«فايسبوك»… ما بين وهمه وحقيقته!

ريم رباط

الجميع يصرّون على اتّهام «فايسبوك» بأنّه افتراضيّ، ويصرّون على شخصيّاتنا الافتراضيّة فيه. أمّا أنا فأرى العكس تماماً. في هذا الفضاء أنا حقيقيّة وأقرب إلى شخصيّتي الداخليّة، جرأتي في التعبير عن نفسي عن طريق الكتابة، طبعاً لا أقصد الكتابة في الأدب الذي لا علاقة لي به.. إنّما قد يكون تعليقاً بسيطاً في صفحة أحد الأصدقاء أو فكرة معيّنة أنشرها على صفحتي. هذه الجرأة الكتابيّة تفوق جرأتي في المحادثات الشفهيّة.

ما هو «فايسبوك»؟

من منظوري الشخصيّ، أعلم أنّه لا يُعوَّل على رأيي ، «فايسبوك» هو تبادل للآراء والأفكار وحتّى الصوَر والمراسلات. عندما أفكّر بهذه الطريقة والتي أراها الأقرب إلى الواقع، فأنا أجزم أنّ فكرة «فايسبوك» قديمة جدّاً!

أوليست الصّحف والمجلّات المطبوعة منذ عشرات السنين هي قراءة الأخبار المتنوّعة والاطلاع على آراء البعض من الناس إزاء مواقف ووقائع معيّنة؟ كما يجري اليوم على صفحات «فايسبوك» ؟

أوليست المراسلات التي أجريت منذ القِدم وعلى جميع الصعد، بين الأقارب، بين العشّاق، بين السياسيّين… ، هي كالتي تُجرى اليوم على أحد تطبيقات المراسلة؟

أوليست صوَرنا الفوتوغرافيّة، والتي كنّا ننتظر أيّاماً لنراها ونضطرّ آسفين لتمزيق نصفها أو أكثر لأسبابٍ تعرفونها جميعكم، هي صوَرنا نفسها اليوم، والتي نراها مباشرة ونرسلها إلى مَن نريد في اللحظة ذاتها؟

بالله عليكم… هل تخافون السرعة؟

لم يقدّم «فايسبوك» سوى السرعة في نقل الأخبار والرسائل و الصوَر!

نحن نتقدّم في الوسائل لا في الأفكار!

وأكثر ما يثير استغرابي، استهزاء البعض من بعض الأشخاص الذين تآلفت أرواحهم من دون لقاء مُسبَق! ليس شرطاً أن يكون التآلف بين رجل و امرأة .

ألمْ تسمعوا بقصّة العشق بين الأديبة مي زيادة والأديب جبران خليل جبران؟

لماذا لم يتجرّأ أحد على المساس بصدق مشاعرهما؟!

مي زيادة كانت تتقن تسع لغات، درست الأدب العربيّ والتاريخ الإسلاميّ والفلسفة، لم تكن امرأة عاديّة خاصّة في ذاك الزمن، عشقت جبران عن طريق المراسلة فقط، والتي بدأت برسالةٍ منها لنقده!

عشقها جبران كما لم يعشق امرأة من قبل!

دامت المراسلات بينهما لعشرين سنة ومن دون لقاء واحد.

بعد وفاة جبران قضت مي بعض الوقت في مستشفى للأمراض العقلية واتّشحت بالسواد واعتبرت نفسها أرملة جبران! ولم تتزوّج مطلقاً رغم كثرة عشّاقها.

أنصحكم بقراءة بعض نصوص الرسائل بين مي وجبران والمتوفرة على موقع «غوغل».

نحن البشر بشكلٍ عامّ، والعرب بشكل خاصّ، لا نراعي مشاعر الآخرين. وتربّينا على الاستهزاء من كلّ ما يخالفنا. لا نقتنع بأمرٍ حتّى نجرّبه ونقع فيه، وقد ننكر أيضاً! .

هناك قصص كثيرة عن الارتباط الحقيقيّ والجادّ التي حصلت من خلال هذا العالم الأزرق!

منذ يومين، كنّا في نقاش حول هذا الموضوع على صفحة أحد أصدقائي. طرق تفكيرنا ساذجة وبدائيّة ولا تمتّ للإنسانيّة بِصِلَةٍ.

أتستطيعون القول إنّ مسكّنات الألم مُحرّمة ومؤذية لأنّ أحدهم أدمنها؟ هكذا نتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة ومع كلّ ما هو عصريّ!

كاتبة سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى