يبدّد شكوك الدولة اللبنانية، لا سيما أن أوساط سياسية محلية تصرّ على أن لا حل لأزمة النازحين من دون الحل السياسي في سورية.

وقالت مصادر عين التينة لـ «البناء» إن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤيد موقف الرئيس عون والوزير باسيل في ملف النازحين. وهو كان أول من حذّر من تفاقم أزمة النزوح إبان حكومة الرئيس تمام سلام، وقدم مبادرة على هذا الصعيد حملها أحد نواب كتلة التنمية والتحرير الى الحكومة السورية للتنسيق مع الحكومة السورية لإيجاد مراكز إيواء النازحين داخل الأراضي السورية، غير أن جهات سياسية داخلية وقوى إقليمية ودولية رفضت المبادرة حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم وبتنا عاجزين عن حلّ الأزمة».

ولفتت المصادر الى «إصرار لدى الرئيسين عون وبري للبدء بوضع حل هذه الأزمة على سكة الحل لأنه لا يمكن معالجة أزمات لبنان الاقتصادية والمالية وبناء مؤسسات الدولة في ظل وجود مليون ونصف نازح سوري في لبنان»، ودعت مصادر نيابية الى «تضمين البيان الوزاري في الحكومة المقبلة عبارة واضحة حول أزمة النزوح»، وأشارت لـ «البناء» الى أنه «لم يعُد ممكناً لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الهروب من معالجة هذه الأزمة في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي ووجود إرادة لبنانية سياسية وشعبية عارمة لإنهاء هذه المعضلة التي تهدّد مستقبل البلد».

وخلال استقباله ممثلي مجموعة الدعم الدولية للبنان في بعبدا، أبلغ الرئيس عون ضيوفه أن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لا يمكن أن تنتظر الحلّ السياسيّ للأزمة السورية الذي قد يتطلّب وقتاً، وأن إمكانات لبنان لم تعُد تسمح ببقائهم على ارضه الى أجل غير محدد، نظراً لما سببه ذلك من تداعيات سلبية على مختلف الصعد لا سيما الوضع الاقتصادي حيث تجاوزت الخسائر التي لحقت بلبنان ما يقارب عشرة مليارات دولار أميركي. وقال «إن لبنان وفي لالتزاماته تجاه الأمم المتحدة والدول الصديقة وحريص على المحافظة على هذه العلاقات المتينة، خصوصاً مع الدول التي تساعده والتي هي دائماً موضع شكر وتقدير وليست موضع شك لا بالدول ولا بالأشخاص. إلا أننا في المقابل، نعتقد أن الالتزامات السياسية تتغيّر مع المتغيّرات التي تحصل ميدانياً. الأمر الذي يجعلنا غير قادرين على انتظار الحل السياسي للأزمة السورية حتى تبدأ عودة النازحين لاسيما أن التجارب علّمتنا أن الحلول السياسية للأزمات تتأخر سنوات».

وعلى خطٍ موازٍ واصل باسيل معركته الدبلوماسية من جنيف والتقى المبعوث الأممي الى سورية ستيفان دي ميستورا، ثم المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي. وقال بعد الاجتماع إنه مستعدّ لرفع إجراءات الخارجية بحق المفوضية، اذا رأى تغيراً في السياسة المعتمدة. كما أبدى استعداده في الوقت ذاته لزيادة هذه الإجراءات في حال عدم حصول تغيّر. وأكد أنه نصح بأن لا تحصل مراهنة على خلاف بين اللبنانيين حول هذا الأمر. ودعا الى تشجيع العودة الآمنة والكريمة للنازحين، وقال: «نحن لا نبحث عن مشكلة مع مفوضية اللاجئين والأمم المتحدة».

وفي محاولة من «القوات اللبنانية» للتغطية على موقفها الداعم للتنظيمات المسلحة والإرهابية ولموجات النزوح الى لبنان منذ سنوات وتقصير وزارة الشؤون الاجتماعية المحسوبة في أدائها إزاء هذه الأزمة، اتهمت مصادر نيابية قواتية الأمن العام بالتقصير في إحصاء عدد النازحين، علماً أن هذه مهمة مفوضية اللاجئين، وأشارت المديرية العامة للأمن العام في بيان لها الى أنه «توضيحاً للغط الحاصل والمعلومات المتضاربة التي يتم التداول بها أو التصريح بشأنها حول امتلاك المديرية العامة للأمن العام للوائح بأسماء النازحين السوريين في لبنان »، موضحة أنه «رغم المطالبة بهذه المعلومات تسهيلاً لضبط حركة عبور هؤلاء من سورية وإليها»، وبالتالي ليُصار إلى «التنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR لأخذ القرار المناسب بشأن العابرين، إلا أنّها لم تحصل عليها لغاية تاريخه من المفوضية المذكورة».

وكان لافتاً انضمام حزب «القوات» بعد 6 سنوات من الأزمة الى جبهة رئيس الجمهورية لحل أزمة النزوح، وبعد اشتباك بين رئيس القوات سمير جعجع والوزير باسيل، نقل وزير الإعلام الذي زار بعبدا أمس، موفداً من جعجع، الى عون «دعم رئيس «القوات اللبنانية» لموقفه من ملف النازحين السوريين وضرورة عودتهم الآمنة الى بلدهم بالتنسيق مع المجتمع الدولي ومن دون الاصطدام معه».

وسجل موقف مستهجَن للسفير الألماني في لبنان مارتن هوت، الذي اعتبر «أن المجتمع الدولي مستاء من الاتهامات اللبنانية الكاذبة والمتكرّرة له بأنه يعمل على توطين اللاجئين السوريين في لبنان»، مؤكداً لـ «رويترز» أن «الأمم المتحدة ملتزمة بالكامل بعودة اللاجئين السوريين».

وأبدت كتلة الوفاء للمقاومة استعدادها لـ«التعاون في إسراع ملف إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم بما يحقق مصلحة لبنان والنازحين معاً».

ورأت خلال اجتماعها الاسبوعي أن الحكومة المرتقبة في لبنان بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، ينبغي أن تتمثل فيها المكوّنات المختلفة بحسب أحجامها التي كشفت عنها بوضوح نتائج الانتخابات، ولا ينبغي ان تشكل المطالب البعيدة عن هذه النتائج أي عقبات أو صعوبات تعطيلية لتشكيل الحكومة.

برّي للحريري: «أنا مسافر دبّر حالك»

على صعيد تشكيل الحكومة لم يطرأ أي جديد في وسط ترقب لما سيحمله الرئيس المكلف من السعودية بعد لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتقول مصادر نيابية إن «السعودية تعمل أقصى جهدها لتعزيز حضورها السياسي في لبنان عبر دعم حصص حلفائها في الحكومة»، داعية الى «انتظار نتائج زيارة رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط ورئيس القوات الى السعودية».

ونقل زوار عين التينة عن الرئيس بري استغرابه لترك الأمور في البلاد على غاربها والتعامل معها على هذا النحو من الاستهتار واللامبالاة.

ونقل زوار بري عنه لـ «البناء» أنه ومنذ اجتماعه الأخير مع الحريري في المجلس النيابي خلال المداولات حتى الآن «لم يناقش مسألة التأليف معي ولم يقدم صيغاً أو مسودة، ما يعني بأن المفاوضات مجمّدة بانتظار أمر ما»، ويعزو بري «سبب التأخير الى عدم اعتماد معايير واضحة لتوزيع الحصص والحقائب وتجاهل نتائج الانتخابات النيابية ورفع بعض القوى مطالبها». واستبعد بري إعلان ولادة الحكومة خلال أسبوعين كما يُشاع، وقال بري: «لا تقول فول حتى يصير بالمكيول». كل ما يُحكى ويشاع عن قرب الولادة الحكومية غير دقيق إطلاقاً.

وعن قوله للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري «أنا مسافر دبّر حالك»، ينقل الزوار ان رئيس المجلس أراد من خلال هذا القول الحضّ على سرعة «التأليف»، خصوصاً أن هناك العديد من الملفات الداهمة محلياً وإقليمياً تستوجب المتابعة والمعالجة.

كما نقل الزوار أن «بري أعرب للحريري منذ اليوم الأول لتكليفه عن دعمه وتقديمه كل ما يسهل الولادة العاجلة للحكومة»، وأكد له أن «لا مشكلة لدى ما يُعرَف بالثنائي الشيعي، المهم «شوف غيرنا» واشتغل على مطالبهم وتفكيك عقدهم الحكومية». وأشار الى أن «الحديث عن ذلك مجرد تمنيات وأن الأمور لا تزال في بداياتها، وما من شيء جدّي بعد على الصعيد الحكومي وأن رئيس الجمهورية لم يتبلّغ بعد أي صيغة وزارية».

وأشارت أوساط نيابية في 8 آذار الى أن «فريقنا السياسي لن يقبل بتجويف نتائج الانتخابات النيابية من خلال ألاعيب سياسية لخلق توازن سياسي مشوّه داخل الحكومة العتيدة»، موضحة أننا «لن نقبل بتقليص حصة فريقنا وتضخيم فريق 14 آذار التقليدي، وبالتالي من حقّ عشرة نواب من خارج تيار المستقبل أن يتمثلوا في الحكومة بوزير على الأقل، بمعزل ما إذا كانت من حصتنا أو من حصة رئيس الجمهورية».

وتنقل مصادر عن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط لـ«البناء» إصراره على نيل كامل الحصة الدرزية في الحكومة ورفض المقايضة بين وزير درزي للنائب طلال أرسلان مقابل وزير مسيحي أسوة بما يفعله الحريري الذي رفض أن يمنح وزيراً لعشرة نواب سنة خارج المستقبل أي أكثر من ثلث النواب السنة ويحتكر التمثيل الوزاري السني، ويريد أن يحرمنا نيل الحصة الدرزية كلها ونحن أخذنا 90 في المئة من النواب الدروز!».

وأشاد بري بجدّية رئيس الجمهورية في متابعته للأوضاع، ويقول «منيح اللي في فخامة الرئيس الذي تابع أمس، كارثة السيول في رأس بعلبك والقاع. وأوعز بإيواء المواطنين الذين تضرّرت منازلهم التي يتطلّب تنظيفها وإصلاحها أكثر من شهرين».

على صعيد مرسوم القناصل أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الأزمة تتجه في طريقها الى الحل وأحد المخارج المطروحة التي يعمل عليها الوسطاء دمج مراسيم تعيين القناصل في مرسوم واحد وتذييله بتوقيع وزير المال علي حسن خليل على أن يجري تعديل بعض الأسماء في المراسيم المقبلة».

وعلى صعيد مرسوم الجنسية علمت «البناء» أن «الملف بات في عهدة الأمن العام على أن يلتزم جميع المسؤولين بتقرير الأمن العام. كما علمت بأن التدقيق الأولي الذي أجراه الجهاز كشف وجود 5 أسماء عليها ملفات قانونية محلية ودولية ولا تستحق الجنسية على أن يجري تعديل الأسماء التي يحدّدها الأمن العام ونشر المرسوم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى